الأقباط متحدون - نحوإعلام مسيحي محترف وتعليم كنسي وطني
أخر تحديث ٠٤:٤٥ | الأحد ٢١ ابريل ٢٠١٣ | ١٣ برمودة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٠٣ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

نحوإعلام مسيحي محترف وتعليم كنسي وطني

بقلم: مدحت بشاي

medhatbe@gmail.com
 
أسعدني بعض مانشر عن اجتماع المجلس الاستشاري القبطي ، في الخبر أنه أول اجتماع للمجلس الاستشارى القبطى للمنظمات القبطية مع عدد من القيادات الفكرية والسياسية والحقوقية والإعلامية، تحت شعار الوحدة والمحبة لبحث اقتراحاتهم وأفكارهم حول تشكيل المجلس الاستشارى وآليات عمله لوضع رؤية مستقبلية للعمل القبطى خلال المرحلة المقبلة.
 
قال سامح فوزى للحضور "يجب علينا استخدام لغة للتوثيق الأحداث ووسائل الإعلام لتوصيل الرسالة"، مشيرا إلى أن الإعلام الدينى المسيحى يعتبر اجتهادات وليس له القدرة على جذب غير المسيحيين.. واستطرد فوزى "يجب أن يكون هناك تنسيق ورؤية أثناء الحديث وإطار فكرى لجميع الحركات القبطية"، مستشهدا بالحركات الإسلامية، التى تعمل فى إطار فكرى واضح، مضيفا أنه يجب القضاء على فكرة الانقسامات والزعمات لخلق عمل جماعى عطفا على إدراك إمكانيات حقيقة بلغة الأرقام بمعنى من يتصدر العمل القبطى وإعدادهم وإمكانهم.وأنهى فوزى رؤيته بضرورة أن تكون هناك رؤية واضحة بتقديم أنفسنا للمجتمع بلغة وأهداف ومطالب جيدة بشكل يستقطب عدد قطاعات كبيرة من المسلمين وإعادة النظر فى التربية الدينية فى الكنائس لوضع اجتهادات جديدة عن النضال الوطنى والمدنى.
 
كلام مهم جداً ، وفي الواقع ، فقد بح صوت كاتب السطور عبر كتابات ولقاءات حول أهمية تطوير الإعلام الديني المسيحي ومنذ فترة طويلة ، وكذلك أيضاً التعليم الديني في الكنائس لتعويض الأجيال الجديدة فراغ الإعلام المصري ومناهج التعليم من الإشارة لتاريخ الأقباط ودورهم ومشاركاتهم في كل مجالات الفكر والمعرفة والعلم والثقافة ، وتعريفهم برموز مسيحية قدمت للوطن أمثلة في الفداء والتضحية والانتماء .. 
 
ولعلي هنا أذكر ( كمثال ) بما جاء في عرض الكاتب مصطفى سامي لبعض ماجاء في كتاب مذكرات عريان يوسف سعد طالب الطب الذي شارك مع زملائه في الجامعة في الحركة الوطنية المصرية وثورة‏1919,‏ وإنضم إلي منظمة اليد السوداء التي دفعت بالخوف والذعر في قلوب الجنود البريطانيين وعملائهم المصريين‏.‏
 
عريان يوسف سعد كان في العشرين من العمر عندما قامت ثورة‏1919‏ بزعامة سعد زغلول‏.‏ كان ينتمي إلي أسرة قبطية تعيش في قرية ميت محسن القريبة من ميت غمر‏,‏ وكان والد‏,‏ يوسف سعد بك ناظر الوقف القبطي في ميت غمر أرسله إلي القاهرة ليواصل دراسته الثانوية في مدرسة التوفيقية بشبرا‏,‏ ثم التحق بكلية الطب وفي عام‏1919‏ انضم إلي منظمة اليد السوداء‏.‏يحكي عريان سعد قصة إعلان استقلال ميت غمر الطريفة‏.‏ وقد تألفت فيها وزارة من الأعيان وتولي العمال والطلبة حفظ الأمن‏.‏ وقامت أول مظاهرة في ميت غمر يقودها محمود حسني واندراوس رزق المحاميان وسعد يوسف سعد المهندس الزراعي‏.‏
 
وقطع المتظاهرون قضبان السكة الحديد حتي لاتصل القوات البريطانية إلي ميت غمر‏.‏ وجاء الجنود البريطانيون بالقطار الذي توقف عند قرية ميت القرش وكانت جنازة أحد المواطنين في طريقها إلي المدافن عندما أطلق الجنود البريطانيون النار علي المشيعين فقتلوا‏18‏ منهم‏,‏ وانتهي استقلال ميت غمر بوصول الفرسان النيوزيلنديين علي ظهور الخيل‏,‏ وتوقفت المظاهرات واختفت حكومة الثورة‏,‏ كان قائد القوات مستر شبرد مفتش وزارة الزراعة بالزقازيق‏,‏ وقد طلب من المأمور عمر بك وهبي بيانا بأسماء الحكومة والأعيان الذين قادوا المظاهرات‏,‏ لكن المأمور رفض‏,‏ وعندما فشل مستر شبرد في الحصول منه علي أية معلومات‏,‏ قال له‏:‏ إنت مأمور زي الزفت‏!!‏
 
استقال رئيس الوزراء محمد سعيد باشا الذي تعرض لمحاولة اغتيال‏,‏ وأعلن نبأ قدوم لجنة انجليزية برئاسة اللورد ملنر وزير المستعمرات البريطاني لبحث مطالب المصريين‏,‏ وأعلن سعدون باريس مقاطعتها‏,‏ وانتشرت إشاعة أن يوسف وهبة باشا سيؤلف الوزارة التي تتعاون مع لجنة ملنر‏,‏ لكن البطريرك أرسل وفدا من أعيان الأقباط يرجو يوسف وهبة ألا يقيل الوزارة حتي لايكون قبوله ضد إرادة الأمة سببا في سوء الظن بالأقباط‏,‏ لكن يوسف باشا رفض مقابلة وفد الكنيسة‏,‏ وصدر مرسوم تأليف الوزارة برياسته‏.‏
 
يقول المؤلف‏:‏ وصلت لجنة ملنر‏,‏ وقامت مظاهرات الاحتجاج وعقدت الاجتماعات في الأزهر والكنيسة الكبري في الدرب الواسع‏,‏ وخشي المتظاهرون من أن يعتدي علي يوسف باشا وهبة‏,‏ فيقال أن المعتدي عليه مسلم‏,‏ وأن الباعث هو الدين‏,‏ فتشوه الحركة الوطنية‏.‏كتب عريان سعد في مذكراته أن البلاد قادمة علي خطر محدق‏,‏ هذا قبطي يرأس الوزارة والشعب ثائر يطالب باستقالتها‏,‏ خشي عريان سعد أنه إذا قام أحد أعضاء جمعية اليد السوداء الذي ينتمي إلي عضويتها بالاعتداء علي يوسف وهبه انتهز الاستعمار الفرصة وأعلن أن المسلمين حاولوا إغتياله لأنه قبطي‏,‏ ولكن لو أنني أنا اعتديت عليه‏,‏ فلابد أن أسلم نفسي حتي يعلم العالم أن القاتل ليس من المسلمين‏.‏
 
وفي يوم‏14‏ ديسمبر‏1919‏ قام الشاب المصري بتنفيذ عملية الاغتيال بعد أن درس خريطة مقر منزل الباشا في شارع الشواربي وخط سيره حتي مجلس الوزراء‏.‏ وقد جلس في قهوة ريش ينتظر خروجه في الصباح كالمعتاد‏,‏ وعندما اقترب منه ألقي عليه قنبلتين لم تصبه أيهما‏,‏ بينما جرح اثنان من حراسه وألقي القبض عليه وهو يستعد لاطلاق الرصاص عليه من مسدسه‏.‏
 
طلب يوسف وهبه باشا لقاء الطالب المعتدي‏,‏ فأحضروه مكبلا بالحديد في مكتبه بمجلس الوزراء‏,‏ وسأله الباشا‏:‏ بتعمل كده ليه ياشاطر؟
ــ لقد خرجت علي الأمة بقبولك تشكيل الوزارة ياسعادة الباشا‏.‏
 
*‏ وكيف تحكم بخروجي علي الأمة؟
ــ أرسل لك البطريرك وفدا من أعيان الأقباط يطلب منك ألا تؤلف الوزارة فرفضت مقابلة الوفد‏,‏ وهذه المظاهرات والاضرابات دليل علي أن الأمة غير راضية عنك‏.‏‏
*‏ ما اسمك؟
ــ عريان يوسف سعد‏,‏ وأنا طالب طب قبطي أردت أن أغسل بدمي ودمك ما وصمت به الأقباط بقبولك تأليف الوزارة‏.‏
حكمت المحكمة العسكرية البريطانية علي عريان يوسف سعد بالأشغال الشاقة عشر سنوات‏,‏ وتابع مذكراته داخل سجن مزرعة طرة‏,‏ حيث قضي أربع سنوات ونصفا من العقوبة ثم أفرج عنه‏.‏ ومذكرات المناضل المصري تكشف حقيقة هذا الشاب المصري البطل وجيل شباب العشرينات الذين كان حب مصر والنضال من أجل تحريرها يجمعهم‏,‏ ولم تكن الخلافات في الدين والفكر السياسي تفرق بينهم

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter