الأقباط متحدون - مِنْ أى روح أَنتُمْ؟
أخر تحديث ٠٤:٥٨ | الأحد ٢١ ابريل ٢٠١٣ | ١٣ برمودة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٠٣ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

مِنْ أى روح أَنتُمْ؟

بقلم: ليديا يؤانس
 
يتَميز العصر الذى نَعيشه الآن بِسرعة وكثرة وُتنوع الأحداث. القليل مِنها مُفرِحْ والكثير مِنها مُحزِنْ. البعض مِنها بِفِعلْ الإنسان والبعض بِفِعل الطبيعة أو بسماح من الله. هذة الأحداث تؤثر على ساكني الكون بالإيجاب والسلب وأيضاً ردود أفعال الناس قد تختلف من شخص لآخر وإن كانت في النهاية تعكِس ما بداخل الإنسان لأنه مِنْ فَضلة القلب يتكلم الفم.
 
الفم قد يقول: "ياحرام" ؛ "يارب إرحم" ؛ "شئ مؤسف" ؛ "ربنا يسندهم" ؛ "قلبنا معاهم" ؛ "لابد من تقديم المعونة" ؛ "كيف نُساعد." وَفَمُ آخر قد يقول: "يستاهلوا" ؛ "ربنا إنتقم مِنهُم" ؛ "لكى يَتَعِظوا" ؛ "ربنا أخذ لنا حقنا مِنهُم" ؛ "ربنا إنتقم لنا" ؛ "أصلهُم كُفار" ؛ "مِثل ما عملوا ربنا عمل فيهم" ؛ "أصلهُم بِيعمِلوا حاجات تُغضِبْ ربنا فإنتقم مِنهُم" وهكذا.
 
طالعتنا الأخبار حديثاً بإنفجار مُروع في مارثون بوسطن والذى أَسفَر عن ثلاثة قتلى بينهُم طِفل وأكثر مِنْ 100 جريح.  وهذا ما جَعلنى أرجع بالذاكرةِ لِبعض مِنْ الحوادث والكوارِثْ الطبيعية التى حَدَثت مِنْ قبل وذلك على سبيل المِثال وليس الحصر: ضرب الإرهاب لِبُرجىّ مركز التجارة الدولية بمنهاتن. حوادث إرهابية إستهدفت العاصمة بغداد وعدداً من المحافظات. مذبحة الأقصر والهجوم على الدير البحرى. تفجيرات في فندق هيلتون في منتجع طابا.  ثلاثة تفجيرات مُتزامنة بِمُنتَجَعْ دهب في شرم الشيخ.  
أيضاً حدثت كوارث طبيعية مثل زلازال تسونامى توهوكو في اليابان وزلازال هايتى وأيضاً تُسونامى بأندونيسيا وكثير جداً من الكوارث التى تقتحم حياتنا كل يوم وتُعَكنِنْ حياتنا وتُكَدِرْ نُفوسنا.
 
رفقاً بي لا تُلوحُوا بأيديكم في وجهي ولا تُولوا وجُوهُكُم بعيداً وتَقولوا إيه المَآسى دى هُوه إحنا ناقصين غَمْ!  أعتذِر لكُم جميعاً ولكنني أردتُ أن نتذكر معاً رُدود أفعال بعض الناس في مثل هذة الأحداث وهل هذة الرُدود تُوافق الإنسانية ويرضى عنها الخالِقْ؟
من محبة الله للإنسان أنهُ خلقهُ على صورتهِ ومِثالهِ ومن صفات الله الحب والرحمة والشفقة وعلى ذلك من المفروض أن الإنسان يحمل صفات روح الله أى المحبة والرحمة والشفقة بالآخرين. 
 
أى حدث من الأحداث المذكورة عالية يوجد به 3 أطراف وَهُمْ الجُناة والمَجنى عَليهِم وشُهود العِيان. 
الجُناة أو الجانى في حالة الكوارث الطبيعية ليسوا أشخاص وبالتالى سوف لا نتكلم عنهم أما في الأحداث التى تتم مع سبق الإصرار والتَرَصُد كما حدث فى بوسطن ومنهاتن والعراق ومصر وغيرهم من البلدان يقوم الجُناة بالتخطيط والتِكتيك والتنفيذ لِلفَتك باِلنِفُوس البشرية وتدمير المُنشآت الحيوية والإستراتيجية لِتَحقيق مآرب شخصية أوعقائدية وتحت مظلات وهمية مِنْ صُنع خيالهم المريض الأحمق. هؤلاء هم ذوى الأرواح الشريرة الشيطانية اللاإنسانية الذين لا يعرفون الرحمة ولا المحبة. هؤلاء ليسوا موضع حديثنا أيضاً في هذا المقام.  
المَجنى عَليهم لا حَول ولا قُوة لَهُم ويكفيهُم ما أصابهُم إن كانوا مازالوا على قيد الحياة.  هؤلاء أيضاً ليسوا مَوضع حديثنا هُنا.
أما شُهود العيان فالمقصود بِهم رُدود أفعال الناس على الحدث وهنا مَربَط الفَرَسْ.  الناس مُمكِنْ تتعاطف مع الحدث وتأخُذهُم الرَأفة والمحبة والرحمة وأحياناً التدخُل كُل حسب إمكانياته وقدراته في مُساندة المَنكوبين والمَضرورين.  هؤلاء يَحمِلون مشاعر إنسانية حية تتألم مِنْ أجل الآخرين ويَحمِلون روحاً مُرهفة وبِداخِلهُم روح الله الذى يقول عنه الكتاب "في كل ضيقهم تضايق." 
 ليس مُهِماً أن يكون الإنسان ذو عقيدة أو دين مُعين ولكن المُهم أن يكون إنساناً يحمل في داخلهِ روح الله وليس روح إبليس. يحمل في داخلهِ قلب مِنْ لحم وليس قلب مِنْ حَجَرْ. 
بعض الناس ردود أفعالهم قد تكون بناءاً على مُعتقداتِهم أو نتيجة لِضررهم بِصورة أو أخرى فتأخُذ رُدود أفعالهم شكل الشَمَاتة أو الحِقد أو الإنتقام أو الإعتِقاد بأن الله أخذ لهُم حَقَهُم لإنهم تألموا وجازوا في مِثل هذة المُعاناة مِنْ قبل.   
 
يسوع المسيح قرر قبل الصلب أن يدخل أورشليم فأرسل أمامه رسلاً فذهبوا ودخلوا قرية للسامريين حتى يُعِدوا لهُ فلم يَقبَلوه. فلما رأى ذلك تِلمِيذاه يعقوب ويوحنا قالا يارب أتُريد أن نقول أن تنزل نار مِنْ السماء فتُفنيهُمْ.  فألتفت إليهُما وأنتهرهُما وقال لستُما تعلمان مِنْ أى روح أنتُما لأن ابن الإنسان لم يأت لِيُهلِكْ أنفُس الناس بل لِيُخَلِصْ.
تُوجد آية في الإنجيل صعبة جِداً ليس في فِهمها ولَكِنْ في تطبيقها. المسيح يوجه كلامة للعالم وخاصة للمؤمنين به قائلاً "سَمِعتُم أنه قيل تُحِبْ قريبك وتُبغِضْ عدوك.  وأما أنا فأقول لكُم أحِبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم احسِنوا إلى مُبغضيكُمْ وصَلوا لأجل الذين يَسيئون إليكُمْ ويطردونكُمْ" (منى 5: 43-44).
     
من المنطق البشرى الإنسان لا يستطيع أن يغفر بِسهولة أو ينسى الإساءة وخُصوصاُ إذا كانت مُؤلمة ومُدمرة لحياتةِ.  مثلاً الأُمهات اللاتى ثكلن أولادهن أو الأحباب الذين فقدوا أحبابهم أو الأشخاص الذين أصبحوا مُعاقين بسبب الجُناة الأشرار سوف لا يَغفِرون للذين كانوا السبب في عذابهم وآلامهم.  
قالت أُم: أنا لملمت أجزاء من جسد إبني من الشارع والباقى لم أجده لأدفنه. المُدرعة عَمَلتهُ فطيرة غطت به الأرض! كيف أنسى؟  قال آخر: إغتصبوا زوجتي وبناتي أمام عيني وعذبوني! كيف أنسى؟ قال شاب: في ريعان الشباب والذكاء صوبوا طلقاتهم على عيني فَأُصِبت بالعمى! كيف أنسى؟  قالت إمرأة: إبنتي خرجت ولم تعُد ولستُ أعلم ما إذا كانت على قيد الحياة أم لا ولا أعلم كيف تعيش أوأين تعيش!  كيف أنسى؟
أتفق مع الكل أن الألم مؤلم جداً والجرح عميق لا تداويه الكلمات ولا الآيات ولكن أقول أن الإنسان الذى بداخله روح الله لا يفرح ولا يشمت فى مصائب الآخرين لأنه جرب القسوة والظلم من الأشرار بل يُصلى من أجل الذين أساءوا إليه ويُحِبُهم. 
 
أحبائي نَحنُ بَشَرْ ضُعفاء وتحت الآلام ولكن:
مِحتاجين جميعاً أن نُحِبُ بعصنا البعض وأن تكون الرحمة والشفقة والسماحة سِمة مِنْ سِماتنا لأن الإنسان يختلف عن باقى المخلوقات فهو عاقل ومُفَكِرْ وأهم صِفاته الإنسانية هي الرحمة والمحبة والشفقة.
مِحتاجين أن نطلب من الله أن يُساعِدنا ويُعطينا القُدرة على الغُفران لكى يغفر لنا هُوّ أيضاً ذلاتناً.
مِحتاجين أن نُصلى لكى يملأنا الله بروحه القدوس ويغير قلوبنا ويشفى أرواحنا فَنُحِبْ الآخرين كما أحبنا هُوّ.
يارب مُنتظرينك حسب وعودك كما قلت "وأُعطيكُمْ قَلباً جَديداً وأجعل روحاً جديدة في داخِلكُم وأنزع قلب الحجر مِنْ لحمِكُم وأُُعطيكُم قلب لحمْ" (حزقيال 26:36).    

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter