الأقباط متحدون - سَبْتُ لِعَازَرَ
أخر تحديث ٠٦:٠٤ | الجمعة ٢٦ ابريل ٢٠١٣ | ١٨ برمودة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٠٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

سَبْتُ لِعَازَرَ

بقلم : القمص أثناسيوس فهمي جورج
ينتهي الصوم الكبير بمعناه الحصري يوم الجمعة الذي يلي الأحد السادس من صوم الأربعين. ويحتل سبت لعازر مكانة خاصة وفريدة في السنة الليتورجية؛ ما بين الأربعين المقدسة وبداية أسبوع البصخة.. فالسبت (سبت لعازر) مقدمة الشعانين ورحلة الآلام الفصحية، وهو إشارة وظل إلى سبت قيامة الرب المجيدة؛ ونموذج تأكيد للقيامة العامة. فوجود المسيح الضابط الكل أمام القبر والموت؛ وصوته الإلهي الآمر الذي على أثره عادت نفس لعازر إلى جسده الميت؛ كلها نماذج لقيامة الأجساد العامة.

وتصف الكنيسة التذكار السنوي لسبت لعازر ودخول السيد إلى أورشليم في أحد الشعانين؛ على اعتبار أنه دخول من الألم وموت الصليب إلى القيامة؛ ومن مرض الخطية وفسادها وموتها وقبرها وجحيمها إلى نور وإشراق القيامة وإنارة الخلود.. ويعتبر سبت لعازر عَتَبة أو سُلّمة للدخول به كمفتاح إلى سر الفصح الليتورجي.
وسُمي سبت لعازر في الكنيسة الأولى (إعلان الفصح): باعتباره إعلان واستباق حقيقي لموت الصليب والنزول إلى الجحيم وفجر القيامة؛ حيث لعازر صديق المسيح يمثل العالم كله وكل إنسان وكل بيت عنيا يريد المسيح أن يستريح فيه؛ وأن يكون هو الذي يحبه ويُحييه، فقد جابَه الله الموت عند القبر؛ نقيض الحياة.. لاقَى عدوه السارق الذي جعل نفسه رئيسًا لهذا العالم.. أتى المسيح الذي هو القيامة والحياة وبمحبته التي غلبته؛ بكى علينا وصُلب من أجلنا؛ تلك المحبة هي التي بكت عند القبر؛ وبكت على أورشليم؛ وبكت على جثسيماني؛ وتلك هي المحبة التي صارت لنا متجسدة وأعادت الحياة بمعناها الكوني والشامل... ونحن في احتفالنا بسبت لعازر؛ أنما نتذكر قيامته التي صارت ظلاً ورسمًا للقيامة، وهي ختام الآيات التي صنعها الرب لإيمان لا نهاية ولا حدود له.

صعد المسيح نحو أورشليم واتجه إلى بيت عنيا ليقيم لعازر الذي مات وأنتن وملأت رائحة موته المكان.. بكاء وعويل على التلميذ الذي كان يسوع يحبه؛ لأنه ليس مريضًا؛ لكنه مات وقد أنتن.

وقف المسيح (الحياة) أمام جحيم الموت وفتح فاه فاغرًا لينادي على لعازر الذي ابتلعه الموت.. نادى عليه رب الحياة؛ فهز أركان بوابات الجحيم (لعازر هلم خارجًا)؛ فقام الميت وخرج؛ وتحول الحزن إلى فرح؛ والنواح إلى عجب؛ والبكاء إلى تهليل.. نقله من الموت إلى الحياة؛ وهو وحده ديان الأحياء والأموات الذي ليس لملكه انقضاء؛ وهو الذي يقيمنا من صمت القبور.. فوراء العدو الأخير للإنسان الذي هو (الموت) يوجد أعظم حبيب ونصيب.

مسيحنا رب الحياة ينادي علينا وعلى كل ميت فينا؛ فما لعازر إلا أنا؛ يقيمني من سُبات الموت والعصيان والأباطيل وقبر الظلمة والأكفان وأغلال الخطية لأبصر الحق والحياة، فيتحول النوح إلى سرور وفرح.. وكما أقام لعازر؛ سيقيمنا نحن أيضًا؛ وسيقيم آدم وبنيه؛ لأن الخلاص قد تم بدم صليبه؛ وهو ينادي علينا بسلطانه (هلم خارجًا)؛ إذ أن الذين في القبور يسمعون صوته والسامعون يحيون؛ وهو الذي يدعو الأشياء إلى الوجود من العدم؛ وإلى الكينونة من اللا شيء؛ ويشكّلهم بقوة لاهوته.. وها الجموع وقد رأت لعازر خارجًا من القبر؛ أبصروه بعيونهم؛ واشتموا بأنوفهم رائحة الموت البشعة؛ ولمسوا بأياديهم الحجر؛ عندما رفعوه وفكوا رباطات أكفانه.

إن ترتيب سبت لعازر قد ارتبط بشدة بالدخول الملوكي إلى أورشليم؛ لأن إقامة لعازر هي مثال لقيامة السيد الرب بعد ثلاثة أيام ومثال للقيامة العامة للجنس البشري وقد وضعته الكنيسة في السبت السابق مباشرة لقيامة المسيح؛ لندخل في عبادة الآلام برجاء القيامة والحياة.. فمسيحنا المصلوب هو الحياة الأبدية والموت والقيامة في حوزته وتحت سلطانه؛ وهو الذي أقام الموتى من القبور وأقام الطبيعة بالكلمة؛ فآمنا به ورأينا مجده؛ ومبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى. 

اذكروني في صلواتكم
القمص أثناسيوس چورچ.
http://frathanasiusgeorge.wordpress.com/

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter