الأقباط متحدون - جامعاتنا والمعارضة الغير رشيدة
أخر تحديث ١٣:٢٨ | الأحد ٢٨ ابريل ٢٠١٣ | ٢٠ برمودة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١١٠ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

جامعاتنا والمعارضة الغير رشيدة

بقلم: مدحت بشاي

 
كل سنة وزوار موقعنا الإلكتروني بخير وسعادة احتفالاً بأحد الشعانين ، ونردد مع شركاء الوطن مقولة رفاعة رافع الطهطاوي المفكر المستنير "ليكن الوطن محلاً للسعادة المشتركة بيننا نبنيه معاً بالحرية والفكر والمصنع".
 
ويظل العنف هو التهديد الحقيقي للسلام وتحقيق حلم السعادة ، وهنا الكلام عن أحداث العنف في جامعاتنا ورد فعل المعارضة  كمثال ..
"من وراء العنف داخل الحرم الجامعي" عنوان لتحقيق هام قدمته للقارئ مجلة " المصور" ، وجاء في مقدمته " خلال شهر واحد إغلاق ثلاث جامعات وتعليق الدراسة بهم إلى أجل غير مسمى . ضرب واعتداء وأسلحة ومولوتوف كل هذه أصبحت أدوات البحث العلمي الآن داخل الجامعات !.. ميليشيات البلطجية تعود للظهور في الجامعات مرة أخرى من زمن أحمد زكي بدر إلى الطلاب الأحرار الذي يؤكد الطلاب والأساتذة أنهم تابعون إلى " جماعة حازمون " إلى البودي جارد في الجامعات الخاصة . تعليق انتخابات الطلاب بعد هزيمة الإخوان المسلمين ... ماذا يجرى في جامعاتنا الآن ولماذا يطل العنف بقوة داخل الحرم الجامعي في هذا التوقيت .هل هذا عمل تلقائي وانعكاس لما يحدث في المجتمع والأزمة السياسية أم أن وراءه أهداف أخرى."  ..لكن الغريب الإشارة لتصريح جماعة 9 مارس ، وأن الجماعة تحذر من طرح فكرة عودة الحرس الجامعي ، وهم من وضعوا جامعاتنا في هذه الإشكالية والمواقف الصعبة التي يعيشها المجتمع الجامعي ، نعم الهدف الجميع ينشده ، لكن تلك الجماعة المعارضة لم تكن في حالة من الرشادة ، عندما تقدموا للقضاء العاجل والإصرار للحصول على حكم والمتابعة لتنفيذ الحكم عبر تجييش إعلامي هائل دون اقتراح البديل وان يكون طلبها على مراحل ، فكانت النتيجة هذه الحالة من الخواء الأمني المرعب ، لقد تحركوا وكأنها قضية الجامعة الرئيسية الوحيدة والأهم ، بينما جامعاتنا تتراجع في تقييم مكانتها العلمية على المستوى الإقليمي والعالمي ، وتعاني من تفشي ظواهر مثل الدروس الخصوصية وتجارة وبيزنيس المذكرات ، وأساتذة الشنطة الذين يجوبون الجامعات للاسترزاق ، وتدني مستوى البحث العلمي ، وأساتذة كل أمانيهم فصل الطلبة عن الطالبات في المدرجات ، وحكاية التعليم المفتوح وتطبيقاته الفاشلة ، وبرامج لتخصصات علمية برسوم مبالغ فيها ، حتى بات التعليم الجامعي طبقياً للأسف !!    
 
وفق بعض التعريفات العلمية، فإن الحكم الراشد: «هو الحكم الذى يعزز ويدعم ويصون رفاه الإنسان، ويقوم على توسيع قدرات البشر وخياراتهم وفرصهم وحرّياتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويسعى إلى تمثيل جميع فئات الشعب تمثيلاً كاملاً وتكون مسؤولة أمامه لضمان مصالح جميع أفراد الشعب». وفى تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائى: «هو ممارسة السلطة الاقتصادية والسياسية والإدارية لإدارة شؤون الدولة على جميع المستويات، ويشمل الآليات والعمليات والمؤسسات التى من خلالها يعبّر المواطنون والمجموعات عن مصالحهم، ويمارسون حقوقهم القانونية ويوفون بالتزاماتهم ويقبلون الوساطة لحل خلافاتهم».
 
وعلى الجانب الآخر، لابد للوصول إلى تحقيق الحكم الراشد والدعوة لتشكيل حكومة رشيدة، أن يكون لدينا معارضة رشيدة أيضاً لا تبغى من جهودها وقراراتها سوى تحقيق المصلحة الوطنية الخالصة، وأن يكون هدف رموز أحزابها وحركاتها وكل ائتلافاتها عبر كل فعالياتهم هو دعم حق المواطن فى حياة آمنة، تتوفر لديه فيها سبل العيش بكرامة وفق آليات عادلة لا تمييز فيها ولا عسف أو جور يمكن أن يناله عند تعامله مع السلطات الحاكمة.
 
وفى هذا الصدد، أذكر هنا مثالاً لنموذج من أفعال المعارضة التى أراها لم تكن بالرشادة الكافية عند مطالباتهم الملحة بتصحيح بعض الأوضاع، من وجهة نظرهم، دون رؤية لأبعاد ما بعد الإصلاح والظروف التى تعيشها البلاد، فضلاً عن عدم تقديم تصور بطرح بديل واقعى لتصويب النظام الخاطئ.
 
وأنا هنا أقصد إلحاح فصيل من المعارضة فى جامعاتنا «حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات» التى كان على رأس مطالب رموزها طرد الحرس الجامعى، قبل أحداث ثورة 25 يناير، ثم بعد الثورة المطالبة باستبعاد القيادات الجامعية التى عملت فى الزمن المباركى وفوراً، وكان اللجوء إلى القضاء والحصول على أحكام مؤيدة لبعض مطالبهم.
 
والغريب أن المطالبة بطرد الحرس الجامعى فى الفترة السابقة لأحداث ثورة يناير جاءت والشارع المصرى آنئذ تتسيده حالة من الغضب بشكل متزايد وعام، وبشكل خاص جماعات الإسلام السياسى بعد خسارتهم كراسى البرلمان، وعليه كان الحال فى جامعاتنا انعكاسا لأحوال الشارع وتفاعلاته السياسية، وهنا تبرز أهمية وجود حرس جامعى محترف حتى لو كان هناك حالة إجماع منا لرفض وجود ذلك الشكل البوليسى، وذلك حتى تحقيق حالة من الاستقرار النسبى التى تسمح بإعداد آلية بديلة واقعية، بل الأغرب أن مطالبة الحركة بطرد الحرس الجامعى تزامنت مع مطالبة المدارس والمؤسسات التعليمية بوجود تمثيل للبوليس، رغم تصور بشاعة ذلك المشهد، وكان المبرر تزايد ممارسات العنف فى حرمها، وهجوم بعض أولياء الأمور على المدارس وضرب الأساتذة، بل ضرب التلاميذ أساتذتهم والعكس، وحدوث مشاجرات بين الأساتذة ووقوع ضحايا فى كل تلك الوقائع !
 
وكان السبب الرئيسى للمطالبة بطرد الحرس الجامعى الذى أعلنته المعارضة هو تدخل الجهات الأمنية فى الانتخابات الطلابية لصالح النظام، وأيضاً فى مجال تعيين القيادات الجامعية الإدارية.. والسبب وجيه ومهم، لكن المسألة كانت تتم عبر جهاز أمن الدولة بتكليفات مباشرة لإدارات الجامعات، ولاعلاقة لها بحرس منشآت الجامعات أصحاب الزى الميرى،  وعليه استمر جهاز أمن الدولة فى ممارساته حتى بعد طرد الحرس الجامعى.
 
نحتاج فى مراحل التحول إلى معارضة رشيدة عاقلة وطنية تطرح البدائل مع رؤية الواقع بموضوعية  وتدرك أولويات  القضايا الأكثر إلحاحاً وأهمية ، وأن تُمثل تلك المعارضة ــ بشكل ديمقراطي ـ كل أطياف الفكر دون إقصاء.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter