الأقباط متحدون | قراءة في فكرد. محمد مندور
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٥:٥٥ | الثلاثاء ١٩ مايو ٢٠١٥ | ١١بشنس ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٦٥ السنة التاسعه
الأرشيف
شريط الأخبار

قراءة في فكرد. محمد مندور

الثلاثاء ١٩ مايو ٢٠١٥ - ٠٤: ٠٤ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم/ماجد كامل
يمثل المفكر الكبير الدكتور محمد مندور ( 1907-1965 ) قيمة كبري في تاريخ الفكر المصري الحديث ؛لذا لقب ب"شيخ النقاد" , ولد في 5 يوليو 1907 ؛تعلم في كتاب القرية ؛ثم تلقي تعليمه الابتدائي بمدرسة الألفي الابتدائية بمنيا القمح ثم التحق بمدرسة طنطا الثانوية وحصل منها علي البكالوريا – القسم الأدبي – عام 1925 ؛ونزح بعدها إلي مدينة القاهرة ليلتحق بكليتي الآداب والحقوق في نفس الوقت ؛فحصل علي ليسانس الآداب عام 1929 وعلي ليسانس الحقوق عام 1930 .وسافر في بعثة إلي باريس لدراسة الدكتوراة ؛ وفي باريس تعرف علي الثقافة الأوربية ؛وعلي الفكر الاشتراكي ؛كما تعرف علي الأدب والفن الفرنسي ؛وحصل هناك علي شهادات في اللغة اليونانية وآدابها ؛وشهادة في الأدب الفرنسي ؛ ؛كما حصل علي دبلوم في الاقتصاد السياسي والتشريع المالي . ولكن تعثرت بعثته لأسباب خارجة عن إرادته فعاد إلي مصر دون الحصول علي درجة الدكتوراة ؛ ولكنه عكف عليها في مصر فأنجزها في تسعة أشهر وكانت بعنوان "النقد المنهجي عند العرب" وكان ذلك عام 1943 .

ولكنه استقال من الجامعة عام 1944 ؛وأنضم إلي أسرة تحرير جريدة المصري الناطقة باسم حزب الوفد .ولكنه وقع في نزاع مع الاستاذ محمود أبو الفتح رئيس تحرير جريدة المصري فاستقال منها وعمل في جرائد "الوفد المصري"و" البعث" ..الخ ؛وبسبب مقالاته ضد أسماعيل صدقي ومفاوضاته مع الانجليز دخل السجن أكثر من عشرين مرة في عام واحد . ولقد بلغت قوة تأثير مقالاته في الرأي العام إلي الحد الذي وصفها الناقد الراحل فؤاد دوارة أن باعة الصحف كانوا ينادون بأسمه قبل أسم الجريدة التي يكتب فيها . كما عمل بالتدريس في أكاديمية الفنون حتي أصبح رئيسا لقسم (الأدب الدرامي) عام 1959

كما حصل علي جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عام 1962 . توفي في 19 مايو 1965 عن عمر يناهز 58 عاما . وفي هذا المقال سوف نعرض لبعض نماذج من فكره بقدر ما تتسع به المساحة المتاحة من المقال . فلقد آمن الدكتور محمد مندور بقيمة العقل مع التسامح في الرأي إزاء المختلف ؛وعبر عن هذه الفكرة في مقال له بعنوان "حرية الرأي إيمان بالعقل وعقيدة أخلاقية " نشر بمجلة الثورة في يوم 16 /12/1954 كتب يقول " (إذا كانت حرية الرأي هي الأساس العام الذي تستند إليه الديمقراطية ؛لأن هذه الحرية هي التي يؤدي التمتع بها إلي تكوين الرأي العام وتوجيه الحكم لمصلحة الوطن ؛فإن هذه حرية لا يمكن أن تحيا وأن تؤتي ثمارها إلا إذا استندت إلي دعامتين قويتين هما الإيمان بالعقل والتمسك بالخلق . أما الإيمان بالعقل فإنه يعصم الرأي الحر من الضلال والتضليل ويلزم صاحب الرأي بأن يبدأ بجمع العناصر التي تمكنه من تكوين رأيه عن علم ودراسة في غير ماهو جامح ولا تعصب أعمي .

والإيمان بالعقل هو الإيمان بالشيء الوحيد الذي يشترك به جميع البشر الراشدين الأصحاء حتي ليقول الفيلسوف الكبير ديكارت "إن العقل هو أعدل الأشياء قسمة بين الناس " ..... ويتفرع عن الإيمان بالعقل مبدأ آخر عظيم الخطورة والنبل في الحياة الديمقراطية وهو مبدأ التسامح وهذا أمر طبيعي ما دام العقل نفسه يؤمن بأنه عرضة للخطأ بل ويكتشف الخطأ بنفسه ؛ولا يأنف من العدول عنه أو إصلاحه بحكم أنه غير معصوم ولا كامل وأن العصمة لله وحده .وعندئذ يقضي منطق العقل نفسه أن يسلم كل إنسان لغيره بالحق في أن يري رأيا يخالف رأيه علي أن يناقش هذا الرأي ؛ويظهر ما فيه من خطأ حتي يقنع أو يقتنع .

وهذا هو التسامح الذي لا تستقيم ديمقراطية ولا تتحقق حرية رأي بدونه ). ولقد أحتلت قيمة الحرية أهتماما كبيرا في فكر وكتابات د. مندور . فلقد كتب مقالا بعنوان "الصحافة بين الحرية والتأميم " كتبه في مجلة البوليس في 8 يونيو 198 ؛ وفي عنوان جانبي للمقال بعنوان "تعريف جديد للحرية " كتب يقول "( منذ سنين عدة بل منذ كنت طالبا بكليات الحقوق كنت أشعر بنقص عجيب في تعريف المشرعين للحرية أو الحريات بأنها رفع القيودالعامة عما يريده المواطنون من حريات مشروعة ؛فحرية الرأي مثلا تتحقق بإباحة الحق لكل مواطن في أن يعبر عما يريد من رأي وكنت أحس بأن هذه التعاريف الفقهية سلبية وشكلية ...... ولكنني لم أوفق إلي تعريف إيجابي للحرية حتي وقعت أخيرا علي هذا التعريف ففرحت به أبما فرح وأما متي وكيف عثرت عليه فقد كان ذلك أثناء مطالعتي لكتاب قيم ترجمه حديثا الأستاذ أنور عبد الملك وهو كتاب "مدخل إلي الفلسفة " لمؤلفه "جون لويس " أما التعريف فيقول : إن الحرية هي إمكان تحقيق الغاية عمليا وعند تطبيق هذا التعريف علي حرية الرأي يكون تعريفها هو إمكان التعبير عن هذا الرأي وإعلانه ونشره أي أن هذه الحرية لا تصبح شيئا إيجابيا وحرية أكيدة إلا إذا تملك الإنسان الوسيلة أو الوسائل اللازمة لمزاولة هذه الحرية) .

وأيضا من القضايا الفكرية الهامة التي آمن بها د,مندور وكرس لها فكره وقلمه هي ضرورة الإنفتاح علي الثقافات العالمية وعدم التقوقع علي التراث وحده ؛وهذا واضح من خلال تتبعنا للأنتاج الأدبي للدكتور مندور ؛فلقد أهتم بترجمة رائعة الروائي الفرنسي الشهير "جوستاف فلوبير " مدام بوفاري "إلي اللغة العربية ؛كذلك ترجم كتاب جورج ديهاميل "دفاع عن الأدب " .

وفي كتاب شهير له بعنوان "معارك أدبية "وتحت عنوان "مؤتمر الأدباء بين السلفية والتقدمية كتب يقول "( ولكن ما ضاق به صدري تلك الصيحات الهسترية ضد ما يسمي بالغزو الفكري والدعوة إلي التقوقع وإقفال النوافذ والأبواب حتي لا تهب علينا أية نسمة أجنبية ؛ مما يدل علي انعدام الثقة بالنفس وبعدم القدرة علي التمييز بين ما ينفعنا وما يضرنا من التراث العالمي الذي لا يمكن أن يتصور عاقل أن قوميتنا تقضي الانعزال عنه ).

ويؤكد الدكتور مندور علي نفس الفكرة في مقال له بعنوان ثقافتنا بين الشرق والغرب ؛جمع في كتاب بعنوان كتابات محمد مندور المجهولة ؛وصدر عن المجلس الأعلي للثقافة " كتب يقول ( وأنا أبدأ حديثي في هذه المشكلة الخطيرة بمبدأ أستعيره من الزعيم الخالد غاندي "لا أريد أن تكون نوافذي مغلقة . أريد أن تهب علي بيتي ثقافات كل الأمم بكل ما أمكن من حرية ؛ولكني أنكر علي أي منها أن تقتلعني من أقدامي " وإذن فأنا أري ما رأه غاندي ؛وما يجب أن يراه كل مفكر مستنير من وجوب فتح نوافذنا لكافة الثقافات والاستفادة منها ؛ولكن بشرط أن لا تقتلعني من أقدامي .ومعني هذا الشرط هو أن أختار من بين هذه الثقافات ما أري فيه مصلحتي ومصلحة وطني ؛فلا أنقل إلي شعبي سموم ثقافة استعمارية تريد أن تحطم معنوية هذا الشعب ؛أو تصيبه بالانحلال الأخلاقي ؛أو تصرفه عن قضاياه الكبري إلي التفاهات والسفاسف ؛

وعلي العكس من ذلك أحرص علي أن أنقل إلي شعبي الثقافات الجادة التي تزيده وعيا بمشاكل الحياة ؛واستنارة في مكتشفات العلم الحديثة والمكاسب الإنسانية الضخمة في ميادين الثقافة والأدب والفن والأجتماع ) . ومن هنا حرص الدكتور محمد مندور علي ترجمة كتاب " التاريخ الفكري والسياسي للإعلان العالمي لحقوق الإنسان " لعالم الاجتماع الفرنسي "البير باييه " . ومن منطلق أيمانه بحقوق الإنسان جاء أيضا إيمانه بحق المعتقد الديني ؛ فلقد أقترح أحد المحامين ويدعي "عزيز خانكي" سن تشريع يحرم فيه تغيير الإنسان لدينه ؛ ونشر ذلك الرأي في مقال له نشر بجريدة الأهرام في 16/6/ 1944 ؛

فرد عليه الدكتور مندور يستنكر فيه أن يمتد التشريع إلي ضمير الإنسان فيفرض عليه التزام دين معين ؛ و كتب مقال نشر بجريدة الأهرام في 18 /6/ 1944 "أي بعد مقال خانكي بيومين " قال فيه ( أي مشرع يستطيع أن يقتحم ضمائر الأفراد ليبحث عن ايمانهم .أو حق أم زيف .إن المشرع الذي لا يقول للفرد لا تكذب أو لا تكن نذلا أو شحيحا لا يستطيع أن يقول للمسلم أو المسيحي أو اليهودي كن مخلصا في دينك .وحرية الضمير تعد من الحريات الأساسية التي تضمنها كافة الدساتير وياويلنا لو مسسناها . )

أيضا من القضايا الهامة التي آمن بها د.مندور وكرس لها قلمه وفكره هي أهمية التفاعل بين العلم والأدب ؛ ففي كتاب "معارك أدبية "وفي فصل من الكتاب تحت عنوان "معارك أدبية " كتب يقول ( من المؤكد أن مصدر الخطر الذي الذي يتهدد العالم كله اليوم نتيجة التقدم المذهل الذي أحرزته الاكتشافات العلمية في تفتيت الذرة واطلاق طاقتها الهائلة إنما يرجع إلي أن هذا التقدم لم يصحبه تقدم مماثل في العلوم الإنسانية وفي مقدمتها الآداب والفنون التي تحصن الضمير البشري ضد سؤ استخدام الاكتشافات العلمية وتحويلها إلي أجهزة خراب وفناء بدلا من تسخيرها لصالح الإنسان وصالح الحياة ورفاهية البشر . والأدب هو أقوي وسيلة لتربية الضمير الإنساني المعاصر.

وإذن فليس في صالح الإنسانية أن يطغي العلم في المستقبل علي الأدب ؛بل لابد من أن يضاعف الأدباء جهدهم ليجعلوا من الضمير الإنساني حارسا يقظا علي العالم ومكتشفاته حتي لا يصبح التقدم العلمي وبالا علي الإنسان . ) وفي نفس الكتاب وفي فصل ثان بعنوان "دفاع عن الإنسانيات " يؤكد الدكتور مندور علي نفس الفكرة فكتب يقول ( في كل يوم أسمع وأقرأ أننا لسنا في حاجة إلي الدراسات الإنسانية وأننا فقط في حاجة إلي الدراسات العلمية التي تخدم حركة التعمير والإنشاء ..... نحن لا ننكر حاجتنا إلي الدراسات العلمية والتكنولوجيا ولكنه لا ينبغي أن تطغي هذه الحاجة علي حاجتنا – الني لا تقل أهمية – إلي مزيد من الدراسات الإنسانية كدرسات الأدب والفن والفلسفة والإجتماع والتشريع بل أننا سنظل عالة علي غيرنا في الدراسات العلمية ما لم نؤسس حياتنا الفكرية كلها علي أساس متين من الإنسانيات التي بدونها لا يمكن أن نصبح قادرين علي أن نبتكر شيئا في مجال العلم التطبيقي . فالإنسانيات هي التي تفسح الأفق أمام الخيال وأمام التفكير كما توسع الإحساس بالمجهول وتوحي بالطرق التي تؤدي إلي كشفه ) .




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :