الأقباط متحدون | شـاهد عـلى: "الصـفر"!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٧:٣٠ | الجمعة ٢ يناير ٢٠١٥ | ٢٤كيهك ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٣٤ السنة التاسعه
الأرشيف
شريط الأخبار

شـاهد عـلى: "الصـفر"!

الجمعة ٢ يناير ٢٠١٥ - ٢٧: ٠٨ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: عـادل عطيـة
كنت في زيارة وديّة لصديق، عندما اقترب أبنه إلى حيث كان والده يجالسني، وعلى وجهه استحياء مريب، ممسكاً بورقة، ناولها إليه بيد مرتعشة، وهو يقول له بصوت ملؤه الخزي والعار: "معلم الصف، يريد أن توقّع باسمك على هذه الشهادة"!

ما أن نظر صديقي إلى ما في هذه الورقة، حتى أصيب بخيبة أمل حادة، كادت أن تفقده صوابه، فهذه الورقة كانت تحمل نتيجة اختبارات الشهر، وكانت الدرجات في كل مادة لا تسر عدو ولا حبيب. أما الذي أثار الأب بالأكثر، ذلك الصفر الأحمر، الذي يعلن عن رسوب أبنه الواضح الفاضح في مادة اللغة العربية!

كان علىّ أن أهديء من روع صديقي، وأن أطيّب خاطره المجروح، فإذا بي ـ دون أن أقصد ـ أزيد على الطين ألف بلّة وبلّة!

لقد كان هذا الصبي، بحصوله على درجة الصفر، يعكس الصورة الواقعية لحياتنا دون تجميل، أو: تزييف!

فكم من أصفار عدة في حياتنا، هي نتاج طبيعي لنفوس أصبح لونها أصفر، وعقلها أصفر، وقلبها أصفر!

أصفار، من وضع الاتصالات، نجدها تتقدم أرقام هواتفنا، وتستخدمها الشاشات الفضائية؛ لنشترك من خلالها في مسابقات وهميّة، نعود منها، حاملين لقب: "خالي الوفاض، صفر اليدين"!

وهل ننسى صفر الأصفار، الذي وضع على الملف المصري، وسقوطنا المدوي في العاصمة السويسرية زيورخ، التي شهدت في ذلك الوقت على فشلنا الذريع في الحصول على تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم؟!..

وهناك أصفار كثيرة، لا نزال نحصدها.. أصفار: في حب الوطن، وفي الاخلاص في العمل، وفي الثقافة والفنون، وفي قبول الآخر، وفي إحترام المرأة، وفي فن الاعتذار،...

معقول أن نقرأ مثل هذا الكلام: "أن الصفر عند جاهلية العرب، كان يعني لهم الشؤم والنحس. ولكنه فيما بعد الإسلام، صار يرمز للخير"!..

أي خير هذا، إلا إذا كنا نقصد أصفارنا التي على اليمين، حين يتعلق الأمر بتكاثرنا العددي!

أو: التي على اليسار؛ لتحفظ لنا مكاننا الغائب بين الأمم!

وأي فلسفة هذه، التي جادت بها قريحة أحدهم، والتي تقول: "الصفر في حد ذاته ليس رقماً عادياً؛ فهو وإن كان يعبّر عن حالة سيئة، فهو ليس بهذا السوء"!

أخشى أن يأتي شاعر، بقامة أمير الشعراء: أحمد شوقي، فيمجّد في أصفارنا الصفراء، ويحذرنا من أن نبرح قيمها الثمينة لحياتنا، مردداً على عقولنا التي في آذاننا:

"إنما الأمم الأصفـار ما بقيت       فإن همو ذهبت أصفارهم ذهبوا"!...




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :