الأقباط متحدون - زيارة الفاتيكان رؤية روحية و رؤية سياسية
أخر تحديث ٠٤:٤٧ | الخميس ١٦ مايو ٢٠١٣ | ٨ بشنس ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٢٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

زيارة الفاتيكان رؤية روحية و رؤية سياسية

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

Oliver :كتبها
لم تتخذ الكنيسة الأرثوذكسية خطوة في إتجاه الوحدة منذ خمسة عشر قرناً.لذلك فإن التقييم المؤكد حتي الآن لزيارة قداسة البابا تواضروس هو أنها الخطوة الأولي الحقيقية علي طريق الوحدة.و إن نجاح هذه الخطوة بإستمراريتها.و إن عدم إعتبار هذه الزيارة بأنها تاريخية هو التصرف الصحيح.لا نريدها زيارة تاريخية بل نريدها  زيارة معتادة بين الكنيستين الشقيقتين.نريدها الوضع الطبيعي لكنيستين كل منها له تاريخه الذي لا يمكن التقليل من شأنه.و له بصماته علي الإنسان المسيحي عبر العصور.و له تأثيره علي المجتمعات في كل مكان.لا يمكن أن نعتبر زيارة أخ لأخيه زيارة تاريخية و إلا فإننا ننكر أنهم أخوة.

                                 رؤية روحية للزيارة المباركة للفاتيكان
1 – هي إذابة لجبل الجليد .و هي إقتداء حقيقي بروح المحبة.إذ لم يكن ممكناً أن تصبح أن تتحدث كل كنيسة عن الأخري دون أن تلتقي بها و تتحدث إليها مباشرة.لقد كانت العزلة بين الكنيستين إنتحار روحي لكليهما.لأن قطع أواصر التلاقي بينهما يجعل الحديث عن المسيح الواحد و الروح الواحد كلاماً نظرياً خصوصاً علي مستوي القيادات.مما يفرز ضعفاً روحياً.و لعلنا نلاحظ أن الفترة التي أفرزت العلماء الروحيين و عمالقة التفسير و مؤسسي الرهبنة و واضعي الألحان الكنسية و القداسات الإلهية كل هذه الإنجازات العملاقة حدثت في القرون الخمس الأولي حين كانت الكنائس في العالم متحدة.و لما إنقسم جسد المسيح دب الضعف في الجميع دون إستثناء.حتي أننا نعيش علي ذخيرة القرون الخمس الأولي للمسيحية حتي الآن.لقد تضرر كل مسيحي عاش علي هذا الكوكب طوال  ألف و خمسمائة عام من الفرقة بين الكنائس.

2- هذه الزيارة المسيحية بحق ستجعل الحوار المسكوني أكثر يسراً و أقرب إلي النجاح لأنه حين يتلاقي الآباء الروحيون بروح المحبة يجد العلماء و الباحثون مدخلاً للتفاهم علي ما هو ممكن بنفس الروح.و بهذا ننبذ مرحلة حين كان التشامخ و التعالي الزائفين يحكمها.فخسرنا فرص التقارب لأن الذي كان يمثلنا في الحوار المسكوني كان معتداً بذاته.و لم يكن دارساً حقيقياً مؤهلاً للحوار المسكوني لذلك خرجنا من كل الحوارات صفر اليدين بل إنسحبنا من مجلس كنائس الشرق الأوسط لنفس التعالي الذي ما كان يصح أن ينسب إلي الكنيسة الأرثوذكسية المتضعة العميقة في المحبة.و خسرنا كل الحوارات حتي مع شقيقتنا الأرثوذكسية في إثيوبيا.

3 – هذه الزيارة سيكون تاثيرها علي الأوساط الكنسية في العالم كله إيجابياً.و سنجد ترحيباً من كنائس كثيرة إبتعدت عنا خوفاً من كلامنا المرسل الذي يعتبرهم هراطقة و منشقين عن الإيمان بينما كان التلاقي أفضل للتفاهم .من هنا نري ضرورة الكف عن الكلام الفضفاض الذي يجمع بين الهراطقة و بين المختلفين في الإيمان في سلة واحدة.لا يصح أن نتهم من يختلف عن فهمنا للإيمان و الإنجيل بأنه كافر و لن يري ملكوت السموات و أن التعامل مع غير المسيحي أفضل من التعامل معه.هذه العبارات غير الأرثوذكسية و هذه الأفكار شيطانية بالأساس و ليست من الإنجيل و لا من المسيحية في شيء.
4- هذا التلاقي له مردوده الداخلي في كثير من قضايا الأحوال الشخصية المعروضة علي المجلس الإكليريكي.و سوف تسهل من مشاريع زيجات كثيرة كان الإنشقاق بين الكنيستين سبباً في إيقافها.أو سبباً في تغيير الملة  علي سبيل الترضية الشكلية لعدم إيقاف هذه الزيجات.
5- هذه الزيارة الروحية و هي تضع الوحدة بين الكنيستين الشقيقتين نصب أعينها يجب أن يكون  وراءها  برنامجاً طموحاً  يغذي خطوات الوحدة و أهمها :
-  منع غير المتخصصين من إدلاء بتصريحات تتعلق بالحوارات المسكونية أو بالعقائد محل المناقشة لحين الإنتهاء من حسم المناقشات فيها .حتي نهيئ الشعب القبطي لأي جديد يتم إنجازه في الحوار المسكوني.

