بقلم: فيلوباتير جميل
الذي يسمع كلمة تمرد من المسيحيين يتحرك ذهنه في الحال إلي هذه الحالة من العناد وعدم الطاعة ويقول في نفسه أنها لا تتفق مع الإيمان المسيحي الذي يشجعنا بل يأمرنا في آيات كثيرة بالطاعة والخضوع لكل من هو في سلطة ويتخذ البعض من هذه الآيات سبب في رفض معاني الثورة علي الحاكم والتمرد عليه !!! وكأن الإيمان المسيحي لم يحمل في تاريخه أي خروج علي حاكم ظالم مستبد ولذا وجدت لزاما علي أنا أضع أمام القارئ هذه المواقف الكتابية والتاريخية واطلب ممن يرفضون معني التمرد أو الثورة ضد الحاكم المستبد الظالم مناقشتي فيها حتى نخرج جميعا بفهم متكامل لتعاليم الكتاب المقدس ....
البداية من العهد القديم حيث شعب الله المؤمن به في هذا العصر تحت عبودية ملك ظالم مستبد غير مؤمن بالله هو فرعون حيث يمارس فرعون أقسى وسائل الاستبداد من اجل أزلال شعب الله وارى ان الأمر يتشابه إلى حد كبير مع ما يحدث الآن من أزلال للشعب المسيحي وخطف لبناته واغتصاب لممتلكاته وقتل لأبنائه وحرق وهدم لكنائسه من رئيس وجماعة وحكام لا يصونون أمانة الوطن وينتمون لتنظيم دولي إرهابي ينفذون أجندته ويبحثون عن مصالحه .!!! فهل هذا النظام وهذا الحاكم يجب له الخضوع والشعب المسيحي في هذه الحالة الصعبة من الاضطهاد أم يجب ان نتصدى له كما فعل موسى في القديم ولا يجب ان يدعي احد ان موسى فعل ما فعل بأمر واضح من قبل الله ولكن الواضح جدا ان موسى النبي كان مملوء غيرة لخلاص الشعب وان أمر الله حدد له التوقيت وقدم له التشجيع والمساندة بعد ان بدأ في توقيت خاطئ وخاف وهرب وتعطلت رسالته أربعين سنة !!!!
مثالا آخر من العهد القديم هو مثال إيليا النبي وتمرده الواضح ضد الملك أخاب الذي خضع لزوجته الملكة الشريرة إيزابيل ( التي تمثل جماعته في ذلك الوقت ) ووقف ضده وحين اتهمه أخاب بأنه مكدر إسرائيل رد عليه إيليا أنت وبيت أبيك مكدري إسرائيل بترككم شريعة الرب الهنا !!! فهل حكامنا الآن يخدمون شريعة الرب الهنا أم يخدمون مصالحهم وتنظيمهم الإرهابي فما حدث من إيليا هو تمرد واضح وثورة حقيقية ضد ملك ظالم ابتعد بالشعب عن عبادة الله الحي ولا يجب ان يدعي احد بان هذا الأمر غير موجود الآن وبوضوح فمن يحكمون الآن يهدمون ويحرقون الكنائس ويقتلون المؤمنين ويحرقونهم فأي خضوع وطاعة لهذا الحاكم الظالم ؟!!
