معبد دندرة.. أحد المعابد الرومانية القديمة
كتبت: ميرفت عياد – خاص الأقباط متحدون
تمتلئ محافظة قنا بالكنوز والمزارات الأثرية التي خلفها قدماء المصريين, ومن أروع وأكبر تلك المزارات منطقة "دندرة" التي تقع علي الضفة الغربية لنهر النيل علي بعد خمسة كيلو مترات شمال غرب مدينة قنا,و معبد دندرة واحد من المعابد المصرية التي بناها البطالمة الرومان كإهداء للإلهة المصرية...وللمعبد أهمية وقيمة كبيرة من الناحية الأثرية والفنية لذلك تم عمل ترميمات للمعبد للحفاظ عليه وتأمينه إلى جانب تطوير شامل للمنطقة المحيطة به
يهدف مشروع تطوير موقع دندرة إلى تنمية المنطقة كمركز حضاري مهم لمحافظة قنا وللإقليم بأكمله وصياغة رؤية عمرانية شاملة للمنطقة تتلاءم مع الأهمية الأثرية والتاريخية للمعبد وإعادة استغلال المنطقة الواقعة أمام المعبد وتطويره داخليًا وخارجيًا وذلك بالتنسيق بين المجلس الأعلى للآثار ومحافظة قنا.. حيث تم التعاون مع محافظ قنا وأهالي المنطقة وتم ضم الحديقة الموجودة أمام المعبد إلى مشروع التنسيق ليصبح مسطح المشروع حوالي 40ألف متر مربع تقريبًا، أي بزيادة أربعة أمثال مساحته السابقة وهذه المساحة الكبيرة أتاحت عمل كافيتريا ومركز للزوار ومبنى للترميم مجهز بكافة الوسائل الحديثة ومبنى لشرطة السياحة والآثار, وروعي في التصميم إيجاد محور بصري واضح للمشاة عند المدخل الرئيسي توزع عليه جميع الخدمات.
وأهم ما يميز مشروع التطوير هو إقامة مركز للزوار يُتيح للزائر معرفة تاريخ المعبد, كما تم استغلال المنطقة الموجودة في الطريق الموصل للمعبد كحديقة متحفية تعرض بها بعض القطع الأثرية ويهدف المشروع إلى تطوير المباني المحيطة بالمعبد والتي تشمل مكانا للإسعاف وآخر للبريد والسنترال واستراحة المحافظة وقسم الشرطة بما يتناسب مع الشكل المعماري للمباني الحديثة.. وتم أيضًا تصميم لوحات جرافيك على أعلى مستوي توضح أجزاء مختلفة من المعبد
وتشرح المسقط الأفقي له وتوضح أماكن المباني الجديدة بالنسبة للمعبد ليتعرف الزائر على المعبد جيدًا ويكون من السهل التنقل بين أجزائه المختلفة.
والجدير بالذكر أن مدينة "دندرة" كانت تقدس الإلهة حتحور إلهة الحب التي شبهها الإغريق بالإلهة أفروديت إلهة الحب والجمال اليونانية, ويُعد معبد الإلهة حتحور في دندرة ومعبد الإله حورس في إدفو من أجمل المعابد المصرية في وادي النيل في العصرين اليوناني والروماني ويُعتبرا من أروع ما أخرجه فن العمارة في عصر البطالمة والرومان, ويرتبط معبد دندرة بعلاقة دينية مع معبد أدفو حيث كان يعتقد المصري القديم أن الإله حورس يزور زوجته الإلهة حتحور، وهذه الزيارة من الشمال إلي الجنوب والعكس مسجلة على جدارن المعبدين، كما أن تخطيط المعبدين متشابه إلى حد كبير والعمال الذين شاركوا في بناء حرم معبد إدفو شاركوا أيضًا في بناء معبد دندرة..
وتوضح النقوش الموجودة على المعبد الحالي أن بناء المعبد يرجع إلى عصر الملك خوفو من الأسرة الرابعة، حيث أقام معبدًا للإلهة حتحور هناك وتبعه في ذلك الملك بيتي الأول (الأسرة السادسة)، وأعيد بناء المعبد في عصر الملك تحتمس الثالث (الأسرة الثامنة عشر)، وفي أواخر القرن الثاني ق.م أمر بطليموس التاسع (116-107ق.م) بإزالة المعبد القديم وقتها والذي شيده الملك (نختانبوا الأول) وإقامة معبد آخر للإلهة حتحور والتي انتشرت عبادتها بشكل كبير في العصر البطلمي وحرص العديد من الأباطرة أن يضيفوا إليه إضافات كالإمبراطور كلاوديوس , ونيرون.. أما بوابة المعبد فترجع إلى عصر الإمبراطوردوميشيان.
كما أن المعبد بالكامل محاط بجدار من الطوب اللبن يرتفع حوالي عشرة أمتار, والدخول للمعبد يتم من خلال بوابة كبرى من الحجر الرملي تحمل خرطوش الإمبراطور دوميشيان ومنها نصل إلى حرم المعبد ذي الشكل المربع ويقع علي الجانب الأيمن من حرم المعبد:
بيت الولادة للإمبراطور أوكتافيوس ويتميز التصميم المعماري لهذا المبني أنه محاط بصف من الأعمدة من ثلاث جهات وهو طراز فريد لم تعهده من قبل العمارة الفرعونية, وهذه الأعمدة تتميز بالرؤوس الحتحورية حيث تصور مناظر الهيكل عملية ولادة حورس وإرضاعه وتربيته.
يوجد أيضًا بيت ولادة للملك نختانبوا الأول وهو أول وأقدم بيت ولادة عرفته العمارة المصرية القديمة وتصور رسومات الهيكل ولادة الإلهة حتحور، كما يوجد منظران يمثلان الإلهة الأم وهي تقوم بإرضاع الوليد وكل منظر يرمز إلى جزء من مصر.
أما عليى الجانب الجنوبي من حرم المعبد، فنجد صالة الأعمدة الكبرى ذات الواجهة الرائعة المحمولة على ستة أعمدة ذات تيجان حتحورية وتتميز هذه الصالة بوجود ستائر حائطية مزخرفة بالعديد من الموضوعات الدينية وسقفها مزين بالعديد من المناظر الفلكية التي تعتبر فريدة في نوعها وتعكس مدى تقدم المصريين في مجال علم الفلك والتنجيم.
ونجد أيضًا صالة الأعمدة الصغرى والتي تعرف بصالة المناظر حيث تصور مناظرها عملية وضع أساس المعبد أمام الإلهة حتحور.. وتؤدي بنا هذه الصالة إلى قاعتين، أولهما قاعة المذبح ويقع على يمينها ويسارها السلالم التي كانت تستخدم في الاحتفالات وصور عليها مناظر عيد رأس السنة بالتفصيل وثانيهما قاعة تعرف باسم صالة مجموعة الإلهة حيث تصور نقوشها أسرار عبادة حتحور.
أما قدس الأقداس أكثر الأجزاء ظلمة في المعبد، فتقفل أبوابه بالأختام ولا تفتح إلا في الأعياد الكبرى, والنقوش تمثل الملك وهو يقدم البخور أمام المراكب المقدسة لحتحور وحورس.
وأهم المظاهر اليونانية الرومانية في معبد دندرة وجود الأنفاق، حيث يوجد به تقريبًا 12 نفقا، وتعد من أقدم الأماكن الموجودة في المعبد، حيث ترجع الرسوم الموجودة به إلى عصر بطليموس الثاني عشر ومن أجمل تلك الرسوم نفق حجرة الشعلة ونفق حجرة العرش.
أما المناظر الموجودة على الحائطين الشرقي والغربي للممر الخارجي للمعبد، فترجع إلى العصر الروماني عصر الإمبراطور نيرون، وهي تمثل مناظر معتادة للملك وهو يشرف على بناء المعبد ومناظر تقديم الملك القرابين للآلهة المختلفة وعلى الحائط الجنوبي صورت الملكة كليوباترا وابنها قيصرون في حضره إلهة دندرة.
ومن الملاحظ أن مناظر الجدران الخارجية في معبد دندرة تختلف اختلافا تامًا عن مثيلاتها المصورة على الجدران الخارجية للمعابد الفرعونية، حيث تقتصر المناظر الداخلية على المناظر الدينية, أما الجدران الخارجية فتزينها مناظر الحرب وانتصارات الملوك، ويختلف هذا عن المناظر المصورة على جدران معبد إدفو الخارجية والتي تمثل مزيجًا من المناظر الدينية والحربية.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :