الأقباط متحدون - تَساقَطَتْ الآمَالْ وَلَكِنْ!
أخر تحديث ١٣:١٠ | الاثنين ٢٩ ابريل ٢٠١٣ | ٢١ برمودة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١١١ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

تَساقَطَتْ الآمَالْ وَلَكِنْ!

بقلم: ليديا يؤانس
ذَهَبَ الربيع سَريعاً بِبهجتهِ وَرَونقِهِ وَجَمالهِ وآمالهِ وطُمُوحاتهِ المُتعطِشة لِلحياة بِكُل ألوانها.  وَجَاء الخريف بِغضبهِ وزعابيبهِ لِيلتهم الأخضر واليابِسْ ؛ جاء لِيسرق الآمالْ والأحلامْ ؛ جَاء لِيمتصْ عِبقْ الحياة مِنْ المَخلوقات وَيترُكها جَرداء جَوفاء بِلا حَياة. جَاء الخريف فَتَسَاقَطتْ الزُهور وذبُلت الثِمار وَتَسَاقَطتْ الآماَلْ. 
 
كُنت بَحلم بِفُستان الفَرَحْ وَعَريس يُحبِني وَاُحبه قبل قََطرْ الجَواز ما يعدى ويسيبني لأني بَلغتُ مِنْ العُمر 28 عاماً. الشباب بيموتوا ويتسِجنوا ويتسِحلوا ويندِهسوا تحت عجلات المُدرعات وإللى عايشين مِنهُمْ أصبحوا بِلا عَمَلْ وبيطالبوا بِحقِهم في الحياة في بِلادهُمْ.  ولَكِنْ مَتى وَكَيفْ سَتَتَحققْ آمالي؟
 
أُمي أَوصَتْ النَجَارْ إبن حِتتنا وَعمَل عربية صغيرة وِجَابت شِوال بَطَاطَا وقالت لي ياواد خُذْ عَربية البَطَاطَا وإشوى وبيع علشان نربى إخواتك.  أنا عَندى 11 سنة ومُشْ بَقدَرْ أَجُرْ العربيه وِكَمَانْ إيدي بِتِتحِرقْ مِنْ الفُرن والبَطَاطَا السُخنة والناس بَطَلوا ياكلوا بطاطا وِالحَبيّبة مَابَقوش بِيخرُجوا يِتفَسَحوا على كورنيش النيل زى زَمان عَلَشَان البلد ما بَقِتش أمان ولما أَرجَع لأُمي مِنْ غير فلوس تِضربني وتُطرُدني مِنْ العِشة إللى بِنُسكُن فيها وأخرُجْ أنام في الشارع. أنا إيه ذَنبي؟ كان نِفسي أتعَلِم ويبقى لي مُستقبل زى كُلْ الناس.  وِلَكِنْ مَتى وَكَيفْ سَتَتَحَققْ آمالي؟
 
أبويا عِنده سرطان ومِنْ شِدة الألم بِيُصرُخ وماعندِناش فِلوس علشان يتعالج.  قُلت لهُ ياأبويا اشتغل أى حاجه علشان أجيب فلوس تتعالج وِنَاكُل.  أبويا خَدني في حُضنه وقال على عِيني ياأبني بس مِين حَيشَغَلك وإنتَ عندك 8 سنين.  الميكانيكي إللي على ناصية حارِتنا وافِقْ بَسْ هُوهّ راجل مُفترى يشتِمني ويضرَبني مِنْ غير سَبَبْ.  ومُعظَم الأيام لا يُعطيني أُجرتي ويقول لي ياواد يا بليه وِشَكْ نَحسْ ماعِندناشْ زَباينْ النهارده.  الناس ما بَقوش بيستخدِموا العربيات خَايفينًْ مِنْ السرقة والبلطجية وكثير من الناس فُقراء ما عندُهُومشْ عَربيات. أرجع البيت وأنا ببكي كان نِفسي أساعد أهلي وأعالج أبويا.  ولَكِنْ مَتى وَكَيفْ سَتَتَحَقق آمالي؟ 
  
عندى كوم لحم لازم أصرِفْ عَليهُمْ وأنا شُغلِتي نَقَاش. حالي وِقِفْ وما فيش فِلوس أأكِلْ ِولادي.  الناس ما بيفكروش يدهِنوا بيوتهم. مزاجهم مُشْ حِيلو علشان البَلَد مافيهاشْ إستقرار وكُل يوم مُظاهرات وإضرابات وتَهَجُمْ مِنْ البَلطَجية على إللي في الشوارع وإللي في البيوت.  كُنت بَحلَم بالإستقرار واشوف وِلادي مُستَقبَلهُم أحسن مِني.  وَلَكِنْ َمتى وَكَيفْ سَتَتَحَققْ آمالي؟ 
 
جُوزي مات وساب لي كبشة عِيال طِلعتْ أَنَضَفْ بيوت الهوانِم الأكابرْ وكانوا القِرشينْ إللي بَكسَبهُم بشقاياي وتَعَبي يادوب بصرفهُمْ على تعليم العِيال ومعيشتهُم.  كان نِفسي أشوفهُم زى وِلاد الأكابِرْ إللي بَخدِمهُم ولكن الحال مابقاش هُوّ الحال كُل يوم إضرابات ومُظاهرات والسِتات الهوانِم مابَقوش زى الأول بيروحوا أشغالهُمْ قالوا لي إحنا دِلوقتى عندنا وقت نِنَضَفْ بِنفسِنا وكمان الميزانية مابقتشْ تِسمَحْ.  مِينْ يأكل وِلادي ويعلِمهُم ؛ العيال قَعدوا جَنبي في البيت وحتي رِغيف العيش مِشْ قادرين نِجيبُه.  كان نِفسي سوسن تِبقى دكتورة وعصام مهندس ومدحت ظابط.   ولَكِنْ مَتى وكَيفْ سِتِتِحِقِقْ آمالي؟
 
إتخرجت مِنْ الجامعة وكُنت مُتوقع أن أجد عمل وأدور على بنت الحلال وأشترى عربية وشقة وأعيش شبابي وأكون أسرة أسعد بيها ولكن يبدو إن مافيش حل الدُنيا قَفِلت أعمِلْ إيه.  البِطالة زاِدتْ قوى وما فيش فِلوسْ أعمل إيه.  متى وكَيف سَتَتَحَقَقْ آمالي؟
 
نَعَمْ أحبائي تَسَاقَطَتْ الآمالْ ولَكِنْ لا يأسْ مع الحياة ولا حياة مع اليأس كما قال مصطفى كامل.  الشعب المصري على مدى التاريخ يتلقى الضربات مِنْ الخارج والداخل.  مِنْ الخارج كان بِواسطة الإحتِلال مِنْ الدِول الأجنبية ومِنْ الداخِلْ بواسطة الأنظمة الفاسدة. عانى الشعب المصرى على مدى حوالى 40 سنة مِنْ الإضطهاد والقَمعْ ومُصادرة الحُريات. الشعب يئن مِنْ فَسَادْ السُلطات الحاكمة وديكتاتوريتها وإستِخفافها بِمشاعر الناس والتركيز على مصالِحهُمْ الشخصية.  فكان لابُد مِنْ إنتفاضة ثورية لتغيير الواقع المُرْ إلى حياة أفضل وهذا حق مشروع للإنسان. 
قامت ثورة 25 يناير 2011 للإطاحة بِنظام سياسي إستبدادي كَبَل الحُريات وكَمَمْ الأفواة ودَمَرْ الإقتصاد وشَوه صورة المجتمع المصري.  وصل المواطن المصري إلى حالة الغليان فكانت نُقطة الإنفِجار وأنطلقت الشرارة لِتُعلِن ثورة الشعب بكافة فِئاتة لإسقاط النظام وأصبح كل فرد على إستعداد للتضحية بعد كسر حاجز الخوف لتحقيق آماله التى أصبحت مُتعَثِرة التحقيق.  إنطلقت الثورة وحققت إنتصاراً رائعاً أولياً في وقت قياسى وسَقَطَ رأس النِظام ولكن أذيالة مازالت تَتَلوى كَالأفعى للإنقضاضْ على الثورة وإبتلاعها لتحقيق مآرب شخصية ومُعتقدية ليس لها علاقة بما قامت مِنْ أجلة الثورة.
 
نعم الشعب المصرى الأصيل العريق أُصيب بِوعكة راح على أثرها يُعاني مِنْ القلاقِلْ والإضِطرابات والإضطهادات والموت والدمار الإقتصادي والإجتماعي ولكن هذا كُله شئ مُتَوَقَعْ مع أى ثورة في العالم.  الثورات كُلها لها ضَحاياها ومشاكل عدم الإستقرار تختلف مِنْ بلد لآخر بُناءاً على الوعى الثقافي للشعب بالإضافة إلى الوقت الذى تَستَلزِمة الثورة لكى تُحقق أهدافها.  فمثلاً الثورة الإرآنية إستمرت مِنْ 1978-1980 ؛ الثورة البِلشفية مِنْ 1917-1922 ؛ الثورة الفِرنسية مِنْ 1789-1799.
 
أحبائي حتى لو سَقَطَتْ الآمال مَرحلياً ولكن هُناك أمل في الغد أن يكون أفضل وتنقَشِعْ الغُمة فلا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس ولكى ننتصِر ونَكسَب الجَولة لابُد مِنْ أن تَتَكَاَتفْ كُلْ القوى الثورية بقياداتها ويتحد الجميع ويُصبح يداً واحدةً ليس مِنْ خِلال التصريحات والمَانشِتات والإجتماعات والمُؤتمرات ولَكِنْ يجب أن يتحد الجميع تحت قيادة واحدة.   يمكن على الإطار العام يبدو أن هُناك تعاون بين الكُلْ ولَكِنْ مازالت كُلْ جِهة مُعتَبِرة نَفسَها الإفضل في القيادة.  
بالإضافة إلى نُقطة مُهِمة جِداً وهي ألا نَنسَى أن نُساعد في خِضَمْ هذة الأحداث الذين يُعانُون إقتصادياً وإجتماعياً لإن الثورة قامت بهؤلاء ومِنْ أجل هؤلاء لأن هؤلاء هُمْ الشعب الذين ضَحوا ومازالوا يُضحونْ. 
 
أخي المصري.. أختي المصرية.. مهما إن كانت الأزمات لا تنسوا أنكم شعب عريق أصيل وأنكم علي مدى التاريخ كُنتُمْ مَنَارة للآخرين ؛ تَمَسَكوا بآمالكم وصَمِموا على تحقيقها لأنه بقوة إرادتكم تنتصرون على الضعف وروح الهزيمة.
 
أحبائي إسنِدوا بَعضَكُم بعضاً ؛ حِبوا بَعضكُم بَعضاً.  ياشعب مصر الأصيل بِدون مَحبة سوف لا تُحقِقون هَدَفَكُمْ.  ياشعب مصر حِبوا بَعضَكُم بغض النظر عن مُعتقداتِكُمْ ودياناتِكم ؛ حِبوا بَعضَكُم بغض النظر عن أفكاركُمْ ؛ حِبوا بعضكُم بغض النظر عن إمكانياتكم ومراكزكم.  ياأخي ياللى بتدافع عن ربنا حِبْ الرب إلهك مِنْ كُلْ قَلبك وحِبْ أخوك الذى يعيش معك على الأرض كنفسك.  
أحبائي ياريت تِلغوا مِنْ قاموسكُم التصنيف على أساس الدين أو العرقية.  الدين علاقة شخصية بينك وبين إلهك. الدين لله أما الوطن فللجميع.  أنتَ مصري وأنتِ مصرية بغض النظر عن إنتماءك الديني. 
 
أحبائى حتى لو سقطت الآمال مرحلياً لكننا شعب مؤمن عريق أصيل نثق بأن كل شئ مُستطاع لِلذى يؤمن وما علينا إلا أن نقول: نؤمن يارب أعِِنْ ضَعف إيماننا. 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter