الأقباط متحدون - الخلافه ... والخرافه
أخر تحديث ١٩:١٤ | السبت ٢٥ مايو ٢٠١٣ | ١٧ بشنس ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٣٧ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الخلافه ... والخرافه

بقلم : حنا حنا المحامي
الخلافة الإسلامية هي نظام الحكم في الشريعة الإسلامية الذي يقوم على استخلاف  قائد مسلم على الدولة الإسلامية ليحكمهابالشريعة الإسلامية. وسميت بالخلافة لأن الخليفة هو قائدهم وهو من يخلف محمد رسول الله (ص) في الإسلام لتولي قيادة المسلمين والدولة الإسلامية.  وعليه فإن غاية الخلافة هي تطبيق أحكام الإسلام وتنفيذها، وحمل رسالته إلى العالم بالدعوة والجهاد.
بينما الخلافة عند أغلب فرق الشيعة كالإمامية والإسماعيلية موضوع أوسع من الحكومة بعد الرسول، فالخلافة عندهم إمامةوالخليفة إمام، وهي بذلك امتداد للنبوة، وكلام الإمام وفعله وإقراره حجة ويجب الأخذ به، حيث اتفق علماؤهم على  أن الإمام يساوى النبى فى العصمه والإطلاع على حقائق الحق في كل الأمور إلا أنه لا يتنزل عليه الوحي وإنما يتلقى ذلك من النبي[1].
فالخليفة عند السنة يخلف بتعيينه حاكما على الأمة، وعند الشيعة هو الإمام ولا يشترط أن يكون الإمام حاكما.

الخلافه والنظريات السياسنه الفقهيه:
تختلف نظرة الفرق الاسلاميه للخلافه.  فتفسرها كل فرقه وفق معقتقداتها وما صح عندهم من أحاديث.
ففى الفقه السنى تدل الاحاديث الوارده فى الكتب السنيه أن الخلافه يجب أن تنحصر فى قبيلة قريش.  وفى أقوال أخرى "الخلافه فى قريش والحكم فى الاتصار والأذان فى الحبشه والامانه فى الازد (اليمن) . 
وقيل أيضا: قريش ولاة الناس فى الشر والخير ألى يوم القيامه.
الخلاصه فى الفقه السنى أن الخليفه يتعين أن يكون من "قريش".
والخلافه فى الفقه الاثنى عشرى
الأئمة المعصومون عند الشيعة الإثني عشرية هم الأئمة الاثني عشر من نسل الإمام الأول علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت النبي محمد(ص) الذين توارثوا العلم والحكمة .
ويرون أن الخلافه هى رئاسه عامة للمسلمين جميعا فى الدنيا لاقامة أحكام الشرع الاسلامى.  والخلافه عندهم تعنى الامامه. فالخلافه مرادف للامامه.  ويقول أبو الحسن الماوردى إن "الخلافه موضوعه لخلافة النبوه فى حراسة الدين وسياسة الدنيا" .  وقد ذهبت فرقة منهم إلى أن الامام فى هذه الامه إثنان هما:  محمد وعلى بن أبى طالب, وغيرهما ممن كان لائقا لهذا الامر من أولاد على". 

الخلافه عند الزيديه:
عند الشيعه الزيديه يجوز إمامة المفضول مع وجود الفاضل.
إجمالا نجد أن الخلافه إما أن تكون مدنيه أو دينيه أو الاثنين معا.
ويمكننا بكل بساطه أن نقول إن الخلافه ليست إلا سببا أو حجه ليس للوصول إلى الحكم فقط بل التمكين فى الحكم لعائله بعينها أو مجموعه بعينها سواء لها فلسفه فقهيه مشتركه أم لا.  ولكن المهم هو الحصول على السلطه وإذا أمكن تأبيدها.
بذلك يمكننا أن ندرك ونفهم فلسفة الاخوان المسلمين الذين يستميتون فى الحصول على السلطه ويتعين أن تسمى هذه السلطه "بالخلافه".
ولا يوجد الآن نظام الخلافة فقد سقطت الخلافة منذ عام 1924م بسقوط السلطان العثماني، ولم يتم إعادة الحكم بهذا النظام في أي مكان فى العالم. حتى الآن حيث تفرق المسلمون، كل شعب في بلده. وقلت حركة انتقال الناس من بلد لآخر بدخول نظام الهويات الحديث ،المأخوذ عن الدول الأوروبية.
ولكننا نجد من يحاول أن يتمسك فى الوقت الحالى بنظام الخلافه على اعتبار أن هذا النظام جزء لا يتجزأ من الدين.
وهذا يذكرنا بالنظام المسيحى فى الدول الاوروبيه.  فقد كانت الكنيسه ورجال الدين المسيحيين يستأثرون بالسلطه.  وقد كانت الوسيله هى الدين أيضا.  فقد ألّف رجال الدين ما أسموه صكوك الغفران.  وبمقتضى هذه الصكوك يحصل رجل الدين على مبالغ طائله من الشعب.  كما أنهم كانوا يستأثرون بالسلطه والسلطان والجاه والمال تحت ستار الدين.
فى أوروبا قام الشعب وثار الثوره التاريخيه التى أرست المبادئ الانسانيه منها على سبيل المثال لا الحصر:  أن الجميع متساوون أمام القانون, وأن حكم الشعب يتعين أن يكون بواسطة الشعب, لذلك ألغى مبدأ تأبيد الحكم  بأى صوره وبأى شكل وتحت أى مسمى, كما رفعت راية العداله الاجتماعيه, وسنت القوانين التى تطبق العداله المطلقه لا فرق بين إنسان وآخر بل إن الجميع –بلا استثناء- أمام القانون سواء لا فرق بسبب الدين أو العرق أو الجنس أو اللون.
على ذلك عرف الشعب القانون والمجالس التشريعيه.  بل ذهبت الشعوب إلى أبعد من هذا وهى أن الحاكم الذى يختاره الشعب لا يجوز أن يظل فى الحكم أكثر من مده معينه.

من ناحية أخرى فإن تلك الدول الاوروبيه بل ويضاف إليها تركيا, أقول تلك الدول لم تتقدم إلا حين فصلت الدين عن الدوله.  وتاريخ كمال أتاتورك معروف فى مساهمته فى تقدم تركيا بل وأقول فى تحرير تركيا من النظام الدينى الذى لا يهدف إلا الاستئثار بالسلطه.
كذلك يلاحظ أن النظام الدينى كما هو الحال فى الاخوان المسلمين نجد أن العضو ليس له الحق فى النقاش أو الجدال أو حتى السؤال بل عليه الطاعه العمياء.  وهذه الطاعه العمياء وإن كانت تعمل على  تماسك النظام والتنظيم إلا أنها تحرم الاعضاء المحترمين نعمة الفكر أو إعمال العقل بأى صوره من الصور.  وفى واقع الامر هذا ما يهدف إليه الحاكم الذى يسعى إلى الخلافه فإنه يتحكم ولا أقول يحكم فى العباد شريطه ألا يكون هناك معارضه أو نقد أو حتى اقتراح أو توجيه.  على ذلك يمكننا أن نقول إن الاخوان يسعون إلى الاستيلاء على السلطه المطلقه والمؤبده.  ولا يوجد مجال يذكر للمنافسه ذلك أن التنظيم يرتب أموره بحيث يكون كل عضو فى المركز القيادى له دور فى القياده أو الرئاسه.  وبذلك تكون الدوله فته أو "قصعه" يقتسموها فيما بينهم  بالدور إن لم يكن بالشريحه..
وفى سبيل ذلك التأبيد يتخذون من الدين ذريعه أو سياج.  وهؤلاء الساده يدفعهم إلى التمسك بنظام سياسى يرجع إلى خمسة عشر قرنا من الزمان لاسباب عده آخرها ازدهار الدوله أو نجاحها.
وقد أظهرنا كيف أن مختلف الاراء الفقهيه والسياسيه عبر تاريخ الحكام الاسلاميين لم يكن سعيهم إلا إلى الاستئثار بالسلطه والحصول على تأبيد السلطه والسلطان والمال والجاه.

فمثلا إن الغرض من النظام الديمقراطى هو تبادل السلطه وتغيير الدم والفكر.  وأهم من هذا وذاك هو ماذا حقق هذا الحاكم أو ذاك.  أما الفكر الذى ينادى بالخلافه فلا يهمه التقدم بل يهمه الاستمرار ويتخذ فى سبيل ذلك من الدين ذريعه أو سندا.  وبطبيعة النظام لا يوجد مجال للتقدم ذلك أن الفكر يركز على استمرار الحاكم والتسبيح بمجده وباسمه.  ومن هنا تجد بكل وضوح كيف أن الدول الاوروبيه متقدمه وكيف أن الدول الشرقيه التى يغلب عليها الطابع الاسلامى تسير فى موكب التخلف.  وليس سبب ذلك التخلف هو الدين بل التعامل بالدين وتكييف الددين وتفسير الدين.  وليس أدل على ذلك ما حققته تركيا من تقدم حين نفضت عن كاهلها قصة الخلافه وخلط الدين بالسياسه.
والامر فى غاية البساطه.  فقد قيل إن الدين عباره عن النقاء والصفاء والطهاره والصدق والأمانه وحب الغير والسعى لرفاهية الغير ونجاح الغير والتعاون والتضافر والعطف والسعى إلى السلام.  أما السياسه فهى عباره عن منفعه وإثره وكذب وغش ورياء والتحايل والخداع وما إلى ذلك.  فكيف يمكننا أن نخلط الغث بالثمين والمثل العليا بالمثل الدنيا؟
الامر إذن –وهو لن يختلف فيه إثنان- أن مقولة الاسلام دنيا ودين, أو دين ودوله, مقوله يقصد بها الخلافه والاستخلاف وتأبيد الحكم والاستئثار بخيرات البلاد التى تحكم بواسطة الخلافه.  وأمامنا مثال على ذلك أن مرسى العياط حين اعتلى الحكم صرف لنجله من البنك المركزى مليونى ونصف دولار.  إنه الجاه, إنه المال, إنه السلطه, إنه السلطان, إنه الرخاء الذاتى وليس رخاء السعب, رخاء الحاكم وليس رخاء المحكوم.  وليس هذا فحسب فإن الفئه المواليه له يغدق عليها بسخاء رغم أنها قله قليله جدا.  أما الغالبيه العظمى من الشعب فهى تعيش على الكفاف إلا إذا كانت تعتمد على ما حققته فيما مضى من خير وربح, وهذه الفئه قله قليله جدا.

من الثابت أن نظام الخلافه قد انتهى بنهاية الدوله العثمانيه سنة 1924.  ومن المعروف أن تركيا لم تحقق الازدهار إلا حين رفع كمال أتاتورك راية التقدم ونكس راية الخلافه.  فنجحت تركيا وتقدمت.
ويلاحظ أن من ينادون بالخلافه يريدون أن نعود القهقرى أكثر من خمسة عشر قرنا للوراء.  وهكذا نجد أن دول العالم تتقدم أما الاخوان المسلمون فهم يريدوننا أن نعود القهقرى خمسة عشر قرنا من الزمان.  إن العالم يتقدم بسرعه رهيبه ولكن الاخوان يريدوننا أن نتقدم إلى الخلف بسرعه خياليه تعود بنا إلى خمسة عشر قرنا من الزمان.  ومن الغريب أن الاخوان الذين يريدون لنا التقهقر يلجأون إلى الغرب من أجل منفعتهم الخاصه مثل الخصول على المحمول والسيارات الفاخره والطائرات التى تسابق الطبيعه.  ولكن هذا يثبت أن الامر لديهم ليس الدين بل هو ما يحققه لهم الدين من إثره واستغلال وثراء وسلطه وسلطان.

وأبرز مثال على ذلك الخليفه العباسى الاول الذى دعا الامويين إلى وليمه. وفى تمثيليه انتشر خلفهم رجال الخليفه العباسى وبيدهم هراوات حديديه وهووا بها على رؤوس الامويين.  ثم افترش الخليفه العباسى الاول جثثهم وهم فى النزع الاخير وفوقهم ملاءه وضع عليها ألذ أنواع المأكولات وأخذ الخليفه العباسى يستمتع بالوجبه على جثث الامويين التى تهتز فى النزع الاخير.  مما يقطع أن الخلافه لا علاقة لها بالدين من بعيد أو قريب.
أما الدعوه الحديثه للاخوان المسلمين فيما يتعلق بالخلافه فهى بالقطع لا صلة لها بالدين من بعيد أو قريب أيضا.  فالاخوان المسلمون فى مصر لا يتجاوز تعدادهم إثنان أو ثلاثه فى المائه من تعداد مصر كلها.  وتجد أن المشعب المصرى حين اكتشف أطماع الاخوان انقلب عليه ولفظوه لفظ النواه.  والشعب المصرى الآن فى قمة الغضب ضدهم.  ولما كان الحاكم فى أى مجال وزمان ينتخب بواسطة الاغلبيه, فمما لا شك فيه أن الاغلبيه المصريه أصبحت ترفض الاخوان رفضا باتا وقاطعا.  مع ذلك فإن الاخوان يتشبثون بالحكم ويعضون عليه بالنواجز.  لماذا؟  إن الامر يتعلق بالدرجه الاولى بل والاخيره بالجاه والسلطان والمال والبنون زينة الحياة الدنيا.  فقط لا غير.

فمثلا هل يمكن أن نتصور أن السعوديه بما لها من ثراء بترولى فاحش يمكن أن تنضم إلى أى دوله تحت ستار الخلافه؟  بالطبع لا.  هل يمكن أن نتصور أن ليبيا يمكن أن تتنازل عما يدره عليها البترول من خيرات لتتمتع به دوله أخرى, ويكون رئيس ليبيا خاضعا لحاكم آخرغير ليبى تحت ستار الخلافه؟  هل يمكن أن نتصور أن إيران بما لها من ثراء بترولى وتعصب إسلامى يمكن أن تنضم كتابع لأى دولة أخرى؟  هل يمكن أن نتصور أن سوريا يمكن أن تكون تابعا لاى دولة أخرى ولو تحت ستار الاسلام؟  بالطبع لا يمكن.  وهكذا نجد أن مسألة أو حدوتة الخلافه ليست إلا وهم لجذب الدول الاسلاميه إن أمكن للسيطره على ثرواتها ومقدراتها.  وطبعا لا يوجد من الدول التى تتمتع بأى قدر من الخيرات أن تتنازل عن خيراتها تحت أى مسى ولو كان المسمى دينى أو إسلامى.

ويمكن أن نتصور أن الدول التى يمكن أن تنضم تحت اللواء الاسلامى المزعوم دوله مثل الصومال أو أفغانستان حتى ينشروا الفقر والعوز والحاجه.
نظره عابره إلى الدول الاوروبيه تجد أنها أكثر نجاحا من الدول الاسلاميه بما لا يقاس ذلك أنها تحترم كل الاديان ولا تخلط الدين بالعمل والانتاج فمن ثم تحقق الرخاء.  أما الدول الاسلاميه فتعجز عن تحقيق أى رخاء لان السعى يكون عادة لرخاء القاده والحكام وليس لرخاء الشعب.  ذلك أن الشعب ما عليه إلا الطاعه وجزاؤهم سوف يكون فى الآخره (فقط).  أما الحكام فجزاؤهم فى الدنيا قبل الاخره.
موضوع الخلافه إذن موضوع ليس إلا من باب الخرافه التى تبعد عن أى منطق سياسى بل وإنسانى.  بل إن شرط الاخوان الطاعه العمياء التى تلغى عقل المسلم وتبرمجه على التفانى حتى الموت للمرشد والدعوه ذلك أن جزاءهم يكون فى الجنه, وجزاؤهم فى الدنيا يكون من الفتات المتساقطه من الخليفه وأعوانه.  أما الساده أصحاب السطوه والسلطه فحزاءهم يكون فى الدنيا أولا ثم الآخره.

على ذلك يتبين أن خرافة الخلافه ليس إلا وهما بأمل أن يخصل الاخوان على كل أنواع الملذات الدنيويه والسلطان والجاه شريظة ألا يتعبوا أنفسهم فى التقدم الانسانى أو الرقى الفكرى والعلمى.  وهذا هو أسلوب التفكير الذى جعل الدول العربيه تسير إلى خلف وتنطرح ألى أسفل.  مع ذلك فإنهم لا يزالوا ينسبون إلى الدين ذلك التخلف والتأخر والدين من كل ذلك براء.
لذلك يتعين على كل مخلص لدولته أن يحارب خرافة الخلافه فتتبدد سحابة الاخوان المسلمين المزعومه.
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter