الكاتب
جديد الموقع
التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين في "العراق"..حقائق وأدلة
بقلم: صادق الموسوي
تصلنا رسائل من إخواننا المسلمين والمسيحيين من الدول العربية، وخاصة "مصر": هل تدافعون عن المسيحيين في "العراق"، كما هو دفاعكم عنهم في "مصر"؟!!
لقد تعلمنا من ديننا الإسلامي الأخلاق السامية، فقد سبق الإسلام كل الأديان والقوانين الوضعية؛ بحيث لا تعرف قوانينه التعصب المذموم الذي يؤدِّي بالناس إلى الشحناء، والبغضاء، والفرقة. والإسلام يحثنا على حفظ حقوق وحماية غير المسلمين من أهل الذمة المقيمين في بلاد المسلمين، وهذا ما يُظهر عدل الإسلام وسماحته.
فقد أمر الإسلام بالعدل معهم؛ حتى وإن كانت الحقوق لدى الأهل والأصحاب، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
أكد على المساواة بينهم في حالة التحاكم إلى شريعتنا، يقول سبحانه : (فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
كما أوجب الإسلام الدفاع عن أهل الذمة وحمايتهم من الأعداء، إذ أن لهم من الحقوق مثل ما للمسلمين، بل يلزم الدفاع عنهم مما يؤذيهم، والقتال دونهم، وفك أسراهم من الأعداء. وهذا هو مبدأ الإسلام في حماية أهل الذمة، والحفاظ على حقوقهم من الاعتداء عليهم بغير وجه حق- سواء أكان هذا الاعتداء من المسلمين أو من غيرهم- ولم يكتف الإسلام بأن وضع الأسس والقواعد التي تكفل حماية غير المسلمين، بل إنه وضع عقوبات رادعة لمن يتعدى حدود الله عز وجل، ويتجاوز حدود العهود بين المسلمين وغيرهم.
فنحن المسلمون في "العراق"- شيعة وسنة- نحفظ العهود بالدفاع عن المسيحيين، وغيرهم من أهل الذمة كما أمرنا الله عز وجل، وإنما الهجمات التي وقعت على المسيحيين في تفجير أماكن عبادتهم (الكنائس)، وملاحقة بعض رجال الدين المسيحي في فترة من الفترات، هي كما هي ملاحقة أماكن العبادة للمسلمين من جوامع وحسينيات للشيعة والسنة من قبل متطرفين، اقبلوا من خارج "العراق"، من "الكويت" و"السعودية" و"مصر" و"اليمن" و"سوريا" و"ليبيا" و"السودان" و"أفغانستان" وكذلك "إيران"؛ لإثارة الفتنة الطائفية نتيجة الفتاوى التكفيرية التي يصدرها الجهلاء القابعين في الجزيرة العربية.
ولكن العقلاء في "العراق" من جميع الديانات والمذاهب الإسلامية، كان لهم الفضل في توعية الناس من عدم حدوثها، مثل مراجع الشيعة "السيد السيستاني"، والشيخ "اليعقوبي"، وباقي علماء الشيعة. والدكتور "عبد الغفور السامرائي"- رئيس الوقف السني في "العراق"- كان له الأثر الكبير في خُطَبه العقلانية في تنبيه إخوتنا السنة لعدم الانجراف خلف هذه الفتنة. وأيضًا خطباء الجوامع في خطب الجمعة حذروا أهل السنة والجماعة من هذه الفتنة، وكذلك رجال الدين المسيحي كافة، ساروا على نفس المنهج لرد الفتنة، بالإتحاد مع جميع عقلاء "العراق".
وأكثر الهجمات الإرهابية وقعت على بيوت العبادة للمسيحيين (الكنائس)، كانت في بعض مناطق في "بغداد"، وخاصةً في منطقة "الدورة" التي حدث فيها التهجير القسري للشيعة والمسيحيين. وبالنسبة للمحافظات كانت في "نينوى" و"كركوك" هجمات إرهابية على المسيحية واليزيدية، وهذه كانت فترة من فترات بداية بناء الدولة ومؤسساتها.
ولكن الحكومة العراقية، وخاصة السيد "نوري المالكي"- رئيس الوزراء- والقائد العام للقوات المسلحة- أعطى اهتمامًا كبيرًا لحماية الأقليات، ومنهم المسيحيين، وتوفير الحماية للكنائس ورجال الدين. والآن الوضع جيد جدًا بالنسبة للمسيحيين في عموم "العراق"، وهم محميين من قبل الحكومة العراقية، ومن قبل المسلمين شيعة وسنة، وتعايش سلمي جميل، الكل يشارك المناسبات الدينية للطرفين.
والذي زاد من الألفة والمحبة، هو قيام رجال الدين بمبادرة عظيمة لن ننساها لهم نحن شيعة "العراق"، حيث كانت المبادرة العظيمة من قبل المسيحيين في "العراق" لتأجيل الاحتفالات بمولد السيد المسيح في 25/12/2009؛ لأنه تزامن مع مناسبة حزينة للمسلمين، وخاصة الشيعة. هو يوم العاشر من محرَّم، ذكرى استشهاد الإمام "الحسين بن علي بن ابي طالب" عليه السلام ابن سيدة نساء العالمين (ع)، على يد الخوارج الذين خرجوا لقتال ابن بنت نبيهم، والذي كان من ضمن الشهداء معه في واقعة "ألطف" في "كربلاء"، والذي ضحَّى بنفسه وأمه من أجل الحسين (ع) هو "وهب" النصراني (ع)، حيث كان حديث العهد من زواجه.
فهذا العمل الذي قام به رجال الدين المسيحي، حيث أصدروا بيانًا لجميع المسيحيين في "العراق" بتأجيل الاحتفالات بمولد السيد المسيح خمسة أيام إلى بداية السنة الميلادية..هذا العمل جعل محبة المسيحيين في قلوب شيعة "العراق" كافة، وهم من يدافعون عنهم، ويؤمنون على سلامتهم، فكان هذا دورنا في توعية المسلمين الشيعة لكرم وأخلاق المسيحيين، وهذا ما جعل الألفة والمحبة بيننا، ولهذا جازيناهم على معروفهم هذا، ووقفنا معهم في يوم الاحتفال الكبير بمولد السيد المسيح فى 1/1/2010، ورد الجميل لهم، وحمايتهم في جميع المناطق.
هو حال الألفة بين المسلمين والمسيحيين في "العراق". فيا أيها المسلمون والمسيحيون الأقباط في العالم وفي "مصر"، هل توجد ألفة أعظم من هذه التي نحن عليها، اللهم أدم علينا المحبة، والألفة، والسلام. وانشره على كل المعمورة يا أرحم الراحمين.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :