( 1920- 1989 )
أستاذ اللاهوت العقيدى والمقارن وصاحب المؤلفات العديدة القيمة

إعداد/ ماجد كامل
من بين الآباء الكهنة الذين تركت كتاباتهم تأُييرا كبيرا فى المكتبة القبطية ، يأتى ذكر القمص عبد المسيح ثوؤفيلس من بين هؤلاء .

ميلاده ونشأته :
ولد جاد الكريم ثاوفيلس فى 1 مايو 1920 ، فى بلدة النخيلة  مركز أبي تيج محافظة أسيوط . وتدرج فى مراحل التعليم المختلفة حتى حصل على شهادة البكالوريا عام 1935 . وأراد الالتحاق بكلية العلوم ، ولكن الكلية رفضت قبوله نظرا لصغر سنه ، فقرر أن يقضي سنة فى المدرسة الإكليركية بمهمشة ، ليتثقف فى العلوم الكنسية ، حتى يصل إلى السن القانونية التي تؤهله للالتحاق بكلية العلوم ، ولكن بعد الدراسة فى الإكليركية لمدة سنة ، أعجب جدا بهذا النوع من الدراسة ، وقرر  أن يكمل فيه إلى النهاية . حتى حصل على دبلوم المدرسة عام 1938 ، وكان الأول على دفعته  . والجدير بالذكر أن الأرشيدياكون القديس حبيب جرجس (  1867- 1951 ) قد أشار إليه فى موسوعته الشهيرة " المدرسة الإكليركية بين الماضي والحاضر " حيث قال عنه تحت أسم "جاد الكريم ثاؤفيلس " : من النخيلة . التحق بالمدرسة سنة 1935 وقضى بها 3 سنوات وهو الآن واعظ أقباط مير " ( المدرسة الإكليركية بين الماضي والحاضر ،  صفحة 303 ، الشخصية رقم 313 ) .

تعيينه واعظا للاقباط فى أبي تيج :
بعد التخرج من الإكليركية  ،  عين واعظا لأقباط أبي تيج ،  فجذب أسلوبه وطريقته فى الوعظ كل شعب ابي تيج  .

رسامته كاهنا :
عندما بلغ من العمر تسعة  عشر عاما ، دعاه  المتنيح الأنبا مرقس مطران أبي تيج وطهطا ( 1934- 1977 ) لرسامته كاهنا على كنيسة مارمينا النخيلة ، وكان ذلك عام 1938 .

أهم الأعمال التى قام بها فى الخدمة :
1-تأسيس جمعية الشبان المسيحين : حيث أهتم بتأسيس هذه الجمعية عام 1949 ، وقام فيها بالوعظ وخدمة المحتاجين ، وكان يحرص على الخدمة فى الخفاء حتى قيل عنه أنه كان يضع العطايا فى كم الفراجية حتى لا يراه أحد . ويقول نجله عنه أنه عندما كان يأتي فقير إلى والده ، كان يطلب منهم إخلاء المكان  فورا والبقاء فى حجرتهم ، حتى لا يجرح مشاعر أخوة الرب ، وحتى لا يعرف أحد أى شيء عن عطاياه .

2- أهتم بتعمير الكنيسة فى النخيلة ، حيث قام ببناء دور علوي للسيدات ، وتزويدها بالمقاعد والميكروفانات .

3-خدمة الوعظ والتعليم : أهتم القمص عبد المسيح النخيلي كثيرا بخدمة الوعظ ، وكان يحرص على تحضير العظة لتكون مناسبة لكل الأعمار المختلفة والثقافات المتنوعة .

4- العمق فى البحث والتحضير : فكما كان القمص عبد المسيح النخيلي متمكنا من الوعظ  ، كان أيضا منمكنا فى البحث اللاهوتي ، ولقد ترك للكنيسة  العديد من الكتب والمؤلفات القيمة ( سوف نعرض لها عند الحديث عن قائمة كتبه ومؤلفاته ) .

التدريس فى الكلية الإكليركية :
طلب منه  المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث( 1923- 2012 )  الاستفادة بمواهبه ، وأسند إليه تدريس مادة اللاهوت العقيدي  فى القسم المتوسط الذى أنتقل إلى الدير المحرق عام 1973 ، كما شارك بالتدريس فى الكليات الإكليركية فى المنيا والبلينا ، وكان ذلك خلال الفترة من ( 1974- 1980 ) ، وبعد انتقاله للخدمة فى كنيسة مارمرقس شارع كليوباترا بمصر الجديدة   ، بدأ فى التدريس فى الكلية الإكليركية الأم بالقاهرة .

ترقيته إلى رتبة القمصية :
فى عام 1950 ، قام المتنيح  الأنبا مرقس مطران ابي تيج بترقيته إلى درجة  "قمص " .

بداية خدمته فى كنيسة مارمرقس مصر الجديدة :
فى خلال عام 1956  ، طلب القمص عبد المسيح  أن تتاح له فرصة الخدمة فى القاهرة من أجل تعليم  أفضل لأولاده ، فعرض الأمر على الأنبا مرقس فوافق  ، فترك النخيلة وخدم فى كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة  لمدة ثلاثة شهور ، ولكن شعب  أبي تيج طالب بعودته ، فطلب منه الأنبا مرقس العودة إلى كنيسته الأصلية فى أبي تيج ، فأطاع على الفور ، وشارك فى تأسيس المجلس الإكليركي بالإيبارشية وصار سكرتيرا له عام 1959 .  وفى عصر  المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث ، انتدبه للوعظ فى كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة ، وكان ذلك خلال عام 1977 ، نتيجة ظروف خاصة مرت بها كنيسة مارمرقس ، جعلتها تحتاج غلى واعظ  أرثوذكسي قدير .  

أهم الكتب والمؤلفات التى قام بتأليفها :
1-وضوح الرؤيا السماوية شرح وتحليل لسفر الرؤيا ، تقديم قداسة البابا شنودة الثالث ، القاهرة ، 1972 .
2-اسلكوا بالروح ، القاهرة ، 1983 .
3-رؤى الآباء والانبياء .
4-شرح وتفسير قانون الإيمان .

5-سلسلة عظات من عظات القمص عبد المسيح ثاوفيلس النخيلي ، الكتاب الثاني : العذراء الطهور، مراجعة نيافة الأنبا موسى الأسقف العام ، بدون تاريخ .

6-بركة الصوم .

كما كلفه المتنيح القمص بولس باسيلي ( 1916- 2010 ) ، بالكتابة فى مجلة مارجرجس ، وذلك بعد نياحة محرر الباب الأصلي المتنيح الأنبا لوكاس مطران منفلوط (1900 – 1965 ) .

قالوا عنه :
1-قداسة البابا شنودة الثالث :- القمص عبد المسيح ثاوفيلس له فى قلبى مكانة كبيرة ، اعرفه منذ أكثر من ثلاثين عاما واحتفظ  له فى ذاكرتى بصورة  منيرة تمثل النبوغ والذكاء وسعة الإطلاع ، وأعرفه  كواعظ من أشهر الوعاظ فى كنيستنا القبطية ، واعظ محبوب من الجماهير يستطيع أن يملك القلوب فى حديثه ، ويستطيع أن يقنع الكثيرين بقوة حجته . ( من مقدمة كتاب وضوح الرؤيا السماوية  للقمص عبد المسيح النخيلي ) .

1-الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمى( 1919- 2001 )  : كان الطالب جاد الكريم ثاوفيلس طالبا جدا ومجدا وبالإضافة إلى الكتب المقررة على طلبة الإكليركية  ، كان من فرط شغفه بالقراءة وحبه للمعرفة ، يتردد على المكتبة العامة للكلية الإكليركية ، وأعتقد  أنه قرأ الكثير من   كتبها ، بل كان يتردد أيضا على دار الكتب وغيرها من المكتبات العامة بالقاهرة ، مما يشهد قطعا على حبه للقراءة ، ورغبته الشديدة فى إزدياد المعرفة  . وقد كان الطلبة فى السنوات الأولى يجدون فيه نموذجا يحتذى فى الدراسة الجادة . وكان يتجلى علمه       أيضا فى مواعظه التى كان يلقيها بالكلية وخارجها ، وفى الندوات والمناظرات التى كان يلقيها بالكلية وخارجها ، وفى الندوات والمناظرات النظرية والعلمية التى كان يفيد منها  الطلاب فى جميع سنوات الدراسة ، وكان تدريبا جميلا على الخطابة وعلى المنافسة الحرة فى إبداء الرأى ، والرأى الآخر ..... ولقد كانت لى فرصة مباركة فى عام  1939 لزيارته فى النخيلة ، وقد إستعمت سعيدا إلى عظة له فى الكنيسة ، وأشهد  أنها كانت على مستوى عال لغويا فضلا عن معانيها اللاهوتية على مستىوى الشعب فى الريف ، فطمأننى أن شعب النخيلة يتطلب هذا المستوى العالى ولا يرضى بأقل منه .

2- القمص بطرس جيد روفائيل كاهن كنيسة السيدة العذراء بالزيتون ( 1918- 1996 ) :  شاءت نعمة  الله أن  أدخل الإكليركية طالبا عام 1935 والتقيت بالأستاذ جاد الكريم ، وكان سريري ملاصقا لسريره ،وأن نلتقي بالأستاذ وهيب عطا الله ( الأنبا غريغوريوس ) وأن تقوم بيننا نحن الثلاثة صداقة قوية فكنا لانفترق . وكان جاد الكريم يقرأ بنهم ، ودخل مكتبة الإكليركية وقرا جل ما فيها وقرأ كتاب الأبقطي فى ألف صفحة ويقول : مستعد أن احسب لكم  موعد عيد القيامة خمسين عاما . ويذكر القمص بطرس جيد موقفا طريفا ، هو أن القمص عبد المسيح كان يقرا كتابا وزوجته بجانبه ، ثم نامت وقامت فى الصباح فوجدته لا بزال يقرأ فى نفس الكتاب ! .   

تاريخ نياحته :
أصيب القمص عبد المسيح بتصلب فى الشرايين ، ظل يعاني منه لمدة ثلاث سنوات ، حتى فاضت روحه إلى السماء يوم 7 أكتوبر 1989 عن عمر يناهز 69    عاما ، وقام بالصلاة على جثمانه الطاهر المتنيح الأنبا بسنتي أسقف حلوان والمعصرة ( 1941 – 2024 ) نائبا عن قداسة البابا شنودة الثالث ، وبعد الصلاة نقل الجثمان إلى كنيسة مارمينا النخيلة كنيسته الأصلية ، وصلى الأنبا أندراوس عليه صلاة الشكر والقى كلمة عزاء  ، ثم دفن الجثمان فى مدافن الأسرة بالنخيلة .

قراءة سريعة فى أحد كتبه  :-
ففى كتاب "رؤى الآباء والأنبياء "  قام القمص عبد المسيح النخيلي  بشرح وتحليل بعض الرؤى التى جاءت فى الكتاب المقدس مثل ( رؤى أبى الآباء ابرآم ، ثم يعقوب ، رؤى الأنبياء الكبار إشعياء وإرمياء ، وخمس رؤى لحزقيال ، وست رؤى لدانيال، كذلك رؤية لموسى النبى ، ثم من الأنبياء الصغار ثمانى رؤى لزكريا ، ورؤية لعاموس  . ومن العهد الجديد نجد شرح لرؤيا يوسف النجار ، رؤية التجلى ، رؤية شاول الطرسوسى ، وكذلك إعلانات بولس الرسول   . وفى كل هذه النبؤات ، يقدم المؤلف بعض التأملات الروحية  ، كما يشرح بعض النقاط العقيدية  والطقسية .

مراجع المقالة :
1-حبيب جرجس : المدرسة الاكليركية بين الماضي والحاضر ، صفحة 303 ، الشخصية رقم 313 .

2-القس باسيليوس صبحي : القمص عبد المسيح النخيلي أستاذ اللاهوت العقائدي والمقارن ، الكلية الإكليركية في 125 عاما  ، الكلية الإكليركية اللاهوتية للأقباط الأرثوذكس ، الطبعة الأولى ، يوليو 2020 ، الصفحات من ( 279- 284 ) .

3- نيافة الأنبا غريغوريوس : مقالات وموضوعات متنوعة – موضوعات روحية ، جمعية الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمى ، 2009 ، الصفحات 407 ، 408 .

4-قراءة فى بعض من كتبه .