الأقباط متحدون - الشَّرف القاتل
أخر تحديث ٠١:٢٠ | الاثنين ١ ابريل ٢٠١٣ | ٢٣برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٨٣ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الشَّرف القاتل


بقلم : زهير دعيم
وكان مساء.. قبل يومين اثنين، والفندق القابع في احد أحياء عمّان
يتنفّس بهدوء ، فالضيوف الذين لم يرغبوا في التسوّق في سيتي مول وتاج مول  وجبل الحسين،جلسوا على الكنبات يتداولون أطراف الحديث .
جلسوا ؛ وكان بعضهم من السعوديين والخليجيين والسّواد الأعظم ممّن ييُطلق عليهم عرب ال 48 كما يحلو للبعض ان يُسمّينا ، إلا انا ، فانا من اولئك الذين يمقتون مثل هذه الأرقام : فلسطينو ال 67 ، عرب ال 48 ...و...

 وفجأة انقطع حبل الصمت ، انقطع بشدّة غريبة ، فصالت الطبول والصنوج والقِربة الاسكتلنديّة بين أيدي الشبّان المتلفعين بالكوفيّات ، الذين يستقبلون كما العادة العريس والعروس والأهل ...انهم يأتون رجالا ونساءً  الى الفندق بالطبول والزمور ، ثمّ ينزوى الرجال في قاعة والنساء في قاعة أخرى في حين يدخل العروسان الى المخدع ، والكلّ ينتظر " النَّصر العظيم "..

وكنت هناك وكان الكثيرون معي الذين راحوا يشاركون الاهل فرحتهم ، فصفّق البعض وراقب البعض الآخر بفضول .
 وكان بيننا شابّ بسيط طيّب ، معاق ، يكدّ ويعمل في مؤسسة ما من اجل لقمة عيش عائلته..كان الشّاب لا يسمع ولا يتكلّم، شدّته المشاهد وجذبه الفضول، فما لبث أن " سَحَبَ " جوّاله وصوّر العروس بكلّ براءة ، وما درى المسكين ، وما دريت أنا ، أنَّ  في الأمر جريمة لا تُغتفر ...فرآه احدهم فصرخ في وجهه ان يمتنع فلم يسمع المسكين  ، وكيف يسمع وصوت الطبول يصمّ الآذان المفتوحة فكيف بك بالصمّاء؟!
وقامت القيامة ولم تقعد ....

فلم يعرف المسكين من أين تأتيه اللكمات والضربات والرفسات و " الكلام المعسول "، والكلّ يجاهد في سبيل الشَّرَف الأعظم وهم يصرخون : شرف نسائنا !! إنّه " يقتل" شرف نسائنا .

 وحاولت جاهدًا مع البعض وبصوتي العالي والذي بُحَّ وما زال ، حاولنا ان نُفهم القوم الغاضبين أنّ الشّاب مسكين ، بسيط ، لا يسمع ولا يتكلّم ...ولكن دون جدوى ، فالكلّ " يؤاجِر " كما نقول في الأتراح.

 ولم ينته الأمر إلا بعد أن ذاق الشاب الأمرّيْن وسط صراخ زوجته وبكائها.
وانتهى الامر او كاد..فبعد الجهاد الحَسَن والبطولات و" تخريب العرس "  !!!!! فهم أخيرًا  أصحاب الشّرَف الرّفيع أنّ المتّهم مسكين ، لا يعرف بعادات القوم ، وأن للشرف عنده معانٍ تختلف بعض الشيء ، وأن نواياه ما كانت  بقدر شكوكهم ..فجاء  وجهاء القوم و " باسوا " رأس الضحيّة معتذرين وتنازل أقرباء الشّاب تسامحًا ...ومخافة من أنّ تقديم الشكوى للشرطة الأردنية قد تنقلب ضدّهم.
"باسوا" رأسه... في حين كانت الدّموع تسيل من عينيه وهي تقول كلّ شيء..تقول وهو يقول وقد أدبروا:  " تفو".. .. "تفو "
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter