بقلم: ليديا يؤانس
لويس الرابع عشر حكَم فرنسا لِمُدة 72 سنة مِنْ الفترة 1643 وحتى 1715. تولى الحُكم وهُوّ في الخامِسة مِنْ عُمره وإن لم يملُك السُلطة الفعلية حتى سنة 1661. وكان يُلقب بملك الشمس وهو الذى قام ببناء قصر فرساى بفرنسا. في فترة حُكمه ترافَقت أوجُه المجد والبؤس معاً ولذا إنقسم المؤرخين بين المادحين والقادحين. لويس الرابع عشر هُوّ صاحب المَقولة الشهيرة "الدولة هي أنا".
لويس كانت تستهويه الحِيَلْ والتصرفات الغريبة فتروي لنا هذة القِصة واحدة مِن تصرفاته الغريبة: كان أحد السُجناء مسجوناً بقلعة مُقامة بالقرب مِنْ نهر وكان سَيُنفذ فيه حُكم الإعدام في اليوم التالي. السجين بائس ومُنهار وفجأة فتح السَجان باب الزنزانة فوجد السجين أمامه الملك ليقول له أنا سأُعطيك فُرصة للنجاة مِنْ الموت إذا إستطعت الخروج مِنْ القلعة قبل الغد لأنه يُوجد بالقلعة مكان للخروج وإن لم تستطع الهَرب قبل الغد سيكون الإعدام.
الحُراس فَكوا قيوده وأنصرفوا. بدأ السجين يُفتش كل غرفة وكل زاوية ؛ صاعداً ونازلاً السلالم ؛ يجرى هُنا وهُناك مثل الفأر المذعور ليجد ثغرة أو شق في الجُدران يهرب مِنها ؛ تعرقلتْ قدماه في بُساط مُتهرئ ؛ ركلهُ بعصبية فوجد تحت مِنهُ غطاء مِنُ الخشب وما أن رفعه وجَد سُلماً نزل به إلى سرداب يؤدي إلى سلالم صاعدة عالية جداً. وكما أنه في سباق بدأ يصعد السلم كل 3 درجات في خطوة واحدة، يلتقط أنفاسه بصعوبة وأخيراً بداً يشعر بنسمات الهواء تلفح وجهه فأنتعش بالأمل في أن يكون هناك باباً للخروج، ولكنه وجد نفسه في أعلى برج القلعة والقضبان الحديدية تغلق شباكاً صغيراً يكفى فقط للنظر منه و بالكاد يرى النهر أو الأرض أسفل منه. أصيب بالإحباط ورجع أدراجة حزيناً منهكاً وألقى بنفسه على الأرض ليلتقط أنفاسه وإذ بقدمه تصطدم بجدار المبنى فوجد قطعة حجارة كبيرة تتحرك تحت قدمية فإمتلأ بالأمل من جديد وبدأ يُحرك الحجر الثقيل وإذ به يجد سرداباً آخر ضيقاً بالكاد يكفي للزحف فيه. إستمر يزحف ويزحف إلى أن سمع صوت خرير المياه فتجدد الأمل بداخله لعله يجد باباً للنجاة ولكنه للأسف وجد نافذة مغلقة بقضبان حديديه لا تتسع لمرور جسده. رجع بخيبة الأمل ولكنه لم يهدأ ولم يغفل له جفن طيلة الليل يبحث هُنا وهُناك ولكن للأسف بلا جدوى. في النهاية أُصيب باليأس وتمنى أن يكون هذا كابوساً أو حلماً مزعجاً يستيقظ منه، ووضع نفسه بجانب باب الزنزانة مُنتظراً قدره المَحتوم في الصباح.
إستيقظ في الصباح على صوت فتح باب الزنزانة والملك واقفاً أمامه.
أراك مازلت موجوداً!
سيدى الملك كنت أتوقع أن تكون صادقاً معي.
أنا قلت الحق والصدق.
أنا بحثت فى كل مكان ولم أجد باباً ولا نافذة أخرُج منها.
أنت بحثت في كل مكان ولكن................!
أحبائي وسط الحياة ومشاكلها وصعوبتها كثيراً ما تتأزم حياة الإنسان أيضاً ونسمع من يقول: الدنيا إتقفلت ومافيش مَخَرج ؛ الأبواب كلها إتقفلت مرة واحدة وليس هُناك حل ؛ الطُرق كُلها مسدودة وأين السبيل!
لماذا الأبواب مُغلقة؟
الأبواب مُغلقة يمكن لأننا نُريد أبواباً مُعينه حسب تفكيرنا ورغباتنا وطموحاتنا نَحن ولكن يمكن هُناك باباً مفتوحاً لم نطرقه لإنه مِنْ وجهه نظرنا لا يُحقق ما نرغُب فيه.
الأبواب مُغلقة يمكن لأننا بسبب الضغوط النفسية التى نعيشها يعجز تفكيرنا وتتقيد حركتنا فلا ننتبه إلى أن هُناك باباً مفتوحاً لحل مشاكلنا.
الأبواب مُغلقة يمكن من أجل مصلحتنا وأبديتنا لأنه لو أن هذة الأبواب مفتوحة قد تؤدى إلى هلاكنا وضياع آخرتنا.
الأبواب مُغلقة يمكن ذلك بسماح من الله بمعنى أن الله بنفسه يُغلِق على الإنسان لإنه يريد أن يصنع عملاً عظيماً للإنسان أو من أجل مجد الله.
