لا أصدق نفسى أن جماعة الإخوان وبقية التيار الإسلامى داخل مجلس الشورى جادون وهم يصرون على التمسك بضرورة إباحة استخدام الشعارات الدينية أثناء الدعاية الانتخابية.
ولا أصدق نفسى أن احد قيادات الإخوان و«عقله التشريعى» صبحى صالح جاد وهو يهاجم منتقدى استخدام الشعارات الدينية بقوله انهم يهدفون الى إباحة الالحاد.
لو أن التيار الاسلامى جاد فى هذا الأمر فمعنى ذلك انه «مفيش فايدة» بالمرة بشأن مستقبل هذه البلاد، إذا كانت تلك هى الطريقة الحقيقية التى يفكر بها تيار الإسلام السياسى.
أولا هم الذين وضعوا الدستور ووافقوا عليه بشأن خطر استخدام الشعارات الدينية وبالتالى فليس من الحكمة تعريض مشروع قانونهم الى عدم الدستورية إلا إذا كان هدفهم اغراق البلاد فى أزمة دستورية ممتدة لا تتوقف.
ثانيا إذا تحدثنا فى الجوهر، الم يفكر الإخوان وبقية التيارات الاسلامية فى عواقب تقنين هذا الأمر الخطير؟.
لنتخيل ان الامر وبعد ان تم تمريره بالاغلبية داخل مجلس الشورى قد اجازته المحكمة الدستورية فى رقابتها السابقة وليست اللاحقة على القوانين، ولنتخيل ان الدعاية الانتخابية قد بدأت فى ظل هذه المادة الكارثية.
السيناريو البسيط هو أن مرشحا إخوانيا سيرفع شعار «الإسلام هو الحل» وبالتالى سيرفع مرشح مسيحى شعار «المسيحية هى الحل» وقد يتواجهان فى مؤتمر تليفزيونى، وكل يحاول الدفاع عن ديانته، فماذا يمكنكم ان تتوقعوا؟!.
لنتخيل ان كل مرشح منهما يعقد مؤتمره الانتخابى بجوار الآخر فى نفس الحى او المنطقة او الشارع، وكل يحاول الدفاع عن برنامجه الذى قد يتقلص ليصبح دفاعا عن الدين، أليس واردا ان نشهد معركة طائفية تتوافر لها كل مقومات الاشتعال؟!.
ثم دعونا نتخيل سيناريو ثانيا وهو أن كل المسيحيين المصريين قد هاجروا الى كندا وأمريكا واستراليا وموزمبيق.. فهل ستنتهى المشكلة؟!.
ماذا سيحدث مع هذه المادة الكارثية عندما يتنافس ثلاثة مرشحين من الإخوان والسلفيين والجماعات الإسلامية ضد بعضهم البعض؟!.
إذا رفع أحدهم شعار الإسلام هو الحل، فماذا سيرفع الآخران؟!.
وهل سيدخلون فى معركة من أجل اثبات أن احدهم اكثر اسلاما من الآخر.. ومن يحسم ايهم على صواب.. وهل سيكون ذلك بالحوار ام بالسلاح؟!.
كيف سيرد الإخوانى إذا اتهمه السلفى بأنه معتدل ويقيم علاقات مع أمريكا وإسرائيل وإيران، وكيف سيرد السلفى إذا اتهمه الجهادى بأنه اقل تشددا فيما يخص تطبيق الحدود، وما هو موقع الإسلامى المتصوف من هذه المعركة؟!.
يا ايها الذين ترفعون راية الدين، كان البعض يعذركم عندما كنتم ترفعون نفس الشعار ايام حسنى مبارك باعتبار انه يحظر جماعتكم ويطاردكم.. اليوم صرتم انتم فى الحكم، فما الذى يمنعكم من تطبيق ما ترون من قوانين؟!.
ثم ما هى اولويات المجتمع فى الوقت الراهن؟ وهل هناك ما يهدد الشريعة ومن الذى يشكك فيها؟، الشريعة لم تتهدد ايام مبارك فهل هى فى خطر وانتم فى الحكم؟!.
المواطن البسيط يريد حل مشاكله الحياتية من نقص الوقود الى تدنى الخدمات الى ارتفاع الاسعار.
ارفعوا ما تشاءون من شعارات، لكن لن يمكنكم تزييف الواقع وخداع المواطنين، ثم ان الضحك على الناس بالشعارات لن يستمر كثيرا.
الاصرار على استمرار رفع نفس الشعارات الدينية وانتم فى الحكم لا يعنى إلا شيئا واحدا وهو ان المستقبل غامض وملتبس.. وربنا يستر.
نقلا عن الشروق