بقلم: عادل عامر
 
أن تظاهرة اليوم الجمعة تأتى في إطار حملة للضغط على القضاء وإخضاعه لأهواء الإخوان المسلمين والحجة هذه المرة هي أحكام البراءة وإخلاء السبيل لرموز النظام السابق. إنها تستهدف إخضاع مؤسسة القضاء، والتخلص من رموزها، ، بأنها خطر على السلم الوطني، وانها شكلاً آخر من أشكال التأييد للرئيس محمد مرسى.إن القضاء لن يتم إصلاحه إلا من داخله، ان مليونية الإخوان بـ«إرهاب»، لتمرير قانون السلطة القضائية، للان  تعديلات القانون التي يجرى التحدث عنها «مذبحة جديدة إن القضاء المصري شامخ، ويطهر نفسه بنفسه.

من جهة أخرى، قدم حزب الوسط مشروعه لتعديل قانون السلطة القضائية إلى مجلس الشورى، أمس الأول، ويتضمن معايير تعيين النائب العام، وخفض سن تقاعد القضاة إلى ٦٠ عاماً، وعدم التمييز بين أعضاء الهيئات القضائية. أنه يجرى فى الكواليس الآن التخطيط والإعداد لمذبحة قضائية عارمة ينتج عنها استبعاد مالايقل عن 2500 قاض بهدف عمل إحلال وتجديد بعناصر قضائية أخرى موالية للنظام .. هذا ما يدور فى سلك القضاء، وذلك بعد تمرير التعديلات الواردة على قانون السلطة القضائية الذى تقدم به حزب الوسط  لمجلس الشورى ..

والمليونية التي ينظمها الإخوان غدا هدفها هو تهيئة الرأى العام لهذه الفكرة ودفع مجلس الشورى لاتخاذ إجراءات عاجلة فى النظر لهذه التعديلات، فإن هذه التعديلات سيترتب عليها مذبحة وتجريف قضائي هائل لأنه سيحرم المنصة من حوالى 3000 من شيوخ القضاة فى مصر من أهل الحكمة والدراية القانونية مع العلم أن سن القاضي لا يمثل اعتبارا في هذا الشأن ولكن ما يهم هو سنوات الخبرة التي تتجاوز 35 عاما فى دهاليز المحاكم .. الآن هناك خطة واضحة للسيطرة على أكثر من 14 ألف قاض هم قضاة المنصة وزرع قضاة من الإخوان والجماعات الإسلامية فى إطار مسلسل السيطرة على السلطة القضائية. أنه لا يوجد شيء اسمه "تطهير القضاء" لأن القاضي يحكم بما يقوله القانون ففي مسألة إطلاق سراح مبارك مثلا هذا تم وفق القانون والقاضي لا يحكم بمنطق ثوري وإنما بما يذكره القانون وبالتالي فإن هذا الموقف يتطلب إصلاح منظومة القوانين وليس إقالة القضاة وبالتالي شعار تطهير القضاة هو قول حق يراد به باطل ..

ولا يصح ذكره دون آليات ويجب أن يحدث هذا التطهير من داخل السلطة القضائية نفسها دون أملاءات من أحد.ا ن قضاء مصر بخير ولا يقضى إلا من وحى ضميره وبما هو منصوص عليه في القانون ولا يتحمل أبدا عورا في أدلة أو قصورًا في بحث أدى إلى براءة متهم، أن هناك قاعدة قانونية تقول: إن الشك يفسر لمصلحة المتهم. أن القضاء المصري يملك بداخله آلية تطهيره إن شذ منه عضو أو فسد فإن حسابه يكون أشد من أى فرد فى المجتمع بإجراءات قاسية وعقوبات أشد ردعاً وإيلاما، فلا يزايد أحد على القضاء ولا يزايد أحد على قضاة مصر فان كان القضاة ليسوا أنبياء وليسوا ملائكة فإنهم لا يقبلون فى الثوب القضائي أي رجس أو دنس.".

"أن قضاة مصر هم من نسيج هذا الشعب والدرع الواقي له ضد ديكتاتورية فرد أو ديكتاتورية جماعة تعبث بمقدراته وتمزق نسيجه وتفتت وحدته ولما كان دعاة الهدم والتخريب قد وجدوا القضاء هو الشوكة التي في حلوقهم ضد دعوى تسييس القضاء وضد تغريب المواطن المصري في وطنه وبث روح الفرقة بين جموعه - فقد ظهرت تلك الدعوات"لا تخلو مؤسسة في مصر بالعهد السابق من انعدام الضمير والفساد الذي ضرب كل مؤسسات الدولة بسياسات عفنة, وقد يقبل الفساد في أي مؤسسة إلا أن هناك بعض المؤسسات إذا فسدت تفسد الدولة بأكملها وعلى رأسها بالطبع المؤسسة القضائية عملا بما قاله ابن خلدون «لو فسد القضاء لفسدت الدولة»، أن القضاء يطهر نفسه ذاتيا, مطالبا في الوقت نفسه بسرعة التخلص الفوري من عمليات الرشوة والمحسوبية التي تتم فئ الهيئات القضائية حتى نحصل على مؤسسة سوية يتطلق منها العدل. من مبادئ الدول الديمقراطية الحريصة على الحريات وتطبيق استقلال السلطات أن هناك عددا من المناصب في الدولة يجب أن يكون المعين بها غير منتم لأي حزب سياسي أو تكتل معين وهذه المناصب تتمثل في وزراء الداخلية والعدل والإعلام، حتى لا يتأثر الوزير بانتمائه السياسي أو الديني. أن الثورات تعطلت لأنها لم تتمكن اقتلاع جذور المبادئ التي يقوم عليها قمع الدولة وهى تحكم الشركات الكبرى وتحويل الثروات خارج البلاد واستمرار الامتيازات للسلطة واستمرار القوانين التى تزعزع أساليب عيش وعمل المواطنين وعدم التقدم ولو خطوة لسد الثغرة الكبرى المتمثلة فى الفراغ الأخلاقي والثقافي الذي يضرب الثورات في مقتل.

التاريخ سيكتب أن مصر شهدت فى عام 2005م أول ثورة لرجال القضاء ضد التزوير من أجل التوريث وأنها كانت الشرارة فى ملف التوريث التى استعرت يوم 25 يناير.. ولأول مرة يتحول القضاة إلى ثوار يعلنون العصيان المدنى ضد نظام كان ينوى الاعتماد عليهم فى كل سيناريوهات التزوير التى تضمن انتخاب جمال مبارك رئيسا للجمهورية خلفاً لأبيه.. وكان البطل الذى فجر الثورة هو هشام البسطويسى ومن بعده أحمد مكى ثم الدكتورة نهى الزينى، وفيما يلى شهادة أحد القضاة التى استمتع بها الشعب على الهواء مباشرة.

العدل هو الغاية من رسالات الله ؛ والعدل قيمة من القيم الإسلامية السامية ؛ ذلك أن إقامة الحق والعدل بهما تشيع الطمأنينة ؛ وينتشر الأمن ؛ وتشد علاقات الإفراد ؛ وتقوى الثقة بين الحاكم والمحكوم ؛ وتنمى الثروة ؛ وتزيد في الرخاء ؛ وتدعم الأوضاع ؛ فلا تتعرض لخلخلة أو اضطراب ؛ ومن ثم يمضى كل من الحاكم والمحكوم إلى غايته في العمل ؛ والإنتاج ؛ وخدمة البلاد . وبإرساء قواعد الحق والعـدل لايقف في طريق الحاكم أو المحكوم ما يعطل نشاطه ؛ أو يعوقه عن النهوض ؛ والبناء المثمر للبلاد ؛ ولا يتحقق العدل إلا بإيصال كل حق إلى مستحقه ؛ والحكم بمقتضى ما شرع الله من أحكام ؛ وبتجنب الهوى بالقسمة بين الناس بالسوية .

عمل القضاء الحقيقي هو الفصل في الخصومات بتطبيق صحيح القانون‏,‏ تطبيقا عاما مجردا دون تأثر بما هو خارج أوراق القضية المعروضة عليه‏,‏ ويتقيد بالأوراق والمستندات التي تنطوي عليها الدعوي ولا يحكم بعلمه الشخصي‏.‏وحتى يتحقق ذلك فإنه يتعين أن يكون ذهن القاضي وملكاته بعيدة كل البعد عما يشغلها عن القضية المعروضة‏,‏ لكي يتمكن من أن يمارس عمله بحيادية واستقلال كاملين دون تأثر بمؤثرات خارجية قد تخل بهذه الحيادية وذلك الاستقلال‏,‏ وإن كان الأصل أنه لا يجوز تقييد حرية الصحافة التي كفلها الدستور لأهمية الدور المنوط بها في بث الوعي العام والقيام بالدور التنويري في المجتمع‏,‏ إلا أن علاقة الإعلام بالقضاء تختلف عن علاقته بسائر سلطات الدولة‏,‏ وهي علاقة تحيطها كثير من المحاذير لاختلاف الهدف والوسيلة بين الصحافة والقضاء‏,‏ فالصحافة تهدف إلي الاهتمام بالخبر في شكله الصحفي وما يحتوي عليه من إثارة تجذب نظر القراء‏,‏ في حين يهدف القضاء الي الوصول الي الحقيقة من خلال تحقيقات ومحاكمات قد تطول او تقصر بصرف النظر عن مرددوها الجماهيري‏.‏