بقلم: ليديا يؤانس
كُل البَشَرْ خُطاة وليس هُناك إنسان بِلا خطية وإن قُلنا أنهُ ليس لنا خَطية نُضِلْ أنفُسنا وليس الحق فينا لإنَ الكِتاب المُقدس يقول "الكُلْ قد زاغوا مَعاً فَسَدوا وليس مَنْ يعمل صَلاحاً ليس ولا واحد" (مزمور 3:14).
واحِداً فقط هُوّ الذى بِلا خطية الذى يَقول عن نفسهِ "مَنْ مِنكُمْ يُبكتني على خطية" (يوحنا 46:8). واحداً فقط الذى قال عَنهُ يوحنا "وتعلمون أن ذاك أُظهر لكى يرفع خطايانا وليس فيه خطية" (1 يو 5:3). واحداً فقط الذى قال عنه بطرس "الذى لم يفعل خطية ولا وجد في فَمِهِ مَكر" (1 بط 22:2). واحِداً فقط الذى قال عنه القرآن في سورة آل عمران آية (44) "إذ قالت الملائكة يَمريم إن الله يُبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين."
الخطية هي إنتهاك لِوصية الله ولذلك الخطية تَفصِل الإنسان عن الله القدوس لإن الله يقول "كونوا قديسين كما أنا قدوس." وبِالتالى الخطية هي أكبر مُشكلة وعدو يواجِهْ الإنسان لأنها تَفصِلهُ عن الله مصدر الحياة فَيموت روحياً وإذا لم يَتُبْ عن خطاياة يكون أيضاً الموت الجسدى وعلى ذلك يُقال أن ثمن الخطية مُوتْ.
في مقال سابق لي بعنوان "الجُمعة العَظيمة أمْ الحزينة" طَرح أحد القُراء الأعزاء الأسئِلة التالية:
هل نَحنُ بِِحاجةِ إلى صُكوك غُفران مِنْ البَابَوات والقساوِسه لِمغفرة الخطايا؟
هل بِِصلبِ يسوع المسيح أصبح الجِنس البشري بِلا خطية؟
هل بِِصلبِ يسوع المسيح أصبحت كُلْ خطايا الجِنس البشري مَغفورة؟
قبل أن نتكلم في هذة الإستفسارات يجب علينا أن نسأل: هل كان هُناك ضَرورة لِتَجَسُد يسوع المسيح وموته لكى يُكفر عن خطية آدم والبشرية الساقطة بالتبعية؟ سؤال مُهم جداً ولكن سوف يتم الإجابة عليه في مقال آخر. وهنا سنكتفى بالرد على الأسئلة المطروحة عالية.
موضوع صُكوك الغُفران ليس لهُ أساس بالكِتابِ المُقَدس ولا تعاليم المسيح بل هو بِدعة قامت بها الكنيسة الكاثوليكية بأروبا في فترةِ ماقبل الإصلاح الذى قام بها الراهب والقس الألماني مارتِنْ لوثر لإصلاح ماأفسده بابا روما والقساوسه. في ذاك الوقت كانت هُناك العديد مِنْ السلبيات التى تتعارض مع فِكر وتَعليم الكِتاب المُقدس. فعلى سبيل المثال كان لا يحق لأى فرد مسيحي أن يقتنى الكتاب المُقدس أو يقرأهُ بل البابا والقساوسه هُمْ فقط الذين يَحتفِظون بالكتابِ المُقدس ويقومون بقرائتهِ وتَفَسِيره للشعب. أيضاً إبتدعوا نظام صُكوك الغفران حيث أن الشخص الذى أخطأ يشترى صك غُفران لكى تُغفَرْ لهُ خطيتهُ وعلى أن تُستخدم هذة الأموال للصرفِ على الكنيسة. فقام مارتن لوثر حوالى عام 1452 بنشر رسالة مُكونة مِنْ 95 بنداً تتناول الإصلاحات المطلوبة لِلنهوض بالكنيسة ومِنْ أبرز هذة البِنود أن الحصول على غُفران الخطايا ليس بصكوكِ الغُفران وإنما غُفران الخطايا هُوَ هِبة ونِعمة من خِلال صك واحد فقط وهُوَ دم يسوع المسيح الذى تَمَ دَفعة مرة واحدة بموتهِ على الصليب.
نَعَمْ الكِتاب المُقدس تَكَلمْ عن صك واحد فقط وقد تم دفعه مرة واحدة مِنْ حساب دم يسوع المسيح. يسوع المسيح عُلِقَ على خشبة فَاتِحاً ذِراعية للعالم كُله لِكى يدفع دمة المقدس كَفَارة عن العالم كله. يقول الكتاب في (كولوسى 14:2) "إذ مَحَا الصك الذى علينا في الفرائض الذى كان ضِداً لنا وقد رفعه مِنْ الوسط مُسَمِراً إياة بالصليب."
نَعَمْ الكُل خُطاة فالكُل زاغوا وفسدوا. الكُلْ يعنى الكبير والصغير ؛ العَالِمْ والجاهِلْ ؛ الذى يؤمن باللهِ والذى لا يؤمن ؛ حتى الأنبياء والرسل أخطأوا. نعم الكُل أخطأ إلا واحِداً فقط وَهُوّ يسوع المسيح. نعم إبراهيم وموسى وداود وسليمان والقديسين وأنا وأنت كُلنا خُطاة إلا واحداً فقط الذى قال مَنْ مِنكُمْ يُبكتني على خطية.
كُلنا خُطاة مِنْ أول الخليقة وإلى نِهاية العالم وستستمِرْ الخطية مِنْ جيل إلى جيل لإن العالم وضِعَ في الشرير. الخطية كانت موجودة قبل آدم لأنها مُرتبِطة بالشيطانِ الذى كان مَوجوداً قبل خلق آدم والذى أخطأ بذاتةِ ضِدْ الله. وعِندما خلق الله آدم وحواء أغواهُمَا الشيطان بعدمِ طاعة الله ومُنذُ ذلك الحين أصبحت الخطية موجودة بالعالم. بُطرس الرسول يقول"اصحوا واسهروا لان ابليس خِصمَكُمْ كأسد زائر يجول مُلتَمِسا ً مَنْ يبتلعه هُوّ" (1 بط 8:5).
المسيح لم يأتِ لِكى يُعطينا رسالة وتعليم فقط بل جاء لِيُعطينا أسلوب حياة لكى نحيا ولا نَفنى. مَنْ يَقتنى المسيح بِداخلةِ ويُغَلِفْ نفسه بحكمتةِ سوف لا يُخطئ. ولكن إغراءات العالم شِديدة وكثيرة ومُحاربات الشيطان لِلكُل وخاصة لِلذين يُريِدون أن يَعِيشوا فى مخافة الله. الإنسان ضعيف يقع في الخطية عِندما يَتهاون مع هذة الثلاث: شَهوة الجَسد وشَهوة الأكل وشَهوة العيون. المسيح جاء برسالة محبة لِلكُلْ بالرغمِ مِنْ أن الكُل خُطاة. جاء لِلكُلْ بِغض النَظَر عن الإختلاف بين البشر. جاء لِلأسود والأبيض ؛ جاء لِلمرأة والرجل ؛ جاء لِلمُلحِد والمُتَدين ؛ جاء لِلصغير والكبير لِيُقدِمْ رسالة مَحبة وغُفران.
البعض يقول أن الله يَكره الخطية ويُحِبْ الخاطئ. ولَكِنني أقولُ لَكُمْ أن الله يكره الخطية والخاطئ لإن الخطية لم تُوجد إلا بسبب الخاطئ. بالتأكيد الله يُحِب خَليقتة ولذلك يُريد أن الخاطئ يرجع عن طَريقةُ ويَنفصِلْ عن الخطية لكى يرتبط بالله بعد أن وضعت ألخطية حَاجِزاً بين الله وبينه. يُريد الله مِنْ الإنسان أن يُطيعه ويتوب عن خَطاياه ويَعترِفْ بها ويُقِرْ أمام الله بأنهُ أخطأ وأنهُ تاب وسَوفَ لا يعود مرة أُخرى لِلخطية. في هذة الحالة المسيح أمين وعادل في أن يغفر الخطية. عِندما تَجَلى الله لِسُليمان إبن داود وقدم له وعوده قال له "فإذا تواضع شَعبي الذين دُعىّ إسمي عليهم وصَلوا وطَلبوا وجهي ورَجعوا عن طُرقهِمْ الردية فأنني أسمع مِنْ السماء وأغفر خَطيتهم وأُبرئ أرضهم" (2 أخبار 14:7). ويقول في (1 يوحنا 9:1) "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطاينا ويُطهرنا مِنْ كُل إثم." ويقول الكتاب أيضاً "هَذا رَفَعهُ الله بِيمينهِ رَئيساً وَمُخَلِصاً لِيُعطى اسرائيل التوبة وغُفران الخطايا" (أعمال 31:5). "الذى لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا" (كولوسى 14:1 & راجع أفسس 7:1).
مَاهي الخطايا التى يَغفِرها يسوع المسيح؟
كُلْ الخطايا مَغفورة للإنسان ماعدا خطية واحدة لن يَغفِرها يسوع المسيح لا في هذا العالم ولا في الآخر وهى التجديف على الروح القدس.
كُلْ الخطايا مَغفورة للإنسان حتى مَنْ قال كلمة على إبن الإنسان أى يسوع الإنسان تُغفَر لهُ. كلمة ابن الإنسان تُشير إلى ناسوت المسيح أى يسوع الإنسان الذى أخذ طبيعتنا البشرية. يسوع الذى جَلسَ مع تلاميذه وأَكَلَ وشَرِبَ مَعهُم. يسوع الذى مَشى وَنَام وتَعِبَ وبَكى وتَألمْ.
يقول يسوع المسيح "الحق أقولُ لَكُمْ ان جميع الخطايا تُغفر لِبنى البشر والتجاديف التى يُجدفونها" (مرقس 28:3). ويقول يوحنا "اكتب اليكم أيها الأولاد لأنهُ قد غُفِرت لَكُمْ الخطايا مِنْ أجل اسمه" (1 يو 12:2).
خطية واحدة لا يغفِرها المسيح ولكن مُمكِنْ يَغفِرها إذا الإنسان تاب عنها واعترف بها ورجع إلى الله. هذة الخطية هي خطية التَجديف على الروح القدس. يقول يسوع المسيح "ولَكِنْ مَنْ جَدَفَ على الروح القُدس فَليسَ لهُ مَغفِرة إلى الأبد بل هُوّ مستوجِبْ دينونة أبدية" (مرقس 29:3 وراجع أيضاً متى 31:12 ؛ 32 ؛ لوقا 10:12).
التجديف هو إستخفاف وعدم إحترام وتحدى والتحدث عن قصد بالشر ضد الله القدوس أو تشويه صورته والسُخرية مِنهُ.
المسيح نفسه يقول حتى هذا التجديف يُغفر مثل باقى الخطايا عندما يعترف به الخاطئ وعندما يتوب عنه. الإعتراف بالخطية ليس فقط النُطق بِها باللسان ولكن الأهم الإعتراف بها أمام الله وبين الإنسان ونفسه وأن يقدم الإنسان توبة صادقة من القلب أمام الله لإن الله هو الفاحِصْ القُلوب والكُلى وهو الذى يعرف إذا كان الإنسان صادِقاً في توبتهِ أم لا. قبول الله لإعتراف الإنسان وتوبته يَتبعهُ هِبة ونعمة مَجانية بأن يغفر الله للإنسان خطيته لإن المسيح جاء خِصيصاً لِلخُطاة ولكى ينقذهم من الموت لإن الخطية ثمنها الموت.
عزيزى الإنسان الخاطئ إفرح وتهلل وإسمع ما يقوله لك المسيح "يابني مغفورة لك خطاياك."