انتقد الكاتب الإسرائيلى جاد جازيت، وهو مهندس مدنى وبنى تحتية إسرائيلى، نهج الحكومة الإسرائيلية فى الصمت والتغاضى عما يحدث حولها فى الشرق الأوسط، متسائلا ما إذا كانت خطط التجاهل والتغاضى التى تتبعها إسرائيل حكيمة فى التعامل مع الوضع الراهن، مشيراً إلى أن ما حدث فى دول الربيع العربى يعد فرصة تاريخية وتتطلب جرأة كبيرة لاقتناصها واستغلالها بالشكل الأمثل.
وأشار «جازيت»، فى مقال بموقع «نيوز وان» الإخبارى الإسرائيلى، إلى أنه على رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أن يعد مشروعا شاملا لعرضه على الولايات المتحدة، لإعادة هيكلة المنطقة سياسيا، إضافة إلى مشروع استثمار عالمى لتطوير دول الشرق الأوسط، بحيث يوفر المتطلبات لقيام الثورة العربية الكبرى اقتصاديا.
وأضاف: «يجب أن تقود تلك الخطة الولايات المتحدة وتركيا والسعودية ومصر، وربما ترغب الجامعة العربية فى المشاركة. ويرتكز أساس ذلك المشروع على افتراض أن لا شىء حاسم سيحدث فى سوريا خلال العام المقبل، كما أنه لن تكون هناك اتفاقات بين الفصائل التى تتقاتل فى الحرب الأهلية التى بدأت منذ عامين هناك».
واقترح «جازيت»، ضمن المشروع الذى يقترحه، أن تبيع مصر أو تؤجر الثلث الشمالى الشرقى من سيناء لصالح الدولة الفلسطينية، بحيث يتم ضمها إلى قطاع غزة، وفى مقابل هذا، يتم استثمار أموال ضخمة، فلسطينية وإسرائيلية وإقليمية، فى مصر لإنقاذها من الانهيار الاقتصادى الذى تعانيه، ويكون الحكم فى الضفة الغربية كاملة ذاتيا فى يد الفلسطينيين تحت سيادة إسرائيل، وتكون حدودها منزوعة السلاح وتحظى باعتراف دولى، مع وقف الاستيطان والإبقاء على المستوطنات التى حصلت على اعترافات دولية.
وتابع: «تتشارك دول الشرق الأوسط فى الاستثمار الاقتصادى ويتم توجيهه بشكل أساسى لمصر والأراضى السورية وفلسطين. وتتعهد إسرائيل ببيع الغاز بأسعار مخفضة لدول الجوار، فى مقابل العلاقات الودية والتعاون الاستثمارى والصناعى والتنقيب عن الغاز الطبيعى، وتطوير معامل التكرير والمعالجة».
وأضاف: «يتم توصيل أنبوب مياه ضخم بتمويل دولى من تركيا إلى قطاع غزة، ويتم بناء ميناء عميق فى العريش بشمال سيناء، فى مقابل الدولة الفلسطينية، ويتم تطوير وتوسيع قناة السويس باستثمارات دولية. كما يتم بناء ميناء عميق على شواطئ إسرائيل، يتم تخصيصه لخدمة الأردن وفلسطين، إضافة إلى بناء سكة حديد إيلات. ويتم ضم ميناء إيلات إلى ميناء العقبة، تحت إدارة واحدة لخدمة الدولتين، إضافة إلى شق قناة تربط البحر الأحمر بالبحر الميت بتعاون أردنى إسرائيلى».
أما عن سوريا، فيقترح «جازيت» أن يتم تقسيم مناطقها بين تركيا والعراق والأردن ولبنان على النحو التالى: «يُضم الجزء الشمالى إلى منطقة الأكراد فى العراق، ويكون تحت الحكم التركى. ويتحول غرب سوريا إلى منطقة علوية ذاتية الحكم ملاصقة لـ«لبنان»، ويمكن لـ«حزب الله» وروسيا الانضمام للاتفاقية الموقعة حين اعتماد المشروع، ويكون الحكم الذاتى ملزما لجميع الأطراف بالسماح بإيجاد طريق من البحر المتوسط إلى كل محافظات سوريا، ويتم نزع السلاح الكيماوى والأسلحة طويلة المدى لإرضاء إسرائيل، إضافة إلى ضم منطقة هضبة الجولان إلى إسرائيل».
واقترح المهندس الإسرائيلى إنشاء مطار دولى مشترك بين إسرائيل والأردن فى منطقة «إيلات - العقبة»، إضافة إلى إعادة إعمار سوريا بشكل مكثف واستثمار المشاريع الصناعية فى الشرق الأوسط فيها. وتابع: «يتم رفع الحظر الجوى على إيران، فى مقابل التعهد بتجميد المشروع النووى والاعتراف رسميا بتلك الاتفاقية المحلية فى المنطقة».
وأكد «جازيت» أن القدرة الاقتصادية الإقليمية لهذا المشروع ستكون ضخمة ومغرية جدا، ومن الممكن أن تتسبب فى تحريك الاقتصادات المنهارة فى أوروبا. وأردف: «هو مشروع ضخم يحفز اقتصادات الدول الشرق أوسطية، ويخلق استقرارا سياسيا فى المنطقة، وسيكون بديلا عن الخيار العسكرى الذى تهدد به إسرائيل، والذى سيتسبب فى خسائر مادية فادحة فى ظل عدم وجودة طفرة تنموية إقليمية».
وقال المهندس الإسرائيلى إن رئيس الوزراء نتنياهو سيكون هو العائق الأول والأخير أمام ذلك المشروع، فالرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز أصبح كهلا، يصعب عليه السفر إلى بوتين وأوباما والملك عبدالله وأردوجان، كما يصعب عليه القيام بزيارات سرية إلى الرئيس المصرى محمد مرسى والرئيس السورى بشار الأسد ومرشد الثورة الإيرانية خامنئى. وأضاف: «إن لم يكن نتنياهو نفسه هو من يقترح المشروع ويجعل بيريز وسيطه لدى تلك الدول، فإنه سيدمر كل محاولة لإعادة هيكلة الشرق الأوسط».