«فظيع جهل ما يجري.. وأفظعُ منه أن تدري» كما يقول الشاعر اليمني عبدالله البردوني، وما جري في قصة اختطاف ضباط الشرطة المصريين من داخل سيناء علي يد رجال المجرم الفلسطيني ممتاز دغمش وإخفائهم في غزة دليل علي أن الوطن بدون رئيس، وأن المصريين ليس لهم كبير أو حتي صغير يدافع عنهم ويلتفت لهمومهم.
قبل انتخابات الرئاسة أمتدت يد الإرهاب التكفيري لتختطف ضباط الشرطة من سيناء غدراً، وتم اقتيادهم إلي غزة لمبادلتهم بإرهابيين محتجزين في سجون مصر، ورفض المشير طنطاوي - الذي كان علي رأس السلطة وقتها - تلك المبادلة، لكن الرئيس مرسي كان له رأي آخر عندما جلس علي مقعده، فأفرج عن المحتجزين المطلوب مبادلتهم دون مقابل.
ربما لم يكن ضباط الشرطة المختطفين من عشيرته، ولكنه أقسّم أمام الناس أن يحفظ لكل مصري كرامته وحقوقه.
ربما خشي أن يزعج زملاء الكفاح الذين حرروه من محبسه خلال الثورة، لكن أحداً لن يضار بالإفراج عن شباب مصري لا علاقة له بالسياسة.
ربما لم يأذن الكبير بعد، لكنه يقول دائماً إنه الكبير وأنه حريص علي أمن وأمان كل مواطن.. تاهت الحقيقة وبقي المختطفون رهائن لدي إخوة فلسطينيين كافرين بمصر والعروبة والتاريخ والشهداء.
ضباط الشرطة الأسري، قمصاننا الواقية، ومتاريسنا في وجه طلقات الشر، عكازنا الأخير، ومظلة التحدي لشمس يونيو الحارقة، حائطنا الساند لظهورنا وأطرافنا المرتعشة، صك أماننا وإيماننا بأن الوطن يستحق أعمارنا ودماءنا، ذهبوا إلي المجهول لأننا أمة لا تعترف ببنيها ولا تقبلهم سوي عبيد.
في قعر جب بأرض الأشقاء الغادرين يقبعون منتظرين مصيراً مجهولاً، ليس لهم شأن في دولة الإخوان، ولا ثمن لرؤوسهم لدي أعضاء الحكومة، الرئيس نفسه لا يعترف بهم، وأعضاء جماعته أكثر قرباً لخاطفيهم منهم.
تنحدر دموع أطفالهم شوقاً والتياعاً، تعتصر آهات الحسرة قلوب زوجاتهم، تتضرع أكف أمهاتهم إلي رب مرسي طالبة لهم العودة بسلامة.
يعتكف الوطن حزناً علي أبنائه، لا قيمة لمصري خارج وطنه لأنه لا قيمة له داخله، صارت مصر وطناً علي الورق وفي الأناشيد الصباحية فقط، أن تكون مصرياً هذه الأيام يعني العدم، أن تسكن في هذه الأرض مأساة، أن يكون ذلك الرجل حاكمك لا يعني لك سوي العار.
أستعير كلمات الشاعر محمد الماغوط التي تقول: «قلبي هذه الأيام خارج دفاتري كلسان المشنوق» لأترجم ما أشهد وأشاهد.
أنا في وطن يبحث عن وطن، وشعب يجهل أنه شعب، ولا زعيم يتصور أنه زعيم، وجريمة اسمها الصمت.. والله أعلم.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - جريمة اسمها الصمت