أمثلة العهد الجديد كثيرة جدا أهمها ما ورد على فم رب المجد يسوع نفسه عن هيرودس الملك قولوا لهذا الثعلب !!! وكذا كلمات المعمدان للملك لا يحل لك فظهور المسيح له المجد حمل كل معاني الثورة ضد الأوضاع الخاطئة وضد التعاليم الفاسدة واستمر تلاميذه علي هذا المنهج فلم يعرف عنهم خضوعا لقوانين جائرة او أحكام ظالمة او حكام ظالمين لمجرد أنهم حكام ويجب الخضوع لهم والتاريخ يحمل لنا الكثير من أمثلة التمرد لقديسين فما قام به مار جرجس هو تمرد ضد قرار ملك ظالم هو دقلديانوس حني وان كان القرار يتعلق بالسجود للأوثان فشيطان القرن الحادي والعشرون يجب أن يكون مبتكرا في حربه ضد أولاد الله فيمكن ان يستخدم أوامر مختلفة وكلمات مختلفة وأساليب مختلفة لمحاربة أولاد الله مثل ان يشرع لهم قوانين تقيد عبادتهم أو ألا يعاقب من يظلمهم أو يقتلهم أو يهدم كنائسهم التي يقدمون فيها ذبائحهم او ان يوجد لهم رئيس يسمح ويشجع علي ظلمهم وقتلهم هل يجب علينا الخضوع له لمجرد انه الرئيس أم أننا يجب ان نرفضه ونثور عليه !!!؟
من هو الحاكم الذي لا يجب أن تثور عليه أو تتمرد عليه هو هذا الحاكم الذي يحكم بالعدل ويسن قوانين يتساوى فيها كل المواطنين في حكمه والذي يأتي بالفعل باختيار الغالبية والذي يحفظ دماء شعبه ويسعى لتحقيق مصالحهم ولا يحاول أن يفرض عقيدته أو فهمه الخاص لهذه العقيدة أمور كثيرة وصفات. عدة يجب أن يتصف بها هذا الحاكم أما ما نراه الآن ممن يحكمون مصر من ظلم واضطهاد وسفك دماء وعدم مراعاته لمصالح الشعب فهذا الحاكم لا يمكن الصمت عليه والخضوع له وطاعته بل أرى انه ينبغي ضده الثورة والتمرد !!!
أما في التاريخ الحديث جدا فجميعنا يتذكر وقت ان تصدى قداسة البابا المعظم مثلث الرحمات الأنبا شنودة في السبعينات لمحاولات فرض أحكام الشريعة على المسيحيين في الدستور وقتها رفض قداسته وعقد اجتماعات للمجمع المقدس لمنع هذا الدستور بل وصام الأقباط ثلاثة أيام وبالفعل دفع قداسته ثمن هذا الموقف وتم إبعاد قداسته عن كرسيه أكثر من أربعة سنوات فهل هذا الأمر كان يحمل مخالفة لتعاليم الكتاب ؟!!! والآن فرض النظام الحالي دستورا يحمل مواد كارثية ضد الشعب عموما فهل يجب الخضوع لهذا الحاكم وعدم التمرد والثورة ضده لمجرد انه نال لقب الرئيس وجميعنا يعلم ان لقبه هذا عن غير استحقاق !!!!
اما من يحاول في هذه الأيام أن يدعي ويقول أن رجال الدين يجب أن يبتعدوا عن هذا الأمر وكان رجل الدين ليس مواطنا يجب أن يكون له رأيه فيما يخص مستقبل وطنه الأمر الوحيد المرفوض من رجل الدين هو محاولة استغلال مكانته كرجل دين لفرض رؤيته ورأيه وأيضاً مرفوض استغلاله للمنبر الكنسي لهذا الأمر هذان هما التحفظان الوحيدان أما غير ذلك فمن حق رجل الدين ان يقول رأيه ويعبر عنه سواء في صناديق الانتخاب أو بأي وسيلة أخرى متاحة ومشروعة ومنها بالفعل وسائل سحب الثقة من الحكومة والرئيس طالما توفرت لديه القناعة الشخصية بذلك وأيضاً من الهام جدا وهذا أمر بديهي ان يستخدم أسلوبا مناسبا بعيدا عن العنف .... أما عن الثورة في الشارع فبالتأكيد يوحنا المعمدان لم يقول للملك لا يحل لك داخل مخدع الصلاة أو جميع القديسين الذين وقفوا ضد الطغاة مدافعين عن عقيدتهم وإيمانهم وكنيستهم وشاهدين بالحق ضد ظلم الحكام والولاة واستبدادهم لم يتم ذلك في مخدع الصلاة وإنما كانت حياتهم وجهادهم اقرب إلى ثورة حقيقية كرزوا بها في الشوارع وليس داخل الكنائس أو في المخادع !!!!!
هذا رأيي الشخصي في الأمر وهو بالضرورة مجرد رأي شخصي وليس رأي الكنيسة أو رأي الأقباط ففي كل مرة أؤكد أني لست متحدثا باسم الكنيسة أو باسم المسيحيين بل هذا رأيي وأدعو الجميع للمناقشة والحوار حوله لعلي اكتشف صوابه أو خطأه !!!