الأقباط متحدون - هل يمكن أن تنهار الدولة المصرية؟
أخر تحديث ١٢:٠٦ | الثلاثاء ٩ ابريل ٢٠١٣ | ١برمودة ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٩١ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

هل يمكن أن تنهار الدولة المصرية؟

هل يمكن أن تنهار الدولة المصرية ذات السبعة آلاف سنة حضارة؟ الإجابة للأسف نعم يمكن لسوء الحظ!

طيب، هل يمكن إنقاذ الدولة المصرية من الإنهيار؟ الإجابة نعم لحسن الحظ ولكن بشروط كثيرة!

أذكر أن المشير محمد طنطاوي الرجل الشهم والذي تولي أمر مصر في ظرف من أقسى الظروف التي مرت بها في العصور الحديثة، مرة كان في زيارة ميدانية في أعقاب الفوضى التي حدثت بعد ثورة 25 يناير صرح بصوت متهدج قائلا: "مصر لن تسقط أبدا"!! وعندما شاهدته على شاشة التليفزيون بصوته المرتعش ولهجته غير المقنعة، فقلت لنفسي يا نهار أسود إذا كان هذا أعلى وأقوى رتبة في الجيش المصري يتكلم بهذا التردد والتهدج، يبقى أكيد مصر سقطت، ثم توالي السقوط وتوالت الإضرابات وتوالى قطع الطرق وتوالى قطع السكك الحديدية وتوالى خطف الناس لطلب فدية وتوالى التحرش بالنساء وتوالى إغلاق المصانع لتعدي العمال على أصحاب العمل والمديرين وتوالى إنهيار جهاز الشرطة وتوالى الإعتداء عليهم وتوالى هرب السياح العرب والأجانب من مصر وتوالى ضياع سيناء من الدولة المصرية وفجأة ظهر معدن هذا الشعب الذي أرتكب نفر منه غير قليل تلك الجرائم بدون أي خوف من المحاسبة وبدون أي رادع أخلاقي وبدون أي ردع قانوني.

وفي خلال تلك الجرائم والمصائب المتوالية والتي من شأنها تدمير أي بلد إستمر الحكام والمعارضة في التراشق بالإتهامات وبدا مشهدا عبثيا أن المصريين بدون إستثناء أصبحوا يتكلمون في السياسة وفقط يتكلمون وأصبح كل شخص يربي ذقنه ويضرب زبيبة في جبهته داعية إسلامي وأصبح كل شاب شعره منكوش ولابس ملابس لم تر المكوجي منذ إختراع المكوة  "ناشط سياسي"، وإختفى المهندس والعامل والفلاح من الصورة تماما لكي يفسحوا المجال للمتكلمين فقط، ورزقنا الله برئيس ضعيف متسرع في قراراته ومتسرع في الرجوع عنها، كل همه أن يحاول إحتواء القضاء والجيش ونسي أو عجز عن مجابهة المشاكل الحقيقية، وزرقنا الله أيضا بمعارضة أطلقت على نفسها جبهة الإنقاذ وكان الأجدر بها أن تطلق على نفسها جبهة الإفلاس أو جبهة الرفض.
النيران تشتعل في البيت وسكان البيت بدلا من أن يبدأوا في إطفاء الحريق يتعاركون فيمن أفضل، ومن أجدر بالإحتفاظ بمفاتيح البيت، وبالرغم من أن نيران الحريق ودخانه يحرقهم ويخنقهم إلا أنهم مصممون على الحصول على مفتاح البيت وليذهب البيت إلي الحجيم.
....
 
 ولنكتب مرة أخرى عن مشاكل مصر:
المشاكل الملحة والحالية:
عودة الأمن
العودة للعمل
الحفاظ على الوحدة الوطنية وتقليل الإحتقان الطائفي
الحفاظ على وحدة وتماسك القوات المسلحة وإبقاءها بعيدا عن الصراعات السياسية
تشغيل المصانع المغلقة
التوقف عن الإضرابات وقطع الطرق
تهئية المناخ المناسب لعودة السياحة
توفير عملة صعبة لشراء الخبز والوقود

وهي في تقديري مشاكل صعبة ولكنها أسهل كثيرا من المشاكل الكبرى طويلة الأجل، وهي ما سوف نحاول إلقاء الضوء عليه حتى لا ننساها في غمار إنشغالنا بالمشاكل الحالية
.
المشاكل المزمنة:
أولا: مشكلة الإنفجار السكاني:
أنا في تقديري أن حسني مبارك ونظامه ذهبوا ضحية الإنفجار السكاني، لقد تسلم مبارك مصر وعدد سكانها حوالي خمسة وأربعين مليون وتركها وهم حوالي 85 مليون، لقد تضاعف عدد السكان بدون أن تتضاعف الرقعة الزراعية أو تتضاعف حصة مصر من مياه النيل أو يتضاعف عدد المدارس أو يتضاعف عدد المستشفيات.

إن مشكلة الإنفجار السكاني من شأنها الإطاحة بأي نظام حكم، والدليل على ذلك هو أن مصر تزيد سنويا يمعدل يقل قليلا عن إثنين مليون نسمة سنويا، وهذا العدد من البشر يحتاج إلي:
إنشاء أربعة آلاف مدرسة سنويا (تتكلف حوالي 80 مليار جنيه)
إنشاء مليون وحدة سكنية سنويا (تتكلف حوالي 100 مليار جنيه)
إنشاء مدينة سنويا بحجم مدينة 6 أكتوبر تستوعب إثنين مليون نسمة (تتكلف حوالي 200 مليار جنيه)
توفير مليون ونصف فرصة عمل سنويا (تتطلب إستثمارات تبلغ 300 مليار جنيه)
إنشاء 200 مستشفي سنويا (تتكلف 100 مليار جنيه)
إنشاء أربعة محطات توليد كهرباء وشبكاتها (تتكلف 50 مليار جنيه)

والقائمة تطول، ومصر ليس لديها مثل تلك المبالغ سنويا
إذا فما هو الحل؟ الحل في تقديري وبصراحة وبدون مواربة هو "قطع الخلف" ليس تنظيم النسل ولا تحديد النسل وإنما قطع الخلف. قد يقول قائل إن الصين غزت العالم بمنتجاتها رغم عدد سكانها الهائل، أقول حسنا أتريدون تقليد الصين؟ حسنا: إذن فلنفعل مثل الصين ولنعمل وننتج مثل الشعب الصيني ولنمنع أي أسرة أن تنجب أكثر من طفل واحد، هل نحن على إستعداد لكي نفعل ذلك؟

في تقديري أن على المصريين أن يصلوا بمعدل الخصوبة إلي ناقص نصف بالمائة بدلا من المعدل الحالي وهو زائد 2,2 بالمائة
 إذا فعلنا ذلك فسوف ينخفض سكان مصر إلي 50 مليون في خلال أربعين سنة، وإن لم نفعل فسوف يصل سكان مصر إلي 150 مليون في خلال أربعين سنة!!

رفع مستوى التعليم بأنواعه:
 خلال الستين سنة الماضية إنهار نظام التعليم في مصر وخاصة التعليم الحكومي، وبدون إصلاح التعليم الحكومي فلا أمل في أي تنمية أو أي تغيير.
أرجو أخباري عن أي أسرة غنية أو متوسطة أو دون المتوسطة بقليل ترسل أولادها للمدارس الحكومية، التعليم الحكومي أصبح قاصرا على الفقراء والمعدمين وأصبحت الدروس الخصوصية عبئا على الأسرة المصرية فقيرها وغنيها، وأصبحت المدارس مجرد مباني متهالكة لتخريج حملة شهادات لكي ينضموا لطابور البطالة.

لقد أصبح التعليم في مصر اليوم مثالا للطبقية بإمتياز، فعلى قدر أموالك ترسل إبناءك للتعليم الخاص، وأذكر أنني كنت في مدرسة المنيرة الإعدادية الحكومية في شارع المبتديان بالسيدة زينب: كان معي في الفصل: إبن ضابط البوليس وإبن القاضي وإبن التاجر وإبن فراش المدرسة وإبن المدرس (العبد لله)، لم نشعر أبدا بأي فوارق طبقية، وكان لا يدخل التعليم الخاص إلا الطلاب ضعيفي التحصيل المدرسي أو بعض المواطنين الذيت فضلوا أن يدرس إبناءهم وبناتهم لغات أجنبية.

نقص مياه النيل:
كانت مصر دائما بلدا جاذبا للسكان منذ عشرة آلاف سنة بسبب خصوبة الدلتا والتي هي نتيجة لفيضان نهر النيل، وهاهي رقعة الدلتا تتآكل بفعل البناء على أخصب أراضي في العالم، ثم نذهب ونحاول إستصلاح الصحراء وهي أراض غير خصبة ولا يوجد بها مياه وذلك بدلا من التوجه للبناء في الصحراء والحفاظ على الأرض الخصبة القريبة من المياه.

ومما زاد الطين بلة أن دول منبع مياه النيل بدأت تتمرد على إتفاقية حوض الميل والتي أعطت لمصر والسودان نصيب الأسد من مياه النيل (%85) !!
وأنا في تقديري أن هذه المشكلة هي أخطر ما يواجه مصر ويهددها ليس فقط بسقوط الدولة ولكن يهددها بالإنقراض، وللأسف لا يهتم أي أحد بهذه المشكلة لا من الحكومة ولا من المعارضة، بالرغم من أن رئيس وزراء مصر الحالي هو مهندس ري، وتوقعت أن يكون نهر النيل هو أهم أولوياته، ولكنه يبدو أنه منشغل في أمور أهم مثل قضية باسم يوسف.

مشكلة البطالة:
البطالة ظاهرة عالمية في القرن الواحد والعشرين، وفي البلاد المتخلفة مثل مصر لها أسباب عديدة مثل: الإنفجار السكاني، نقص التنمية البشرية، سوء التنمية الإدارية، عدم إستقرار الوضع الأمني والسياسي يطفش المستثمرين وبالتالي لا توجد تنمية إقتصادية، ضعف الموارد الطبيعية، ومصر تعاني من كل هذه المشاكل، والمدخل الوحيد والبداية لحل مشكلة البطالة هي الإستقرار الأمني.
...........

والمشاكل كثيرة وكبيرة، ولكن ما ذكرت هي أهمها، وسواء تمت أخونة الدولة ام سقط الأخوان، فعلى من يحكم مصر أن يواجه تلك المشاكل، وبدون مواجهة تلك المشاكل بروح الفريق حكومة ومعارضة، ليبراليين وأخوان وسلفيين ويساريين، فإن مصر كما نعرفها كدولة منذ آلاف السنين لن تسقط فقط ولكن ربما تنقرض حسب مقال الصحفي الأمريكي روبرت ووكر.
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع