الأقباط متحدون - مُستنقَع الضَياع
أخر تحديث ٠٣:٢١ | الخميس ١١ ابريل ٢٠١٣ | ٣برمودة ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٩٣ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

مُستنقَع الضَياع

 بقلم: مهندس عزمي إبراهيـم

تعمدت ألا أكتب خلال الأيام القليلة الماضية حتى تهدأ نفسي فلا أكتب بحدة والتهاب، وحتى.لا أزيد النار ناراً والغاضب غضباً والحزين حزنا والجاهل انفعالا واشتعالا.
الأمر في مصر مُزعج مُقَزِّز وجد خطير. بأبسط الكلمات، مصر تحترق وتنزلق على انحدار وَعر نحو مستنقع الضياع. بل لقد انزلقت فعلاً إلى مستنقع أنقى ما فيه (وأكرر أنقى ما فيه) خليطٌ من الفقر والجوع والبطالة وفقدان الكرامة، وضياع الأمل في مستقبل كريم، والفوضي الدينية والاجتماعية والأخلاقية، مما سبب اندلاع نار العنف والتعصب والحقد والفساد والتحرش الجنسي وهتك الأعراض والفسق وانتشار الدعارة العلنية والمستترة، المُسَعَّرة والمرخصة بوثائق قانونية دينية مُدَعَّمة بشهود. هذه الباقة من الموبقات لا ينكر وجودها إلا أهبل. وان لم يكن وجود تلك الباقة العفنة من الموبقات في مصر علاوة على احتلالها بفصيل لا ولاء منه لها، دليل انهيار كامل، فلست أدري ماذا تكون معالم الإنهيار الكامل لدولة!!!

وللأسف كل هذه الموبقات تجري وتنمو باسم الدين وبالتكبير لله. لست أدري أي دين يتبعون عندما يرتكبون تلك الموبقات!!؟؟  ومن هو الله الذي يكبرونه بالقتل والسحل والجراح والدماء والهدم والحرق!!؟؟
وعلى رأس مصر رئيس لا يعرف ألف باء الرئاسة والقيادة والمسئولية والأمانة أو حتى الإيمان بمباديء دينه. ولا يعرف معنى روح الوطنية ولا قيمة الاستقرار والسلام لوطنه، ولا يدرك أهمية الوحدة والصفاء والتعايش والتضامن بين شعبه. رئيس مصر لا يهتم بمصر ولا بشعب مصر. يهتم فقط بما تمليه عليه الجماعة عن طريق مرشدها، الخليفة الحالم الواهم بقصره العاجي بالمقطم. وهو بدوره لا تهمه مصر أكثر مما تهمه الصومال ونيجيريا واليمن وأفغانستان وغيرهم. رئيس مصر همُّه الأول بل كل همِّه، تمكين أقدام جماعته الأخوان المسلمين في أرض مصر، وتمكين قبضاتهم على مفاصلها وعنقها كفريسة في مخالب ذئب أو كعظمة بين أنياب كلب. وما عليه إلا تنفيذ أوامر المرشد بالسمع والطاعة لإرساء قواعد الدولة الدينية في مصر لتكون ركيزة الخلافة الأخوانية السوداء على مصر وعلى أخواتها البؤساء دول الشرق.

محمد مرسي لا يدري أنه رئيس الدولة والمسئول عن أمنها الداخلي والخارجي، والمسئول عن استقرارها وانسجام شعبها، والمسئول عن انتعاش اقتصادها ورخائها وتعليمها وتثقيفها ورفاهيتها. فمنذ توليه كرسي الرئاسة وهو يستمتع بالسلطة ورفاهية السيادة والتسيد هو وحاشيته. أثبت أن مصر لا تهمه، فقام وقائم بتقسيم شعبها طوائفاً وفصائلاً ووبتقسمها بأهداء الغالي من أرضها شرقاً وغرباً للأحبة أولي الفضل عليه وأولي الأمر والنهي وماسكي زمام سَمعِه وطاعتِه. وهذا ليس تجني فقد بدأ المخطط واضح المعالم.في صفقات متتابعة، سيناء لحماس، وقناة السويس لقطر، والآثار والمصايف والمشروعات للشاطر، واحتياجات الشعب لغزة، وحلايب وشلاتين للسودان، وقريباً السلوم ومرسي مطروح لليبيا، وشاطيء البحر الأحمر للسعودية والوجه البحري لمن يدفع الثمن. أما القاهرة وصعيد مصر فيعلم الله ماذا يضمر مرسي وأخوانه لهما، ربما يحتفظ بهما ليبني بهما المعتقلات والسجون وزنازين التعذيب لمعارضيه الأحرار من أبناء مصر، ومنها مقصورة خاصة لباسم يوسف!!

مصر اليوم، بتخطيط من مرسي وبديع، لم تعد للمصريين. مصر أصبحت ساحة وملعباً للجماعات الارهابية المتطرفة المتشددة باسم الدين وليس لها بالدين صلة، كما أن ليس لها بالولاء لمصر صلة. مصر صارت عاصمة الأخوان المسلمين ومعسكرات القاعدة وحماس والوهابيين والجهاديين وكل ارهابي خريج سجون عالمي ومحلي. مصر التي كانت حديقة غناء وروض أخضر وساحة رحبة للمحبة والمودة والطيبة والسلام والأخلاق والحضارة أصبحت بؤرة عفنة تسفك فيها دماء الأبرياء وتهدر فيها كرامة المقدسات وتهدم فيها المؤسسات والرموز الحضارية. مصر أصبحت غابة مقززة لحيوانات بشرية تُعَرَّي وتُسحل وتُهتك أعراض نساء مصر مسلميها ومسيحييها وتُغتصبهن في الشوارع والميادين العامة أمام خرفان بشرية من أتباعهم متفرجين ومشجعين. والكل يكبر باسم الله... أكرر سؤالي من هو الله الذي يسمح لهم بذلك الفجر والفسق!!؟؟

وللعجب العجاب يسمون حكمهم الهزلي "حكم ديني" ودولتهم الدموية والقمعية "الدولة الدينية". مصر تحت الحكم الديني، حكم الأخوان المسلمين، حكم مرسي وبديع، أصبحت مجرد خارطة معروضة على مائدة النخاسة للمغرضين المغتصبين يغتصبها برضاء رئيسها كل طامع فاجر من قطر وإيران وأمريكا وإسرائيل والسعودية وإيران. مصر اليوم بلا حارس ولا رئيس ولا زعيم ولا عميد ولا صديق!!!.
ما يقرب من عام مضى، وبالتحديد في ٢٩ مايو ٢٠١٢ كتبت مقالة عن حالة مصر حينئذ بعنوان " على شفا الهاوية " اليوم أكتب أن مصر في "مستنقع الضَياع". مصر اليوم ليست على حافة الهاوية، فقد تخطت ذلك. دماء الأبرياء تُخَضِّب شوارع مصر وجثث الضحايا تفرش أرض المعركة كل يوم بصورة لم تشهدها إلا في عصور الغزاة الطغاة الجبابرة كالهكسوس والمغول والتتار والعرب. حياة المواطنين بدت رخيصة لكل مجرم لا يعبأ بحياة البشر ولا يحمل اعتباراً للإنسانية لأنه لا يمارسها. ولا اعتباراً لقانون لأنه ليس هناك حكومة تلزمه باحترام القانون. ولا اعتبار لدين لأنه استقي تعاليم الدين المُشوَّهة والمفبركة من فقهاء الجوامع السطحيين والمغرضين ومن مشايخ الفضائيات الجهلاء المُسيئين للدين، الماجورين المستأجَرين من الحاقدين على مصر. ومن دعاة الدين المتاجرين بالدين في سبيل السلطة والمناصب والتربُّح المشبوه. علموه أن تخريب الوطن وهدم منشآته والدوس على مقدساته واضطهاد مواطنيه حلالٌ في سبيل الدين. وأن وسفك دماء الأبرياء "شرعي" في سبيل الدين. وأن الإخاء أضحوكة، وأن المواطنة اغتصاب وتمييز واستيلاء واستحواز.
"طلعت علينا جريدة الوطن هذا الأسبوع بأن إحدى مجلات الغرب رصدت صعود ظاهرة البغاء فى مصر، وقال مراسلها فى القاهرة «روبرت جونسون» إن الفقر جعل بعض المصريين مستعدين لبيع أى شىء حتى الشرف. وأشار «جونسون» إلى أن نشاط الدعارة قد ازداد فى القاهرة مؤخراً بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة، خصوصاً بين الشرائح االفقيرة، التى تقدم خدماتها بأسعار أقل بنسبة 75% عن الأسعار المعتادة فى سوق الرذيلة.
وأوضح «جونسون» أنه خلال إقامته بالقاهرة قد رصد شبكات للبغاء تعرض بضاعتها على النزلاء الأجانب بالفنادق، وتقوم بالتسويق لها عن طريق «البلوتوث»، إضافة إلى ظاهرة عقد زيجات وهمية بين أثرياء الخليج وفتيات لا تتجاوز أعمارهن 13 سنة، ويستمر الزواج الوهمى لمدة شهر أو أقل -حسب ظروف إقامة الزبون، لتعود بعدها الفتاة بقيمة الصفقة إلى أهلها التعساء." أين مصر النقية الشريفة؟؟؟
أي دين وأي إله يرضى بهذا؟؟ وأي رئيس يترك وطنه المنهار اقتصادياً وتعليمياً واجتماعياً وأخلاقياً، وشعبه المطحون بالجوع والفقر والبطالة وكلها مسببات للغضب والتهريج والارهاب وكسر القانون بل وكسر الدين، ويتزاور بحاشيته وصحبة الأنس مع دول في الشرق والغرب لاهياً بخطب جوفاء لا يعنيها ولا يدرك مضمونها. خطب لا تليق برئيس دولة لا لغة ولا مضموناً، ناهيك عن مصر العريقة.
وأي دين وأي إله ينادي بقتل البشر أبناء الوطن بدون سبب إلا لأنهم من دين آخر، أو من فصيل آخر حتى من نفس الدين بل ومن نفس المذهب. لا يوجد دين بالعالم أجمع ينادي بسفك دماء البشر لمجرد أنهم مختلفين في العقيدة. لا يوجد دين بالعالم يشجع القتل باسم الدين أو سبيل الدين، أو بحجة الدين أو بالدعوة للدين. لا يوجد دين بالعالم أجمع يسمح بتابع له أن يقتل إنساناً لكي يدخل القاتل الجنة!!!!!!!!!!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter