بقلم  : مينا  ثابت

امس كنت بصحبت اصدقاء من الدينمارك ... ولد و بنت كنا نسير فى الزيتون فى مهمة عمل خاص بيهم ، هم صحفيين و كان لديهم مقابله مع مصدر و كنت معهم كصديق و فى نفس الوقت اساعدهم فى الترجمه .

كنا نسير فى شارع" العزيز بالله  " حوالى الساعه 1 الظهر و فجأة   مجموعه من الصبيه من الواضح انهم انهوا يومهم الدراسى للتو ، فقاموا بـ " تلقيح كام كلمه مش ولا بد يعنى "

المهم البنت كانت جميله جداً و الجدير بالذكر انه قبل ما نتوجه الى الزيتون كانا فى مكان آخر و مقابله ثانيه مع مصدر برضه و المصدر سأل البنت سؤالاً غريب و كان لردا اغرب ، كانت ترتدى وشاح بتلفه على لبسها مع انها كانت ترتدى تى شيرت عادى جداً و بنطلون جنز ، المهم المصدر استغرب جدا و قالها :
 "  انتى ليه لابسه الوشاح ده خدى حريتك و لا انتى خايفه من حاجه او فى حد ضايقك ؟؟ "
 
وكان ردها :
 "just when i don't wear's that scarf the men is  looking at me , So i wearing it may that helps  or something "
 
للاسف الموضوع اتعبنى جدا لانى عشت فى اسوان فترات طويله و بالطبع هى بلد سياحى جميل و كنت مقيم بجانب شارع الشواربى  ( من اضخم المناطق السياحيه هناك ) ، اعتدت انى ارى السياح (واخدين راحتهم على الاخر و بيلبسوا الى عاوزينه و كأنهم فى بلدهم ) و كانوا يعشقوا شعب اسوان جدا لانه بالطبيعه شعب جميل و لم تكن هنالك اى رهبه فى  التعامل معاهم مطلقاً .

وذلك يذكرنى ايضاً بحادثة اخرى، كان هنالك باحثة ايطاليه و كنت فى طريقى لمقابلتها  ، و كان ميعاد المقابله فى ميدان طلعت حرب و هى كانت جميله جدا و تتحدث العربيه بطلاقه  ، كان هنالك  شاب من المطحونين و الذين  فقدوا عملهم بعد الثورة من شباب المرشدين السياحيين و كان تخصصه السياح الطاليان ، عرف الشاب انها اطاليه و حاول الحديث اليها   وعندما وصلت اليها اشارت قالت لى انها كانت فى غاية القلق .

بالصدفه قابلت الشاب  فى نفس اليوم و كان شاب محترم جدا و قال لى :
  "صدقنى انا مرشد سياحى وبتكلم ايطالى و حسيت انها ايطاليه من شكلها فحاولت اكلمها يعنى و كده بالايطالى و معملتلهاش اى حاجه لما لقيتها مش راضيه تتكلم بعدت عنها  "
 
ان هذه الحدثه كانت لها اثر خاص فى نفسى ، بقى هى دى مصر بلد الامن و الامان ؟؟؟
 
عودة  للزيتون ..
كنت كنت اتحدث فى التلفون مع محامى كبير مهتم بقضيه معينه و كنت اتابع معه ، مروا بجانبنا  و (لقحوا كام كلمه مش ولا بد )

 طلبت من الذى يتحدث الى انهاء المكالمة و كنت بقوله :
“اقفل يا سيادة المستشار و هرجعلك تانى"
احدهم اتريق عليا و قال  :
“ايه يا عم منا برضه لواء"

تأملت  ملابسهم فوجدت رمز  لمدرسه تقريبا ثانوى او اعدادى شعرت انهم مجرد اطفال فقلت لهم :
“يابنى انت و هو عيب الى عملتوه دى “، ردوا بكل بجاحه " احنا عملنا ايه يعنى"
-         بصراحه كنت عاوز امد ايدى على الواد الغتيت ده -

لكن  احدهم كان يقول :
 " خلاص يا عم عيب الى انت عملته ده "
 فقولت له :
 " خد اصحابك و امشى و بطلوا تغلسوا على بنات الناس "
لم ارد ان  اصعد الاموراكثر من ذلك حتى لا اعرض اصدقائى لاى مشكله  و هم لم يكونوا مدركين لما يحدث  لانهم لا يتحدثوا العربيه مطلاقاً ، لم يكن ذلك مقتصراً على شارع الزيتون فقط  بل كان ايضاً فى المترو ذهاباً و عودة  ، لم يكفوا عن " البحلقه "  و كان ذلك شيئ مزعج بالنسبة لهم،بجانب " المستظرفين " و "ملقحين الكلام" و غيرهم  و منما يضطرنى كل لحظة  : " خليك فى حالك يا نطع ، يا بغل ، يابن ... " 

اشكر الله الذى انهم اتموا عملهم على خير و عادوا بسلام و لكن هذه المواقف تجعلنى  اراجع حساباتى حول تغيير المنظومه الاخلاقيه للشعب المصرى ، هل فقط لمجرد ان الثورة كانت ضد وزارة الداخليه و ممارستها القمعيه ؟؟ و بالطبع لما الثورة قامت اسقطت معاها الخوف الذى كان داخل قلب الشعب من الداخليه ، الجهاز الامنى الذى يفترض به انيحافظ على امن المواطن الشخصى و يمنع الجريمه ، لكن للاسف كان يستخدم كزراع سياسى للسلطه الحاكمه ، فلم يَكن لها المواطن احتراماً بل كانت المشاعر الموجوده هى مشاعر الخوف و الرعده من التعرض للتعزيب او غيرها من الاساليب القمعيه ، سقطت هيبة وزارة الداخليه و معها سقط احساس الامان الشخصى للمواطنين و الضحيه كالعادة هو مواطن الشارع العادى و البسيط .

 لو ان هنالك عقاب رادع لجريمة التحرش يجعل المتحرش يفكر الف مرة قبل ان يرتكب جريمته، لو ان هنالك هيبة للدولة لما كانت الجرائم تزداد و تتفشى فى المجتمع ، لو ان السلطه لم تمارس العنف ضد شعبها لما شجعت على مزيد من العنف فى الشارع .

ليس معنى العقاب الرادع هو ان يباح للشرطه انتهاك حق الجانى فى تلقى معامله آدميه مع معاقبته العقاب الذى ينظمة القانون فتطبيق القانون ليس معناه انتهاك الحقوق .المشكله التى نعانى منها الان هى ان وزارة الداخليه على مدار العصور السابقه زرعت فى القلوب الخوف الممزوج بالكره ، و بالثورة تم كسر حاجز الخوف و بأزدياد حوادث التعزييب و الاغتيال للنشطاء و الشباب فأن الكراهيه ازدادت عن السابق .فى النهاية ليست المشكله فى الثورة لكن المشكله فى ان الداخليه اتعمدت اساليب قمعية على مدارسنوات طويله زرعت رعباً و كراهية فى القلوب ، زرعت رغبة فى الانتقام ، زرعت ظلماً فكان من الطبيعى ان يأتى احراراً فى زمناً ما و يثوروا ضد الظلم و ضد الخوف و لكن للاسف المشكله دائماً ان العواقب تقع على عاتق الشعب لا السلطه .
منكم لله يالى خربتوا البلد ..