د. عاطف نوا ر .. كندا .. مسيسوجا
أبو إسلام .. اشتهر بهجومه على العقيدة المسيحية .. تهكم .. سخر .. سب .. دون مراعاة لآداب المعاملة .. و دون حساب لمشاعر المسيحيين.. قُدمت فيه بلاغات شتى .. ووُجهت له الإنتقاضات .. و بات مرفوضا من المجتمعات و الثقافات المعتدلة المستنيرة أفكارها فما تفوه به أبو إسلام تبجح و تطاول يستحق عليه القصاص و الإقصاء من الإعلام .. حتى يكون عبرة لمن يعتبر .. فلن نسمح أبدا لأحد كائن من كان أن يستهين و يزدرى بمقدساتنا و عقيدتنا .. و لكن ..إذا كان إزدراء أبى إسلام بالمسيح مصيبة .. فإن هذا الإزدراء إذا بدر من شخص مسيحى .. فإنها الكارثة .. و إذا كان هذا الشخص كاهنا مشرطنا ممسوحا لخدمة المسيح فذلك هو الوبال الأعظم .. ولكن كيف يزدرى الكاهن بسيده الذى يخدمه ؟.. لقد أوضح السيد المسيح ذلك جليا حيث
«لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ ويَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ."( مت6 : 24 ) و ( لو 16 : 13
و يحتقر هو مرادف يزدرى
فعندما تسيطر محبة المال على الكاهن فلا مكان إذن للسيد المسيح و لا مكان لرعية المسيح فى قلبه أوفكره أو قوته أو قدرته .. كل شئ فى حياته يكون مكرسا لخدمة المال تحت مظلة "عشور و تعضيدات الكنيسة".. و لآن "مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ " ( لو 6 : 45 ) .. فكل ما يتكلم به ذلك الراعى هو عن المال و المشاريع خادعا نفسه و شعبه أن هذا من أجل الكنيسة .. و لكن حقيقة الأمر أيها القارئ الحبيب ان طلب العشور باستمرار لدرجة الشراهة أنمى فى نفس الكاهن محبة جارفة مسيطرة للمال و " مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَة " ( 1 تيم 6 : 10 ) ... و هذا ما حدث بالتمام فقد تحول الكاهن إلى شخص مادى يستخف و يحتقر قوانين الكتاب المقدس مخالفا إياها .. يحابى و يتلون و يداهن..يلتوى و يكذب..يحيد عن الحق و يكيل بمئات المكاييل .. يظلم و يقسو ..يوافق بل و يشجع على الخطأ.. يتجاهل رعيته .. وضع خلاص نفسه و خلاص رعيته تحت قدميه تحقيقا لقول رب المجد " «لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ " (مت 23 : 13 ).. و كل هذا حرصا و حبا فى المال .. يهرب من مواقف كان عليه أن يثبت فيها و يشهد للحق و المسيح مهما كان الثمن .. فبدلا من أن يحمل لنا رائحة المسيح تراه قد حمل لنا رائحة المال .. و بدلا من أن يلازم المسيح و يحتقر المال .. تراه قد لازم المال و التصق به.
فعندما يدفع الكاهن خلاص نفوس رعيته ثمنا للكسب المادى من خلال المشروعات المنسوبة للكنيسة فبهذا هو يزدرى بوصية الرب "ارْعَ غَنَمِي»( يو 21 : 16 )... و التى اكد عليها قداسة البابا خلال افتتاح مركز مارجرجس الثقافى بشبرا، أن الكنيسة حياة لا تبنى من ظلط وطوب، وإنما من محبة،الكنيسة ليست عنوانا أو يافطة بل حياة روحية.
و شدد فى سيامته للكهنة فى الثالث من مارس الجاري ان الكاهن اب و قدوة.
و عندما يتنصل الكاهن الراعى عن مناصرة الحق فهو يزدرى بالحق ..
و عندما يقبل الكاهن أن يدخل الكنيسة مال مغتصب مسروق فهو يزدرى بقداسة بيت الله .. و بوصيته لا تسرق
و عندما يعطى جسد الرب و دمه لمن اغتصب مال غيره فهو يزدرى بهذا السر و بما قاله عنه الكتاب المقدس :
"فهذا إِذًا أَيُّ مَنْ أَكَلَ هذَا الْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ الرَّبِّ، بِدُونِ اسْتِحْقَاق، يَكُونُ مُجْرِمًا فِي جَسَدِ الرَّبِّ وَدَمِه"
1 كو 11 : 27
و عندما يتوانى عن فعل الخير ليحابى نفرا من الناس فهو يزدرى بوصايا الكتاب المقدس الذى أوصى " لاَ تَمْنَعِ الْخَيْرَ عَنْ أَهْلِهِ، حِينَ يَكُونُ فِي طَاقَةِ يَدِكَ أَنْ تَفْعَلَهُ" ( أم 3 : 27 ) و أيضا أن " مَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ" (يع 4 : 17 ) ..
و عندما لا يخدم إلا إذا خُدم فقد إزدرى بوصية السيد المسيح "مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا" (مت 10 : 8 ) .
و عندما يهتم باستمطار مراحم و رضاء الرؤساء أكثر من رضاء الله فهو يزدرى بقول الكتاب :«يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ." ( أع 5 : 29 ).
إن إهتمامه بمن يدفع أكثر فى التعضيدات و قصر الخدمات عليهم هو إزدراء بالوصية التى تعهد بها يوم سيامته " لا تكن لك فئة مختارة فى الشعب " .. بل و تطاول و كأنه هو الذى يقول " هاتوا العشور و جربونى ".. متناسيا أن السيد المسيح عندما صُلب فقد صُلب من أجل الكل بلا تمييز .. و عندما أوصى " إرع غنمى " كان بلا تمييز .. و عندما قال للبابا يوم سيامته " أن دم الرعية يُطلب منك " كان أيضا بلا تمييز . ... إن رفضه و مقاومته لمن ينادى بإعطاء تلك العشور لمستحقيها من الفقراء و المساكين لهو إزدراء و تجاهل لأمر السيد " وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ" ( مت 19 : 21 ) ( مر 10 : 21 ) .
إن الكاهن الذى ينشغل بالبزنس و العمولات و السمسرات هو كاهن يزدرى الكهنوت الذى أساسه تكريس الوقت و الجهد و القوة و القدرة للعمل فى كرم الرب و رعاية رعية الرب فقط فقط فقط... فإذا كان فى الأعمال المختلفة يكون شرطا بعدم الخلط بعمل آخر و إلا يكون الطرد هو العقوبة .. فما بالك حبيبى القارئ بالعمل فى كرم الرب ؟ .. فالكاهن الذى يخلط كرم الرب بعمل آخر فهو يحتقر و يزدرى و يستهين بالعمل فى كرم الرب و " مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ" (أر 48 : 10 ) .
إن الكاهن الذى يفرض سطوته على الآخرين بما فيهم إخوته الكهنة بل و يحاربهم و يعقد المؤامرات ضدهم و يضرهم مشتكيا عليهم وصولا لأهداف و أطماع مادية إنما يزدرى بالسيد المسيح " الوديع و المتواضع القلب" ( مت 11 : 29 ) ضاربا عرض الحائط بوصية الكتاب " وَكُونُوا جَمِيعًا خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ، وَتَسَرْبَلُوا بِالتَّوَاضُعِ، لأَنَّ:«اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ" ( 1 بط5 : 5 )
و النتيجة أن النفوس ضاعت.. فبدلا من أن
"َيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" ( مت 5 : 16
أصبح
" اسْمَ اللهِ يُجَدَّفُ عَلَيْهِ بِسَبَبِكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ" ( رو 2 : 24 )
... عزيزى .. تُرى من منهم الذى ازدرى بالمسيح و كنيسته و رعيته ؟.