سليمان شفيق
ـ القائد الاب الصامت والصحفي المقاتل من 1956 مرورا 1967 واخر لحظة من عمره
استشهد الماء ولم يزل 
يقاتل الندى
استشهد الصوت ولم يزل 
يقاتل الصدى 
وانت بين الماء والندي 
وانت بين الصوت والصدى 
فراشة تطير حتى اخر المدي
 
ولد في قرية بني حسين بمحافظة الشرقية، في 31 أغسطس من العام 1934، وقد رحل في 28 يوليو من العام 2004 عن عمر ناهز السبعين عامًا. 
 
كان جيلي جيل السبعينيات من القرن الماضي يعتبر وما زال قضية فلسطين مصرية مصيرية، ومن ثم كنت من 1978 وحتي 1997 في دائرة النضال الفلسطيني من القاهرة لبيروت وموسكو والقدس ورام الله وأريحا وغزة ونيقوسيا، وكان عمود الخيمة دائما ياسر عرفات، هذا الرجل الأسطورة تعرفت عليه أول مرة في بيروت 1978 مع المناضل المصري، مدير مكتبه فاروق القاضي (أحمد الأزهري) والصحفي الكبير فهمي حسين رئيس تحرير وكالة وفا الفلسطينية حينذاك، وتعددت اللقاءات لأنه يحب مصر والمصريين وكان يلتقي بنا دائما كلما جاء ضيوف من القاهرة من قادة الحركة الوطنية مثل د. رفعت السعيد، وكان الراحل فهمي حسين هو دينامو هذه اللقاءات ، وكان عرفات يناديه بالأستاذ فهمي ويشيد دائما بدورة الكبير في التنسيق بين الحركة الوطنية المصرية وبين منظمة التحرير .
بدأ فهمي حسين الصحافة مبكرا في سن الـ 17 عاما بعد ان انضم لأبناء خالته "آل أبو الفتح" بجريدة المصري لسان حزب الوفد قبل تأميمها والقبض على محمود وحسين أبو الفتح وتقديمهُما للمُحاكمة، ساعتها أرسل فهمي حسين إلى الزعيم جمال عبد الناصر "وكان رئيسًا للوزراء في ذلك الوقت ووزيرًا للداخلية" برقية يقول فيها: "إنكُم بمُحاكمتكُم محمود وحسين أبو الفتح قد بدأتُم تتجهون اتجاهًا لا يحمدهُ لكُم الأحرار". 
 
عقب نكسة يونيو 1967، وتحديدًا يوم ١١ يونيو مباشرة حمل فهمي حسين السلاح وانضم للمقاومة الشعبية في خط القناة، واستمر ذلك لمدة 3 أشهر، وقد خرج من تلك التجربة بكتاب "وكانت البداية من الصفر" الذي حرره بالاشتراك مع صديقه الصحفي يوسف صبري، وكتب لهما المقدمة الأديب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي.
 
قائلا: "أثبت في كُل الأعمال التي قام بها في المصري والجمهورية ومجلة الإذاعة وفى روز اليوسف، أنه صحفي مُناضل صادق في حياته كُل يوم.. وهو لهذا يُقرر أحيانًا أن يتخلى عن الكلمة كأداة للتعبير عندما يجد الرُصاصة أكثر فاعلية".
 
سافر إلى الأردن مع وفد من الرسامين والصحفيين والأدباء لرؤية أبطال معركة الكرامة في 68 ساعتها تعرف على حركة فتح مع الدكتور رؤوف نظمي المعروف باسم محجوب عمر أحد قيادات الحزب الشيوعي، واستمر معهم مدة طويلة. لمع اسم الصحفي والأديب محمد فهمي حسين، المعروف باسم "فهمي حسين”، كصحفي متميز في روز اليوسف وككاتب للقصة القصيرة، نشر قصصه القصيرة مبكرًا في مجلة الرسالة وجريدة المصري، وأصدر مجموعته القصصية الأولى علاقة بسيطة في العام 1962، وأصدر بعدها مجموعتين هما "أصل السبب" و"حكايات غريبة".
كتب فهمي حسين عن القضية الفلسطينية، سافر إلى الأردن وسوريا ولبنان، متابعا القضية الفلسطينية ومنضمًا لصوف حركة فتح.
شأنه شأن جيل ما بين الحربين (العالميتين الأولى والثانية)، يجمع ما بين الطلعة البهية، وزهد المتصوفة، وثقافة الفلاسفة، ورث فهمي عشق النيل والأرض والإنسان، والحركة والتنقل، وركوب الخطر. 
 
ـ حكايات مسكوت عنها:
كان فهمي حسين آخر ابناء الجيل الاول الذي قدم حياته للثورة الفلسطينية ، مع فاروق القاضي (احمد الازهري) مدير مكتب ابو عمار وكان بمثابة وزير التعليم العالي الفلسطيني حينذاك ، والدكتور رؤوف نظمي (محجوب عمر) وكان المفوض السياسي لكتيبة والمقرب من الشهيد ابو جهاد المسئول عن "الغربي" القطاع المسئول عن العمليات في اسرائيل ، ومصطفي الحسيني فارس الكلمة ومدير تحرير السفير اللبنانية ، هؤلاء التحقوا بالمقاومة منذ 1968 ، ومعهم  فهمي حسين ، كلهم بدأوا من الاردن ثم بيروت ، كان فهمي رئيس تحرير وكالة (وفا) حين كان مديرها العام والاديب زياد عبد الفتاح ، وأقرب للجناح اليساري في حركة فتح : أبو صالح والشهيد ماجد أبو شرار ويسار الوسط الشهيد ابو اياد  وقريب من الشعراء الكبار محمود درويش ومعين بسيسو وعبد الرحمن الخميسي .
 
ومن الجيل الاول الي الجيل الثاني: عدلي فخري سمير عبد الباقي زين العابدين فؤاد احمد بهاء الدين شعبان حلمي سالم رؤوف مسعد وفؤاد التهامي وحياة الشيمي وسلوى بكر ومديحة الملواني وآخرين  
 
ثم الي الجيل الثالث: جمال الدين شولاق (طاهر الشيخ) وتيمور المصري والهامي المليجي (محمد المصري) وشخصي المتواضع سليمان شفيق (رفعت المصري) وآخرين.
 
فهمي حسين المقاتل:
 ساهم فهمي في المقاومة المسلحة ضد العدوان الثلاثي 1956 مع كتيبة من الشيوعيين المصريين ومنهم احمد الرفاعي وعبد المنعم القصاص وآخرين ولذلك ظلت علاقته قوية بكل من احمد الرفاعي عندما كان يحضر من اليمن الي بيروت والفنان عبد المنعم القصاص طوال وجوده في بيروت ، ولم يمر يوم سوي ان يلتقي به ، كما ساهم ـ  كما ذكرـ  فهمي حسين في المقاومة الشعبية في عام 1967. لذلك لم يكن غريبا علية ان يكون عراب وأب للمقاتلين المصريين في الثورة الفلسطينية من الجيل الثالث من المصريين وكيف كان له دور اساسي في المساهمة ورعاية تأسيس كتيبة مصرية صمدت في الجنوب بقيادة تيمور المصري، وسيكتب يوما تاريخ هذه الكتيبة في مواجهة الاجتياح الصهيوني عام 1982، كما وزع أولاده الشباب من المقاتلين علي الحركات ما بين فتح والشعبية، وساهم في دعم كتابات الصحفيين الشباب والشابات في صحف المقاومة المختلفة.
 
الاب الروحي:
كان في بيروت حينذاك حوالي عشرين طالب مصري يدرسون في جامعة بيروت العربية ، لعب فهمي حسين دور الاب الروحي لهم وسعي مع احمد الازهري وابو اياد علي تحمل مصاريفهم الدراسية ، ومنهم من عينه في وكالة الانباء الفلسطينية مثل جمال شولاق (طاهر الشيخ ) وبمثابة الأب ساهم فهمي في زواج طاهر من زوجته الفلسطينية ، وهناك قصة ايضا لزواج المرحوم الفنان عدلي فخري من زوجته ماري وقتها لم تكن هناك امكانية للإكليل في كنيسة اقباط كاثوليك سوي في عمان بالأردن وكيف سعي فهمي حتي تمكن من الحجز له في تلك الكنيسة وحضر حفل الزفاف ،
كنت دائما أسهر معه مع الشعراء معين بسيسو ومحمود درويش وعبد المنعم القصاص، وساهم أكثر من مرة في المصالحة بين درويش وعرفات، وظل فهمي حسين يلعب دور الجندي المجهول والاب في عطاء صامت حتى رحل دون ان يكتب أحد – على حد علمي- عن هذا الدور العظيم الذي لا أملك سوي الفتات منه.
 
فهمي حسين وعرفات
 
فهمي مع المقاومة الشعبية للعدوان الثلاثي ١٩٥٦
 
 
مع الفنان عدلي فخري ببيروت
 
 
الزواج نوفمبر ١٩٥٧
 
 
قومي حسين ويوسف صبري في الإسماعيلية