- "الأهرام" و"المصري اليوم" يصفان القبطي بـ "المتوفى" والمسلم بـ "الشهيد"
- مرصد "المواطنة" يوصي بإصدار قانون للمساواة ومنع التمييز بين المصريين
- ماريان نبيل: مندوب الشرطة المتهم كان يستهدف المسيحيين من خلال ملابسهم
- محمود سعد: كل ما جرى للدفاع عن المسيحيين أقل مما يجب
- "المبادرة المصرية" و"مؤسسة الكرامة" يدينان الانتهاكات الأمنية على خلفية تفجيرات "الإسكندرية"
"اليتيم"...فى المسيحية والإسلام
عرض: عماد توماس
قليلة هي الكتب التي تبحث في الفضائل والقيم المشتركة بين الأديان، وكثيرة هي الكتب التي تملأ أرفف المكتبات تنشر الكراهية وتؤجج الاحتقان الطائفي، وفي زمن أصبحت الكراهية بضاعة رائجة، والحب سلعة غائبة، ياتى كتاب "اليتيم" – الصغير في حجمه وكبير في محتواه ومعانيه- ضمن سلسلة الفضائل الإسلامية المسيحية التى تصدرها دار ومكتبة "الحرية"، ويشترك في تأليفه اثنين من المصريين الوطنين المهمومين بنشر السلام وثقافة قبول الآخر وهما الأستاذ الدكتور أنطون يعقوب ميخائيل والدكتور جمال محمد أبو زيد.
ويقدم هذا الكتاب بعضًا مما جاء في الكتاب المقدس والقرآن الكريم والسنة النبوية، عن اليتيم وعن حقه في الحياة الكريمة، وعن مسئوليتنا كأفراد وكمجتمع تجاهه. إذ إنه لا يصح أن يحرم مرتين، مرة من حنان الأمومة وعطف الأبوة، وأخرى من رحمة المجتمع ورعايته.
اليتيم..من هو؟
يطلق لقب اليتيم في اللغة، على كل إنسان فقد أباه ومن الحيوانات من فقد أمه، وحيث أن الكفالة في الإنسان منوطة بالأب كان فاقد الأب يتيمًا دون من فقد أمه. وعلى العكس في البهائم فإن الكفالة منوطة بالأم ومن فقد أمه يكون يتيمًا.
اليتيم في المسيحية
يخبرنا الدكتور أنطون أن أولى الإشارات إلى "اليتيم" في الكتاب المقدس جاءت في الأحكام التي طلب الله من موسى النبي أن يضعها أمام الشعب بعد نزوله من جبل سيناء "لا تسئ إلى أرملة ما ولا يتيم .." وعاد موسى النبي وذكّر الشعب قائلا "لا تعوّج حكم الغريب واليتيم إذا حصدت حصيدك في حقلك ونسيت حزمة في الحقل فلا ترجع لتأخذها للغريب واليتيم والأرملة تكون، لكي يباركك الرب إلهك في كل عمل يديك". وبذلك أكد موسى النبي أن الناموس يحامي عن حقوق اليتيم.
والذي يقرأ ما كتبه أنبياء العهد القديم عن اليتيم والأرملة يدرك مدى اهتمام السماء بهما والانتصار لهما. ويأتي في مقدمتهم إشعياء النبي، الذي يسجل في الإصحاح الأول من سفره الأمر الإلهي لشعبه "تعلموا فعل الخير. اطلبوا الحق أنصفوا المظلوم اقضوا لليتيم حاموا عن الأرملة". ويتذكر أنطون، قول داود النبي وهو يتغنى بإله الرحمة "غنوا لله رنموا لاسمه .. أبو اليتامى وقاضي الأرامل في مسكن قدسه" .
ويؤكد أنطون على أن الحقيقة التي لا مراء فيها وهي أن الأيتام معنا في كل حين، وقد ائتمننا الله عليهم، ويطالبنا أن نتشبه به فنكون لهم آباء نحيطهم بالعطف ونهتم بحياتهم ومستقبلهم. فالديانة الطاهرة عند الله هي هذه "افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقهم ".
رعاية الأيتام
يشير الدكتور أنطون إلى مدى اهتمام الكنيسة الأولى، منذ البداية، برعاية الأرامل ومعهن الأيتام. فكانت هناك خدمة يومية عرفت باسم "خدمة الموائد" تمثلت في توزيع الطعام وغيره بصورة منتظمة. واختير سبعة من التلاميذ للاهتمام بهذه الخدمة كانت بمثابة اللبنة الأولى فيما يعرف الآن بالعمل الأهلي والجمعيات الخيرية.
وكان أيضًا لدى الرسل والسيد المسيح معهم، صندوق للتوزيع على الفقراء، و لم يغب الفقراء من أرامل وأيتام عن قلوبهم واهتمامهم.
