بقلم : هيام فاروق
إتصلت بى سيدة فاضلة وكانت تجهش ببكاء شديد .. سألتها ما بها ؟ أجابتنى : إنتُهكت كرامتى .. ماتت نخوة شباب وطنى .. وولت الروح المصرية عن أم الدنيا
بدأت قصتها بأنها توقفت بسيارتها أمام أحد جراج إحدى الفيللات بوسط البلد للسؤال عن شىء ما بأحد المتاجر .. وما أن توقفت وفوجئت ببواب هذه الفيللا يأتيها بإسلوب وقح قائلا : ( ممنوع هنا ) .. فأجابته فى أدب : ( لن أتوقف أكثر من دقيقتين ) فأجابها بنفس الإسلوب : ( ولا نص دقيقة ) .. فَهمًت فى صمت لتحرك سيارتها بعيدا وإذ بها تسمعه يتلفظ بسباب ليس له داعى .. فنزلت من سيارتها وقالت له : ( ألم أستجب لطلبك ؟ لماذا تشتم ؟ ) فابتدأ هو الآخر بوابل من الألفاظ التى تنسد الآذان عن سماعها بألفاظ متضمنة بأنها سافرة وغير محجبة . لا أفهم هل عدم التحجب الآن أصبح سبة تستحق العقاب والشتيمة ؟؟ ربما !!!!! أليس هذا موقفا عاديا جدا بعيد تماما عن الدين ؟ ما الداعى لإدراجه تحت بند الدين والتدين ؟ لا أعلم . نهايته .. ليس هذا فقط هو المحزن .. بل ما يحزن على الأكثر أنه كان بالقرب من كل هذه الأحداث مجموعة من الشباب يقفون ويتابعون الموقف بشىء من السخرية والضحك المهين وبينما كانت تهم بالذهاب لأقرب قسم شرطة لعمل محضر توقفت أمامهم قائلة : ( يا خسارة يا شباب مصر .. أين نخوتكم ورجولتكم عندما ترون أمكم أو أختكم تهان بهذا الشكل ؟!! إنها الثورة الملعونة التى أتت لنا بأمثالكم .. شباب أى كلام صحيح ) .. وإذ بها تجد أحد المارة بالشارع يقترب منها ليقول لها : ( حصل خير يا مدام .. إركبى سيارتك واذهبى إلى حال سبيلك .. لا داعى لعمل محاضر وخلافه فأنتِ لستِ فى دولة قانون .. وربما ستضطرك الأمور للبيات بداخل قسم الشرطة وستواجهين فى الداخل ما لا طاقة لكِ به .. أنا محامى وعلى علم بما سيحدث لكِ ) .. فاضطرت أن تنصرف على مضض من وجه هؤلاء الرعاع .
هذا كان موقف من مواقف المرأة مع الشارع المصرى .. ولعلكم تشاهدون حركات التحرش المنتشرة والممنهجة .. ناهيكم عن حالات الخطف الممنهجة أيضا والمدروسة بغباء منقطع النظير على مرأى ومسمع من الجميع .
وهناك موقفا آخر سأسرده لحضراتكم .. أنه فى أثناء حضورى لمحاضراتى فى كلية الإعلام بدأ أستاذ مادة ( الإقناع والأفكار المستحدثة ) بإلقاء سؤال على الرجال فقط كما طلب .. ويريد الإجابة بـ ( نعم ) أو ( لا ) فقط . والسؤال هو : ما رأيكم إذا عممنا فكرة رجوع إرتداء ( الجلابية ) و ( الشبشب ) و ( إطلاق اللحى ) ؟ وكانت نتيجة الإستفتاء على عشرة رجال .. أجاب منهم ثمانية رجال بـ ( أوافق ) وإثنين فقط بـ ( لا أوافق ) .. لكم أن تتخيلوا أن هؤلاء دارسون للإعلام .. وفى القرن الحادى والعشرون .. هل تصدقون ؟
أتطنون أننا سنتقدم على هذا الحال ؟؟؟ مجرد سؤال مطروح
أخر موقف .. فى أثناء رجوعى بعد يوم دراسى .. إستقليت تاكسيا يقوده أحد الخرفان إياهم .. لن أحكى لكم كم الألفاظ البذيئة التى يتلفظ بها لمن حوله من سائقى التاكسى والملاكى .. سباب .. شتائم .. منتهى السفالة دون حتى أن يراعى أن معه راكبا .. فما بالكم وأن الراكب هذا إمرأة .. ما علينا .. عندما لاحظ هذا الخروف بأنى لا اسمع ولا أرى ولا أتكلم تجنبا لسفاهاته .. فتوجه إلىً بالحديث قائلا : ( واللاهى يا مودام كنتِ تيجى تصورينى النهاردة جنب رغيف العيش .. واللاهى كأنه بينقط سمنة بلدى .. عيش زمان .. ولا الأنبوبة بتوصلنى لغاية البيت النهاردة .. و لا كيلو اللحمة اللى إتحرمنا منه من سنين .. بشتريه النهاردة بـ 40 جنيه .. ماشاء الله .. الله يباركلك يا داكتور موورصى ) .. الحقيقة نظرت إليه بسخرية .. ثم قلت له .. إنتهى مشوارى .. توقف بعد إذنك .. وإذ به وبأعلى صوته يقول : أعداااااااء الإسلام .. مع أنه بالفعل قد إنتهى مشوارى .. ولكنه تخيل بجهله الواضح أنى لم أحتمل سماع كلامه الأبله هذا .. وكأنهم مغيبين من عالم آخر غير عالمنا .
إنتهى يومى وأنا حزينة .. كئيبة .. لا أجد أملا فى الإصلاح ولا فى الإستنارة . أين هى مصر يا أبناء مصر ؟