بقلم: ليديا يؤانس
كُل يوم والثاني يطلع لَنا واحِدْ إسمه "بَرْ" يُكَشِر عن أنيابه ويَنفُث سُمومه وأفكاره في عُقول البُسطاء الذين يُصدِقُون فَتواة تحت أى مظلة حتى ولو كانت الدين. "بَرْ" يفتى بِمُناسبة عيد القيامة و "بَرْ" آخر بِمُناسبة عيد الميلاد و "بَرْ" آخر بِمُناسبة عيد الحُب أو عيد شم النسيم أو عيد وفاء النيل أو .. أو ... وهكذا.
كلمة "بَرْ" يمكن تكون إختصار لكلمة "بَرارى" أو كلمة "بَرية" أو كلمة "بِراوي." وعلى الأرجح هيّ كلمة "بِراوي" لأنها تتناسب مع هذة الشخصية التى تكرة ولا تُحِبْ ؛ الشخصية التى تَهدِم ولا تبنى ؛ الشخصية التى تزرع الشر لا الخير.
طالعتنا الأخبار مُنذُ أيام بِفتوى من الشيخ عبد الرحمن البَرْ بِعدم تهنئة المسيحيين بعيد القيامة. أنا لَستُ أكتُب هُنا لكى أتفق أو أختلف معهُ ولست أكتُب لأُعبِر عن إستيائي مِنْ فَتواه ولكن لكي أقول أنهُ يُوجد على الساحة ما هُوّ أهم مِنْ التهانى والإحتفالات. أقولُ لك ياشيخ البَرْ أنهُ ليس إمتيازاً أو تقليلاً مِنْ شأن الإنسان أن تُهنِئهُ أو لا تُهنِئهُ بِمُناسبة خاصة به أو بعقيدته. أقول لك أنه أهم مِنْ هذا وذاك مَوقف الإنسان في المواقِفْ التى تَتَعلق بِالعلاقات الإنسانية فهذا هُوّ الذى يُبين مدى رُقى الإنسان وَسِموه كإنسان.
بالتأكيد أنت لا تؤمن بأى شئ خارج مُعتقداتك وتعتقد بأنك ستفقد هَويتك العقيدية إذا هَنأت شخصاً لا تؤمن بعقيدته أو دينه. أما أنا فَمِنْ مُنطلق الإنسانية والمحبة بين الناس أُهنِئَكَ وأُهنئ كُلْ الناس مهما إن كانت مُعتقداتِهم بأعيادهم وأُشاركهم مناسباتهم وهذا لا يعنى أيضاً أننى أؤمن بما تؤمن به أنت أو غيرك.
يهمنى في هذا المقام أن أُشيد وأُقدر الغالبية العُظمى مِنْ الإخوة الأحباء غير المسيحيين الذين عَبَروا عن إستيائِهم مِنْ فَتواك لأنُهُم يحمِلون في داخِلهُم مَحبة ويَقتَنون قِيماً إنسانية حقيقية.
أحبائي كل يوم سَيجئ "بَرْ" يُدلى بِفتواه لِيزرع البُغضة والفرقة والنزاع بين أبناء الوطن الواحد لتحقيق أهداف سياسية وليست إنسانية أو إجتماعية. سَيتَكَلَمون ويتكلمون ويتكلمون لِكى يأخذوا الناس بعيداً عن مُتطلباتِهم وعن أهدافهم. حينما يَفتون تَتَبَارى الأقلام والبرامج الإعلامية والفيسبوك والتويتر في الرد والتعليق وكَأن مشاكِلنا كُلها إنتهت وليس أمامنا إلا دَحض الفِكر المُلتوى الذى يصدر عن قِلة مَعروف هَويتها ومُخططاتها. أتمنى ألا ينساق الناس في هذا المُنحدر بإعطاء مثل هؤلاء حجماً أكبر مِنْ حجمهم. نحن لدينا مَاهوّ أهمْ وَهوّ وطننا الذى نَقطنه معاً بِالرغم مِنْ الإختلافات العقيدية والإجتماعية. نَحنُ لدينا مشاكل إقتصادية تحتاج لِتكاتُف الكُلْ ؛ تحتاج لِفِكر المُفكرين ؛ تحتاج لِدراسة الباحثين عن الوسائل التى يجب إستخدامها للنهوض بالبلد. لدينا مشاكل إجتماعية مِحتاجة دراسة وحل. إقتحمت وطننا ثقافات غريبة ولذلك نحن مِحتاجين أن نعرف كيف حدث هذا ولماذا وماهى وسائل العلاج اللازمة لرجوع مصرنا الحبيبة كما كانت من قبل؟
أقول للشيخ البر وأمثاله الذين يُسمِمون أفكار البُسطاء والجُهلاء بأفكارهم السوداء كان يجب عَليكُم أن تكونوا قدوة حسنة بأن تنشروا المحبة والتسامُح بين الناس وتُؤكدون على الإخوة بين الناس لإن الكُلْ مُتألم والكُلْ مَجروح والكُلْ يائِسْ والكُلْ أولاً وأخيراً في مَركِب واحد إما تِغرقوا مع بعض أو تنجوا مع بعض.
أقول لكل مواطن مصرى أو مواطن في أى بلد آخر يَمُرْ بنفس الظروف ما هو دوركم للوصول ببلادكم إلى بَرْ الأمان؟
هل فكرتم فى الغالبية العظمى من الشعب التى تُعاني؟
أقول لَكُمْ: أين البَرْ الذى سيستند عليه الإنسان المِسكين الذى زادته ظروف البلد فقراً وقهراً؟
أين بَرْ الأمان الذى يحمى أطفالنا مِنْ التشرد والضياع؟
أين بَرْ الحُبْ والحنان الذى يمسح دِموع الثكالى؟
أين بَرْ المَعونة الذى يُساعد المِحتاج؟
أين بَرْ المُواساة الذى يُشَدِدْ اليائسين والبائسين؟
أين بَرْ عِلاج المرضى والمُصابين والمَنكوبين؟
أحبائي كُلنا يجب أن يكون شُغلنا الشَاغِل المساكين والمشردين والبائسين والمرضى والمنكوبين والذين فقدوا أحبائهم وأحبائنا. ليس مهماً ما يفتون أو يقولون أو يكتبون بل الأهم إنقاذ النفوس التى تضيع كل يوم وتوصيلها إلى بَرْ الأمان.