وقد خصصت "الدسقولية" أو تعاليم الرسل ، الباب الثاني عشر منها لأجل "الأيتام" ويحمل نفس العنوان، ويحمل بابها الثالث عشر العنوان "يجب على الأساقفة الاهتمام باليتامى " وجاء فيه": أيها الأساقفة اهتموا بطعام اليتامى، ولا تدعوهم عاجزين شيئا..."
يرى أنطون، أن المجتمع الغربي في العصر الحديث، سبقنا في الاهتمام بالطفل ففي أمريكا أقاموا له مدنا متكاملة بخدماتها ومدارسها وملاعبها ، يعيش فيها الأيتام ويتدربون على إدارة حياتهم بأنفسهم. أقام بعضها أيتام سابقون كرسوا حياتهم ليوفوا دين من عطفوا عليهم وقاموا على تربية مثالية.
ليليان تراشر
يذكرنا الدكتور أنطون، بالشابة الأمريكية ليليان تراشر التي جاءت إلى مصر في بداية القرن العشرين، وكرست حياتها لخدمة الله والمجتمع من خلال رعاية اليتامى. جاءت لا تملك من المادة إلا أقل القليل، ولكن لها قلبًا كبيرًا عامرًا بالحب والحنان، وإيمانا أكبر فاستقرت في أسيوط وأنشأت عام 1911 مركزًا للعناية بالطفل. ثم نما المركز عامًا بعد عام حتى بدا وكأنه قرية صغيرة تربى فيها وتخرج منها آلاف الأيتام وقد تعلموا وأتقنوا اللغات والحرف. ومازالت القرية تؤدي رسالتها العظيمة حتى اليوم.
وينبر أنطون، على أهم ما تحتاج إليه هذه الدور-الملاجئ- هو الحب الصادق العملي والحنان الرقيق الحاني الذي يجعل منها "جنة" صغيرة حقيقية، أو "واحة" رحمة ينمو فيها اليتيم نموًا كريمًا بشخصية متزنة, بأقل ما يمكن من العقد النفسية، ليصير نافعا لنفسه ولمجتمعه.
اليتيم في الإسلام
يذكر الكاتب الدكتور جمال أبو زيد، أن الشريعة الإسلامية أولت اليتيم عناية فائقة، وحثت على رعايته والمحافظة على أمواله، وحذرت من التجاوز على حقوقه. وأهابت بالمحسنين أن يقوموا بتهذيبه وتأديبه كما يراعي الوالد أبناءه. وإن كان المشرع أكد بشكل ملحوظ على رعاية حقوقه المالية، وبشكل يفوق بقية الجهات المطلوبة في رعاية اليتيم. وذلك بالكثير من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة والتي تشكل بدورها مجموعة كبيرة تلفت نظر الباحثين.
حالات اليتيم في الإسلام
لليتيم في الإسلام حالتان هما:
أولاً: أن يموت أبوه و يترك له مالاً فتتكفل به أمه و يرعاه أي أحد من أقاربه، فيحفظ له ماله و لا يقربه إلا بالحسنى ثم يؤدي له ماله حين يرى أنه يستطيع التصرف فيه حين يبلغ.
ثانيًا: أن يموت أبوه و لم يترك له من المال شيئًا، وهذا تنفق عليه أمه أو أقاربه بالحسنى، وإن كان اليتيم فقيرًا فتجب له الزكاة، وهناك أحكام لليتيم أخرى كثيرة نجدها في كتب الفقه متعلقة بماله و الإنفاق عليه.. الخ.
اليتيم في القرآن الكريم
يؤكد الكاتب على أن اليتيم حظي بنصيب وافر في القرآن الكريم إذ إن الآيات التى تعرضت له اثنتين وعشرين مرة وكان ذلك دليلاً على التأكيد على حق اليتيم وعدم التعرض له بالسوء أو قهره، منها:
"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ"
"وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً"
"يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ"
اليتيم في السنة النبوية
يستشهد الدكتور أبو زيد بحديث عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله (ص):"أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما". وقال الحافظ بن حجر في شرح الحديث: قال ابن بطال: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك.
ويختم أبو زيد الكتاب بقوله : مهما قلنا أو فعلنا، فلن ندرك أبدًا كيف هو شعور من يكتشف في لحظة أنه بدون أب أو أم؟. ولن نعيش أبدًا إحساس من أدرك في غفلة من المجتمع، أنه مجهول الوالدين؟. ولن نحصي مطلقًا كم من الأطفال كُتب عليهم ألا يروا آباءهم؟. ولكننا قد ننجح إذا صحّت منا النية واشتدت الإرادة في أن نكون ممن يمسحون دموع هؤلاء الصغار، ويبلسم جروح الكبار منهم.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :