الأقباط متحدون - هل تأخذون من التاريخ عبرة تفهمون منها اليوم والغد؟
أخر تحديث ١٣:٣١ | الاربعاء ٢٧ مارس ٢٠١٣ | ١٨برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٧٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

هل تأخذون من التاريخ عبرة تفهمون منها اليوم والغد؟

بقلم : مينا ملاك عازر
كتب مردخاي بركائي في دافار بتاريخ 11-2-1979 رابطاً بين زيارة براون- وزير الدفاع الأمريكي للشرق الأوسط- وبما أسماه بالخط الأمريكي الجديد الذي كشف الأمريكيون أنفسهم عنه، والأساس الأهم في ذلك الخط كما يرى بركائي هو ربط الجانب الأمريكي بين محادثات السلام الإسرائيلية المصرية وبين إقامة جهاز دفاع إستراتيجي جديد في الشرق الأوسط.

ويمكن القول أن الإدارة الأمريكية تود في حقيقة الأمر أن تدمج مهمة الاتفاق على معاهدة السلام الأولى بين إسرائيل وإحدى جارتها العربية بالمهمة الأوسع لتثبيت الاستقرار في هذه المنطقة بعد الهزة الإيرانية، وببناء جهاز دفاع جديد لضمان المصالح الحيوية وعصب النفط لأمريكا والغرب بالخليج الفارسي.
وأضاف بركائي، واليوم وقبل ثلاثة أيام من بدء مهمة براون ونحو أسبوعين من بدء المحادثات برئاسة فانس تمهد الولايات المتحدة الأمريكية لرعاية مصر كقوة عسكرية مركزية مؤيدة للغرب في الشرق الأوسط العربي والإسلامي، هذه هي النية الأمريكية، ومصر ليست موافقة فقط بل مستعدة ومدعوة وتريد بكل قوة أن تكون السند العسكري للسعودية والكويت والبحرين وسائر دول الخليج. وفي التحركات الرامية لتحقيق هذا الأمر يتوقع بحسب كافة الدلائل أن يتم التوزيع التالي بين الأطراف تقدم مصر الجنود وأمريكا السلاح والسعودية الأموال وإسرائيل الشرعية".

هذه الفقرات السابقة مأخوذة عن كتاب "من كامب دافيد إلى المعاهدة خلفية القرار الإسرائيلي،، إعداد محمود سويد، دار النشر مؤسسة الدراسات الفلسطينية بيروت لبنان 1979، وهي فقرات منقولة بالنص دون أن أغير فيها شيء ويمكنني أن أختم كلماتي دون أن أعلق معولاً على ذكائك صديقي القارئ، وفطنتك ولكنني أرى نفسي ملزماً توضيح بعض المسائل لتكن الصورة أكثر وضوحاً.

براون الشخص المشار إليه هو هارولد براون وزير الدفاع الأمريكي في إدارة كارتر من 1977 إلى 1980 والزيارة المشار إليه تمت في 14 فبراير 1979 إبان مفاوضات السلام المصرية الإسرائيلية وقبل توقيع مصر معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في 26 مارس 1979.

والمتأمل في تلك الفقرات الثلاث يستطيع أن يتبين أن التاريخ لم يبعد كثيراً عن أرض الواقع، فقط طرأت بعض المتغيرات على الأحداث فإذا وضعت في اعتبارك أن مصر ولبنان والاردن يربطهم سلام مع إسرائيل، بينما سوريا في حالة استسلام من قَبَل الثورة، وهو ما يتوقع أن يستمر بعدها، خاصةً بعد الخراب الملم بها، إضف إلى ذلك السببب سبباً آخر وهو غالباً سيحدث وهو وصول جماعة الإخوان السملمين بسوريا لسدة الحكم بعد الإطاحة ببشار إذ أن الجماعة تفضل السلام مع إسرائئيل ما دام هذا في مصلحة بقائها في الحكم، الآن تستطيع أن تدرك الدولة الوحيدة التي ليست بينها وبين إسرائيل سلاماً هي فلسطين وها هو الدكتور مرسي يفعلها ويجلس حماس مع إسرائيل ويتمم هدنة تعترف فيها حماس بإسرائيل وإسرائيل بحماس، فيما يصبغ على كليهما الشرعية التي تحدث عنها مردخاي بركائي في آخر السطور المقتبسة، والتي أختص بها إسرائيل، وإن نظرت للأمر بأكثر جدية الآن، فستجد أن مسألة الأخذ من مصر جنود –خير جنود الأرض- ستكون باحث فقط عن الدور السعودي الذي تضاءل بفعل السنين بعد أن أخذته  منها دولة لديها الرغبة والاستعداد أن تدفع أكثر لأمريكا من أموالها لتصل لما تحلم به أن تتحول من دُوَيلة صغيرة على الهامش لدولة فاعلة بأموالها وهي قطر، وتضاؤل الدور السعودي وتعاظم الدور القطري يجعلك أمام مسألة تحديد ما يقدم من كل دولة اليوم بشكل جلي، بحيث تجد أمريكا ما يحرس أمن مصالحها في المنطقة ويؤمن عصب النفط بالخليج الفارسي بشكل قاطع أمام المد الإيراني الذي كان هزة، وقت كتابة الكلمات المقتبسة، واليوم أزمة بعد تنامي شأن الثورة الإيرانية من الناحية العسكرية ووقوفها بشكل فج أمام النفوذ الأمريكي ذلك النفوذ الذي لم يجد خير من جماعة الإخوان المسلمين منفذ لتوطيد أركانه في المنطقة بعد أن فشل في أن يتمم أحلامه الاستعمارية والبرجماتية على يد السادات ومبارك، وهكذا تكون الصفقة قد باتت واضحة أمام الكل. لماذا دعم الأمريكيون الدكتور مرسي ليجلس على سدة الحكم؟ ويدعمونه رغم المد الثوري العاتي أمامه ويصنعون أذن من طين والأخرى من عجين أمام صرخات الأمهات الثكلى وكل أفعال نظامه الإجرامية، وكأنهم من المتحولين وليسوا هم من ضغطوا على مبارك ليرحل لنفس الأسباب التي يفعلها مرسي اليوم، من قتل وانتهاك لحقوق الإنسان وما إلى ذلك لكن الحلم الأمريكي لكونه يقترب من التحقق، فلا مانع أن تتخلى أمريكا عن أخلاقياتها التي تدعيها في سبيل صبغ الشرعية على الوجود الإسرائيلي من نظم متطرفة، وليست فقط متطرفة وإنما أيضاً أنظمة تحكم أكبر دولة في الشرق الأوسط، جنودها خير جنود الأرض، وبذلك تكون قد اكتملت الحلقة لتخرج لنا الصورة التي أود تقديمها لسيادتك وهي أن أمريكا هي رابطة العقد المصري القطري الإسرائيلي بدعم فكر متطرف حاكم في غزة حيث زمن المواجهات الذي ولى. فهل عرفتم أيها السادة سر ما يجري اليوم على الساحة السياسية ولماذا تفعل أمريكا كل هذا داعمةً أنظمة راديكالية في نظرها، قهرية منتهكة لأبسط حقوق الإنسان دموية لا لشيء إلا لتضمن أمن الخليج، واستمرار مدها والغرب بالنفط عصب الحياة، وإيجاد حائط صد يؤمن تلك المنطقة الرخوة من العالم ألا وهي منطقة الشرق الأوسط حتى تأمن ألا يفرض أحد سيطرته عليها كإيران أو الصين أو أي طرف آخر يريد أن يبسط نفوذه على المنطقة.
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter