كل سنة والمرأة المصرية بخير تضرب المثل في الوطنية .. كل سنة وأم الشهيد تمنح لكل أمهات مصر والعالم أمارات القوة والبأس في مواجهة كل قوى الضلال الظلامية ، وتهنئة إلى نقابة الصحفيين بعد خروجها من دوائر التحزب والتبعية عبر صناديق انتخابية نظيفة ، و حصول المواطنة المرأة كرسي جديد في مجلس إدارتها .. مبروك حنان فكري المواطنة  ( وهذه المرة مسيحية تعمل في جريدة معنية بالشأن القبطي لأول مرة ) لتؤكد النقابة والمجتمع الصحفي أنهم قرروا أنه لا إقصاء للكفاءة ، ثم تحية أستأذن القارئ في توجيهها إلى روح أمي العظيمة.. 

لا أدري إذا ما كان الكاتب الصحفي الرائع مصطفى أمين صاحب فكرة تخصيص يوم يحتفل ويحتفي الوطن والأسرة والأبناء بالأم المصرية  ، قد اختار شهر مارس لأنه أيضاً الشهر الذي قررت فيه المرأة تنظيم أول مظاهرة لنيل المرأة العاملة ( التي من بينها المرأة الأم ) حقوقها ، ثم اعتماد تاريخ حدوثها كيوم للمرأة العالمي أم لا ، ولكنه أمر طيب في كل الأحوال أن نحتفي بالمرأة الأم والمناضلة عبر التاريخ ، ولعل المشهد الأخير المشرف والعظيم للمرأة المصرية قبل وأثناء وبعد ثورة 25 يناير خير شاهد على عبقرية ونبل دورها الوطني والاجتماعي والإنساني ..  
 

في حوار تليفزيوني مع الكاتبة والإعلامية فريدة الشوباشي على شاشة " أقباط متحدون " بمناسبة الاحتفال بيوم المرأة العالمي ، تم تقديم تقرير يوثق للمناسبة ، وتعليق يذكر بخروج النساء بالآلاف من العاملات فى مدينة نيويورك فى تظاهرات احتجاجية فى الشوارع رفضاً للظروف اللاإنسانية فى العمل بالنسبة للنساء وبالتحديد عام 1857 ، ورغم التدخل الأمني العنيف لقض المظاهرات، إلا أن المسيرة نجحت في الضغط على من بيدهم الأمر لمناقشة مشكلة المرأة العاملة ، كما تم تشكيل أول نقابة لعاملات النسيج فى أمريكا بعد عامين، وفى 8 مارس عام 1908، خرجت آلاف أخرى من عاملات النسيج فى مدينة نيويورك فى تظاهرات نسائية تحت شعار «خبز وورود» للمطالبة بالعديد من الحقوق مثل وقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع ومثل ذلك بداية حركة نسائية متحمسة فى الولايات المتحدة الأمريكية للمطالبة بالمساواة والعدالة والحقوق السياسية وأولها حق الانتخاب، ثم بدأ الاحتفال عام 1909 وساهمت النساء الأمريكيات فى دفع الدول الأوروبية ليصبح يوم 8 مارس يوم المرأة العالمى وذلك فى مؤتمر كوبنهاجن بالدانمارك والذى شاركت فيه مندوبات من 17 دولة..
 

أبدت الشوباشي تعجبها أن يتوقف العالم بالانبهار والتحية عند ثورة نساء أمريكانية وتحقيق نتائج بعد ما يقرب من 18 قرن بعد الميلاد ، بينما مصر العظيمة حكمها ملكات عظيمات ، وذكرت الملكة حتشيسوت العظيمة مثالاً  ...

نعم ، لقد كانت  الملكة الفرعونية حتشبسوت أعظم ملكات مصر الفرعونية بما تميزت إدارتها بقدرة  على الإدارة والحكم، وسبل تعاملها مع المعارضة التي لم تقبل بسهولة حكم إمرأة ، ولكنها نجحت في السيطرة على أدوات الحكم لمدة عشرين عاماً، نعمت فيها البلاد بحصول المواطن على مكتسبات وحقوق حياتية وإنسانية رائعة ، وعندما كثرت عليها الضغوط من الكهنة وقادة الجيش تنازلت عن العرش حرصاً على مصلحة البلاد..

يؤكد د. عبد الحليم نور الدين أستاذ الآثار المصرية القديمة أن لدينا على الأقل ست ملكات حاكمات:

الأولى "مريت نيت" بدأت مع بداية التاريخ المصري المكتوب أى حوالي 3030 ق.م في الأسرة الأولى وقد حكمت بين سبعه رجال.

الثانية كانت الملكة "خنت كاوس" في الأسرة الرابعة.

الثالثة كانت "ميت اكيروسى" حكمت في الأسرة السادسة.

والرابعة الملكة "سنيك نعرو" حكمت فى الأسرة الثانية عشر.

أما الخامسة فكانت الملكة الشهيرة "حتشبسوت" حتشبسوت ست ملكاتفي الأسرة الثامنة عشر.

وأخيرا السادسة الملكة "كاوتى ست" حكمت في الأسرة التاسعة عشر . 

وكانت الملكات أنئذ يملكن زمام الأمور في البلاد داخليا وخارجيا، ويدفن في وادي الملوك.

وعن الملكات اللاتي لعبن دورا مميزا بصفتهن زوجات أو أمهات للملوك:

الملكة الشهيرة نفرتارى وتعني بالفصحى "جميله الجميلات" وبالعامية "أحلاهم "، والتي كانت زوجه لأعظم ملوك الشرق بلا جدال الملك رمسيس الثاني، وقد لعبت دورا مهما في إحداث التوازن سياسيا وقبليا داخل مصر وتوازنا خارجيا أيضا طوال فترة حكم زوجها.هناك أيضا الملكة " تى" و كانت تحكم مصر في ظل زوجها (أمنحتب الثالث) وفى ظل ابنيها (اخناتون و توت عنخ آمون ) وهى صاحبه أضخم تمثال في المتحف المصري مع زوجها أمنحتب الثالث.

لقد كانت المرأة  فى الصفوف الأولى  في ميدان التحرير فى 25 يناير 2011، والآن هي ترفض الهجوم على بنات وسيدات مصر ، وتطالب بالحرية وحقوق المواطنة الكاملة ، فكانت مظاهراتها تتخذ شعارات  «النساء خط أحمر»، و«لا لتعرية الوطن»، و«لا للدستور غير التوافقى»، بمشاركة أكثر من 35 حركة ومنظمة نسائية وممثلين لـ 25 حزباً مصرياً، ويا أهل التشدد دون وعي .. هناك 37% من سيدات مصر مُعيلات أى يُعلن أبناءهن وأسرهن، وهناك محاولات لضرب مكتسبات قوانين الأحوال الشخصية التى حصلت عليها المرأة بعد رحلة طويلة من العناء والكفاح لتعديل قوانين المرأة والطفل، بالإضافة لتواصل إطلاق بعض الفتاوى المتطرفة ، فإذا أضفنا إصدار دستور تتراجع فيه حقوق المرأة ، فالأمر جد محزن لوضع المرأة المصرية حفيدة ملكات بداية تاريخ الإنسانية .. عيب قوى ان تصعد مصر للمركز الثاني عالمياً بعد أفغانستان في مجال انتشار ظاهرة التحرش ، وعيب أن يُقال على لسان أحدهم أن المرأة حباها الله بعضلات الفخذ القوية مما يجعلها قادرة على مقاومة الاغتصاب !!! ..