الأبواب مُغلقة ولكن أكيد هُناك باباً مفتوحاً وهُوّ باب الله الذى حينما نلجأ إليه ونُسلِمْ لهُ كُل شئ مُغلق في حياتنا يبدأ يفتح بطريقته هُوّ لإن أفكاره غير أفكارنا وطرقه غير طرقنا.
قال لي شاب في مُقتبل العمر: عائلتي مُتوسطة الحال صرفوا عليّ وحصلت على شهادة جامعية، ولكن لم أجد وظيفة ولا دخل أصرف على نفسي وأساعد أهلي، ولست قادراً على الزواج بسبب العوز المادي، وليست هناك فرصة للهجرة أو العمل بالخارج. كل الأبواب مغلقة، أنا مخنوق! .. أنا مخنوق!
في يوم ما رأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض فَحزن وتأسف في قلبه على أنه عمل الإنسان فقال أمحو الإنسان مع الحيوانات ودبابات الأرض وطيور السماء. وكان في ذلك الوقت رجُل بار إسمهُ نوح أمره الرب بأن يصنع فُلكاً مِنْ الخشب وأعطاه مواصفاته وقال لهُ تعمل باباً واحداً للفُلك. قال له أيضاً لإقيم عهدى معك فتدخل الفُلك أنت وبنوك وإمرأتك ونساء بنيك معك وتأخذ أيضاً مِنْ كُل حي مِنْ كُل ذى جسد اثنين ذكراً وأنثى وتدخلوا الفلك لأنني آت بطوفان الماء على الأرض لإهلك كل جسد فيه روح حياة مِنْ تحت السماء وكل مافي الأرض يموت.
ففعل نوح حسب كل ماأمره به الرب. وتفجرت كل ينابيع الغمر وإنفتحت طاقات السماء وغمرت المياة الأرض. ويقول الكتاب أن الرب "أغلق الباب عليه" (تكوين 16:7). أى أن الرب بنفسه أغلق باب الفلك لإن الله وحده الذى يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح (رؤيا 7:3).
الله أحياناً يُغلِق على الإنسان مِنْ أجل خلاصة ومصلحته.
الله أحياناً يُغلِق لكي يفصل الإنسان عن الشر.
الله أحياناً يُغلِق لكى يُعطى للإنسان حياة جديدة.
الله أحياناً يُغلِق لكى يُصهِر الإنسان مِثل المعادن في بوتقة ليُنقية ويُشكِله ويصنع مِنهُ إنساناً آخر يستخدمة لمجد اسمه.
موسى النبى كان يهودياً ولكنه تربى وعاش في قصر فرعون لإن إبنة فرعون أخذته إبناً لها. ولكن لما كبر وجد كيف أن المصريين يُهينون ويُذلون أهله "العبرانيين." وفي يوم ما رأى رجلاً مصرياً يضرب رجلاً عبرانياً من إخوته. موسى تَحمَسْ للدفاع عن العبراني فقتل المصرى. إعتقد أنه بإمكانياته هُوّ وتفكيره هُوّ سوف يُخلِص إخوته العبرانيين. فرعون سمع بالواقعة فأراد أن يقتُل موسى، فهرب موسى مِنْ وجه فرعون وسكن في أرض مِديان وتزوج إبنة رعوئيل كاهن مِديان واستمر يرعى الغنم لِمُدة 40 سنة.
الرب غلق على موسى 40 سنة ولكن أثناء الغلق كان الرب يعمل، كان يُعلِم موسى تعليماً آخر غير الذى تعلمه في قصر فرعون وحكمة المصريين، كانت أصابع الله الخفية تُعيد تشكيل موسى مِنْ جديد ليُصبح أول قائداً يقود شعب الله بنى إسرائيل الذى يقول عنهُم الكِتاب "شعب صلب الرقبة."
أيضاً يوسف إبن يعقوب (يوسف الصديق) الإبن المُدلل صاحب الرداء المُلون الذى كان أبوه يُحبه ويُفضِلهُ على إخوته. الرب أغلق عليه باب السجن لمدة 13 سنة بعيداً عن والده وعائلته ولكن الرب كان معه يُنميه ويُشدده ويُعلمه ويُشكله فأصبح مُمتلئاً بالحكمة. وعِندما خرج مِنْ السِجن أصبح الرجُل الثاني بعد فرعون ملك مصر. الملك أعطاه سُلطان على كُلْ شئ في مصر وبحكمة يوسف إجتازت مصر والبلاد المجاورة لها فترة المجاعة في ذلك الوقت.
أحبائي الملك لويس الرابع عشر قال لسجين القلعة: أنت بحثت في كل مكان ولكن باب الزنزانة كان مفتوحاً وليس مُغلقاً!
كل المطلوب مننا أن ننظُر حولنا ونُدقق البحث ربما يكون هُناك باباً مفتوحاً ولم يسترعى إنتباهنا.
حتى لو كانت الأبواب مُغلقه فهي بسماح مِنْ الله وبالرغم مِنْ ذلك لابُد وأن يكون هُناك باباً مفتوحا ً.
أحبائي يجب أن نثق أن الغَلق والفَتح في يد الله وما علينا إلا أن نُسلِمْ حياتنا ومشاكلنا لله لأنه يعرف إحتياجاتنا ويعرف ماذا نُريد وماذا يريد هُوّ مِنا.
أحبائي لكى نرى الباب المفتوح يجب أن نثق في كلمه الله ومواعيده ووعوده. يجب أن نثق في قوه الله واسمه القدوس الذى يُحرِك الأمور لصالح البشرية لأنه يقول "هنذا قد جعلت أمامك باباً مفتوحاً ولا يستطيع أحد أن يُغلقه." آمين.