هاني لبيب
أصبح من السهولة.. افتراض سوء النية بقدر يفوق بكثير حسن النية. وأصبح التشكيك والريبة والتخوين والتهويل.. أسهل من الثقة والتأكيد واليقين والاطمئنان. وتحولت السوشيال ميديا إلى إحدى أهم أدوات البلبلة والشائعات الموجهة التى تشوه الحقائق.. للدرجة التى تجعل البعض يتجنب طرح الحقيقة المرتكزة على معلومات دقيقة حتى يتجنب الهجوم عليه والتشكيك فى نواياه، وحتى لا توجه له التهمة سابقة التجهيز بالتطبيل.

ما سبق، هو ما يمكن أن نتابعه كنموذج عملى من خلال أثير حول «اتحاد القبائل العربية»، ومحاولة تنميط الفكرة فى قالب موجه دون الاستناد إلى معلومات دقيقة ومحددة. وهو ما جعل غالبية تلك الحوارات تندرج تحت «العنعنات الفيسبوكية».

«اتحاد القبائل العربية» ليس كيانًا حديثًا لأنه موجود بالفعل منذ 10 سنوات تقريبًا، والجديد هو الإعلان عن تدشينه فى 1 مايو 2024. وما حدث هو إعادة تنظيم ذلك الكيان بشكل قانونى.. يخضع للقوانين المصرية المنظمة لمؤسسات المجتمع المدنى.. باعتباره كيانًا اجتماعيًا له أهداف تنموية واقتصادية، وهو ما يعنى أنه كيان ليس له أهداف حزبية أو سياسية.. لكونه سيخضع لقانون الجمعيات الأهلية رقم 149 لعام 2019 تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعى. وهو ما يحدث بالفعل الآن من قيام «اتحاد القبائل العربية» بإنهاء إجراءات وخطوات التسجيل الرسمى. تقنين «اتحاد القبائل العربية» هو السبيل إلى عدم ربطه بأشخاص، بل بشكل مؤسسى من خلال كيانات متواجدة فى جميع أنحاء الجمهورية.. مما سيمنحه مكانة تنموية واجتماعية تحت مظلة مؤسسات المجتمع المدنى وجمعياته التنموية المتنوعة.

«اتحاد قبائل سيناء» سيكون ضمن «اتحاد القبائل العربية». وهو فى كل الأحوال ليس ميليشيات كما روج البعض، بل هم عائلات وقبائل مصرية. وربما ما جعل البعض يتصور ذلك أن «اتحاد قبائل سيناء» فى وقت من الأوقات.. قد شكل مجموعات لمساندة القوات المسلحة والشرطة فى الحرب على الإرهاب الأسود فى سيناء. وقد قام بهذا الدور الوطنى بالتنسيق الكامل مع المؤسسات الأمنية. وهذا الدور.. لم يعد موجودًا الآن بعد استقرار الأحوال، وهو ما جعل جميع أبناء سيناء من القبائل جزءًا أساسيًا من مشروعات التنمية الشاملة التى قامت وتقوم بها الدولة هناك خلال السنوات الأخيرة.

«اتحاد قبائل سيناء» والكيان الأكبر «اتحاد القبائل العربية» ليسوا فصيلًا من فصائل القوات المسلحة، ولا يرتبط بوجودهم أى مجموعات مسلحة على الإطلاق، ولن يكون. ومع التأكيد على أنهم كانوا جزءًا أساسيًا كمقاومة شعبية مع معركة الدولة المصرية ضد الإرهاب، وبعد القضاء على تلك التنظيمات التكفيرية.. انتهى دورهم تمامًا فى هذا المضمار، ولم يعد هناك أى تشكيلات مسلحة من المقاومة الشعبية التى واجهت الإرهاب تحت مظلة الدولة، وعادوا لحياتهم الطبيعية ودورهم التنموى والاجتماعى. وهو الدور نفسه الذى قامت به المقاومة الشعبية فى مدن ومحافظات القناة (السويس وبورسعيد والإسماعيلية) فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى، وقبلها فى مواجهة الاحتلال الإنجليزى. وهو الدور الذى انتهى بزوال سبب وجوده بعد الاستقلال ومواجهة الاحتلال. ولنتذكر جميعًا أن مصر دولة مستقرة، وليست كبعض دول الجوار، وحمل السلاح فيها ليس متاحًا أو مشاعًا، بل هو مقتصر على المؤسسات الأمنية فقط وفق ضوابط صارمة.

وللتاريخ، يجب أن نتذكر أن الإرهاب الأسود الذى أصاب سيناء.. لم يكن يستهدف القوات الأمنية فقط، ولكنه استهدف أيضًا الكثير من المدنيين من أبناء القبائل.. الذين ضحوا بدمائهم وأرواحهم فى سبيل تطهير أرض الفيروز. ولن ننسى جميعًا ما حدث من أكبر مذبحة إرهابية حينما استهدف الإرهاب الأسود مسجد الروضة بالقذائف مما أودى بحياة المئات فى نوفمبر 2017.

نقطة ومن أول السطر..
فى تقديرى، أن «اتحاد القبائل العربية» بتحوله إلى المؤسسية.. سيقضى على كل تلك الشائعات. كما أن تنوعه من القبائل المتعددة.. سيكون إضافة مهمة للمجتمع المدنى المصرى.

وقطعًا، لن تُدار الدولة المصرية ببوستات الفيسبوك وتعبيراته.
نقلا عن المصري اليوم