بقلم: القمص أثناسيوس Ùهمي جورج
الرØلة الصيامية ÙÙŠ الأربعين المقدسة هي سياØØ© ورØلة لزهر ربيع التوبة؛ نعمل Ùيها بالصوم والصلاة.. Ùهي رØلة (عمل)Ø› عمل بهما إيليا ÙرÙعه الله إلى السماء. عمل بهما دانيال Ùخلص من جÙب الأسود. عمل بهما موسى Ùأخذ الناموس والوصايا المكتوبة بأصبع الله. عمل بهما أهل نينوى ÙرØمهم الله وغÙر لهم خطاياهم ورÙع غضبه عنهم. عمل بهما الرسل والصديقون ولÙبّاس الصليب.. هي رØلة (عمل) ورØلة (Ùعل) الصوم... لذلك رتبت الكنيسة هذا الصوم الربيعي للخزين والمؤونة والمباراة الروØية؛ لتجعل منه زمنًا تقديسيًا (قدسوا صومًا؛ نادوا بالاعتكاÙ) يوئيل Ù¡:١٤.. نتدرب Ùيه على التوبة والرجوع وطاعة الوصية، ليس صومًا عن الأغذية؛ لكن صومًا من أجل اقتناء الكلمة التي تخرج من ÙÙ… الله، Ùنرجع إليه من كل قلوبنا ونستعد للعبور لمعاينة الآلام الÙصØية، بÙعل جماعي وكلي لا ÙŠÙستثنى منه Ø£Øدًا ÙÙŠ الكنيسة كلها؛ Ù„ÙŠØµØ¨Ø Ø¨Ø°Ù„Ùƒ Ùعل وعمل الصوم للكنيسة كلها.
وتعلن الكنيسة قدوم الصوم ÙÙŠ رØلة تبدأ بالرÙاع والكنوز والتجربة والابن الراجع والسامرية والمخلع والمولود أعمى وصولاً إلى البصخة المقدسة، Øتى نسير رØلة رجوعنا من منÙÙ‰ÙŽ الغربة عن الله إلى ÙØ±Ø Ø§Ù„Ø´Ø±ÙƒØ© ÙÙŠ بيت الآب ووليمته وختمه وشÙائه واقتناء البÙرء وبصيرة الماء الØÙŠØ› بعيدًا عن جهالة وغباوة العصيان. ولأننا عبيد بطالون بددنا غنانا الأبوي برداءتنا وغيّنا؛ ÙاÙتقرنا واعتزنا وأÙلسنا ونالنا خزيٌ؛ وأتعبتنا Øياتنا المخلعة التاÙهة العمياء عديمة الثمر، لذلك نصوم معًا صومًا جماعيًا لنرجع ونبصر ونÙزهر ونثمر؛ ضمن الخلاص المشترك...
لقد Ø£Ùسدنا أذهاننا وأجسادنا وتركنا عشرة القدوس ÙˆØÙرنا لأنÙسنا الآبار التي لا تضبط ماءًا، وتبعنا نظرياتنا الخاصة المخيÙØ© والمتخبطة، وبددنا أوقاتنا ÙÙŠ مخططاتنا، والنتيجة أننا Ùقدنا ميراثنا وخرجنا خارج بيتنا الØقيقي، وضيعنا كنوزنا Ùيما يبلىَ ويÙسد ويصدأ ويÙسرق، ونÙÙنيا ÙÙŠ كورة بعيدة؛ Ùارغين غارقين وسط مستنقع من الجزع ÙÙŠ بابل البائسة وسط الخÙرنوب والخنازير، ولا دلو لنا وليس لنا إنسان يلقينا ÙÙŠ البركة، نعاني من خبرات البؤوس وخطايا الإثم والأطعمة البائدة... لكننا ÙÙŠ هذا الصوم السيدي ننضم إلى الكنيسة الصائمة ÙÙŠ برنامج عبادتها لنتشبه بالسيد ونتقدس ونتعقل ونكون قديسين نظير القدوس الذي دعانا ÙÙŠ كل سيرة، ونقول له (أخطأت٠أكثر من الجميع... يا رب يسوع اغÙر لي؛ لأنه ليس عبد بلا خطية ولا سيد بلا غÙران... آثامي علت على رأسي وثقلت؛ Ùلا تطرØني عنك؛ بل اجعلني كالعشار والزانية واللص.. واذكرني ÙÙŠ ملكوتك؛ واجعلني كواØد من هؤلاء؛ لأنني أعر٠أنك ØµØ§Ù„Ø Ø±Ø¤ÙˆÙ ÙˆØ±Øيم؛ Ùاذكرني برØمتك)..
ÙÙŠ عبادة الرØلة الصيامية ندخل مناخ وجو ÙˆØالة مدرسة التوبة التي لإعداد الموعوظين؛ كي نكتش٠مجددًا خلقتنا الجديدة وبنوّتنا وسر استنارتنا وبصيرتنا؛ ÙيتØقق عبورنا ÙˆÙصØنا إلى الØياة الجديدة؛ ليكون Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ ÙصØنا هو كنزنا (Ø£Øد الكنوز)ØŒ وهو غلبتنا (Ø£Øد التجربة)ØŒ وهو أبانا السماوي الذي أعد لنا وليمة أسراره (Ø£Øد الابن الراجع)ØŒ وهو ماء Øياتنا (Ø£Øد السامرية)ØŒ وهو طبيبنا ورجاءنا ÙˆØياتنا (Ø£Øد المخلع)ØŒ وهو استنارتنا وبصيرتنا وخالق رؤيتنا الجديدة (Ø£Øد التناصير)ØŒ وهو ملك خلاصنا (Ø£Øد الشعانين).. Ùلازالت رØلتنا الصيامية تØتÙظ Øتى اليوم بطابعها التعليمي والسرائري المتدرج كمدرسة للموعوظين؛ صائرة لنا من جديد كل سنة، كشÙًا جديدًا وخبرة مستعادة بما صرناه بالدخول إلى بهاء الملكوت.. ÙˆØ§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ Ø§Ù„ØµØ§Ø¦Ù… يقودنا ÙÙŠ موكب الصوّامين؛ لننظر إليه ونقتدي به ] تعالوا انظروا مخلصنا Ù…Øب البشر الصالØ.. صنع Ùعل الصوم وعلمنا المسلك كي نسلك مثله وأبطل قوة العدو ÙˆØيله ÙˆØÙججه واÙØªØ¶Ø Ø§Ù„Ù…Ø¬Ø±Ø¨ أمامه [ ذكصولوجية الصوم الكبير..
Øقيقة أن ربØًا عظيمًا وكثيرًا كائن ÙÙŠ الرØلة الصيامية؛ يمØÙˆ خطايا الذين تدنسوا؛ ويشهد لغلبة من تمسكوا به ÙÙŠ النصرة على ØÙجج العدو المØتال، Ùتصير هذه الرØلة الصيامية سيوÙًا وأسلØØ© مغبوطة لمن يمارسها؛ وبها يملأ مصباØÙ‡ بزيت البهجة... Ùللصوم بهاء ونجاة وخلاص ورÙعة تخلصنا قبل أن يسد الموت Ø£Ùواهنا ÙÙŠ أبواب الجØيم.. وللصوم كرامة لأنه مشابهة للسر العظيم الذي ÙŠÙوق عقول البشر الذي سعى مخلصنا ليكمله.
وما أروع قداسات عبادة الصوم التي Ùيها نستقي اللاهوت من الكأس المقدسة ÙÙŠ جو Ùريد البهاء؛ والشعور الÙصØÙŠØŒ عندما نعيش صلاة الكنيسة الصائمة المجتمعة التي تنادي يسوع Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ Ø§Ù„Ø°ÙŠ صام عنها أربعين يومًا وأربعين ليلة، Ùتتمثل Øياته أمامنا وتكون لنا اتØادًا وعشرة ووليمة روØانية ØاÙلة بالأطعمة الروØية التي للØياة الأبدية... Ùوراء كل جوع ÙÙŠ Øياتنا يكمن الله، ولأن قصة السقوط مرتكزة على الطعام والثمرة المØرّمة؛ Ùالصوم يعيد العالم الساقط؛ كي يستوعب ÙÙŠ هذه الرØلة الصيامية كي٠أن كنزه الØقيقي هو ÙÙŠ العبور الدائم من هذا العالم إلى ملكوت المجد..
كذلك ويصير الطقس الصيامي كوجبات روØية نختبر Ùيها تØريرنا السري من التقوى المشوهة الزائÙØ© عبر قراءة النبوات والقراءات التي تغذينا تعويضيًا وتكون أداة عبادتنا وبناءنا الذاتي: نبوات العهد القديم ÙÙŠ زمن ما قبل المسيØØ› زمن تاريخ الخلاص والتوقع المتجه Ù†ØÙˆ تمامه ÙÙŠ المسيØ... كتاريخ الخلاص الذي يقود Ù„Ù„Ù…Ø³ÙŠØ ÙˆÙŠÙƒØªÙ…Ù„ به؛ ويعلن سر الكنيسة خلال المشاهد والوقائع الكاشÙØ© لسر الخلاص العظيم الذي للعبد المتألم.. ÙÙŠ رØلة عودة صومية سنوية مؤسسة على البعد الكتابي.
ولأن أول العصيان كان من آدم أبينا ÙÙŠ الÙردوس بسبب شهوة الطعام؛ صار أول الجهاد من سيدنا Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ ÙÙŠ البرية؛ لنصوم معه Ùنغلب ونتمجد بسر لا ÙŠÙنطق به.. نسير معه ÙÙŠ مسلكه ونكون مثله.. Ùآدم الثاني السمائي المÙØيي هو موضع غلبتنا ونصرتنا على السقوط الذي كان آدم الأول النÙساني هو عÙلته. آدم الثاني جاع ÙÙŠ البرية ليكÙر بصومه عن الطعام المØرّم الذي أكله الأول بعصيانه.. ونØÙ† نصوم لنعبر من البرية إلى الÙردوس، ونسلك كما سلك ذاك الذي ÙØªØ Ù„Ù†Ø§ طريق الØياة وأنار الخلود..
إننا نصوم لكي لا ننخدع بكلام المØتال الذي يجربنا بأقوال إلهية مجتزأة من سياقها.. ولكي نوØد قلوبنا مع مسيØنا الكلمة ÙنظÙر بطعام الرØمة؛ لأن Øياتنا ليست بالخبز ÙˆØده؛ ولأن ملكوتنا ليس أكلاً وشربًا؛ لكن صومنا هو شهوتنا للÙØµØ ÙˆÙ„Ù…Ø´Ø±ÙˆØ¹ النور وقيامة المجد.. وإن كان خلاصنا هو ليس بصومنا؛ لكنه بالإيمان يثمر خلاصًا وقداسة؛ لأن صومنا يصون ويØÙظ لنا نعمة الخلاص الموهوبة لنا.. وصومنا هو ليس ضد الجسد لكنه من أجله ومن أجل إخضاعه وترويضه..
ÙˆÙÙŠ عبادة الصوم تنØني الكنيسة كلها ÙÙŠ طلبة إلØاØية نخاطب بها الله ونØÙ† منØنين ساجدين من أجل اØتياجات الكون الشاملة.. وبألØان الصوم الجميلة نتعبد؛ والتي قد تبدو رتيبة وبطيئة؛ لكنها تÙدخلنا كي Ù†Ùهم ونعيش التØول الذي يبدأ من الأعماق، وكأننا نصل بها إلى مكان باطني لا يبلغه ضجيج وصخب الØياة وهرجها ومرجها (عالم آخر سماوي) Øيث نغم اللØÙ† الصيامي الذي ÙŠØررنا بلØنه وكلماته Ù„Ù†ØµØ¨Ø Ø®ÙÙŠÙين صاعدين Ù…Øلّقين، نستدعي المراØÙ… ونختبر Øركة النÙس التي تسترد عمقها الضائع، متسربلين بلباس الصوم كثوب يقينا من سهام إبليس الØارقة، مقدمين أجسادنا قرابين تتجدد ÙÙŠ الربيع الروØÙŠØ› وكأنها بمثابة (تعشير) لأيام السنة وموسم رد كل شيء لله..