الأقباط متحدون | تحية لذكرى ثورة 14 تموز المجيدة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٦:١٨ | الثلاثاء ١٤ يوليو ٢٠١٥ | ٧أبيب ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٢١السنة التاسعه
الأرشيف
شريط الأخبار

تحية لذكرى ثورة 14 تموز المجيدة

الثلاثاء ١٤ يوليو ٢٠١٥ - ٥٥: ٠٩ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم - د.عبدالخالق حسين
تمر هذه الأيام الذكرى السابعة والخمسين العطرة للثورة العراقية الوطنية الأصيلة، ثورة الشعب والجيش، ثورة 14 تموز 1958 المجيدة، بقياد شهيد الوطنية العراقية الخالد الزعيم عبدالكريم قاسم. الثورة التي حققت خلال أربع سنوات ونصف من عمرها القصير، من المنجزات العظيمة، وخاصة في مجال التعليم، ما يعادل ضعف ما حققه الحكم الملكي خلال 38 سنة. ولذلك تآمر عليه أعداء الشعب في الداخل والخارج، فاغتالوها ليوقفوا مسيرتها في إكمال برنامجها التنموي في جميع المجالات، وفتحوا المجال لمغول العصر لينتقموا من الشعب، وليحمِّلوا هذه الثورة الوطنية الأصيلة تبعات كل ما أصاب الشعب من كوارث البعث الفاشي البغيض.

يعتقد البعض أنه ما كانت هناك حاجة لثورة 14 تموز، وإن ما حصل كان مجرد انقلاب عسكري قام به نفر من الضباط الطامعين في السلطة. ولا ننفي هذه الرغبة عند البعض من الضباط ، ولكن نحن نتحدث هنا عن الثورة وليس عن إنقلاب، فالثورات لا يمكن تفجيرها "حسب الطلب"، أو بفرمان من أحد، وإنما هي نتيجة تراكمات ومظالم ومتطلبات سياسية واجتماعية واقتصادية، وعندما تنتفي الوسائل السلمية الديمقراطية لتحقيق التحولات المطلوبة، وتتوفر لها الظروف الموضوعية والعوامل الذاتية، عندئذِ يحصل الانفجار والتغيير بالعنف الدموي، وما يصاحبه من هزات عنيفة واضطرابات خطيرة في المجتمع.
يصف أنصار العهد الملكي بأن السلطة الملكية كانت ديمقراطية وليبرالية، وجاء عبدالكريم قاسم وقضى على هذه النبتة الطرية!. ونحن إذ نسأل، هل حقاً كانت السلطة الملكية ديمقراطية؟ نذكر مثالاً واحداً، ونترك الحكم للقراء. في عام 1954 أجرت حكومة أرشد العمري انتخابات برلمانية، ورغم ما يرافق هذه الانتخابات من تزييف وضغوط على الجماهير، فازت المعارضة بـ 11 مقعد من 131 في البرلمان. لم يتحمل نور السعيد هذا العدد القليل من نواب المعارضة، فقام بانقلاب القصر على زميله العمري، وعطل البرلمان بعد 24 ساعة فقط من افتتاحه، وأعلن الأحكام العرفية، وشكل الحكومة برئاسته، وزج بالمعارضين في السجون والمعتقلات. وبذلك فقد قضى نوري السعيد على أي أمل في إصلاح الوضع بالوسائل السلمية.

وأفضل وصف لظاهرة الثورات جاء في كتاب (عصر القطيعة مع الماضي)، للمفكر الأمريكي بيتر ف دروكر (Peter F. Drucker) الذي قال: "أن الثورة لا تقع ولا تصاغ ولكنها (تحدث) عندما تطرأ تغييرات جذرية في الأسس الاجتماعية تستدعي (إحداث) تغييرات في البنية الفوقية [السلطة] تتماشى مع (التغييرات) التي حدثت في أسس البنية المجتمعية، فإن لم يُستَبقْ إلى هذه الأحداث تنخلق حالة من التناقض بين القواعد التي تتغير وبين البنية الفوقية التي جمدت على حالة اللاتغيير. هذا التناقض هو الذي يؤدي إلى الفوضى الاجتماعية التي تقود بدورها إلى حدوث الثورة التي لا ضمانة على أنها ستكون عملاً عقلانياً ستثمر أوضاعاً إنسانية إيجابية".

المهم هنا أن الثورة تحدث كحالة انفجارية، بغض النظر عما يحدث بعدها من فشل أو نجاح. ولذلك يحاول البعض تجريد ما حصل يوم 14 تموز 1958 من صفة الثورة، ووصفه بالانقلاب!!
فماذا حصل بالضبط في ذلك اليوم التاريخي المشهود الفاصل بين مرحلتين مختلفتين كل الاختلاف في تاريخ العراق الحديث، هل كان انقلاباً أم ثورة؟

لقد أسيء استخدام هذين المصطلحين (الثورة والإنقلاب)، أيما إساءة، وذلك بناءً على الموقف العاطفي، لا العقلاني والموضوعي، الذي يتخذه الشخص مما حدث في ذلك اليوم، فإن كان مؤيداً له استخدم كلمة ثورة، و إن كان معارضاً، قال أنه مجرد إنقلاب عسكري. إن هذين المصطلحين لهما مدلولاتهما العلمية والتاريخية، يجب عدم ترك استخداماتهما للعواطف لأن الفرق بينهما كبير.
الإنقلاب يعني تبديل رجال الحكم بالعنف المسلح، وغالباً بعملية عسكرية، دون أن يكون مصحوباً بأي تغيير للنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي. أما الثورة فهي عملية تبديل الحكام، وقد يتم بالعنف المسلح أو بدونه، ولكن بالضرورة تكون مصحوبة بتغيير النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي. والمهم هنا تغيير القاعدة الإقتصادية والإجتماعية وتطورها من مجتمع قبلي متشظي ذو سمات شبه إقطاعية في الريف، وعلائق كومبرادورية في المدينة، إلى مجتمع قائم على تعددية الأنماط الاقتصادية نحو العصرنة والتحديث، وبالتالي تغيير الفئات الحاكمة من حيث جذر الانتماء الطبقي.

إن "الحدث" الذي حصل في ذلك اليوم وما تلاه من تغييرات هائلة في العراق مثل: إسقاط النظام الملكي وإقامة النظام الجمهوري على أنقاضه، وتبنى سياسة عدم الإنحياز، وإلغاء جميع المعاهدات الإستعمارية الجائرة المخلة بالإستقلال الوطني، والخروج من الأحلاف العسكرية (حلف بغداد)، وتحقيق الإستقلال السياسي التام، والسيادة الوطنية الكاملة، وتحرير الإقتصاد، والعملة العراقية من الكتلة الإسترلينية، وإلغاء حكم العشائر والنظام الإقطاعي، وتحرير الملايين من الفلاحين الفقراء من سيطرة الإقطاعيين بإصدار قانون الإصلاح الزراعي، وتحرير 99.5% من الأراضي العراقية من سيطرة الشركات النفطية الإحتكارية بإصدار قانون رقم 80، وازدهار الصناعة وبناء عشرات الأحياء السكنية للفقراء، والتفاف الجماهير حول قيادة الثورة وحماية منجزاتها… وغيرها كثير والقائمة تطول… وبعد كل هذه التغييرات التي حصلت في المجتمع العراقي بعمق، لا يمكن لأي باحث منصف إلا وأن يعترف بأن ما حصل يوم 14 تموز، كان ثورة بكل معنى الكلمة.

ولعل أدق شهادة بهذا الخصوص جاء على لسان المستشرق الفرنسي مكسيم رودنسون الذي قال: (إن ثورة العراق هي الثورة الوحيدة في العالم العربي). وأيد ذلك بقوة الموضوعية المؤرخ والباحث الأكاديمي الراحل حنا بطاطو عندما سأل: "هل ترقى أحداث 14 تموز (يوليو) إلى مستوى الثورة أم أنها مجرد إنقلاب؟ ويجيب قائلاَ: "والواقع إن إلقاء نظرة سريعة على الآثار اللاحقة، يكفي لجعلنا نعرف أننا أمام ثورة أصيلة. ولم يكن لظاهرة سياسية سطحية أن تطلق كل تلك المشاعر بهذا العنف... والواقع إن 14 تموز أتى معه بأكثر من مجرد تغيًر في الحكم. فهو لم يدمرً الملَكية، أو يضعف كل الموقع الغربي في المشرق العربي بطريقة جذرية فحسب، بل أن مستقبل طبقات بأسرها ومصيرها تأثر بعمق. ولقد دمرت إلى حد كبير السلطة الإجتماعية لأكبر المشايخ، ملاكي الأراضي ولكبار ملاكي المدن، وتعزز نوعياً موقع العمال المدنيين والشرائح الوسطى، والوسطى الدنيا في المجتمع. وتغير كذلك نمط حياة الفلاحين نتيجة لإنتقال الملكية من ناحية، ولإلغاء أنظمة النزاعات القبلية وإدخال الريف في صلب القانون الوطني من ناحية أخرى". لذا فإننا ننظر إلى إنجازات الثورة بالإرتباط إلى ما حققته من تحولات كبيرة في المجتمع العراقي، وبقيت تأثيراتها حتى اليوم رغم الثورات المضادة.

ألف تحية لثورة 14 تموز المجيدة، والمجد والخلود لقائدها الشهيد عبدالكريم قاسم وصحبه الأبرار. والمجد لجميع شهداء الوطنية العراقية، والخزي والعار لأعداء الشعب العراقي من البعثيين الفاشيين الدواعش.
abdulkhaliq.hussein@btinternet.com 
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ـــــــــــــــــــــــــ
روابط ذات صلة
1-عبدالخالق حسين: أسباب ثورة 14 تموز (2-1) 
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/index.php?news=757

2- عبدالخالق حسين:  أسباب ثورة 14 تموز 1958(2-2)
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/index.php?news=758

3- عبدالخالق حسين: منجزات ثورة 14 تموز 1958
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/index.php?news=759




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :