أصل المشكله
بقلم حنا حنا المحامي
تواردت عدة تعليقات عن موضوع تهميش الاقباط واضطهادهم وكيف ستكون معاملتهم فى ظل حكم المشير السيسى فقد أصبح من الجلى والواضح أن شعبية السيسى لم تعد محل جدل وكذلك انتخابه رئيسا للجمهوريه ليست محل جدل أيضا.
وفى رأيى أن مشكلة الاقباط لها عدة وجوه واسباب يتعين أن نواجهها بكل شجاعه. وهذا الموضوع فضلا عن أنه شائك هو أيضا متعدد الاسباب نرى أن نلخص بعضها فيما يلى بالقدر الذى تسمح به المساحه.
بادئ ذى بدء إن الحقوق تغتصب ولا تمنح. وهذا يقتضى القبض على الحقوق بالنواجز. أى أن كل إنسان يتشبث بحقه حتى المنتهى. ويقصد بالمنتهى كل الوسائل السلميه والتى تقدم بإصرار وشجاعه. أما الاستكانه والبكاء على اللبن المسكوب بدعوى أننا مضطهدون وطوبى لكم إذا اضطهدوكم, فهذا غير مقبول شكلا وموضوعا خاصة فى القرن الواحد والعشرين. وإذا لم يتم الحصول على هذه الحقوق بالقبض عليها بالنواجز يتعين بكل الوسائل السلميه الاخرى منها الاعتصام والكتابه والهتاف والشكوى لكل من يهتم بالشكل الانسانى سواء على المستوى الاقليمى أو الدولى.
ومن أبسط هذه الحقوق هو التمثيل النيابى الذى نحن مقبلون عليه. ومقتضى هذا ان يتجمع الاقباط ويستقر رأيهم على ممثل بعينه. فى هذه الحاله على جيع الاقباط بلا استثناء أن ينتخبوه. وإذا ظهر فى الافق أن مثل هذا التمثيل لن يجدى بسبب روح التعصب التى استشرت فى مصر أيام مبارك ومن قبله السادات فيتعين المطالبه فى المناخ الحالى- وهو مناخ صحى جدا- المطالبه بأن يكون الانتخاب بالتمثيل النسبى حتى يتحقق تمثيل الاقباط.
وحين أقول إن المناخ الحالى ملائم فإنى فى غاية الجديه ذلك أن الرئيس المتوقع رجل وطنى جدا وعلى خلق جدا وليس فيه أى نوع من أنواع التعصب. من هنا يتعين أن يتقدم إليه نخبه من الاقباط للمطالبه بصمان تمثيل المسيحيين بنسبه معقوله. وهذا القول تمليه طبائع الامور ذلك أنه بعد الفتره الكئيبه التى حكم فيها مبارك قد زرعت روح التعصب والكراهيه فى قلب الاخوه المسلمين خاصة الجهله وهم تعداد ليس بالقليل. لذلك يتعين اتخاذ الاسلوب الذى يضمن تمثيل المسيحيين بنسبه معقوله. ذلك أنه بلا شك مصر لن تتقدم إلا بالوحده ونمو روح التعاون وسيادة مبدأ "الدين لله والوطن للجميع".
أما ترك الامور على عواهنها ثم نبكى على اللبن المسكوب فهذا لم يعد يتناسب مع القرن الواحد والعشرين مع تطور حقوق الانسان والتقدم العلمى والانسانى والاخلاقى. نعم لقد تداعت الاخلاق فى مصر إلى حد كبير ولكن يتعين أن ندرك أن ثمة فرصه ذهبيه ذلك أن رئيس الدوله على جانب كبير من الخلق والمبادئ. وهذا القول ليس من قبيل التملق ولكن من أحاديثه يشهد بها الجميع. فالوحده والوحده فقط هى التى تنتشل مصر من التدهور الذى وصلت إليه.
ومن العيوب البارزه بين المصرييين جميعا بما فيهم الاقباط طبعا هو "الأنا" ولو طلبنا من مجموعه اختيار من يرشح نفسه, فسنجد صراعا يمكن أن يكون دمويا. كل شخص يريد أن يكون ذلك المرشح. بينما أسس الديمقراطيه والتواضع أن ينتخب الجميع من يرشحه ويكون ذلك الاختيار مقبولا من الجميع. ومقتضى هذا هو الابتعاد عن الانويه أى ال"أنا". لذلك يتعين دون أدنى خيار الابتعاد عن هذه الانويه ويكون الجميع منصهرين فى بوتقة واحده وهى بوتقة التواضع والتعاون واحترام اختيار الاغلبيه وقراراتهم.
لقد أدركت النظم السابقه وأخصها نظام مبارك البغيض الذى زرع كل أنواع البغصاء والفرقه والتفرقه, أقول ادركت هذه النظم مدى تفكك الاقباط فكانوا يختارون ضعاف النفوس لينفذوا لهم خطتهم فى التهميش والاقصاء مقابل منافع ماديه لا تشبع من جوع, وحتى إن حققت شبعا فهو شبع خير منه الجوع لانه شبع على حساب كل القيم والاخلاق.
لقد استغل العادلى فى نظام مبارك البغيض نقطة الضعف لدى الاقباط وكانوا يثيرون الفتن ثم يحملون الاقباط المسئوليه فتكون النتيجه غير إنسانيه ويتم تهجير الاقباط بدعوى الحفاظ على السلام. أمام تلك التصرفات الغير إنسانيه كان يدهشنى سكوت الاقباط. ذلك أن الاخلاقيات المتداعيه مثل تلك التى كانت لدى العادلى ومبارك تخاف ولا تستحى لانه لا مبادئ لها. ولم يدركوا فى يوم ما أن الدين لله والوطن للجميع. نعم النتيجه أنهم جنوا ما زرعوا ولكن ذلك كله كان على حساب الوطن الغالى مصر. ولو كان الاقباط وقفوا وقفة حاسمه فى أحد هذه المواقف لما تمادى مبارك والعادلى إلى ذلك الحد الحقير الذى يمكن أن نسميه درجة الاباده.
لقد نسى الاقباط آنئذ أن الله قوة يكره المستضعفين. ولم يدركوا أن الخالق واحد وأنه يكره المستضعفين الذين يقبلوا الظلم والخنوع.
فى حكم السيسى إنى كلى إيمان أننا لسنا بحاجة إلى هذه المفاهيم لانى كما قلت إن الجميع سيعاملوا كمصريين فى وطن واحد. ولكن دور الاقباط أن يرتفعوا إلى مستوى الوحده التى تحقق القوه تلك القوه السلميه التى تصل بهم إلى التمثيل النيابى المناسب وهذا لن يتحقق إلا بوحدة الاقباط وإنكارهم لذواتهم. وأكرر أن بعض الاقباط قد استمرأوا أن يكونوا يهوذات ولكن وحدة الاقباط وقوتهم وتماسكهم لن يجعل لهذه اليهوذات وجود أو فائده.
فى هذا الخصوص يحضرنى حقيقه لا يمكن إنكارها. لقد حقق الاقباط نصر أكتوبر المجيد مع إخوتهم المسلمين. ويذكر أن المضخات المائيه التى هدمت الحصون والسواتر الترابيه التى كانت إسرائيل قد أقامتها فى محاذاة قناة السويس, هذه المضخات كانت من تفكير ضابط مسيحى. وطبعا ليس المسيحيون فقط هم الذين حققوا النصر, بل بالمشاركه مع إخوتهم المسلمين. عقب هذا النصر التاريخى تنكر السادات أفندى للمسيحيين وأطلق عليهم الاخوان المسلمين ليعيثوا فى ممتلكاتهم فسادا وإفسادا. ماذا كانت النتيجه وماذا جنى هذا السادات؟
عقب ذلك جاء ربيبه وتلميذ السادات حسنى مبارك. نحى منحى السادات فى التعامل مع المسيحيين. أين مبارك الآن وتلميذه العادلى؟
يا ساده إنى لن أدخل فى فقهيات بل فى مبادئ وأول هذه المبادئ أن الوطن للجميع واختلاف الدين لا يجوز بأى حال من الاحوال أن يكون سببا فى تفتيت وإنهاك أيه دوله وأولها مصر.
كذلك على الاقباط سلالة الفراعنه أن يكونوا مثالا لكل أقليات العالم. ففى حالة الظلم يتعين أن يتوحدوا ويطالبوا بحقوقهم بكل الطرق المشروعه. وفى حالة الحصول على تلك الحقوق يتعين أن يكونوا مثالا لكل المصريين فى التعاون والاخلاص والتفانى من أجل مصر ووحدة مصر وقوة مصر مع إخوتهم المسلمين.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :