عن الأسوشيتدبرس فى 30 مايو 2013
Tale of 2 converts shows Egypt’s sectarian divide
بقلم حمزة هنداوى
ترجمها من الانجليزية منير بشاى
فى الحالة الأولى يطعن رجل مسيحى زوجته التى اعتنقت الاسلام، ثم يسلم نفسه للشرطة، ويموت الرجل بعد ذلك فى ظروف غامضة بالسقوط من نافذة فى مبنى محكمة.
وفى نفس الوقت تقريبا، تعتنق امرأة مسلمة فى قرية صغيرة الدين المسيحى وتهرب مع رجل مسيحى فيتسبب هذا فى هجوم جمهور من الاسلاميين الغاضبين على الكنيسة. ومع ذلك فالشرطة لا تقدم الاسلاميين للتحقيق، ولكنها تقبض على عائلة الرجل المسيحى. ثم تتحول القصة الى قضية قومية بعد قيام بعض أعضاء البرلمان من الاسلاميين الغاضبين بتخصيص جلسة كاملة للمطالبة بوقف هذا التحول الدينى مدّعين وجود عناصر أجنبية تعمل على تنصير المسلمين.
كلتا الحالتين اللتين حدثتا مؤخرا فى صعيد مصر تصوران الحساسيات الشديدة التى تصاحب قصص التحول الدينى فى المجتمع المصرى المحافظ. وهى أيضا تبرز الطرق المتباينة التى يتم بها التعامل مع هذه القصص فالمسيحيون يعتقدون ان المتشددين الاسلاميين الذين اصبحت لديهم الآن السطوة السياسية قد كثّفوا مجهوداتهم لدفع المسيحيين لاعتناق الاسلام. وفى الحالات النادرة التى يتحول فيها مسلمون الى المسيحية عادة يصحب هذا اعمال عنف ضد المجتمع المسيحى بأكمله، ولكن فى كلتا الحالتين فان المسئولين لا يعيروا الموقف اى اهتمام. وهذا يزيد من احساس المسيحيين انهم يعيشون تحت حصار يتزايد مع ازدياد نفوذ الاسلاميين منذ ان تم ازاحة الرئيس حسنى مبارك عن الحكم.
يقول ابرام لويس الناشط القبطى الذى يتابع حالات التحول الدينى واختفاء القبطيات أنه تحت حكم مبارك كانت هناك على نطاق الجمهورية حالتين أو ثلاثة كل شهر لمسيحيين اعتنقوا الاسلام. ويضيف "ولكننى أسمع الآن أحيانا عن 15 حالة فى منطقة واحدة". وفى تقديره ان هناك حوالى 500 حالة تحول الى الاسلام منذ سقوط مبارك، وان 25% منها لفتيات مسيحيات قاصرات، بعضهن دون سن الخامسة عشر، وعادة ينتهى بهن الأمر بعد تحويلهن الى الاسلام الى الزواج من رجال مسلمين مسنين.
فى المقابل يعتبر التحول الدينى من الاسلام للمسيحية أمرا نادرا. وهو من الناحية القانونية ليس جريمة، وان كان طبقا للشريعة الاسلامية يعتبر مخالفة دينية عقوبتها القتل. ولكن فى الحالات القليلة للمتحولين للمسيحية خلال العقد الماضى فانهم كانوا يتعرضون للسجن بتهمة ازدراء الاديان، او تهديد الأمن القومى أو خلافه.
ونظرا لقوة الروابط الاسرية فى مصر فان تغيير الدين لا ينظر له عادة على انه مجرد قرار شخصى. فسواء كان الامر يتعلق بالمسيحيين او المسلمين فان العائلات التى يغير فيها أحد أعضائها دينه تشعر عادة بالغضب الذى قد يؤدى الى ارتكاب اعمال العنف. و عندما يتعلق التحويل الدينى بابنة أو زوجة يختلط الامر بمشاعر الشرف. وما يبدأ على انه مسألة عائلية يمكن ان يتحول بسهولة الى مشكلة طائفية واسعة عندما تحاول كل جماعة الدفاع عن أفرادها. فمثلا فى سنة 2011 حرق المتشددون الاسلاميون احدى كنائس القاهرة فى محاولتهم لحماية امرأة اعتقدوا ان الكنيسة تحتجزها لاجبارها على ترك الاسلام الذى اعتنقته.
وقد اعلن الرئيس محمد مرسى، الذى ينتمى الى جماعة الاخوان المسلمين، مرارا ان المسلمين والمسيحيين سواء امام القانون، وان الاخوان لا صلة لهم بعمليات التحويل الدينى. ولكن بعض المتشددين الاسلاميين مثل السلفيين، الذين تحالفوا مع الاخوان، استمروا يدافعون عن المتحولين للاسلام. والسلفيين لهم تمثيل قوى فى البرلمان على عكس الاقلية المسيحية التى تمثل حوالى 10% من تعداد مصر ولكن قوتهم السياسية أقل بكثير.
فى القصة الاولى تقول اسرة روماتى فهيم أمير، وهو رجل فقير يشتغل كعامل يومية، انه لم يكن امامه من خيار سوى ان يقبل ما قررته زوجته عندما ذهبت الى قسم الشرطة فى مدينة اسيوط فى شهر فبراير، ومعها بعض المتشددين من الجماعة الاسلامية، لتوثيق تحولها للاسلام، كل ما طلبه أمير من الشرطة ان لا تقترب زوجته من أبنائهم الأربعة.
ولكن فى 11 مايو عندما ظهرت الزوجة فى مدرسة أحد الأبناء اعتقد أمير انها كانت تحاول خطف الولد- وهو ما انكرته الزوجة. وهذا دفع امير الى طعنها متسببا فى اصابتها بجروح بينما كانت فى مكتب مدير المدرسة. بعدها سلم أمير نفسه للشرطة، وبعد ذلك بينما كان فى مجمع المحكمة فى انتظار استجوابه، سقط أمير من نافذة فى الدور الرابع. وتقول الشرطة ان امير قد انتحر وان الشرطة لا صلة لهم بما حدث.
وقد اعترف أبو القاسم ضيف رئيس الأمن المحلى ان موت أمير رغم انه شىء مريع ولكنه ساعد على تفادى اعمال عنف كان يمكن ان تحدث بين المسلمين والمسيحيين. كما اشار أيضا انه لو كانت الزوجة قد ماتت لكان للامر عواقب وخيمة. ولكن فى النهاية لأن أمير قد مات ولأن الزوجة قد عاشت فهذا انهى المشكلة كلها فى منتهى السرعة. ولكن عائلة امير مقتنعة ان أمير قد قتل لانه اعتدى على مسلمة. هذا وان كانوا حريصين على ان لا يوجهوا اللوم لأحد بالذات.
وفى الشقة الصغيرة للعائلة فى مدينة اسيوط، بينما كانت الاسرة مجتمعة للصلاة التذكارية على روح الميت، قامت مشادة كلامية بين أم أمير واحدى أخواته الستة حول ما اذا كان من الحكمة ان تفصح عن رأيها فيمن تعتقد انه المتورط فى قتل ابنها. حاولت الاخت اسكات امها خوفا من انتقام الاسلاميين، كما ان الكاهن الذى قام بالصلاة نصحهم أيضا ان يتعاملوا مع الامر بهدوء تفاديا للمشاكل. ولكن الام ماريا سوريال صرخت قائلة "رومانى ذهب للمبنى ماشيا على رجليه ورجع ميتا. ابنى لم ينتحر. كيف يستطيع رومانى الانتحار بينما كان حوله هذا العدد الكبير من رجال الشرطة والناس؟"
تبنت الجماعة الاسلامية الدفاع عن زوجة أمير والتى كان اسمها المسيحى عزة وليم والآن تغير اسمها الى حبيبة شعبان. وكانت الجماعة الاسلامية فى التسعينات من القرن الماضى فى صراع عسكري مع الحكومة ولكنهم بعد ذلك قرروا نبذ العنف. وقد انكر احد قادتهم المحليين أى محاولة من الجماعة للضغط على المسيحيين لتغيير دينهم قائلا "انهم من يأتون الينا ونحن نقول لهم ارجعوا وفكروا فى العواقب. ولكن اذا كان هناك شخص مصمم ان يصبح مسلما فان الجماعة تضطر ان تحميه " واضاف ان اعتناق المسيحيين للاسلام هو مصدر سعادة له وانه يحلم ان يرى كل مسيحيى مصر يتحولون الى الاسلام.
وكانت عزة وليم قد اختفت من منزل زوجها فى شهر يناير واحتمت بالجماعة الاسلامية طبقا لقول مدير امن اسيوط. وبعد ثلاثة اسابيع اصطحبها، شعبان على مع أعضاء آخرين فى الجماعة، الى قسم الشرطة حيث سجلت اسمها الاسلامى الجديد وطلبت ان يتعهد زوجها بعدم التعرض لها.
وفى المستشفى، حيث تعالج من الطعنات فى صدرها وذراعيها وفخذها، قالت عزة للاسوشيتدبرس انه قبل عام وجدها زوجها تصلى مثل المسلمين، فضربها ثم وجد لها عملا كعاملة نظافة فى دار حضانة تابعة للكنيسة على امل ان يثنيها هذا عن التحول للاسلام، ولكن هذا لم يحدث. وتضيف عزة انه عندما اعتدى عليها زوجها فى 11 مايو لم تحاول تفادى طعناته بل وقفت ثابتة أمامه بينما كانت بقية النساء فى الغرفة يصرخن. كانت عزة تحكى قصتها بينما كان جسمها كله ما عدا العينين متغطيا بحجاب من اللون البنى الغامق. والآن بعد موت زوجها أمير ستحصل هى على حق حضانة الاولاد قائلة "ارجوا ان الله يريهم الطريق الى الاسلام بينما هم معى".
التحول الدينى الأخر وقع فى محافظة بنى سويف شمال اسيوط وهو يعطينا عكس هذه القصة تماما.
فى هذه الحالة نجد فتاة مسلمة تبلغ من العمر 22 سنة اسمها رانا الشناوى تختفى بعد الاعتقاد انها اعتنقت المسيحية وهربت خارج البلاد مع قبطى مسيحى كانت قد وقعت فى حبه. وللانتقام من المسيحيين قامت عصابات اسلامية فى آخر أبريل بإلقاء الحجارة والقنابل الحارقة على كنيسة مار جرجس فى بلدتها بالواسطى بعد ان اتهم أبوها كاهن كنيسة بإستعمال السحر للتأثير عليها لتغيير دينها. وأدت الاعتداءات الى اشعال النيران فى سيارة كاهن. كما اجبر المتشددون الاسلاميون اصحاب المحلات التجارية من المسيحيين الى غلق محلاتهم لمدة تزيد عن اسبوع. ووزع الاسلاميون منشور فى الواسطى يقول "نريد ان نرفع راية الاسلام وليس ان نجلس لنعاين بناتنا المسلمات يختطفن ويحولن الى المسيحية". وقد تم القبض على عشرة من المعتدين على الكنيسة ولكن اطلق سراحهم فيما بعد. أما الكنيسة فهى الآن تحت حراسة الشرطة.
ولكن من ناحية أخرى قبضت الشرطة على أب وأم وابن عم ابرام اندراوس المسيحى الذى يظن ان الفتاة هربت معه. وهم الآن تحت التحقيق بتهمة الاشتباه فى المساعدة فى اختفائها واثارة الفتنة الطائفية وتهديد الامن.
وفى نفس الوقت يحاول السلفيون اثارة الشعب المصرى محذرين من وجود عناصر اجنبية تعمل على تنصير المسلمين. حتى البرلمان اهتم بالامر ففى 30 ابريل عقدت لجنة من أعضاء البرلمان الاسلاميين جلسة استماع وطالبوا فيها تكثيف الجهود لارجاع الشناوى. وهذه الجلسة تطورت الى مشادة حادة بين النواب المسيحيين والمسلمين.
وقد حصل محامى عائلة الشناوى وهو عضو بالجماعة السلفية على مقابلة مع أحد مساعدى رئيس الجمهورية لمناقشة الجهود لاعادة الفتاة ومناقشة ادعاءات التنصير بواسطة ما يدعونه عناصر اجنبية. وقال المحامى أشرف السيسى للاسوشيتدبرس انه لا يريد ان القضية تشعل الإضطرابات الطائفية، ولكنه أيضا قال "ما يهمنى هو معرفة ما اذا كانت هناك جماعات اجنبية تحاول النيل من بلدنا".
وفى الواسطى صرح الاب انجيلوس كاهن كنيسة مار جرجس انه لا يفهم لماذا تلام كنيسته فى حادث اختفاء الشناوى. واضاف ان اندراوس لم يحضر كنيسته ابدا، وكان يعيش فى بنى سويف التى تبعد بنحو 40 كيلومترا. واضاف الاب أنجيلوس "ان الشائعات هنا تنتشر بسرعة وتعامل كأنها حقائق. والكنيسة تفصلها حارة صغيرة عن المسجد الذى انطلقت منه المظاهرات ضد الكنيسة. والاعتداءات ضد الكنيسة مستمرة لأن المعتدين يتصرفون دون رادع من السلطات وهم يعلمون انه لا يوجد قانون أو عقاب" ثم قال "لقد عانينا كمسيحيين بصفة عامة اثناء حكم مبارك ولكن هذ لا يمكن مقارنته بما يحدث لنا الآن".