الأقباط متحدون - سياسة الشيطان والأمريكان.. والإسلام فى أى مكان
أخر تحديث ٠٧:٠٧ | الخميس ٤ ابريل ٢٠١٣ | ٢٦برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٨٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

سياسة الشيطان والأمريكان.. والإسلام فى أى مكان

بقلم: سمير حبشي
أخى القارئ : 
إذا شعرت أنك خُدعت قسراً باسمِ الرايات ، ودغدغت مشاعرك حرارة  الشعارات والهتافات ، وانتظرت لتسمع صدى الأفراح والدعوات ،  فتعودُ إليك حاملة أنيناً مُرّاً يفضح حقائق زيف الأوقات ، تأكد أنك تسير فى أنفاق السياسة . 
عندما تسمع بأذنيك هدير الصخب الأجوف وزغاريد الفرح الغامر ، وترى بعينيك أعلام النصر الطاغى  ، ثم تكتشف سقوط كل المتاريس من حولك وأصبحت أنت أسيرا خلف المجهول تتيقن أنك تسير فى شارع السياسىه .
 
عندما ينقلب ملاك الرحمة إلى نيرون ، ويحرق كل ما تحمل من رايات بيضاء أو أغصان الزيتون ، ويدفعك الموقف لكى تصبح شريكا للقتله ، وأصبح ذئب الغدر بالأمس لك هو صديق اليوم ، كن حذرا فأنت تتعامل مع أحد الساسة . 
إذا قلت يوما أنا أحمل بلدى فى عيونى أُدفئها بخلايا جفونى ، ثم تجأر بأعلى الأصوات لها النصر أو للموت خذونى ، ثم تدور تتسول على إسمها  ، وتشوه رسمها ، وتبيعها بثلاثين من الفضة ، فأنت أصبحت حسب المفهوم العام سياسى محترف .
 
إن السياسة ليست إلا منظومة من الأكاذيب والخداع ، ينظمها الشيطان للإنسان ، لتُخول له سرقة الأوطان ، والسيطرة على مقدرات أخيه الإنسان ، فيقوم بطرح بعض الأسماء والشعارات الخادعة ، والتى لاتحمل غير عكس مضمونها ، مثل السيطرة على البلدان وإحتلالها واغتصاب إقتصادها  ، ويتم هذا تحت إسم الإستعمار وفى الحقيقة هو خراب تام ، وتأخر لشعوب هذه البلدان ، أو الفتوحات كما حدث فى غزو العرب للأقطار المسيحية ، لنهب خيراتها تحت إسم الفتوحات العربية .
 
ومنذ قتل قايين أخيه هابيل ، وقد زرع الشيطان بذور مباريات السياسة بين البشر ، وعُرِفت السياسة "  باللعبة القذرة " . ولكن فى عصرنا هذا من خسر الصراع ومن أجاد ، والولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام هى الرائد والقائد والمهيمن على هذه المباريات القذرة ، وأصبحت تسوس العالم بقوانين وخبايا هذه اللعبة ، بل أصبحت فى مقدمة من يفهمون أصولها .. فبالرغم من أن قادة العالم الإسلامى وأئمته يصرخون فى كل دقيقة قائلين : إن سبب إنحطاط العالم العربى وانكساره البُعد عن الإسلام ، وأن حقوق شعب فلسطين المسلوبة لن تعود لأصحابها إلا إذا توحد العالم العربى جميعه تحت راية الإسلام ، ثم يذهبون إلى أبعد من ذلك قائلين : إن طريق الشريعة الإسلامية وتطبيقها هو المسمار الأول فى نعش أمريكا ونهاية إسرائيل .. ولكنك لو دققت فى دهاليز السياسة وأحداثها ، التى تجرى حولنا فى حياتنا اليومية ، فسوف يدق قلبك دقات سريعة مخيفة عندما تكتشف زيف هذا الإعتقاد ، وستعرف مدى خداع وزيف الأسطورة التى تأخذ شكل الصراع الإسلامى المزعوم مع دول الغرب ..
 
والأمثلة يا إخوتى كثيرة ، فمثلا  باكستان ، دولة عسكرية نووية ، تسيطر على برلمانها الحركات الإسلامية المتطرفة ، أو الأكثر تطرفا ، وتجدهم يحرقون الأعلام الأمريكية فى الشوارع ليل نهار ، ويتباكون على بن لادن . ثم تكتشف أن باكستان هى مصدر خروج كل العمليات العسكرية الأمريكية إلى أفغانستان ، بل وتم قتل بن لادن على أرضها ، والأكثر من ذلك أنها من أكثر الدول فى العالم تلقيا للمعونات العسكرية الأمريكية.
 
ايران التي دائما ما تعلن أن امريكا هى ( الشيطان الأكبر ) .. وامريكا التي تصنف ايران ضمن قائمة الدول الشريرة ( محور الشر ) , والنموذج القائم للتطرف الإسلامى وجرائمه ،  نجد هاتين الدولتين قد اشتركتا بصورة مباشرة أو غير مباشرة باحتلال وتدمير العراق .. ولا ننسى أن الذى وضع الخومينى على كرسيه وأطاح بعرش الشاه ، والذى كان ألصق صديقا لها ، هى أمريكا . هذا العداء الذي إنكشفت أخر أوراقه , وانتهى مسلسل أكاذيبه  بزيارة الرئيس الايراني نجاد الى بغداد  ، هذا العداء الذى طالما تحدث عنه البسطاء عديمى التجارب السياسية عن صدقه ، وتحدث المجربون والمخلصون عن زيفه وكذبه , فإيران الإسلامية دولة من صنع الولايات المتحدة الأمريكية  .
 
التقارب الظاهر الخفى بين الأمريكان و الأخوان ، والمساعدات المالية الأمريكية ، والمعاهدات المبرمة بينهما ، ليس له تفسير إلا كلمة السياسة . فالجانب الأمريكي يبحث عن مدخل صحيح لعقول وقلوب المصريين ، والنظام الحاكم السابق أصبح ليس له قاعدة شعبية ، و طالب الشعب بسقوطه ، وفقد القيادة العربية والإسلامية ، وأي تعضيد له من الولايات المتحدة سيحسب لغير صالحها ، وحسب لعبة السياسة فأمريكا لا تعرف غير مصالحها ضاربة بمصالح الشعوب والاخلاق والمبادئ عرض الحائط ، حتى لو عن طريق مشروع الخلافة لو كان سيخدم مصالحها. 
 
ثم التقارب الإيرانى الإخوانى ، ضاربين عرض الحائط بكل ما فى التاريخ الإسلامى من تكفير الشيعة للسنة والسنة للشيعة ، هو كارت أمريكى إيرانى .. فقبل جلوس مرسى على كرسى الرياسة أقسم بالتصدى لإيران ، وأن أخر شىء ، هو استقبال مسؤول إيرانى فى مصر، وهجوم على الشيعة عقيدة وإيمانا حتى تكفيرهم ، وبعد الرئاسة أظهر وأكد على إلتزامه بتحدى الإيرانيين وتوعدهم فى دارهم ، فى مبالغة مقصودة وجوفاء . وفى الشهر الماضى يستقبل مرسى الرئيس الإيرانى فى حفاوة بالغة وغير مسبوقة ، ويتبادلان طرق  توطيد العلاقات بين مصر وإيران ، وأمريكا تُبارك من بعيد .. وهى تعلم أنه ربما تكون هذه الزيارة هى بالونة إختبار يطلقها الإخوان ، لتعلم أمريكا  أنها لو دعمت أى طرف غيرهم ، أو أضاءوا النور الأخضر للمعارضة  أو الجيش مثلا ، فسيرتمى الإخوان فى أحضان إيران وتكوين  جبهة فى مواجهة إسرائيل والأمريكان ، ثم إعلان الجهاد الإسلامى الذى يخشاه كل من أمريكا وإسرائيل . 
الفطين يرى جيدا كيف أن أمريكا تبنى للمسلمين مساجدهم ، وهم الذين قاموا بتعمير الكعبة وصيانتها وهم الكفار الزناديق النجسون .. ويؤسسون لهم البنوك العربية ، والمدارس الإسلامية ، ويوافقون لهم على إنشاء ما أرادوا من قنوات تليفزيونية ، يبث منها المسلمون صلواتهم الخمسة التى لا تخلو إحداها من السب والتحريض على قتل الكفرة والزناديق أبناء القردة والخنازير أى الأمريكان واليهود ، وهذا كله على الأرض الأمريكية .
 
أنا لست محللا سياسيا ولكن هذه هى وجهة نظرى ومفهومى الذى بنيته على أبعاد الخطر الذى يحدق بالأقباط فى مصر ، وبالمسيحيين فى البلاد الإسلامية من لعبة السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط  .. إن القائد الحقيقى الناجح لأى أمة هو الذي لا يقرأ يومياته من خلال التاريخ ، ولا يراها من خلال أحلامه في المستقبل ،  بل هو الذى ينظر بعين البصر والبصيرة داخل أنفاق السياسة ، ليرى من هو صديق اليوم الذى كان صديق الأمس ، والذى سيظل صديقه وصديق شعبه غدا .

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter