بقلم: الشربينى الاقصرى
كوابيس الواقع فى( احلام فترة النقاهة) عند نجيب محفوظ . فى البداية أؤكد على كلام استاذنا الفاضل (يوسف القعيد )فى مقاله المنشور ببعض الصحف اليومية تحت عنوان: (يوسف القعيد:( ثورة 25 يناير ظلمت نجيب محفوظة ). نعم أنا مثلك استاذى الفاضل اقول :ان ثورة 25 يناير لم تنصف اديبنا الكبير الاستاذ(نجيب محفوظ)..وليس هذا فحسب ..بل ان الاديب( نجيب محفوظ) لم يظلم من ثورة 25 يناير فحسب وانما ظلم من جميع الانظمة فى مصر بل ونستطيع ان نطلق عليه ( اديب ظلمه عصره). واحب فى هذه العجالة ان احكى عن (احلام فترة النقاهة ) للاديب (نجيب محفوظ)والتى هى كغيرها من اعمال (نجيب محفوظ) التى كانت تسبق العصر ..الاعمال التى دعت الى الثورة كمطلب شعبى لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة اعماله سبقت عصرها فكانت مبشرا ونذيرا بالثورة ..(ثورة الحرافيش .). هناك بعض من امثالنا الشعبية يقف الانسان حائرا امامها لأنها تعبير عميق عن فلسفة الحياةوخلاصة التجارب عندالشعوب . تقول... بعض هذه الامثال الجعان يحلم بسوق العيش )
والتعبير عن الجوع متجسد فى احلام (نجيب محفوظ)..بل وفى بعض اعماله (الجوع الكافر) الجوع بشتى صوره وانواعه . ولان أديبنا الكبير كان جائعا جوعا شديدا للحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية…عدالة (عاشور الناجى)سليل (الجبلاوى)لاهل الحارة(الحرافيش) ..تلك العدالة القائمة على المبادىء والقيم والاخلاق الاصيلة لدى الشعب المصرى . (الفتونة اخلاق )هكذا وردت هذه العبارة على لسان (الفتوة) احد ابناء(عاشور الناجى)عندما قاوم الفتوة الظالم فى الحارة وانتصر عليه .ان حرافيش نجيب محفوظ ثاروا وتغلبوا على (الفتوة)الجبار …الظالم… المتكبر… الذى فرض عليهم الديون وحملهم بالهموم .فرأى (نجيب محفوظ )فى احلامه(وهو الجائع)..رأى (سوق الحرية ..سوق العدالة). كان يحلم (نجيب محفوظ) بهذا التحرر الثورى للحرافيش على ارض الواقع وعندما خذله الواقع ..رأى ذلك فى احلامه فى فترة النقاهة(وعادة تتحول هذه الاحلام الى كوابيس )..فهو دائما يرى الموتى فى صورة احياء واحيانا يرى الاحياء فى صورة موتى .واحيانا تتحول الصور فى الاحلام الى افعال اشبه ما تكون بالمعجزات او الخوارق .الصور التى يعجز المرء عن تحقيقها فى الواقع ..انها (الثورات) .ولان( نجيب محفوظ)قد يئس من القيل والقال فى عالم الواقع العربى بصفة عامة والواقع المصرى بصفة خاصةفانه هرب بذاته الى (احلامه )يحقق فيهامايريد من طموحاته أوأنه كان يرى فى احلامه (البلادالمحجوبة )
عند جبران خليل جيران او (المدن الفاضلة)عند افلاطون و الفارابى او (يوتوبيا: توماس مور ).وقد تجنح به احلامه الى شىء من عالم (ابو العلاء المعرى )فى رسالة الغفران بين(الجنة والنار)فالثواب والعقاب شيئان متلازمان فى هذه الاحلام ولكنه فى احلام نجيب محفوظ التى ترى (الجنة)لانصار الحرية والعدل والمساواة .. وترى (النار)للديكتاتوريين .ولكى تكتمل مسيرة الحلم عند (نجيب محفوظ ) وتتحقق المساواة ويسود العدل بمفاهيمه السياسية والاجتماعية والاقتصادية لابد من العودة مرة اخرى الى الحارة ولكن هذه المرة (عودة الروح)الجديدةروح(الثورة الحرافيشية) ان جاز لنا التعبير الروح المنتصرة تلك الروح التى لا تحمل الحقد والكراهية بل روح تسودها المحبة والتعاون ..روح مليئة بالامل مشغولة بالعمل..روح البناء والتعمير لا الهدم والتخريب . هذه هى الروح التى يجب ان يتحلى بها(حرافيش)استاذنا (نجيب محفوظ )..وان يبعث (عاشور الناجى )..الحاكم العادل(رمز الخير) من جديد وليذهب (درويش)او (ابليس) الديكتاتور( رمز الشر) الى الجحيم . ام ترى كما قال الراحل (امل دنقل): لا تحلموا بعالم سعيد فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديد ! وخلف كلّ ثائر يموت : أحزان بلا جدوى .. محمد احمد خليل الشربينى الاقصرى. مصر/الاقصر/الكرنك.