الأقباط متحدون - ما يلزم الأقباط.. جبهتان
أخر تحديث ٠٤:١٠ | الخميس ٦ يونيو ٢٠١٣ | ٢٩ بشنس ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٤٩ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

ما يلزم الأقباط.. جبهتان

قلم مهندس عزمي إبراهيم

الكنيسة هي عروس المسيح. وهي حِصن إيماننا وسفينة رجائنا والمصباح الذي نسير على ضوئه في مسيرتنا في الحياة حتى نصل إلى الساحة القدسية في أحضان فادينا وربنا يسوع المسيح.

والكنيسة هي أعظم وأطهر ملتقي لأبناء المسيح في لرفع دعائهم ورجائهم لخالقهم. والكنيسة ليست مبنى وطوب وكراسي، الكنيسة هي جماعة المؤمنين.

وجماعة المؤمنين، كأي جماعة، لا يمكنها التعايش مع بعضها البعض ولا مع الآخرين إلا بقيادة. والقيادة هي أباؤنا الكهنة الكرام بكامل درجاتهم تحت رئاسة أبينا المعظم وراعينا المبارك البطريرك الجالس على كرسي مار مرقس الرسول.

الأكليروس برئاسة مختار الله، بابا الكنيسة الأورثوذكسية وراعي شعبها بأنحاء العالم،هم خدام العقيدة والإيمان والطقوس والروحانيات، وهم رعاة الشعب من حيث إنماء الإيمان والحفاظ على الطقوس والمبادئ والحث على الأخلاق، ومن حيث تقديم التربية الروحية للأطفال والشباب والرعاية الاجتماعية لأفراد وعائلات الكنيسة على المستوى العالمي والوطني والمحلي.

نحن الأقباط أقلية (عدداً) في وطن غالبيته لا تدين بالمسيحية. ويغلب في غالبية الغالبية التطرف والتشدد والتعصب الديني الذي يتزايد كل يومٍ عن سابقه.

وقوتنا كأقباط لصد هذا التعسف تنبع من حبنا الخالص ووفائنا غير المشكوك فيه للوطن مصر، عشنا به أو بَعِدنا عنه. وتنبع أيضاً من ترابطنا ببعض كشعب المسيح بمصر وبالعالم.

ولن يزدهر هذا الرباط بيننا إلا في أحضان ورحاب الكنيسة، أي في جسد جماعة المؤمنين. فهي (اليوم) جبهتنا الوحيدة.

ما أود أن أقوله هو أن الكنيسة بنظامها هي الرباط الوحيد المتاح لنا والذي يربطنا ببعض. ولا يجب أن ننسى أننا بَشَرٌ، رعاة ورعية، ولا بَشَر بلا خطأ.

فلندعمها بكل قوانا، ولنتواصل مع آبائنا بحذر وحكمة، ولنحافظ عليها وعلى نظامها فهي واجهتنا إلى أن ننجح في إقامة جبهة سياسية إعلامية علمانية لنا، تباركها الكنيسة وتتمثل فيها بمندوب واحد يختاره قداسة البابا عضواً ضمن قادتها. فتكون تلك الجبهة حينئذ واجهتنا سياسياً وإعلامياً، وتظل الكنيسة واجهتنا المقدسة روحياً ورعاية.

تترنح مصر اليوم تحت وقع سياط سالبيها وسالبي دستورها وتشريعها وقضائها وخيراتها واستقرارها. هم دائبون على هضم حقوقنا، وسلب أملاكنا وأموالنا، وحرق بيوتنا ومحال أعمالنا، وهدم كنائسنا وأنزال الصلبان والقباب المقدسة من فوقها، وقفل أبواب العمل أمام شبابنا، واهمال بل دفن الكفاءات منا، وخطف وأسلمة قاصراتنا، واغتصاب نساءنا، واتهامنا زوراً بازدراء دينهم بينما هم يزدرون ديننا ويهدرون مقدساتنا بلا هوادة أو خجل، وهناك منهم من ينادي بدفع الجزية!! وياما في الجراب يا حاوي. وما تحت الخيمة أكثر وأسوأ!!  ولن تستطيع الكنيسة مهما قويَ قادتها وأبناؤها (بدون ترابط سياسي واعلامي) أن تدفع هذا الخطر الواقع وأن تصد الردى المشرئب.

نحن الأقباط لا نملك سلاحاً ولا نحمل سلاحاً إلا لخدمة الوطن كجنود جيش أو شرطة تحت جناح الحكومة كمواطنين. فسلاحنا كطائفة يتكون من سلاحين، أولهما الحفاظ على أنفسنا ووحدتنا وكرامتنا وأمانتنا وإخلاصنا للوطن والناس حتى لا يملك أحد علينا مملكاً، لأننا الخميرة الطيبة لشعب مصر. وسلاحنا الثاني هو الكلمة، نوقظ بها النائمين والغافلين، ونُحَذِّر بها الظالمين وهاضمي حقوقنا وسالبي حرياتنا وأرزاقنا وأرواحنا. فبدون ترابطنا تحت جناح هيئة تجمعنا وتجمع أصواتنا وتشعرنا بالاحساس بالانتماء لها، لن تكون كلمتنا إلا مجرد كلمة دون تحقيق هدف. الهيئة (الوحيدة) التي تضمنا اليوم هي الكنيسة، بيتنا وواجهتنا المقدسة، وإلا فنحن فرادي مشتتين لا صوت لنا في ساحة السياسة الظالمة والحقوق المسلوبة.

سلاح الكلمة العامة، أي في المجال السياسي وتوجيه الطائفة لممارسة حقهم في رفع المطالبات بالحقوق والاحتجاج على الظلم والمشاركة في التظاهرات، لو حملته الكنيسة سيجلب عليها سهام المعارضة واللوم والقذف والاتهامات والإهانة بحق وبغير حق من الجادين ومن الغوغاء والمغرضين، كما حدث، والأمثلة عديدة لا تخفى على أحد. وعندما تهان الكنيسة بما يخدشها أو يخدش رجالها فقد خسرنا جميعاً، فهي واجهتنا المقدسة أمام العالم أجمع. ومن السهل علينا حينئذ الهياج والغضب والانفعال العاطفي. ويجب ألا ننسى أن الكنيسة، بحكم أنها كنيسة، لابد أن تتصف بالوداعة وحب التعايش حتى بقبول التضحيات والتنازلات. وأحَذِّر، مخطئ من يتهم الكنيسة أنها خنوعة، أو أنها قيدت أيادينا دون السعي خلف حقوقنا الوطنية الشرعية. الحكام والحكومات المستبدة والفصائل المتعسفة هم من وضعوا في أيدينا القيود وفي أرجلنا السلاسل وفي نفوسنا الخوف، لا الكنيسة، ولو حدث أن فعلت فتحت ضغوط مهولة!!

فأفضل الحلول اليوم هو أن نحافظ على الكنيسة كصرح ديني أو جبهة روحانية قوية تنظر إلى صالح ومصالح أبنائها داخلياً. أما خارجياً فما نحتاج إليه هو جبهة قبطية وطنية تمثل الأقباط بجميع طوائفهم، خالية من اليهوذات والأنانيين والمتسلقين والمستنفعين. جبهة تتبنى مواجهة عمليات التفزيع والإرهاب والقتل والحرق والخطف والتمييز. وذلك لإعفاءً الكنيسة ورئاساتاتها من التهجمات والتعديات والإهانات الموتورة الغوغائية المدعمة من قوات الظلام، ومن الضغوط الحكومية التي تهدف عادة إلى إحباط المواقف الوطنية للأقباط. فلابد من إبعاد رجال الاكليروس عن هذه الجبهة المقترحة. فما أسهل محاربة رجال الدين ولومهم واهانتهم وقمعهم والضغط عليهم وبالتالي علينا!!

هذه الجبهة المدنية العلمانية (أي من غير رجال الاكليروس) تتكون عضويتها من كافة أنحاء الوطن، وتدار بمجلس قيادي مكون من مجموعة كفاءات وخبرات مكتملة، سياسية وحكومية وتشريعية وقانونية واجتماعية واعلامية، مكونة بذكاء وشفافية من أشخاص موثوق بهم وبقدراتهم وبإخلاصهم وتضحياتهم، منتخبين من كافة الشعب القبطي. على أن يكون بها عضوا واحداً من الاكليروس بتكليف من قداسة البابا، له صوت واحد في قيادة هذه الجبهة لابداء رأي الكنيسة كأحد الآراء. هذه الجبهة المدنية تتفرع منها لجان تنفيذية عاملة برؤساء مفكرين مؤهلين نشطاء بكل محافظة، ولتلك بدورها فروع أصغر مساندة لها في المدن المتوسطة والكبيرة، وأحياء المدن الضخمة.

أنا لا أدَّعي بمقالي هذا أن فكرة هذه الجبهة جديدة. فقد نادى بها وتبناها نشطاء كبلر مخلصين وتمناها وشجعها الكثيرون. واقتُرِحت لها أسماءًا عديدة: هيئة، جبهة، كيان، جمعية، جماعة، حزب، وغير ذلك. أقرب ما كانت هذه الفكرة للتنفيذ كانت على يد الناشط المفكر والمحلل السياسي د. ميشيل فهمي باسم "جماعة الأخوان المسيحيين" وهي نواة جادة لتوحيد الصفوف لإستعادة الحقوق المسلوبة والوقوف كجبهة في وجه سالبيها.
كان الأمل كبيراً في نجاحها وخروجها إلى حيز التنفيذ. كان اعتراضي (الوحيد) والذي عرضته في تعليق لي على مقال للدكتور ميشيل حينئذ، على اختيار الإسم فقط.

وقد شرحت لسيادته أسباب اعتراضي وهاهي نصاً:
1. تسميتها بـ "الأخوان" يشوبها تلقائياً بما يشوب جمعية الأخوان المسلمين وهو كثير
2. تسميتها بـ "بالمسيحيين" يعطيها صفة "التعصبية" مقارنة بتعصبية الأخوان المسلمين
3. تسميتها بـ "بالمسيحيين" ينعتها بصفة "الدينية" ويبعدها عن صفة "المدنية"
4. تسميتها بـ "الأخوان المسيحيين" ينعتها بالتقليد لا الابتكار، وبقصد التصادم لا الاندماج
5. تسميتها بـ "الأخوان المسيحيين" ينعتها بالتخصص لطائفة ويتعارض مع الترحيب بعضوية الأخوة المسلمين المعتدلين
6. أفضِّل لها إسماً يؤكد "المدنية" لا "الدينية" مثل (صوت الأحرار، أحرار مصر، أبناء مصر، نهضة مصر، صوت المستقبل، المواطنون الأحرار، ومثل ذلك الحذو كثير، والباب مفتوح لمن يقترح ولمن يختار ويقرر

اليوم في مقالي هذا أسحب البند رقم 5، وذلك للحفاظ على سرية قراراتها شأنها شأن أي حزب له مبادئه وتخطيطاته وداخلياته، وخشية من اندساس المغرضين والمدمرين رغم ثقتنا الكاملة في اعتدال ملايين المسلمين العاقلين المتنورين وتضامنهم مع أخوتهم في الوطن. أعتقد أن الإسم (مجرد الأسم) كان فعلا عقبة للكثيرين من المسيحيين أن ينضموا أو حتى يشجعوا هذه الخطوة العظيمة.

وأرفع صوتي لأخي د. ميشيل ولجميع رفاقه النشطاء قائلاً أن الساحة للعاملين، ومن يعمل يخطئ أحيانا. أما المشاهدون الجالسون على جانبي الساحة فلا يخطئون. وفي حقيقة الأمر لا يصح أن نقول أنهم "لا يخطئون" فهم في حقيقتهم "لا يعملون حتى يخطئوا". وقد قالها معلمنا العظبم: "إيمان بلا عمل باطل" فسيروا قدماً. اجمعوا حولكم من تروهم عاملين وليسوا مجرد قائلين. رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، والصرح العظيم يبدأ بناؤه بطوبة.

وكما ذكرت سابقاً لا بد من العمل في تكوين وتنفيذ تلك الجبهة الإعلامية "بذكاء" و "بدون أخطاء تؤخذ عليه" فما أكثر صيادي الخطأ في جبهات الظلام حتى من بين صفوفنا. ولا بد من أهداف واضحة محددة وظهور واضح وتمثيل مُدَعَّم في الاعلام المصري والخارج بالتواصل والتعاون مع الجبهات القبطية ببلاد المهجر.

وأضيف أن هذه الجبهة بمفردها مهما كانت صلاحيتها وقدراتها وكفاءاتها، للأسف، لن تكسب أرضاً!! فهجوم أهل الظلام قوي وفعال، وقد يصل إلى الاتهام والسجن والإغتيال للنشطاء بها. فلا بد من التواصل والعمل أيضاً مع أفراد وطوائف المسلمين العاقلين المستنيربن. ولذا كان تفضيلي لتسمية هذه الجبهة باسم مصري وطني لا مسيحي لتوحيد وفاعلية الجهود. لا تأبهوا لعوامل الإحباط وتكسير المقاديف والهجوم الرخيص، فليس هناك عظيم أو ناشط لم يكن مكروهاً!!

نقطة أخيرة في منتهى الأهمية. وهي أن تقوم تلك الهيئة المدنية (المثقفة) بتسجيل جميع القضايا التي فُصِل والتي لم يُفصَل فيها بدقائقها، وبتواريخ وتفاصيل الوقائع الأمنية (الغير أمنية) حكومية وغوغائية مدعمة بمستندات الكترونية مكتوبة ومسموعة ومرئية، محفوظة مأمونة. نادى بذلك قبلا وبصورة متكررة الأخ المحترم الأستاذ (الأسمر) ولم يستجب له أحد، لعدم وجود لجنة أو هيئة أو جبهة لتنفيذ هذا الاقتراح الرائع والهام اليوم ومستقبلا.


 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter