بقلم د/ عايدة نصيف
إن الرؤية المستقبلية فيما نراه من جانبنا تقوم على الانفتاح على كل الافكار والتيارات من خلال منظور نقدى، ثم نأخذ ما نأخذه ونرفض ما لا يتناسب مع شرقيتنا ومجتمعنا، أما أن نظل فى حالة تقوقع حول الذات بحجة "فيما يتناسب مع شرع الله "من جهة الشكل وليس المضمون ، فإنها حُجة زائفة جامدة، هذا ما فعله وزير الثقافة الجديد عندما جاء بعقلية لا نعرف عنها شىء بعد وزراء عظماء لوزارة الثقافة المصرية لهم تاريخ تنويرى أشرق على العالم كله على مدى التاريخ، جاء وزيرٌ يقصى رموزا ثقافية نقدرها على مستوى ابداعى كبير، جاء وزيرٌ لوزارة الجماعة ولم يدرك انها تسمى وزارة الثقافة المصرية لانها تتضمن عقولا تختلف فيما بينها على الرأى والفكر والابداع ولكن لا تقف عقبة امام التطوير والتنوير.
واتساءل هل يعلم ذلك الوزير التحدى الثقافى الذى نعيش فيه منذ قرن من الزمن ؟ وهل يعلم أن نوعية ثقافة مجتمعنا ثقافة لاترتبط بتطبيقات تكنولوجية بقدر ما ترتبط بأفكار، ترتبط بقيم ثقافية معينة ناتجة عن تاريخ مصر العظيمة برموزها، واتابع السؤال لهذا الوزير واقول هل تعلم أن الجوانب الاجتماعية والسياسية والحربية لا يمكن فصلها عن الجوانب الفكرية والاسلامية ؟ بل واطرح عليك سؤالاً اخرًا ماذا فى مفهومك عن قضية العولمة؟ وصلتها بالتنوير والاتجاه النقدى عند المفكرين العرب؟ وبين علاقتها باصحاب الفكر التجديدى كالشيخ محمد عبده كواحد من اعلام فكرنا العربى المعاصر الذى اهتم بتأويل القرآن واضعًا مفاهيم التنوير امامه ، فأصبح رائدًا ومفكرا للاصلاح الدينى الاجتماعى؟
وهل قرأت سيادة الوزير فكر الشيخ مصطفى عبد الرازق ورؤيته النقدية التنويرية فى مجال الفقه والفلسفة ؟ وهل تواصلت مع الرؤية الحضارية التى قدمها لنا طه حسين من خلال العديد والعديد من كتاباته ومعاركه الفكرية التى ساهمت فى تنوير مصر ؟؟؟؟
وماذا فى ذهنك عن احمد لطفى السيد بما وضع من بصمات بارزة على تاريخ حركة التنوير ليس على مستوى مصر ولكن على مستوى بلدان العالم العربى ؟؟؟؟؟؟؟ وماذا عن لويس عوض، وسلامة موسى، وفرح انطون، وفرج فوده، وشوقى ضيف، وغيرهم الكثير والكثير مما اثروا الحياة الثقافية فى تاريخ مصر المعاصر؟ اضع امامك هذه الاسئلة لكى لا تجاوب عنها وانما اطرحها لوزير اخر غيرك يعرف قيمة هؤلاء فى تاريخ قلب مصر وغيرهم، واقول عفوا سيادة الوزير ليس هذا بمكانك، وانما بمكان رجل يدرك قيمة الثقافة المصرية الاصيلة.