بقلم: ناهد صبري
هناك أناس يمارسون ألعاب السُلطة مع الله، حيث يسعى البعض إلى التحكم في القوة الروحية لينالوا ما يبغون، بينما عليهم أن يسلمون أنفسهم للقوة الروحية لتعمل من خلالهم في العالم.
فبينما يبحث الناس عن شكل صحيح لاستجابة صلواتهم يحاولون مساومة الله فيعرضون تقديم خدمات معينة لله لكي يرغموه لفعل أمور خاصة بهم.
هناك شاب تعرفت عليه مؤخرًا أتىَ إليَّ ذات صباح ليتحدث عن ما يمكنه أن يفعله حتى يجعل إحدى الفتيات تنتبه له، لقد أقترح أن الصلاة يمكنها أن تجعلها تميل إليه، فقد قال: "في النهاية، كل شيء ممكن بالصلاة". وقد أراد أن اتحد معه في محاولاته للصلاة "فإن صلاة المؤمن تقتدر كثيرًا في فعلها".
لقد شعرت بالزهو لأنه اعتبر أن صلاتي قادرة، ولكني لم أستطع الخوض معه في مخططه وكان عليَّ أن اطلب منه أن يسلم لإرادة الله مهما كانت وإلا فإنه يسعى للضغط على الله للخضوع إلى رغباته الخاصة.
لقد كان يؤمن بالله الذي يمكن أن يسيطر ويتسلط عليه حسب رغبات الشخص الخاصة والذي أيضًا يتسلط على الآخرين عند الطلب. ولقد بذلت الكثير من الجهد لإقناعه بعكس ذلك.
الحقيقة أنه يجب طرح أسئلة مُلّحة عن الانطباعات والمفاهيم الشخصية القائلة بأننا إذا صلينا كما يجب يمكننا أن نحمل الآخرين على فعل ما نريد. ويمكنني أن أخبر عن كثير من الأمهات آلاتي يشعرن بالذنب لأن أبنائهن وبناتهن لم يسلكوا طريق الإيمان. لقد اُجبِرن على الاعتقاد بأنهن لو صلين كما يجب وتبعن الله بصورة أفضل سيمكنهن حمل أبنائهن على ذلك. وبالرغم من أني لن اشكك للحظة في أهمية الصلاة إلا أنني لا أريد أن تتحول الصلاة إلى وصفة سحرية تأتي بنتائج مضمونة.
مثل هذه النظرية تفترض أن الله يمكنه أن يجبر الناس على الخضوع له إذا هم أقنعوه بأن يريد ذلك فعلاً، وهذه ليست بطرق الله. فهو يحب ولكنه لا يُرغم. فالناس لم تُخلق على أنها عرائس يمكن أن يتحكم فيها عبر صلوات الآخرين.
لا أريد أن أعطى الانطباع بأن الصلاة لا تنجز شيئًا وبأنه ليس لها تأثير، لكن بالصلاة نحن لا نتسلط علي الله إنما نكون أدوات طيّعة يمكن لحبه أن يتحرك خلالها للأعزاء علينا، ولكننا دائمًا ما نتصور أن الصلاة هي الأداة التي نصل بها نحن لشخص ما من خلال الله ولكني أرجح أن الصلاة هي وسيلة يمكن أن يفيض من خلالها الله لهذا الشخص الآخر أو ليغير مجريات الأمور.
وكلنا يمكننا أن نكون وسائل توصيل خاصة بالله من خلال الصلاة نحن نصبح قنوات يتفجر خلالها حب الله الحنان ويعانق الأشخاص الآخرين. كلما زادت صلواتنا وزاد عدد الناس المصلين زادت القنوات التي يمكن لحب الله الأبدي أن يتفجر خلالها ليصل للشخص الذي نتمسك بالصلاة لأجله.
عندما صلى السيد المسيح لم يكن يصلي ليغير مشيئة الأب، بل على العكس ليصبح أداة طيعة يمكن للآب أن يصنع من خلالها أمور رائعة وعظيمة.
إن الله يمكنه أن يصنع الكثير من خلالنا لو أصبحنا بالصلاة والصوم أدوات طيّعة وقنوات يتحرك بها الله في حياة الآخرين.
لقد آن الأوان لكي نتحول عن طريقة تديننا فلا تتدنى الصلاة إلى كونها ممارسة لألاعيب السُلطة مع الله. فالدين الحقيقي ليس التسلط على الله ولكن الخضوع لمشيئته وخدمته.