بقلم:  السيناريست جرجس ثروت

الكثيرون يعرفون لعنة الفراعنة ولكن ما هي لعنة التلاميذ هذه ؟؟؟ وقبل أن يغضب الغاضبون نقول لهم أنه مكتوب " إذ صار لعنة لأجلنا " وليس المراد هنا الإهانة بل فقط لتوضيح أن التلاميذ من البداية أصابهم مرض عضال هو من يكون الأعظم " وجاء إلى كفرناحوم . وإذ كان في البيت سألهم : ماذا كنتم تتكالمون فيما بينكم في الطريق ؟ فسكتوا ، لأنهم تحاجوا في الطريق بعضهم مع بعض في من هو أعظم . فجلس ونادى الاثني عشر وقال لهم : إذا أراد أحد أن يكون أولا فيكون آخر الكل وخادما للكل فأخذ ولدا وأقامه في وسطهم ثم احتضنه وقال لهم :
من قبل واحدا من أولاد مثل هذا باسمي يقبلني ، ومن قبلني فليس يقبلني أنا بل الذي أرسلني " ( مرقس 9 : 33 – 37 )
 
نسى التلاميذ صيد السمك وأن المسيح وسطهم وهو الذي أخلى ذاته وأخذهم حب الذات ليعرفوا من فيهم الأعظم , حتى ذهبت أم ابني زبدي لتطلب منه أن يجعل أحد أبنائها على يمينه والآخر على يساره في المجد وليس على الأرض فقط               ( متى 20: 20 ) , هذا هو الإنسان المسكين الذي لا يعرف طبيعته مع أن السيد المسيح ليلة القبض عليه طلب من الجنود أن يطلقوهم لأنه عرف أنهم لم يقدروا أن يسهروا ساعة واحدة فقط فكم بالحرى مشاركته آلامه , كان يعرف أن هؤلاء بدون حلول الروح القدس فيما بعد هم منكرون ومجدفون وهاربون وقت الصليب لضعفهم البشرى , ولكن تغير الأمر بعد القيامة وحلول الروح القدس عليهم .
 
والذي يقرأ الأناجيل يظن أنه لأول وهلة أنهم خاطئون ولو كان مكانهم لما فعل مثل ذلك , وندينهم لأنهم كانوا مجرد صيادين فكم يكون ونحن الآن وسطنا أساتذة جامعات ومفكرون وفلاسفة هل هؤلاء جميعاً يستطيعوا أن ينتصروا على ذواتهم ويقدموا المسيح , وأيضاً الأكليروس بكل رتبه هل أستطاع أن يقدمه للناس ؟؟؟ فالحقيقة كلنا كالتلاميذ ولسنا بالحق تلاميذ , لأنه لو كنا حقاً تلاميذ وهذا أعلى درجة المفروض يصل إليها المسيحي أن يكون كسيده لأنه مكتوب " ليس التلميذ أفضل من معلمه ، بل كل من صار كاملا يكون مثل معلمه " ( لوقا 6 :40 ) بدليل أننا لا نرى تلاميذ ولا حتى المعلمين يهتمون بأن يكون لديهم تلاميذ يخلفونهم في القيادة والعمل العام .
         
لأننا فقدنا التلمذة صرنا فرقاء وقدمنا الفرصة الذهبية لمن يريدنا هكذا بلا حقوق على أرضنا وأمام العالم كله قاربنا أن نكون عاراً بسبب تشتتنا العظيم في مقداره العظيم في فوائده لأعداء الحرية والكرامة , ولذلك لا يجب علينا أن نلوم من يستغلنا بل نلوم أنفسنا نحن الذين فعلنا ذلك بأنفسنا , فليفرح القبطي ويسعد لأنه الأعظم أمام نفسه وأمام العالم وشعبه مذل , ولتضع استير أكوام التراب والخزى والعار لأنها أنقذت شعبها وكانت سيدة , لا بل كانت تلميذة والتهب الروح داخلها وغامرت بروحها ودخلت على الملك بدون طلب وكان عقاب ذلك الموت ولم تبالي لأنها كانت ترى شعباً يموت في كل لحظة .
 
أما عن بركة التلمذة فالحديث عنها يطول , وتكلم عنها الآباء الأوائل في البرية وهكذا العالم , لأن فيها نرى صورة السيد وحياته التي يراها فينا العالم كله لأننا نور العالم وفى التلمذة وحدة وقوة وإتضاع يقدم كل منا الآخر على نفسه , وعندها يكون لنا وزن فى المسيح وجسده وتختفى ذواتنا ليظهر هو , لأننا بدونه لا نقدر أن نصنع شيئاً فلنكون من اليوم تلاميذ وليس معلمين كثيرين يا أخوتي , حتى نكون أبناء أبانا الذي في السموات , وعندها لن يقدر علينا أحداً , ونعيش السماء على الأرض .