بقلم : محمد زيان
حذاء وحذائين وأحذية، وحذا حذوه أي فعل مثله وإقتدى به قدوة فهو مثالاً يحتذى، والحذو حذو الحذوة، ويحذو حذوًا جيدًا، ويقال إنه مثال يحتذى به في كذا وكذا، وواقعة الحذاء في مجلس الشعب في أيام السادات كان بطلها الشيخ "صلاح أبو اسماعيل"، ووزير الداخلية زكي بدر، تناقلتها وسائل الإعلام العالمية وقتذاك، وهي التي يستوحي منها الإخوان الآن بطولاتهم في البرلمان، ويحذون حذو القائد الفاتح أبو اسماعيل بنفس السيناريو المكتوب مسبقًا، وهي نفس الخطة التي نفذها النائب "أشرف بدر" في عامنا الحالي 2009 بجدارة كرأس حربة للنظام الإخواني المنتظر على حدود نظامنا الحالي بجيشه المسلح بأحدث أنواع السيوف؛ لقطع رقاب المصريين، وواقعة الحذاء الشهيرة التي طارت في وجه بوش الابن في العراق 27 ديسمبر العام الماضي، وحذاء السادات في مجلس الشعب أيضًا 2006، وحذاء الجلدة في وجه القضاء، وأحاديث أخرى كثيرة عن الحذاء والأحذية.
هذه مقدمة طويلة لنصل منها إلى التطور الكبير في صناعة الأحذية وتوجيهها لخدمة البشرية والتي إبتكرتها العقلية الإخوانية لتقدم هذا العالم من أقصاه إلى أقصاه، بإعتبار أن الفقه الإخواني على إختلاف مذاهبه قد أجمع في متون أمهات الكتب والتراث، على أهمية الأحذية في الإصلاح، وهو الأمر الذي سلك فيه العلماء شروح كثيرة منها المتقدم والمتأخر الذي يؤكد على فائدة الأحذية في العالم الحديث، وتطوير قدرات البشر على الدخول في سباق التسلح النووي.
ما يستدعي الوقفة عنده هو النتيجة التي وصل إليها المرشد الأعلى لجماعة الإخوان المسلمين نتيجة البحث والتدقيق في التراث القديم، ومن خلال جهود العلماء المعاصرين والمتأخرين في مقارنة وقياس الأحكام الخاصة بإستخدام الأحذية في الإصلاح، فقد دعا "المرشد" نواب الإخوان في البرلمان إلى إعتبار الحذاء هو القاعدة في التعامل مع بقية النواب في المجلس وهو الأمر الذي يجعلنا نقف عليه للتأكيد على عدة ملاحظات:-
أولها: " الإخوان يقولون ما لا يفعلون"، وتجد هذا في التناقض الواضح بين كلام المرشد والدعاية التي تبثها جماعة الإخوان في جميع الأركان عن الدين والإحترام المتبادل بين البشر، ورفع الأحاديث والآيات في وجه الجميع على شاكلة "وخالق الناس بخلق حسن" ، "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، هكذا ترى الإخوان جماعة لولبية في التعامل مع الدين وربما إذا ناقشت إخوانيًا في "حديث الحذاء" يؤكد لك أن الأحذية لم ترد في الأحاديث أو في الآيات وبالتالي فهي ليست محرمة أو ربما تكون مكروهة فقط، وهو ما جعل الفقه الإخواني يعتبرها مثلاً من ال"لمم" وهنا ينبغي أن نقف على منظومة التناقض التي يحياها الإخواني المعبأ بأفكار لم يناقشها حتى مع نفسه ولو على سبيل الفهم ومحاولة إعمال العقل، وهنا نصل إلى نتيجة مفادها أنهم يقولون ما لا يفعلون.
ثانيًا: عدم إحترام القانون والدستور اللذان ينصان على ضمان حياة برلمانية سليمة، وأن القانون فوق البشر وهو ما أنكره الإخوان على أنفسهم وعلى الآخرين من خلال التحريض الدائم لنوابهم في المجلس ولأعضائهم في الشارع؛ لإثارة القلق والفتن بين الحين والآخر وتعريض السلام الاجتماعي للخطر ومحاولات تهديد الإستقرار بين المصريين.
وطبقًا للتقاليد والأعراف البرلمانية التي كانت سائدة في أوروبا فقد كان البرلمانيون يخلعون القبعة عند دخول قصر "ويستمنستر" في لندن إحترامًا للبرلمان الذي يعد جزء من السيادة الوطنية لأي دولة، وإذا ما قارنا هذا السلوك من البرلمانيين الغربيين ونواب الإخوان فسنجد أن هذا الأمر يفضح التناقض الإخواني أيضًا الذي يقول "الدين المعاملة".
ثالثًًا : إذا كان الدين المعاملة والإخوان يرفعون شعار الإسلام هو الحل فوق رقاب الجميع - مع التسليم مسبقًا بأنه مجرد شعار إنتخابى يزايدون به على كسب أصوات الناخبين عن طريق اللعب على عاطفتهم الدينية– نستنتج أن الإسلام هو المعاملة، وبحسب المنتج الإخواني فى الطرح كان الحذاء هو المعاملة طبقًا للدين الذي يتبعه الإخوان، ومن هنا فقد وضعوا الإسلام في مرمى النيران ومحل إتهام من الجميع بالإرهاب وساهموا في تشويهه بالقدر المناسب لأنهم إختصروا لنا المعاملة في رفع الحذاء فوق الجميع.
ومن هذا الطرح نتساءل عن الدين الذي يقدمه الإخوان لتابعيهم وتابعي تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أهناك مبدأ من مبادئ الدين يأمر برفع الحذاء لمخاطبة البشر؟
رابعًا : إنكشاف الحقيقة الإخوانية المتعالية عن البشر بحسب أن المنهج الإخواني في الطرح يعتمد على إقصاء كل الأفكار الأخرى، ويقدم نفسه للجميع على أنه الذي يملك الحقيقة المطلقة دون غيره، وبالتالي فإن هذا المنهج قد سقط في أول إختبار عملي مع المحيط الخارجي، وأكد على المنطق السليم الذي يتبناه أنصاره في التعامل مع الآخرين والمتمثل في الإحتكام إلى القوة العضلية والإرهاب البدني وإستخدام الأحذية والأسلحة في تحقيق مآربهم، وبالتالي فإنهم إذا ما سنحت أمامهم الفرصة وتمكنوا من أى جزء من الوطن فإنهم سيضربون الجميع بالأحذية إذا كانوا قد رفعوه في وجه البرلمان.
خامسًا : هل حدث أن قام حزب من أحزاب المعارضة في مصر برفع الحذاء أو الإيحاء إلى أعضائه بضرب الحزب الوطني أو نوابه أو الحكومة بالحذاء؟ ومن الإجابة على هذا السؤال نجد أن الإخوان هم فقط أول من إستخدم الحذاء في العمل السياسي في مصر، ومن ثم فإن معايير العمل البرلماني تأبى أن يكون هذا هو الأسلوب الراقي لمعاملة الزملاء تحت القبة، وهذ يقودنا أيضًا إلى ملاحظة هامة هي أن إستخدام الحذاء في أي مناسبة كرد فعل، يعبر عن إفلاس فكري لدى منظومة العمل السري الإخواني وهي ما تقودنا إلى الملاحظة السادسة.
سادسًا : الفكر الإخواني تَحجر عند مفاهيم ومصطلحات وحركات معينة مثل التمكين، جيل النصر المنشود، الوصايا العشر والحركات كتقبيل الكتف، وإستخدام الصوت العالي والإنشاد والبكاء على الأطلال في فلسطين. ولم يكونوا على قدر عال من القدرة البرلمانية أو السياسية التي تمنحهم حق المواجهة والمقارعة والأدء وممارسة المنهج العلمي في الرد، وإنما إستعاضوا عن كل هذا بتوجيهات المرشد الحذائية بما يساهم في رجوع العمل البرلماني للخلف. ومن هنا يمكننا القول بأنهم قد عجزوا عن إنتاج خطاب راق يتماشى مع ما يطرحونه من كلام عن الدين وحسن الخلق والتربية السليمة، وبالتالي هل التربية التي لا يقوم بها الإخوان لأجيالهم تتضمن تخريجهم لقياس مدى القدرة على حمل الحذاء؟؟
الخلاصة: أن هناك مشروعًا سياسيًا تهدف جماعة الإخوان إلى تأسيس حدوده، وترفع عليه شعار "الإسلام هو الحل" تستخدم فيه الحذاء من أجل التحرير والتمكين بحسب مصطلحاتهم، وفي المقابل يسعى اليهود لتكوين دولتهم من النهر إلى البحر أو من النيل إلى الفرات، وإن شئنا الدقة من المحيط إلى الخليج أيضًا ولكن مع الفارق في الأدوات والأسلحة، فاليهود يستخدمون العقول والخبرات والتجريب في المعامل والإخوان يفكرون بأقدامهم.