في ظل الاحتفال بعيد الأم أكد علماء الدين, أن مكانة الأم في الإسلام لا تتوقف عند احد أيام السنة, وأن للوالدين في الإسلام مكانة عظيمة,
وكفاهما فخرا وشرفا أن قرن الله عز وجل الإحسان إليهما بعبادته وحده سبحانه فقال تعالي وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا.... وإذا كنا قد تعودنا في مثل هذا الموعد من كل عام الاحتفال بالأم والتسابق في تقديم الهدايا لـ ست الحبايب فهذا قليل من كثير تستحقه كل أم, ومن عجب أن نحرص علي تخصيص يوم في العام للاحتفال بالأم أو الوالدين ثم نتركهما بقية العام يعانون الاغتراب والحرمان من أبنائهم,
وكم من أبناء جحدت قلوبهم ولا يزورون آباءهم في حياتهم حتي نجد بعض الآباء والأمهات يستجدون من أبنائهم الزيارة والسؤال بل وحتي الاتصال التليفوني, وما أشد خسارة من أدرك والديه أو أحدهما ولم يغفر له بسببهما. ويا سعادة من كان بارا بوالديه ولم يفارقاه إلا وهما عنه راضيان. ربما لا تزال الفرصة سانحة الآن لمن قصر في حق والديه أن يسارع ويستدرك ويستبدل بالإساءة إحسانا وبالعقوق برا وطاعة, وبالهجر صلة وتوددا, لكن ماذا عساه أن يفعل من شغلته زوجه وأولاده وأمواله ودنياه عن أمه أو أبيه فمات والداه أو أحدهما, قبل أن يقدم لهما ما يستحقانه من بر وطاعة وتكريم؟
الأم.. لماذا؟
في البداية يوضح الدكتور السعيد محمد علي مدير عام الدعوة بوزارة الأوقاف أن الله عز وجل قدم الأم علي الأب ثلاثا في الصحبة نظرا لضعف الأم الذي جبلت عليه بفطرتها وعاطفتها التي تغلب عليها, بالإضافة إلي ما عانته وقدمته لأبنائها في صغرهم منذ الأيام الأولي للحمل مرورا بآلام المخاض والولادة وكذا السهر علي أبنائها في الرضاعة والفطام والمشاركة في التربية, ونحو ذلك مما لا يستطيعه الرجل مهما أوتي من قوة, وذلك بحكم جبلته أيضا, لذلك لم يكن غريبا في الغالب أن نجد الأبناء أقرب بفطرتهم إلي الأم والتعاطف معها إذا ما نشأ خلاف بينها وبين الأب, وإن لم يكن الحق معها..هذا بالإضافة إلي أن الأم هي الأكثر تحملا في سبيل نشأة أبنائها بين أحضان والديهم, فقد تتحمل ما تكره في حياتها الزوجية من أجل أبنائها, ولربما عدلت عن طلب الطلاق مرات ومرات حرصا علي عدم ضياعهم وشتاتهم. بل ولم ينته دور الأم عندما يكبر الأبناء, بل نجدها دائما هي الأكثر حنوا علي أبنائها, وإن أصبحوا رجالا آباء وأمهات, ولعلنا نلحظ الفارق بين الأم والزوجة, فالأم دائما تعطي أبناءها بلا مقابل, بخلاف الزوجة مثلا التي لا تحسن إلي زوجها إلا إذا قدم لذلك أولا, ولطالما تنكرت لجميل عشرته عند كل خلاف. ولأن الإسلام دين الشمول والكمال فإنه يراعي هذه الجوانب الناقصة بشكل ما ويكملها بتشريع آخر. من أجل ذلك جعل الأم أولي بالرعاية والبر من الرجل. ففي الحديث الشريف عندما سئل النبي صلي الله عليه وسلم: من أحق الناس بصحابتي؟ قال:أمك. قال ثم من؟, قال:أمك.قال ثم من؟ قال: أمك. قال ثم
من؟ قال أبوك.
الدكتور ناصر محمود وهدان أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بجامعة قناة السويس يري أن قصر الاحتفال بالأم وحدها غبن لحق الأب وواجب التكريم له, فإن كان الإسلام قد خص الأم ببعض الاهتمام عن الرجل لما يرتبط بتكوينها وطبيعتها المختلفة عن الرجل, إلا أن الوالدين بشكل عام لعظم مكانتهما التي أولاهما إياها الإسلام يجب أن يكرما في كل وقت وحين, فالأب هو أوسط أبواب الجنة بالنسبة للأبناء, هذا بالإضافة إلي أن قصر تكريم الوالدين في يوم واحد من العام هو أيضا جور علي ما يستحقانه من تكريم طوال العام.
ويوضح الدكتور حلمي عبد الرءوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أن أعظم تكريم للوالدين بينه الإسلام في قوله تعالي وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا, وباب الإحسان باب واسع وطويل لا ينتهي, ويشمل حسن الصحبة ولين القول وبذل الجهد وتقديم كل معروف وخير للأم والأب والكف عن كل ما يغضبهما, حتي في الكلمة ونبرة الصوت, وذلك امتثالا لقوله تعالي ولا تقل لهما أف.. وكذلك بعد الممات.. فالقرآن الكريم لم يكتف بالإحسان للوالدين في حياتهما فقط بل وبعد وفاتهما أيضا بالدعاء لهما بالرحمة في قوله تعالي واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.
البر بعد الممات
ولفت إلي أن البر بالآباء لا ينقطع بوفاتهما, بل يمتد أيضا بعد مماتهما, لقوله صلي الله عليه وسلم إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له. ويلفت د.حلمي عبد الرءوف إلي أن من توفي والداه أو أحدهما لا يعدم مواطن البر والإحسان إليهما بعد وفاتهما وهي كثيرة, وإن كان قد قصر فيما قد فات فعليه أن يجتهد فيما هو آت, فما أكثر أبواب البر بالآباء بعد الممات, من ذلك الدعاء المستمر لهما بالرحمة والمغفرة وترقب أوقات الاستجابة في ذلك. ومن أبواب البر بعد الممات أيضا: التصدق لهما بالأموال والأعمال الصالحة, وإذا كان الأصل في الصدقة أن تكون من كسب المرء, إلا أن صدقة الابن علي أبيه تعد من كسب الوالد نفسه, وفقا لحديث النبي صلي الله عليه وسلم الذي قال فيه أفضل ما يأكل المرء من كسبه..
ثم قال:.. وولده من كسبه. وكذلك من صور البر إنفاذ وصية الأم أو الأب المتوفي ما لم تكن الوصية في محرم, وسداد ما عليهما من دين, ورد ما يعلمه من مظالم للمتوفي في حق آخرين يعلمهم الابن, وطلب العفو ممن ظلمهم المتوفيوأيضا صلة أقارب الأب أو الأم التي لا توصل إلا بهما كالأعمام والعمات والأخوال والخالات ونحوهم, وكذا صلة صديقهما الذي كانا يحرصان علي صلته في حياتهما, وذلك نوع من البر بالمتوفي نفسه فضلا عن الحي, وقد رأي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رجلا من الأعراب فنزل من علي راحلته وسلم عليه وقبله, ولما تعجب الصحابة من ذلك, قال عبد الله إن والده كان صديقا لأبي عمر ومن تلك الصور كذلك الحج والعمرة للأب والأم.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.