 - كنيستنا القبطية تعاني من ضمور شديد في المعاهد المسيحية البحثية.و الإكليريكيات التي إتسع إنتشارها هي إكليركيات وهمية لا فرق بينها و بين أي برنامج إعداد خدام تضعه أي كنيسة .مستوي خريجي الإكليريكيات متدني لدرجة تفضح هذه المنشآت و تكشف أنها معاهد صورية.و الحديث عن أسباب هذا التدني في المستوي ليس هذا وقته.إنما من الضروري أن يتم الإهتمام بمعهد الدراسات القبطية أو إحياء إنشاء مكتبة الإسكندرية القبطية و أن نضع بين أيدي الباحثين فيها الموضوعات المتعلقة بالحوارات المسكونية.لئلا يقف ممثل كنيستنا معتمداً علي علمه الشخصي و يصبح الحوار المسكوني مستنداً علي كفاءة المحاور و ليس علي مرجعية الموضوع محل الحوار.إذا لم يكن هناك بحث علمي عميق فإننا سنعود من جديد للمحاور المعتد بذاته و سننغلق علي أنفسنا بسبب هذه النوعية من المحاورين.إن مهمة المحاور فقط هي نقل الفكر الذي سبق بحثه في معاهد البحث و إستقبال الرأي الآخر و إعادته إلي معاهد البحث.أي أن المحاور المسكوني يجب أن يتوقف دوره عند حدود نقل المعلومات و ليس حسم الجدل فيها.يجب أن يترك حسمها لمعاهد البحث ثم المجمع المقدس ثم بعد ذلك المحاور ينقل ما إنتهي إليه الأمر.

- سيكون من العجيب أن نمد ايادينا للوحدة مع الكنائس بينما يوجد بيننا آباء تم حرمهم ظلماً و اساقفة تم تلويك سمعتهم لمجرد أن هؤلاء تجاسروا و تعاملوا بحب مع هذه الكنائس بنظرة مسيحية صادقة سبقت تصرف القيادة الكنسية.أعيدوا إعتبار المظلومين بيننا في الداخل حتي تكون الكنيسة صادقة مع أشقائنا في الخارج.أقول هذا و في ذاكرتي أحد الآباء القساوسة باليونان الذي تم شلحه لأسباب سياسية بين ليلة و ضحاها ؟؟؟ إنني أرجو من الله أن يتمكن قداسة البابا من إعادة محاكمة الكثيرين ممن حوكموا بأساليب أقلها أنها لم تكن محايدة.أصلي أن يحدث هذا الأمر فهو لا ينفصل عن وحدة الكنائس.
رؤية سياسية لزيارة الفاتيكان.

.كنيستنا لا يجب أن تشعر بأنها وحيدة.و في أوراق التاريخ كثير من المواقف التي إستعانت فيها الكنائس بأشقاءها من الكنائس الأخري حين هاج العدو عليها و أراد أن يقتنصها.و حيث أنه لا توجد كنيسة لها نفوذ سياسي في كل كنائس العالم سوي كنيسة الفاتيكان لذا كان من الضروري أن يكون لجوء الكنيسة الأرثوذكسية لشقيقتها الكاثوليكية .

لقد أراد النظام السياسي في مصر أن يهيمن علي الكنيسة و لكنه فشل و سيظل يفشل لأنه لا يستوعب النظام القيادي الكنسي.و حيث أن المجتمع الدولي يجب أن ينتفض لإغاثة الأقباط الذين فاق إضطهادهم كل تصور و وصل التعدي عليهم حتي باب بطركهم.و مرت الأحداث دون حساب كالعادة.لذلك كان لابد من مدخل ذكي للمجتمع الدولي لا يستثير الذين يتصيدون للكنيسة .المدخل للمجتمع الدولي يمر عبر بابا روما.أقول في هذا الإطار أنها أبرع إختيار .و أن يكون بابا روما هو أول مكان لوصول بابا الإسكندرية في أول زيارة خارج مصر فهذا يعني الكثير.

و لو أراد أحد أن يقول أن الزيارة روحية بحتة أقول أنا له لا.لو كانت الروحيات هي المقياس الأول لكان من الأولي أن يزور بابا الإسكندرية الكنائس الحبشية و الأرمينية و الهندية و الروسية الأرثوذكسية أولاً ثم بعد ذلك الفاتيكان.لكن الإختيار لم يكن علي أساس روحي فحسب إنما أيضاً له أبعاد أخري لا تتوفر سوي في الفاتيكان كما أشرت .هذا التصور لا يقلل من رغبة كنيستنا في الوحدة .لا يقلل من شوقنا لعودة الأشقاء الرئيسين وسط كنائس العالم.

أرجو ألا يصدق البعض المسرحية المفبركة عن وكالة أنباء (اوروبية) لا نعرف إسمها.أرسلت صحفي ( لا نعرف إسمه) أراد أن يسأل البابا تواضروس عن معاناة الأقباط فإستنكر البابا أنه توجد معاناة للأقباط و طلب من الصحفي أن يزور مصر أولاً ( لكي يري العز الذي يعيش فيه الأقباط) خلاص خلصت حدوتة ما قبل النوم.و كأن الصحفي كان سؤاله الوحيد مباشرة عن معاناة الأقباط.ومن البديهيات أن  من يسأل سؤالاً كهذا يجب أن يكون لديه معرفة ببعض من هذه المعاناة و هو يريد أن يسمع الأمر من أصحابه مباشرة.و من البديهيات أن تنشر الوكالة المزعومة تفاصيل هذا اللقاء المزعوم.لكن لم يحدث هذا و لا ذاك.فالخبر بالونة إختبار عن شيء وحيد .هل ذهب البابا ليناقش معاناة الأقباط مع بابا الفاتيكان؟فإذا نفي البابا المعاناة التي تحدث للأقباط يكون أيضاً مناقضاً لتصريحاته عن الخصوص و الكاتدرائية.و إذا لم ينف ذلك يكون مناقضاً لتصريحاته بأن زيارة الفاتيكان هي زيارة محبة بين كنيستين شقيقتين.إنه سؤال يذكرني بإصطياد اليهود للمسيح هل يجب أن تعطي الجزية لقيصر.

ليس علي الكنيسة سوي أن تنفي صدق الواقعة من الأساس.فلا وكالة أرسلت صحفي و لا صحفي سأل و لا البابا أنكر معاناة الأقباط و كلها فبركة ليجسوا نبض الكنيسة و ليعرفوا توجهات البابا الجديد.إنها مؤشر نعرف منه كيف يقرأ نظام مرسي هذه الزيارة.إنه يقرأها أنها وحدة كنائس (ضد مرسي).يقرأها أنها تمرد ناعم علي حصار الأقباط.يقرأها أنها ورقة تهديد جديدة لنظامه المتهالك.يقرأها بأنها فقدان لورقة كان النظام يظنها لعبة مضمونة في يده و لا يتوقع منها أي مقاومة.علي أية حال دعوه يقرأها كما يشاء

إستجابة لمطالب البعض بعدم إطالة المقال سأكتفي بهذا القدر و الآن لنتجه إلي فوق ..
إلي فوق
يا من صرت فوق الموت.فوق الفساد.و أخذتنا إلي ما هو فوق الضعف.أخذتنا إلي ما هو في العلويات و السمائيات.أحبك.هذه رسالتي إليك من أسفل.أنا القابع تحت الضعف و تحت ضغطة الخطية أرسل إليك نفسي.أرسل إليك حياتي.أرسل إليك كياني.لا أرسل لك كلمة أو صلوة أو رغبة بل أرسل إليك كل وجودي.مشتاقاً فقط لأن أكون معك .فوق حيثما أنت.و أنت حين أخذت طبيعتي أعطيتني طبيعتك.لذلك لا أنحني أمامك بالجسد فحسب بل ينحني أمامك الكيان كله.لأعود فألبسك يا يسوع المسيح .و تكون أنت رداءي الأبدي.أنت ثوب عرسي.أنت خاتم ملكيتي.يا من سكنت الأعالي أسكنني معك.
أيها الجالس علي عرشه لقد وعدتني و أنت الملك الذي لا يرجع في وعوده .وعدتني بأنه حين تجلس علي عرشك ستجلسني أنا أيضاً معك في عرشك.أنا لا أريد أن أكون إلهاً لكنني أريد أن أكون فيك بغير إنقطاع.أريد أن أطمئن ربما للمرة الأولي و إلي الأبد أنني صرت معك كما أنك دوماً معي.
أريد أن أتذوق حلاوة أن أكون فيك.كما تذوقت طعمك الأبدي حين تكون فيَ.أريد أن تصبح مملكتك مملكتي.و أكون أنا الوارث .أسكن كرمتك بغير إنفصال.حتي لا أعرف الفرق بين وجودك و وجودي.لا أريدك أن تسيج حولي بل أن تكون أنت سياجي.لقد وضعت أنت يا يسوع هذه الإشتياقات فيَ فإما أن تحققها لي و إما أن تنزعها عني لأنني مثقل بها.ها أنا منتظرك فلا تبطئ.
 
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع