محمد حسين يونس

كلما تخيل البعض انه قد قام بثورة وان المجتمع الجديد لن تشرق شمسه بسبب تمترس الرجعية واعداء ثورته في الحصون القديمة تبدأ مهاجمة القضاء و إرهاب رجاله والهجوم علي الدستور والقانون، رجال يوليو اطاحوا بالشرعية الدستورية واحلوا محلها خبل لازلنا نعاني من تأثيراته الضارة علي مجمل الحياة السياسية حتي الان بعد أن تبجح احد رجال الانقلاب واهان بمجلس الدولة شيخ القضاة الدستوريين ( السنهورى ) في واقعه لا زالت تتداول علي اساس انها وصمة عار لا يمكن محوها،  الدساتير التالية التي قدمها(ثوار ) يوليو لا ترقي الي المستوى المتحضر لما رفضوه بعد انقلابهم العسكرى .

عندما هاج الشعب المصرى وخرج للشارع يهتف ضد الظلم والفساد وحكم عصابات مبارك .. قفز السادة القانونيون وعلي رأسهم مستشار كاره لوطنه ليمكن من خلال العاب دستوريه( تبدو كما لو كانت ديموقراطية ) لجماعة الشوم والعار أن تضع يدها علي بيت المال و تنفق بسفه اموال الشعب لتصبح بلدنا لاول مرة علي شفا الافلاس والعجز وتتحول الاداراة التمويلية العليا الي اقتصاد التسول( و حسنه قليلة تمنع بلاوى كتيره) لتغطي مصاريفها المتزايدة ، ويسقط الجنيه بشكل درامي وترتفع الاسعار بشكل جنوني .

مهاجمة القضاة خصوصا الدستوريين منهم و محاولات النيل من كبارهم ارهاب مارسه كل روؤساء مصر من الناصر حتي العياط .. ولكن الجديد انه يجرى اليوم بالقانون اهدار القانون بعد تمرير دستور تم تفصيله لخدمة أغراضهم  .

خروج المظاهرات(مدفوعة الاجر )  خلال الجمعة الماضية التي قادها البلتاجي للتنديد برجال القضاء لم يكن الاول فلقد قاد جمال سالم مظاهرة شبيهه عندما وجد ان القانون عقبة امام تحقيق أغراضه،وللصدف الغريبه تكاد تتطابق شخصية القائدين رغم بعد المسافة بينهما .إنها اساليب متوارثة عن النازى هتلر وعصابته عندما بدأ حكمه بحرق الرايخستاج و اعتقال المعارضين وفرض دستور وحياة نيابية مدجنة يخضع افرادها لحاجة لقمة العيش .

الهجوم علي القضاء و محاولة تدجينه بواسطة تفريغ صفوفه من كل القوى المناهضة للظلم قام بها ايضا السادات  عندما تفرغ سيادة المستشار ابو سحلي  لتعويق جريدة حزب التجمع ومصادرتها وكانت مكافئته( الوزارة) ينعم بنفوذها وما تدرة من منافع واموال .  كذلك قام به مبارك عندما فتح الباب لضباط امن الدولة ليحتلوا اماكن هامة في السلك القضائي علي اساس ان سيادتهم من الحاصلين علي ليسانس الحقوق .. وها هو العياط يفتح الباب علي مصراعيه لاهله وعشيرته ليحتلوا الصفوف الاولي بدعوى تطهير القضاء الشعار الذى مللنا من تداوله عبر ستة عقود .

القضاء البدوى (العرفي ) الذى يقدمه لنا السادة اصحاب اللحي و الجلباب القصير يطابق ذلك الذى كان في زمن المماليك و سلاطينهم .. قاض ملاكي يلوى كل محددات الشريعة والدين لتناسب ما يمليه صاحب ( النعم والخلع والمتصرف في الاحباس )والا حرمة من( الجامكية)المخصصة للقضاه علي المذاهب الاربعة .

وهكذا نجد(كتقليد متبع )أن جلسات الصلح والحكم العرفية تأتي دائما لصالح هؤلاء الذين بيدهم صرة المال .

الفساد في الاحكام الذين يتندر به كل من ابتلي بمشاهدة احكام القضاء السعودى او شاهد قطع اليد و بتر الارجل السوداني( وهو امر لو اكتشف القاضى انه قد اخطأ فيه فلا قدرة له علي تصحيحة عن طريق الاستئناف و النقض) .. لا يمكن ان يكون هدفنا في مصر بعد ان زاولنا اسلوب تقاضي ارقي خلال قرن كامل .
إن السيد وكيل النائب العام الذى حكم علي مواطن بالجلد هو كائن مدهش فعلا ويحتاج الي( تخليده) كرمزو نموذج لما يمكن لاصحاب اللحي فعله في العقول  فكيف تخرجالسيد وكيل النائب العام  من كلية الحقوق وكان من المتفوقين الذين فازوا بكرسي النيابه و هو لا يعرف انه ليس له سلطة إصدار الاحكام لانه ليس بقاضي و انه لايمكنه ان يحكم بما ليس في القانون و ان ما يدعيه بأنه تعاليم الدين(المختلف علي تفسيرها بين الائمة الاربعة ) لا يسمح له أن يكون المحقق و المصدر لاحكام غير منصوص عليها في القانون الذى درسه لاربع سنوات.

 الخبل الذى اشاعه اصحاب اللحي بمهاجمة القضاة و المطالبة بتطهيرالقضاء و السكوت عليه والصمت المريب من قبل المسئولين و تطبيق اسلوب التقاضي البدوى المملوكي دون أن يجد صاحبه ملامة و تنفيذ الاعدام والتعذيب علي المخالفين في القرى و بعض المدن دون رادع او مساءلة إنما هو فوضي مرعبة فلقد أصبح لكل منا قانونه الخاص الذى يطبقه دون اى مراعاة لاحكام الدولة المعاصرة وإصبح عليه العوض في جهد قرنين عاشتهما مصر دولة يحكمها قانون  منذ محمد علي حتي محمد حسني . ...