بقلم: منير بشاى
"البشر يعبدون الضعف بشخص يسوع، ولكنهم لم يدركوا ان يسوع كان قويا بكل معنى القوة. ما عاش يسوع مسكينا خائفا وما مات شاكيا متوجعا بل عاش ثائرا وصلب متمردا ومات جبارا" جبران خليل جبران.
الفهم السطحى لشخصية السيد المسيح وأقواله توحى لبعض الناس انها الخضوع للمستبدين وقبول ظلم الظالمين وعدم الاعتراض على اساءة المسيئين. هى عند بعض الناس فقدان للكرامة واغتصاب للحقوق وقبول المذلة والمهانة. ولكن ما أبعد هذا عن الحقيقة.
تعالوا بنا نستعرض بعض اللقطات من حياة السيد المسيح لنرى كيف كان وهو المحبة المتجسدة، كان أيضا المتمرد الأعظم ضد الكراهية والطغيان. والانجيل يدعونا للتمثل به فى كل شىء "تاركا لنا مثالا لكى نتبع خطواته" 1 بط 2: 21
تمرد يسوع على حرفية الدين ودعا الناس الى تطبيق جوهره
- رفض يسوع ان ترجم امرأة تائبة أمسكوها فى ذات الفعل، مؤنبا من أحضروها بالقول "من منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر" يوحنا 8:2-11. وبعدها جلس يكتب على الأرض (ربما كان يكتب خطاياهم) واذ بالمشتكين على المرأة ينصرفون من الكبير الى الصغير بعد ان عرّفهم بأنهم ليسوا أفضل منها. وعندئذ قال للمرأة "أين المشتكين عليك أما دانك أحد؟ اذهبى ولا تخطئى أيضا" فالمسيح يسعى لخلاص نفس تائبة لا ليهلك نفس خاطئة.
- أصر يسوع على عمل الخير فى يوم السبت على خلاف ما كان يعمله الناس فى ذلك الوقت. وفى يوم السبت شفى كثيرين من المرضى الذين أتوا اليه. وبذلك أعطانا مثالا ان عمل الخير لا يجب ان يحد بيوم دون آخر وانه لا يجب الاهتمام بمظهر العقيدة وقشورها على حساب جوهرها. وقد أوضح السيد المسيح ان "السبت جعل من أجل الانسان وليس الانسان من أجل السبت" متى 5: 17. والغريب ان الناس فى ذلك الوقت كانوا يحللون لأنفسهم اخراج حمار سقط فى حفرة فى يوم السبت، بينما اعترضوا على شفاء انسان فى يوم السبت.
- أدان يسوع المرائين الذين يهتمون بالصغائر فيعشرون (يدفعوا العشور) عن الشبت والنعناع والكمون (متى 23:23) فى حين يتغافلون عن ما هو أهم وهو الحق والرحمة والايمان ويأكلون حقوق الأيتام والأرامل وبذلك يصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل.
تمرد يسوع ضد المرائين حتى من كبار رجال الدين ورحّب بالخطاة التائبين
لم يخش يسوع سطوة الكتبة والفريسيين فوبخ ريائهم قائلا "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيين المرائين لأنكم تقفلون ملكوت السموات قدام الناس فلا تدخلون ولا تدعون الداخلون يدخلون" متى 23: 13 بينما قال لأمرأة خاطئة انها قد غفرت لها خطاياها الكثيرة لوقا 37: 39
تمرد يسوع معرضا عن الجماهير الصاخبة والتفت الى النفوس المخلصة البسيطة
- لم يرض عن تصرفات التلاميذ عندما منعوا الاطفال من الاقتراب اليه وقال لهم "دعوا الأولاد يأتون الى ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله فاحتضهم ووضع يديه عليهم وباركهم" مرقس 15: 13- 16
- وعندما جاءت اليه امرأة نازفة، دم وهى تعتبر نجسة بحسب الناموس، احس بها بينما كانت تلمس هدب ثوبه من بين آلاف الناس ولكنه لم يؤنبها وقل لها "يا ابنة ايمانك قد شفاك اذهبى بسلام وكونى صحيحة من دائك" مرقس 3: 24
حتى أثناء محاكمته تمرد يسوع على من كانوا يحاكموه بينما لم يهمل ضعاف المحتاجين
- اعترض على رئيس الكهنة عندما أمر بلطمه قائلا " ان كنت قد تكلمت رديا فاشهد على الردى وان حسنا فلماذا تضربنى" يوحنا 18: 23 وبهذا علمنا تحدى الظلم والمطالبة بالحقوق.
- - وعندما سأله بيلاطس "أأنت ملك اليهود؟" لم ينكر حتى اذا كان هذا قد يساعد على تبرئته. وقال "مملكتى ليست من هذا العالم"
- - وكما تكلم يسوع بدون خوف عندما كان هناك حاجة للكلام وجدناه أيضا يصمت عندما رأى ان الصمت هو الرد الصحيح حتى وان لم يساعده هذا على التبرئة. فعندما سأله بيلاطس "من أين أتيت؟" لم يعطه يسوع جوابا. وهنا قال له بيلاطس " أما تكلمنى. ألست تعلم ان لى سلطان ان أصلبك وسلطان أن أطلقك" وهنا تكلم يسوع فى تحدى وجرأة قائلا "لم يكن لك علىّ سلطان البتة لو لم تكن أعطيت من فوق" يوحنا 19: 11
- ولكن يسوع، حتى فى لحظات آلامه قبل موته، لم يهمل ان يغفر للص طلب منه المغفرة، ولم ينس أن يرتب لأمه من يعتنى بها من بعده.
"البشر يعبدون الضعف بشخص يسوع، ولكنهم لم يدركوا ان يسوع كان قويا بكل معنى القوة. ما عاش يسوع مسكينا خائفا وما مات شاكيا متوجعا بل عاش ثائرا وصلب متمردا ومات جبارا" جبران خليل جبران
وهكذا يريدنا يسوع ان نكون، ان كنا بحق ندعوا انفسنا اننا من تابعيه.