سليمان شفيق
اليوم 9 سبتمبر بعيد الفلاح ، من كل عام بذكرى " عيد الفلاح" الـ 70 والذى يوافق يوم اصدار قانون الاصلاح الزراعى واعادة توزيع ملكية الأراضى الزراعية من يد الاقطاع الى صغار الفلاحين وانشاء جمعيات الاصلاح الزراعى والهيئة العامة للاصلاح الزراعى لتتبدل أحوال الفلاحين. 
 
يتواكب عيد الفلاح مع وقفة الزعيم أحمد عرابي فى نفس اليومان 1881 أمام الخديوى توفيق ومقولته الشهرية " لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارًاولم نخلق تراثا أو عقارا ولن نستبعد بعد اليوم".
 
في ذلك اليوم تركض طفولتي امامي واتذكر كيف احببت قريتي نزله عبيد وشاهدت الفلاح  الفقير في خمسينيات القرن الماضي ،وهو يقدم حياته وصحتة من اجل الارض مقابل بضعة قروش لاتكفي قوت يومة ، منهم من مات من البلهارسيا دزن علاج ، ومنهم من اختلط عرقة  وجسدة بالارض .
لذلك انتميت منذ سن ال 17 الي صفوف اليسار المصري دفاعا عن الفلاحين والكادحين والعمال والفقراء ، وفي حزب التجمع تعرفت علي معني النضال من اجل الفلاحين في ىاتحاد الفلاحين ، خمسة شخصيات حفرت في قلبي نبع النضال والحب :

(1)
شاهندا مقلد :
امرأة خمرية كطمى النيل، جميلة على مر السنين، صلبة كسنديانة حمراء واقفة فى كبرياء على ضفاف النهر، «ست الدار» هكذا يحمل اسمها من معنى، كحجر كريم كلما انعكس عليه ضوء عكس شعاعا مختلفا عن الآخر، ولدت ما بين الحربين العالميتين 1938 من أب ضابط بوليس وفدى، ورثت منه الوطنية، وعشق الأرض، برز اسم شاهندة مقلد ابنة القائم مقام عبدالحميد مقلد، بعد معركة كمشيش الشهيرة فى مصر عام 1966، حينما أرسل زوجها الشهيد، صلاح حسين، عريضة باسم فلاحى القرية، لإقامة مستشفى فى مبنى يمتلكه أحد كبار الملاك من عائلة الفقى، فتحول إلى معركة كبرى انتهت باغتيال صلاح حسين، واتهام الإقطاع بقتله، وكان صلاح ابن العم والزوج والحبيب والرفيق أسطورة فلاحية، فصار ياسين وصارت شاهندة بهية، ولكل أسطورة تكلفتها، فمن سجن إلى آخر وفى مختلف العصور.
 
نمت قصة حب شاهندة لصلاح منذ 1966 وحتى آخر نفس، وتحول الحب الخاص إلى العام إلى حب الفلاحين والوطن، وفجأة قطعت هذه الزعيمة الحسناء موكب الزعيم جمال عبد الناصر، وهو يمر فى كمشيش بصحبة تشى جيفارا، وقدمت له عريضة تحمل هموما ومطالب الفلاحين كقرية ثورية، وعندما توقفت سيارة عبدالناصر عند الجسر، اقتربت منه، وصافحته وضيفه، وسلمت الرئيس رسالة من الفلاحين، ثم خاطبت جيفارا بالقول: «نحن فلاحو قرية كمشيش الثورية»، فوقف «تشى» ورفع قبضته تحيةً لها، فأطلق الفلاحون عاصفة من الهتافات والتصفيق دون أن يعرفوا هوية الضيف الثورى، وقد تحولت القرية (كمشيش) بعد هذه الواقعة إلى مزار، يحضر إليها كبار الشخصيات العالمية، ومن هؤلاء كان الفيلسوف الفرنسى الشهير جان بول سارتر، وصديقته سيمون دى بوفوار، اللذان زارا القرية، بعد قراءة تحقيق عنها، كتبه الصحافى الفرنسى الشهير إريك رولو.
 
(2) فؤاد ناشد 
مقلتا عينى فؤاد ووجية: فؤاد ناشد القديس المناضل الذى دفع حياته على مذبح الوطن، كنت فى ريعان الصبا حينما دلفت إلى عمق الوطن من صفاء ابتسامته التى كانت أكثر عذوبة من النيل فى 1975، كانت مصر تبتهج من نصر أكتوبر وتئن من انفتاح السادات على الرسمالية المتوحشة ويستعين بالإخوان لضربنا نحن اليساريين، كان فؤاد لى الأب ، تعرفت على فؤاد أثناء تأسيس منبر التجمع الوطنى، جنبا إلى جنب مع الراحلين المناضلين: أنور إبراهيم يوسف عضو مجلس محلى المحافظة، والدكتور إبراهيم أبو عوف نقيب أطباء الأسنان بالمنيا، والقيادات العمالية، أحمد عبدالعزيز وأحمد رشاد وأحمد شوقى، والقادة الفلاحين عبيد عياد مرجان وشيخ العرب فاروق أبوسعيد، كنت الأصغر ولكنى كنت آخر من ينام وأول من يحلم، وكان الأقرب إلى هو فؤاد ناشد، المهندس الزراعى ومسؤول تنظيم الحزب منذ التأسيس وحتى الرحيل، أحب وطنه كما أحب كنيسته، وبعد أن هجم السادات على التجمع بعد انتفاضة يناير 1977 وألقى القبض على معظم قيادات الحزب، وسجن من المنيا أنور إبراهيم وأحمد عبدالعزيز وأحمد رشاد وفتح الله خفاجى وأنا، لم يبقَ خارج الأسوار سواه، وبتواضع قام برعاية أسر المعتقلين وأعطى لمن هم خلف الأسوار الأمل، كل ذلك قام به فى صمت ودون أن يعلم أحد، وكان يفتح مقر الحزب ويجلس فيه بمفردة لساعات ويسافر إلى القاهرة، ويأخذ نشرة الحزب «التقدم» ويوزعها سرا على الأعضاء بعيدا عن أعين الأمن، وفى نفس الوقت يجوب يصنع خيرا للفقراء، ويهتم بالعمل النقابى فى نقابة الزراعيين، في نوفمبر 1977، وحينما خرجنا من المعتقلات وجدنا الحزب قامته عالية، واستطاع أن يجمع شتات اليسار
 
رحل أنور إبراهيم وأحمد عبدالعزيز وأحمد رشاد وعمى عبيد عياد وظل فؤاد سنديانة وارفة يستظل بظلها الفقراء والفلاحين الإجراء وأسس مع عبيد عياد وعريان نصيف وشاهنده مقلد واتحاد الفلاحين ، االفلاحين ، وجاب معهم القرى والنجوع المنسية الأسماء على طول الشط، 2007
 
(3) عريان نصيف :
                  
كتب الكاتب عادل وليم عنة : النموذج الوطني الاشتراكي والمعلم لأجيال متتالية منذ الأربعينيات  من القرن الماضي حيث شارك فى
( النضال الشيوعى المنظم )  وكان فى طليعة المناضلين من أجل الاستقلال الوطنى مدافعا عن حقوق العمال والفلاحين والكادحين
وقد شارك ( عريان نصيف)  فى المقاومة الشعبية ضد قوات (الاحتلال البريطاني)  فى مدن القناة فى بداية الخمسينيات واستمر يقاوم حتي انخرط فى الكفاح المسلح ضد الاحتلال الانجليزي 
 وقد صدرعليه حكم  ( بالإعدام )  قبل ثورة يوليوعام( 1952)و كان حينذاك طالب
( بكلية الحقوق)  وذلك لاتهامه بالكفاح المسلح ضد  الاحتلال الانجليزي
ومناهضته للنظام الملكي وقدتم تعديل الحكم الى السجن واسقط الحكم نهائيا بعد الثورة يوليو ١٩٥٢ ليخرج( عريان نصيف) وتستمر مسيرته الكفاحية
وفى عام 1956 انخرط هو ورفاقه في المقاومة المسلحة ضد( العدوان الثلاثي) بعد خروجه من السجن مباشرة والذي سرعان ما تم   (اعتقاله مرة أخرى)
ليخرج منه في عام 1964 ليستمر فى نضاله من أجل الشعب والوطن.
تعرض ( عريان نصيف)  لسنوات طويلة من السجن والاعتقال و التعذيب
 وقد عرف (عريان نصيف) سجون كل الانظمه بدايه من عصر 
(الملك فاروق) (وعبد الناصر) (و السادات)  ونهاية (بمبارك) وظل يقاوم(  عريان نصيف) حتى آخر نفس فى حياته.
وكان (عريان نصيف) فى طليعة من قاموا بإعادة تأسيس( الحزب الشيوعى المصرى)  في أول مايو  يناير 1975
 وأسس مع رفاقه ( جريدة الانتصار) أثناء المقاومة الشعبية فى بورسعيد واستمر فى تحرير جريدة الانتصار
( لسان حال الحزب الشيوعى المصرى) بعد إعادة التأسيس وحتي وفاته  في 19 يونية 2013 
 كما شارك الرفيق عريان نصيف فى تأسيس ( حزب التجمع) فى عام 1976
كان ومازال (عريان نصيف) أكثر الشخصيات الوطنية المصرية التى ناضلت من أجل حقوق الفلاحين مؤسسا هو ورفاقه من الفلاحين والمثقفين الثوريين
(اتحاد الفلاحين المصريين) في بداية الثمانينيات والذي أشهر بعد الثورة مباشرة مع رفيقة نضاله (شاهندة مقلد) (وعبد المجيد الخولى) وآخرين.
(4) الشيخ محمد عراقي 
 
ويضيف الكاتب عادل وليم  :
والده كان مزارع من صغار الملاك ووالدته امرأه ريفيه بسيطه اتجه للتعليم الأزهرى بمدينه الزقازيق  محافظه الشرقيه والتي تبعد عن قريه ( ميت القرشي) مسقط رأسه قرابه عشرون كيلو متر
وكان في أغلب الأحيان ياخذ هذه المسافه سيرا علي الأقدام مع رفيق دربه وسجنه( عطيه الصيرفي) الاتي من مدينه ميت غمر وانتظم  (محمد عراقي) في التعليم الازهري بتفوق حتي المرحله الثانويه 
وفي هذه المرحله( اعتقل الشيخ محمد عراقى) (لأول مره)  لانضمامه لتنظيم مناهض للدوله وكان ذلك في عصر (الملك فاروق) 
وتم فصله من التعليم الأزهرى  وتدخل جده لأمه حيث كان شيخ طريقة بقريه هريه رزنه محافظه الشرقيه بلد الزعيم
 (احمد عرابى) 
حتى عاد مره اخري للتعليم بالمعهد الازهري 
وعاد (الشيخ محمد عراقي) للتعليم ليتفوق ويلتحق (بكليه أصول الدين) 
وما لبس ان تم (اعتقاله مره اخرى) لانضمامه لتنظيم  ( حدتو) (الحركه الديمقراطية للتحررالوطنى) حيث انه كان أحد قيادتها و مسؤل منطقة بحري 
ولكن هذه المره طالت فتره  الاعتقال لمده (تعدت الاربع سنوات) بعدها تم فصله نهائيا من التعليم الازهري ولم تفلح محاولات إعادته للتعليم مره اخري 
وكان ( محمد عراقى) يعمل في( الترجمه) حيث انه كان يجيد عده لغات بالإضافة لعمله في قطاع الزراعه والتدريس 
وفي عام( ١٩٥٣) تم اعتقال (محمد عراقى) حتي عام (١٩٥٦)بتهمه الانضمام إلى (تنظيم ) (حدتو) الحركه الديمقراطية للتحررالوطنى 
ولم يمضي الشيخ (محمد عراقى) سوي سنوات قليله خارج المعتقل حتي تم اعتقاله مره رابعه عام( ١٩٥٩) ليظل بالمعتقل حتي عام (١٩٦٤) ليقضي (خمسة سنوات) بمعتقل  ابوزعبل بنفس التهمه الانضمام لتنظيم  مناهض للدوله( حدتو) 
وفي عام( ١٩٧٦) انضم  الشيخ (محمد عراقى) ( لحزب التجمع) (منبراليسار) ليصبح احدي قياداته الجماهيريه ويصبح أمينا للفلاحين بحزب التجمع 
و يبدأ الشيخ عراقي يصول ويجول في ( جريده الاهالي) مدافعا  بشراسة عن الفلاحين كصحفي متمرس في اقوي الصحف  الحزبية حينذاك بالاضافه الي حضورة مئات المؤتمرات متحدثا عن مشاكل الفلاحين ومدافعا عنهم في ربوع مصر من الشمال الي الجنوب ومن الشرق الي الغرب
 
و قدتم انتخاب الشيخ  محمد عراقى
 (رئيسا لاتحاد الفلاحين) 
وقدتوفي (الشيخ محمدعراقي) في شهر ديسمبر من(عام١٩٩٧)    عن عمر يناهز ٧٥ عامًا. 
 
(5) عبيد عياد مرجان :
يقول ابنة عماد عنة :عبيد عياد فلاح مواليد ٢٤/٧/١٩٢٨ من أسرة فقيرة مثل باقي الفلاحين فى ذالك الوقت أتم تعليم المرحلة الابتدائية القديمة ولظروف المجتمع والبيئة لم يكمل تعليمه دخل السجن عام ٥٢ بسبب مشاجرة مع عائلة أخرى بالقرية وهناك تصادف حبسه مع بعض المعتقلين السياسين تعلم منهم ونتيجة الظروف التي كان يعيشها الفلاحين فى ذالك الوقت  انضم إلى فريق المدافعين عن حقوق الفلاحين وظل فى هذا الاتجاه حتى تم اعتقاله عام ١٩٥٩ وتم الإفراج عنه عام ١٩٦٤ وشارك فى تأسيس حزب التجمع في السبعينات وكما كان له دور كبير في تأسيس اتحاد الفلاحين  مع بعض زملائه المؤمنين بقضية الزراعة والفلاحين وظل حياته كلها في معارك نضالية من أجل هذة القضية حتى ان عوفي فى عام ١٠/١٢/٢٠٠٣ تارك لنا رصيده المشرف من النضال السياسي.
تحية لكل الفلاحين ورحم الله  ارواح الخمسة ، شاهندا مقلد وقؤاد ناشد وعريان نصيف والشيخ عراقي وعبيد عياد ولحزبهم ولللارض التي نولد فيها ونأكل من ثمار ما يزرع الفلاح ، ونرتوي بدماء نيلها وندفن فيها .