قبل أن تسقط السويس في أيدي المتطرفين
البيان رقم «13» يهاجم الأقباط ويحذرهم.. الالتزام أو الرحيل!
فالسويس مدينة المقاومة الشعبية تحولت إلي مدينة العنف.. والبلد التي قدمت أول شهيد للثورة المصرية، قدمت أيضا أول ضحايا جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو ما يعرف حاليا بـ «أمراء الحسبة».
ففي بلد الغريب صاحبة الشرارة الأولي للثورة اضحي نفر قليلون يتحكمون فيها.. يقتلون من يرون أنه يستحق القتل، ويكفرون من لم ينفذ رغباتهم.
يحضون علي العنف، حتي أصبحت المدينة الأبية لينة في يد متشددين.
وكان آخر ما أصدرته ووزعته من أسمت نفسها «جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» بالسويس بيانا حمل الرقم «13» يهددون ويتوعدون ويحذرون أهالي المدينة.
وذكرت فيه أنها قضت علي أماكن «الفحشاء والفساد والرذيلة» وأنها تستعد في المرحلة الثانية للقضاء علي «أوكار الشيطان» وهددت الجماعة باستهداف أصحاب محلات بيع الكحول والفنادق التي تقدمها.
وطالب البيان الأقباط في مصر بالالتزام بتعاليم الإسلام، وخيروهم بين الالتزام أو الرحيل، مهددين بمداهمة وجلد السكان الذين يقطنون في «المدن الجديدة بالسويس»، وأنها قسمت اتباعها إلي خمس مجموعات، كل واحدة مسئولة عن حي من أحياء السويس الخمسة.
«الجماعة الخفية» تتخذ من السويس مقرا لها للتوغل في باقي مدن مصر.
هكذا قال الحاج حسين عيد والد أحمد الذي توقف عمره عند الـ 20 عاما بعد أن لقي حتفه علي يد أفراد الجماعة في منتصف يوليو من العام الماضي.
وقد قضت محكمة جنايات السويس بمعاقبتهم بالسجن 15 عاما بتهمة القتل العمد، وتكوين جماعة غير قانونية تحت مسمي «جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
ويضيف حسين عيد: أفراد هذه الجماعة هم الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، مشيراً إلي ان تيار الأخونة والسلفية، انتشر في السويس، مما سمح لهؤلاء ببث سمومهم ونشر أفكارهم بين الشباب المهمش في المدينة والمناطق الريفية.. قائلاً: «يجدون من يسمع لهم من الشباب، وهناك من يغض طرفهم عنهم من المسئولين».
وقال: «دم ولادنا راح هدر سواء في الثورة أو دم ابني اللي اتقتل في السويس» مضيفا أن العنف لن يتوقف إلا بالعنف.. فليس أمامنا غير القوة لمواجهة تشدد هذه المجموعة، إذ قمنا بتشكيل لجان شعبية لمكافحة من يسمون أنفسهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأضاف: «تار ابني هخده.. لكن العدالة فين».
وأشار إلي ان قضية ابنه تم تسييسها، موضحا انه لن يتنازل عن حقه في القضية حتي لو اضطر للجوء إلي المحاكم الدولية.
وأضاف عيد: قوة التيار السلفي في السويس تجعل عدداً من الأحزاب والتيارات تتخذ الموقف الوسطي وتقف ضد أي إدانة لتصرفات هؤلاء في محاولة منهم للتقرب إلي التيار السلفي، مضيفا: لن نخاف أو نستسلم لأفكار هؤلاء.
علي خطي الحاج حسين لا يسير الكثيرون في السويس .. فهم فإما يتملكهم الخوف من تلك الجماعة فيتم التصالح والتنازل عن أية محاضر تم تحريرها ضدها، وإما أن يتكتم المجني عليه، علي ما أصابه من ضرر فلا يتحدث عنه.
فبعد ان قام أحمد غريب صاحب محل بمنطقة الأربعين بتحرير ضد أحد الملتحين دخل محله دون استئذان «لانهم لا يستأذنون من أحد» علي حد قوله، مما تسبب في مشادة كلامية بينهما حاولت الجماعة الاعتداء بعدها علي صاحب المحل بقطع يده وقطع لسان أخيه الذي سبهم.
وبعد ساعات من تحرير المحضر تم التصالح والتنازل.
لكن عادل أبوعيطة عضو جبهة الانقاذ وخطيب أحد المساجد بمنطقة الجناين الذي حرر محضرا ضد أفراد ملتحين، وجه الناس في إحدي هذه الخطب لكيفية الدعوة إلي الله.. وان يكون المسجد مكانا لتعلم الأخلاق الحسنة.. وان الدين ليس ملبسا ولا مظهرا خارجيا.. وهو ما أغضب السلفيين المترددين علي المسجد.. فوجهوا له السباب والاتهامات بالعلمانية وضيقوا عليه في إلقاء الخطب بالمسجد.
أبوعيطة يرفض الأسلوب الذي تحاول بعض التيارات الإسلامية فرضه علي المجتمع السويسي من خلال جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، موضحا: «ليس في سلطة أحد تطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا من خلال الرئيس وما يتبعه من أفراد أمن وقضاء».
وأضاف أن «السويس تشهد تواجداً سلفياً كبيراً.. وهو ما يفسر بدء ظهور الجماعة الخفية من السويس، بالإضافة إلي الظروف المعيشية الصعبة واستقطابهم لأفراد صغار السن، بالإضافة إلي انعدام التواجد الأمني.
وقال ان وجود هذه الجماعات سيجر البلاد إلي مخاطر الحرب الأهلية، لأن البيئة في السويس مختلفة عن باقي المحافظات المصرية وقبل ان يفكر هؤلاء في الأمر بالمعروف يجب أولا ان يروا هل البيئة المصرية مهيأة لتقبل أفكارهم أم لا.
وأضاف: «لسنا ضد الأخلاق والفضيلة.. لكننا ضد ان يختص أناس أنفسهم بذلك دون غطاء قانوني».
وأشار إلي ان معظم الجماعات الإسلامية التي مارست العنف خلال العقود الماضية كانت تسعي لتطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في البداية.. إلا أن إساءة تطبيقها وسوء فهمها لهذا المبدأ أدي إلي استخدامها العنف فيما بعد.
وأضاف أن أحد أسباب رفضه للدستور، ما به من عوار يتيح لأفراد ان يقوموا بمثل هذه الممارسات.
أما علاء البحيري كبير الإخصائيين الاجتماعيين، بمدرسة الأهرام الثانوية الصناعية فقد أكد أن ما يحدث في السويس ما هو إلا بداية قبل انتشار الظاهرة بصورة موسعة، مثل ما يحدث مع قرارات مرسي والحكومة قبل إصدارها والتي يتم تسريبها لتهيئة الرأي العام لتقبلها أو لفرضها كأمر واقع.
وأضاف: المجتمع يتضرر من أفعال هؤلاء.. فهم يشوهون صورة الإسلام قائلاً: «مبيفهموش في الإسلام»، وحذر من أن تتطور إساءة استخدام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الجماعات إلي نشر العنف في الشارع المصري كما حدث العام الماضي.
أحمد حسن مواطن مصري، لم يكن يدري أنه قد يكون ضحية مثل صديقه أحمد طالب الهندسة.
ففي حديقة الخالدين كان «أحمد» طالب التجارة يسير وسط زملائه، حينما أوقفه عدد من الملتحين ليستفسروا عن هوياتهم ومن سمح لهم بالخروج معهم وهو ما أغضب الشباب الذين بدوا متحفزين حينما خرجت «مطواة» من جيب أحد الملتحين لتبدأ مشاجرة فروا فيها هاربين.
أحمد يقول: ما يحدث ليس من الدين ويسير بالبلد إلي حرب العصابات.
خلايا عنقودية تضم نحو 500 شخص وتتمركز في 3 مساجد
مجموعة من الخلايا العنقودية، تتكون كل خلية من 5 أعضاء بإجمالي 500 عضو في السويس وحدها.
احصائية لم يذكرها تقرير لجهاز الأمن الوطني، وإنما قالها لـ «الوفد»، الحاج حسين عيد والد «أحمد».
الذي قتل علي أيدي أعضاء جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السويس، منتصف يوليو الماضي.
«الحاج حسين»، قال أيضا في وصفه لحجم «جماعات الأمر بالمعروف» إن هذه الخلايا العنقودية تتشابه في تشكيلها مع التنظيمات الجهادية الموجودة في سيناء.
وأوضح أنها تتخذ من عدة مساجد قاعدة للانطلاق، منها مسجد «النبي موسي» بحي السويس، ومسجد «عباد الرحمن» بمنطقة «الموشي» في حي فيصل، ومسجد ثالث بمنطقة جنيفة، في حي فيصل.
والمساجد الثلاثة هي أهم قواعد انطلاق المجموعات.
الشيخ محمد محروس مفتي «الأمر بالمعروف»: لست قائداً للتنظيم!
لا يجوز تغيير المنكر بمنكر أشد منه
في السويس يقولون ان مسجد النبي موسي هو مقر مؤقت لجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وإن الشيخ محمد محروس عضو الرابطة العلمية السلفية وأحد رواد المسجد، هو أستاذهم. وان له خطبا تحريضية.
«الوفد» التقت الشيخ محمد محروس، فقال: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة وفرض من فروض الإسلام التي يجب ان تطبق في المجتمع».
وأضاف: لا يجب ان تترك المسألة لأي شخص فهي مسئولية ولي الأمر أو من يفوضه ليقوم بذلك.. وهو تغيير المنكر باليد.
أما التغيير باللسان فهو للعلماء والتغيير بالقلب فهو لمن لديه استطاعة بشرط ألا يجلب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مفسدة ولا يجوز تغيير المنكر بمنكر أكبر أو أشد منه، وأوضح أنه لا يوجد في السويس ما يثبت ان هناك كيانا أو جماعة أو فرقة تسمي جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
واستنكر الشيخ محمد محروس الاتهامات الموجهة إليه بأنه قائد التنظيم قائلا: كل دوري ينحصر في أني أتردد علي المسجد لأصلي به.. وحاربت الفساد الذي كان متوغلا داخل المسجد عقب الثورة.
وأضاف أن ما ألصق بالمسجد من تهمة رعاية جماعة الأمر بالمعروف والنهي، عن المنكر سببها ان «عنتر، ومجدي ووليد» الملتحين الثلاثة الذين اتهموا في عملية قتل طالب الهندسة هم من المترددين علي المسجد.. فكان «وليد» إماما في بعض الأحيان و«عنتر» مؤذنا «ومجدي» مصليا عاديا.
وأضاف: مطلوب من كل مسلم ان يقوم بدوره في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكن يجب ان تكون مقننة.
«بسمة» لم تعد تعرف البسمة!
لم تكن تعلم «بسمة» التي لم تكمل عقدها الثاني بعد، بأن يسبب لها حجابها مشكلات.. وان تنصحها إحدي المنتقبات، بأن تستبدل له بالنقاب.
الفتاة التي كانت تسير برفقة زميلاتها في شارع 23 يوليو بحي السويس اعترضت علي ما أبدته المنتقبة من كلام.. وقالت «حريات الأفراد لا يجب لأحد ان يقترب منها طالما أن مظهرها لم يضر بأحد».
«بسمة» يلتصق بذهنها حادث مقتل طالب الهندسة أحمد حسين الذي تم قتله غدرا تحت ستار الدين قبل عدة أشهر علي يد ملتحين، الفتاة مثلها كل بنات جيلها انتابتها حالة من الخوف والذعر بعد التهديدات المستمرة والمتوالية ممن يطلقون علي أنفسهم «جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في مدينة السويس، وقالت لـ «الوفد» إنه منذ ان بدأت تلك البيانات بغزو السويس فان وسائل الدفاع عن النفس لم تغب عن حقيبتها.
من هو المحتسب؟
المحتسب هي وظيفة وأحياناً يطلق عليها الحسبة.
كانت تقوم بتطوّع من الذين يودّون تطبيق قاعدة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) ودون مقابل.. أي انهم يقومون بها احتساباً لوجه الله. ومنها (محتسب).
ظهرت تقريباً في بدايات الدولة العباسية، بعد اتساع الدولة واتساع أسواقها. إذ كان لابد من وجود مراقبين لمراقبة سلع التجار بالأسواق وهي في بداياتها كانت احتساباً بمعنى تطوع.
في نهاية الدولة العباسية كان المحتسب في أوجّ نموه حيث توسع من الأسواق إلي الأزقّة والطرق وأصبح له أفراد وراتب. وأخذت تنمو حتى دولة المماليك.
في أبريل من العام الماضي، ظهرت مجموعة من «المحتسبين» في أنحاء العاصمة الليبية طرابلس، وزاولت أنشطتها في إطار هيئة للاحتساب ينظّم عملها متطوعون من التيار الديني، بناءً علي موافقة وزارة الثقافة والمجتمع المدني الليبية.
وارتدي أعضاء الهيئة، ملابس موحدة كتب عليها، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - فرع طرابلس.
وفي أكتوبر، قامت مجموعات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بقطع رأس مواطن ليبي، دون محاكمة! باستعمال السيف، لانه متهم في قضية قتل.
محمد خضير شيخ قبيلة العامرين: أي مجنون سيحاول الاقتراب من القري السياحية «سنفرمه»!
حالة من الرعب والفزع التي أصابت مواطني السويس انتقلت إلي أصحاب المنشآت والقري السياحية، بعد التهديدات المباشرة من الجماعة بمهاجمتها تلك المنشآت ومنها محال بيع الخمور.
فلجأ عدد من أصحاب القري السياحية إلي قبائل البدو لتأمينهم وحمايتهم، بينما لجأ عدد من المحال المرخص لها بتجارة الخمور إلي البلطجية لحمايتهم من هذه التهديدات.
الشيخ محمد خضير شيخ قبيلة العامرين بالسويس، قال: في ظل الغياب الأمني، فإن عدداً من أصحاب القري السياحية طالبوه بتأمين المنشآت وحمايتهم من التهديدات الواردة من الجماعة.
وقال خضير: لن نسمح لأحد من المتطرفين بالعبث بمقدرات الشعب.. والقري ستجري حمايتها بالكامل.. وأي مجنون سيحاول الاقتراب منهاسيجد العقاب المناسب والرد العنيف في انتظاره لأننا سنفرمه.
وقال عدد من أصحاب محلات بيع الخمور، انهم سيقومون بحماية محلاتهم.. ولن يتهاونوا ضد من يقترب منها.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.