الأقباط متحدون | معطلات التكريس
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٠:٣٠ | الجمعة ٣ اكتوبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ٢٣ | العدد ٣٣٤٣ السنة التاسعه
الأرشيف
شريط الأخبار

معطلات التكريس

الجمعة ٣ اكتوبر ٢٠١٤ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم/ماجد كامل
التكريس هو تدشين الشخص وتقديسه بأن يكون كله لله ؛بما فيه من روح ونفس وجسد وعقل ؛ وما له من وقت وجهد ؛ وهناك التكريس الكلي والتكريس الجزئي ؛ والتكريس دعوة الهية سماوية يشعر بها الشخص المدعو الي حياة التكريس ؛ ولقد ذكر الكتاب المقدس العديد والعديد من الشخصيات المكرسة الناجحة ؛ نذكر منهم إبراهيم وموسي النبي وإيليا وكل أنبياء العهد القديم ؛ وكذلك أيضا سادتي الآباء الرسل في العهد الجديد ؛ ولقد دعا الكتاب المقدس الي تكريس سبط لاوي للكهنوت وقال عنه أنهم نصيبه ؛ وهذا هو الأصل اللغوي لكلمة أكليروس ومنها جاءت كلمة أكليركي ؛ وهي كلمة يونانية معناها " نصيب الرب " ولقد قال ارميا النبي " نصيبي الرب قالت نفسي من أجل ذلك أرجوه " ( مراثي أرميا :- 3 : 24 ) ولقد رتبت الكنيسة درجة "الدياكون " أو الشماس الكامل ؛ وهي الدرجة التي يجب أن يرسم عليها الشخص المدعو الي حياة التكريس ؛ بحيث لا يسمح له بعدها أن يمارس أي عمل في العالم ؛ بل يتفرغ كلية للخدمة المدعو اليها ؛ ومجالات التكريس متعددة ؛ فهناك التكريس من أجل خدمة المذبح والقداسات ؛ بحيث يمارس صلوات جميع القداسات والعشيات والتساييح والتماجيد ؛ وهناك التكريس في المجال العلمي ؛بحيث يتفرغ لتأليف الكتب والترجمة ؛ ولقد قدمت كنيستنا القبطية في العصر الحديث نماذج رائعة عديدة لخدام مكرسين ؛ نذكر منهم باعث النهضة الكنسية المتنيح الارشيدياكون "حبيب جرجس "( 1876- 1951 ) وهناك أيضا المتنيح الأرشيداكون " اسكندر حنا " وكان يعظ في مدينة أسيوط ؛ ولقد تأثر به قداسة البابا المتنيح الانبا شنودة الثالث ( كما ذكر ذلك مرات عديدة في عظاته ) ؛ كذلك أيضا تأثر به شقيقه المتنيح القمص بطرس جيد ؛ لدرجة أن عظة واحدة منه دفعته أن يتخذ قرارا مصيريا هاما وهو تحويل مسار حياته لدراسة العلوم اللاهوتية في الكلية الأكليركية ؛ وهناك أيضا الأرشيذياكون " عياد عياد " وكان من أشهر وعاظ جيله ؛وهناك بالطبع ابينا الحبيب نيافة الحبر الجليل الأنبا موسي أسقفنا المحبوب – متعه الله بالصحة والعافية لسنين عديدة وأزمنة سالمة هادئة مديدة - فلقد بدأ حياته في الخدمة شماسا مكرسا في مدينة بني سويف مع نيافة الحبر الجليل المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف والبهنسا الراحل ( 1962- 2000 ) . ولقد سمعت من فم نيافته شخصيا ان الدافع الأول لحياة التكريس عنده كانت عظة سمعها من الأرشيدياكون "وهيب عطا الله جرجس " المتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي فيما بعد" ( 1967- 2001 ) في بيت الشمامسة وكانت بعنوان " حاجة الكنيسة إلي خدام مكرسين " فشعر بالدعوة الإلهية من خلال هذه العظة ؛ وصار شمامسا مكرسا بعدها
والحقيقة انه يوجد معطلات كثيرة تمنع الإنسان المكرس من تكريس حياته بالكامل للسيد المسيح ؛ نذكر منها :-
1- عدم وضوح الرؤية عند الشخص :- فهو لا يعرف هل الدعوة الي حياة التكريس هي دعوة صادقة من الله ؛ أم هي خداع شيطاني ؟ ؛ أم هي اندفاع مؤقت يزول مع مرور الوقت

2-عدم الايمان الكافي :- فالانسان – كل إنسان - وراءه مسئوليات والتزامات – والانسان المكرس كرس قلبه وعقله ووقته بالكامل لله ؛ ولكن يوجد عنده شعور داخلي بالقلق "هل تستطيع الكنيسة أن توفر له كل احتياجاته المادية والمعنوية ؛ وإن استطاعت اليوم ؛ هل تستطيع غدا وبعد غد ؟! ؛ ام تتخلي عنه في منتصف الطريق . وهذا السبب يقودنا بالضرورة إلي السبب الثالث وهو .

3-ضعف القدرات المادية للكنيسة :- فالكنيسة لا تستطيع بمواردها الحالية ؛ أن تتكفل بحياة المكرس ؛ بحيث لا يحتاج ان يمد يديه الي الأخرين ؛ أو البحث عن عمل خارجي ؛ أو التخلي بالكامل عن حياة التكريس والعودة الي عمله الأصلي في العالم ؛ إن كان طبيبا أو مهندسا أو محاسبا أو محاميا ......... الخ .

4-عدم إيمان الكنيسة بضرورة وجود الخادم المكرس :- فقد تشعر بعض الكنائس بعدم إحتياج الخدمة في الوقت الحاضر لخادم مكرس ؛ ويكفي الخادم المتطوع من نفسه ؛ ولكن مشكلة الخادم المتطوع أنه غير مضمون ؛ فقد تشغله أمور خارجة عن ارداته عن الخدمة مثل العمل أو الزواج أو تغيير محل السكن أو شعوره بعدم الرغبة في استمراره في هذه الخدمة ..... الخ .

5-عدم الشعور بالراحة في المؤسسة الكنسية للشخص المدعو لحياة التكريس :- فقد يشعر بعض الكهنة أو قدامي الخدامي ؛ بعدم الارتياح للشخص المدعو الي حياة التكريس ؛ بسبب عدم الثقة في كفائته وأمانته ؛ أو وجود شخص آخر يشعر البعض بأنه أكثر كفاءة منه ؛ ويستطيع أن يؤدي مسئولية التكريس أفضل منه ؛ وهذا بالضرورة يقودنا إلي السبب التالي من معوقات التكريس وهو :

6-التحزبات والشقاقات : - فقد يختار فريق ما شخص ما لحياة التكريس ؛ بينما يختار فريق آخر شخص آخر يري أنه أفضل وأكفأ منه في الخدمة ؛ وهذه المشكلة بالذات كانت سببا في تعطيل رسامات آباء كهنة كثيرين نتيجة اختلاف الكهنة والخدام بين شخص وشخص آخر ؛ مما يضطر القيادة الكنسية إلي تأجيل الأمر وربما ألغائه .

7--الغرور والكبرياء والتعالي :- فقد يشعر الشخص المدعو لحياة التكريس ؛ أنه قد صار قامة روحية اعلي من زملائه وأخوته ؛ فيبدأ في التعالي عليهم ؛ وقد يعبر – ولو لا شعوريا- بهذا التعالي ؛ فيبدأ في السخرية من أخوته ؛ أو الغضب عليهم لأي سبب من الأسباب ؛ بدعوي أنه قد صار في وضع أفضل منهم روحيا ؛ فيبدأ في التعالي عليهم والتنديد بهم ؛ مما يجعل البعض ينفر منه ولو لا شعوريا .

8-السطحية في الخدمة :- فقد يوجد شخص لمجرد أنه حفظ التسبحة غيبا ؛ يشعر أنه قد صار واحدا من كبار المرتلين ؛ غير عالم أن الحفظ ليس الا المحطة الأولي ؛ وليس كل من حفظ التسبحة قد صار واحدا من كبار المرتلين ؛ أو إنسان آخر تعلم اللغة اليونانية ؛ وصار قادرا علي قراءة بضعة أسطر من الكتاب المقدس وكتابات الآباء بلغاتها الأصلية ؛ فيظن في نفسه أنه قد أصبح مؤهلا لترجمة الكتاب المقدس ترجمة جديدة ؛ او ترجمة كتب كاملة لآباء الكنيسة المعتبرين أعمدة ؛ ولكن معرفته باللغة اليوناية لن تسعفه في الحقيقة ؛ فإذا تكرس في هذه الخدمة أو تلك ؛ فأنه يضعفها أو لا قدر الله يسقطها . وهذا بدوره يقودنا الي السبب الأخير في معطلات التكريس وهو :-

9-ضعف وقصور مناهج إعداد الخدام : فإذا كان الأصل ضعيف ؛ فأن الثمر بالتالي يكون ضعيفا أيضا ؛ وأسباب ضعف مناهج الخدام كثيرة ومتعدةة منها ضعف القائمين عليها أنفسهم ؛ ومنها عدم رغبة الخدام في التعلم والاكتفاء بالقشور ؛ ومنها الرغبة في التسرع في تخريج دفعات جديدة لعجز في الخدمة ؛ أو التباهي بتخريج دفعات كثيرة مما يعني الشعور الكاذب بنجاح الخدمة .

وأخيرا ؛هذه هي بعض الأسباب التي من وجهة نظري قد تعوق أو تعطل حياة التكريس ؛ ونختتم المقالة بهذه العبارة الرائعة للسيد المسيح " الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون ؛ فأطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلي حصاده " ( لوقا 10 :- 2 ).
نشر بمجلة الكلمة عدد شهر سبتمبر 2014
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :