بقلم: سحر غريب
يقولون أن الزواج بطيخة مقفولة لا تستطيع أن تنفذ داخلها إلا بشق السكين وأقول أن الحكم أيضًا بطيخة مُحكمة الغلق ولا تتيح لك أن تعلم ماينتظرك من حاكمك إلا بعد أن يحكمك، وأبسط مثال علي كده الرئيس "مبارك" الذي تراوحت فترات حكمه مابين ممتاز وجيد وسيء ومضمحل.
لقد جربنا الحكم العسكري ولم نرتاح له فلماذا لا نجرب شخصيات جديدة بعيدًا عن الجيش؟، لماذا لا نجرب حاكمًا جديدًا لمصر...لماذا لا ندرس البدائل ونضع أشخاص جديرين بالحكم بإرادة شعبية حرة؟، لماذا ننتظر حتي تُفرض علينا حكومة لا نرغبها؟!.
إن المُواطن المصري البسيط يرفض أن يعترف ولو بينه وبين نفسه أن الرئيس مبارك بشر، تقول لهم "بشر" يقولوا لك (تف من بُقك ياشيخ بشر إيه فال الله ولا فالك).

ياجماعة الريس بشر سواء أقررتم بذلك أم لا، والبشر يموتون كأي كائن حي.... فماذا سيحدث لنا عندما تتوقف أنفاس الريس هل ستتوقف أنفاسنا حزنًا عليه وخوفًا من المجهول الذي لا نعرفه؟!، هل سنختار وقتها جمال الذي تذكرنا هلته وطلعته بطلعة أبيه حتى لا يتغير شيء في اللي تعرفه اللي أحسن من اللي ماتعرفوش، ويكفيه أنه تربى في بيت الرئاسة وأبن الوز عوام وشبعان؟!.
 ولقد هلت علي الساحة مجموعة من الشخصيات البديلة التي تصلح للحكم ومنهم "محمد البرادعي" وغيره، ولكن "محمد البرادعي" هو الوحيد من النُخبة المُختارة الذي أبدى موافقة مبدئية علي ترشيح نفسه بشرط ضمان نزاهة الإنتخابات المُقبلة، والبرادعي شخصية تحظي بإحترام عالمي، يعني الراجل جاي جاهز بإحترامه وكلمته المسموعة مش هايحتاج يربي إحترام عالمي جديد له، والبرادعي هو رابع مصري يفوز بجائزة نوبل.
ولقد برز أسم البرادعي قبل الحرب على العراق مباشرة عند البحث عن أسلحة الدمار الشامل العراقية.
ولد الدكتور البرادعي في القاهرة في عام 1942 وكان عمل والده كنقيب للمحامين-السبب وراء عشقه ودراسته القانون- وكان منذ صغره متعلقًا بالكتب الكثيرة في مكتبة والده، حيث قرأ في الآداب والعلوم والمعارف العامة ولكن أغلب قراءاته تركزت في كتب القانون حيث تخصص فيه إرضاءًا لنفسه أولاً ولوالده ثانيًا.

وتخرج محمد البرادعي في كلية الحقوق جامعة القاهرة في عام 1962. وبدأ الدكتور البرادعي عمله في وزارة الخارجية المصرية في عام 1964 في (إدارة الهيئات) التابعة للوزارة التي كان يديرها آنذاك إسماعيل فهمي. وقد تدرج البرادعي في المناصب لنجاحه كقانوني ودبلوماسي متعقل، ونيله ثقة مدير (إدارة الهيئات) بالخارجية حتى جاءته فرصة للإلتحاق بالبعثة المصرية في نيويورك فإنتهز الفرصة وسافر البرادعي مع البعثة المصرية إلى نيويورك، وهناك جمع بين عمله وإستكمال دراسته، وبعد حصوله على الدكتوراه من الولايات المتحدة وعودته إلى مصر في عام 1974 عمل كمساعد لإسماعيل فهمي(وزير الخارجية آنذاك) نظرًا لسابق معرفته به وثقته فيه، وقد أتاح له عمله الجديد حضور مؤتمرات دولية ومفاوضات وبروتوكولات مهمة حتى عام 1978، كما عمل البرادعي في المهمات الدائمة لمصر إلى الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف، كما عمل لعدد من السنوات كأستاذ للقانون في كلية الحقوق بجامعة نيويورك.

وفي عام 1980 أصبح مسئولاً عن برنامج القانون الدولي في منظمة الأمم المتحدة، وإلتحق البرادعي بالوكالة الذرية في عام 1984 بمحض إرادته تاركًا الخارجية. وبداية من عام 1993 صار مديرًا عامًّا مساعدًا للعلاقات الخارجية، وفي اليوم السابع والعشرين من شهر سبتمبر في عام 1997 تم إختيار الدكتور "محمد البرادعي" لأول مرة مديرًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية لمدة 4 سنوات بعد حصوله على 33 صوتًا من إجمالي 34 صوتًا في (إقتراع سري للهيئة التنفيذية للوكالة) خلفًا للسويدي هانز بليكس الرئيس الحالي للجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش في العراق(أنموفيك  (unmovcوهو أول مصري وأول عربي يتولى هذا المنصب الكبير وأعيد تعينه مرة أخرى في سبتمبر من عام 2001 لأربع سنوات أخرى تنتهي في عام 2005.
ويعتقد البرادعي أن أبرز المصاعب التي تواجهه تكمن في توفيق المصالح المتضاربة لجميع الدول في آنٍ واحد بدون الإنحياز؛ لذا فهو يؤمن بأن التسامح هو ما يجب التسلح به في مواجهة كافة الصعاب ضمانًا للحيادية التامة.

و يتمتع الدكتور البرادعي بسمعة طيبة في الأوساط الدبلوماسية الدولية، ويعده المراقبون ممثلاً للجناح الهادئ في التعامل مع الأزمات، ويعتبره "كوفي عنان" الأمين العام للأمم المتحدة من أفضل العلماء الذين تولوا منصب رئاسة الوكالة؛ حيث يتميز بنظرة واسعة للأمور وقدرة على تحليل الوقائع وحسن إستقراء للمستقبل.
 ولمن يتشككون في قدرة البرادعي علي قيادة مصر أقول (أليس هذا التاريخ الحافل للبرادعي هو بمثابة عمل سياسي مُعترف به؟!)