الأقباط متحدون - النصف دَستة الأشقياء.. والحـارة السَـدّ
أخر تحديث ٠١:٣١ | الاربعاء ٢٤ ابريل ٢٠١٣ | ١٦ برمودة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٠٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

النصف دَستة الأشقياء.. والحـارة السَـدّ

بقلم : مهندس عزمي إبراهيـم

في 10 يونيو 2012، تولى د. محمد مرسي العياط، أحد القيادات السياسية بجماعة الأخوان المسلمين وعضو بمكتب الإرشاد بها ورئيس حزب الحرية والعدالة ذراع الأخوان السياسي، منصب رئيس الجمهورية بمصر نتيجة انتخابات مشكوك في نزاهتها وشفافيتها وتحت ظروف أقل ما يقال فيها أنها مشبوهة.

وبعد أكثر من شهرين من مراقبة ميوله وتصرفاته واصراره على تمكين الأخوان من مفاصل مصر، نشرت مقالا في 25 أغسطس 2012، بعنوان "مصر محتلة". شرحت فيه تعريف الاحتلال وأنواع الاحتلال والمحتلين. وطرحت به طبيعة وتاريخ وفلسفة وأهداف جماعة الأخوان المسلمين، وقَسَم العضوية أو التبعية الذي يُقسمه كل من ينتمي إليها ومنهم بالطبيعة محمد مرسي. وأن هذا القسم لا يتضمن اسم "مصر" إطلاقاً، ولا يتضمن حرفاً واحداً عن وطنية عضو الجماعة لمصر أو الولاء لها أو الدفاع عنها. فأثبتُّ في مقالي أنه بتولي مرسي كرسي الرئاسة، ومن اتجاهاته وتصرفاته المبدأية واضح أنه ليس رئيساً لكل المصريين. وأن استقرار مصر وارتقاءها ليسا من أهدافه ولا في أجندته. وأستخلصت أن الأخوان المسلمين قد احتلوا مصر، فكان مقالي "مصر محتلة"
بعد مرور خمسة شهور من تولي مرسي الرئاسة. وبمراقبة انجازاته أو بالأصح عدم انجازاته، وعدم اهتمامه نحو استتباب الأمور بمصر وإنقاذها مما وصلت إليه من فوضى حياتية واقتصادية، وانحدار وتدهور في كافة حناياها الحيوية، واهتمامه فقط بأهله وعشيرته وبالنصف دستة الأشقياء أولي الفضل عليه، الذين أجلسوه على كرسي الرئاسة وأجلسوا جماعته على صدر مصر، وهم حماس وقطر واسرائيل وأمريكا والسعودية وإيران، قمت بنشر مقالأ آخراً في 30 ديسمبر 2012، بعنوان "في ختام 2012، مصر محتلة فعلاً"
اليوم بعد ما يقرب من 11 شهراً في حكم محمد مرسي لا يغفل بل لا يشك مصري وطني حر أن مصر صارت محتلة بالآخوان المسلمين. وأن الأخوان، بتبنيهم هدف انشاء خلافة خيالية توسعية، لا يضمرون خيرًا لمصر ولا لأبنائها، مسلمين أو مسيحيين، ولا أمان لهم حتى تجاه العديد من أعضائهم وأتباعهم والمتعاونين معهم.

تاريخهم وطبيعتهم وتصرفاتهم هو تاريخ وطبيعة وتصرفات جماعة ارهابية رغم عباءة الدين التي يرتدونها زيفاً ورياء والتي لا تخفيهم ولا تخفي عورات ميولهم وأجنداتهم السلطوية الغير إنسانية. اغتالوا واغتصبوا وأحرقوا ودمروا منذ بدء تكوينهم كجماعة. هذه طبيعتهم الارهابية ووسائلهم للوصول إلى ما يأملون. التاريخ يثبت أعمالهم الدموية والتخريبية في عهود الملكية وعبد الناصر والسادات وحسني مبارك. واليوم بدت طبيعتهم ووسائلهم سافرة علنية واضحة كالنهار عندما كشفوا قناعاتهم ظناً انهم اكتسبوا مِلكاً في مصر، واقتنصوا مُلكاً على شعب مصر.
ولكن.. حاشا لمصر والمصريين أن يتركوا المحتل المغتصِب يحتل أرضهم ويغتصب خيرهم وحقوقهم. إن عاجلا أو آجلا سيندحر المحتل كما اندحر التتار والهكسوس والنازية والفاشية والشيوعية. فالبقاء للأحرار الأوفياء أبناء مصر جميعاً، مسلمين ومسيحين ويهود وغير ذلك، يتطلعون إلي بذوغ فجر جديد يحمل نسيم الاستقرار، وصبح يسطع بشمس الحرية، وسماء رحبة للعيش بكرامة وعمل وابداع وانتاج.
أما عن مسيحيي مصر، ويُخصَّصوا بلقب الأقباط ، فلهم قضية يعرف أبعادها وأعماقها كل عاقل عادل مؤمن بدينه وبالإنسانية. نحن الأقباط، نقبل هذا اللقب الجميل بكل فخر، حيث يطلقه علينا الجاهلون تمييزاً لنا عنهم في حين أن جميع المصريين أقباطاً، قلباً وقالباً، ودماً ولحماً. فالجاهلون غافلون أن الأقباط هوية وطنية بحتة، هوية مصرية لا تمت لدين، يُلقب بها بني مصر قاطبة من أي دين ولو ملحدين. ما علينا، هي لقبنا وصفتنا.. ومنبع فخرنا وطناً أو ديناً.

ما هي قضية الأقباط؟؟  الأقباط، وهم أبناء مصر، يدينون بدين سماوي يعترف به ويحترمه القرآن والتوراة وكل الأديان والعقائد بالعالم. الأقباط لا يخزنون زخيرة كما ادَّعى المغرضون سابقاً، وكما يدَّعون اليوم، وسيدَّعوا كلما هاجت فيهم نوازع الشر والكذب والتضليل والظلم. الأقباط لا يحملون سلاحاً ولا يعلنون حرباً ولا ينادون بجلاء ولا باستقلال ولا بانفصال عن أي فصيل بالوطن، ولا بتقسيم جغرافي أو اقليمي أو طبقي أو معنوي للوطن أو لأبناء الوطن.

الأقباط بأبسط تعبير يطالبون بالحفاظ على كرامتهم كمواطنين مصريين بحقوق متساوية عادلة كما لجميع أبناء الوطن من أي دين. ولا أقول مواطنون من الدرجة الأولى فجاهل ومغرض من يقول أن المواطنة درجات!! فالقضية إذأً ليست قضية الأقباط فقط. ليست قضية المسيحيين أبناء مصر فقط.. أنها قضية مصر. مصر كلها بحاضرها ومستقبلها. القضية قضية أبناء مصر جميعاً، مسلمين وغير مسلمين. إنها قضية كل من يحمل جنسية هذا الوطن العظيم.
اليوم، يغمر المصريين بكل طوائفهم وأديانهم وطبقاتهم الاجتماعيةً شعورٌ مريرٌ كريه هو خليط من الحبوط والضياع والألم وقلة الحيلة وعدم الثقة في المستقبل. ينظرون حولهم وأمامهم فلا يروا إلا أحجار وحفر ومولوتوف ودماء وأشلاء ووحوش وسكاكين وقاذورات وحشرات. ولا يجدوا لهم سنيداً، إلا الله، ونعم السنيد. فيلجأ المصري إلى مخزن الآمال في أعماق نفسه، وكاد المخزن ينضب رصيده، ويحاول جاهداً أن يتمسك بما بقي به، ويقنع نفسه أن النور سيعود يوما كما كان باهراً زاهياً إلى القصر الجميل الذي أصبح معتماً كئيباً. يرسل نظره أمامه بعيداً عسى أن يروا بصيصاً ولو ضئيلا من نور لمسقبل أفضل مما يحوطه. فيكتشف أن الطريق المعتم ما هو إلا نفق طويل مظلم شيدته جماعة الأخوان والنصف دستة الأشقياء. والنفق مغلق في نهايته، أو كما يقال "الحارة سَد".

يري المصري حوله النار والدم يسريان تحت أقدام الأبرياء، مسلمين ومسيحيين، ولهيبهما يصعد إلى عيونهم وقلوبهم وعقولهم. ويقف الشجعان الأحرار منهم، مسلمين ومسيحيي، في مواجهة الذئاب، والذئاب تواجههم بعنف أكبر من شجاعتهم أحياناً. ويخذل البعض، وتضمحل شجاعة البعض، فيجروا وتجري خلفهم الذئاب..والكلاب. وأمامهم.. الحارة سَد!!
ولكــن...
ألم يكن البحر بسعته وعمقه وقوة أمواجه عائقاً رهيباً أمام خروج موسى النبي وشعبه من أرض مصر هرباً من جنود فرعون الهاجمة عليهم من الخلف، ففتح الرب القدير لهم طريقاً آمناً مأموناً عبر مياه البحر... فعبــــــروا!!؟؟
وألم يكن خط بارليف الشهير سلسلة من التحصينات الدفاعية، المثالية حربياً، مانعة للجيش المصري من العبور إلى سيناء المصرية. ففتح الرب القدير عقول أبناء مصر، وبالذات ذكاء اللواء المهندس باقي زكي يوسف المسيحي، صاحب فكرة فتح الثغرات بضخ المياه في الستر الترابي المعروف بخط بارليف، فتمكن جيش مصر مشاة ومدرعات من اختراقه وتجاوزه إلى الأرض المُغتصبة، عام 1973، في غفلة من إسرائيل... فعبــــــروا!!؟؟
لا.. لا يا بني مصر. لن تظل "الحــارة سَــد" في طريق أبرار مصر وأحرارها، مسلمين ومسيحيين ومن أي دين، بل سيفتح الرب كل سَدٍ أمامهم... فيعبــــــروا.
وسيعبـــروا.. رغم جماعة الأخوان والنصف دستة الأشقياء: حماس وقطر واسرائيل وأمريكا والسعودية وإيران.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter